تغيّر المشهد السياسي الأمريكي بشكل ملحوظ مع المؤتمر العاك للحزب الديمقراطي في شيكاغو، حيث شهدت نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس، المرشحة الديمقراطية بعد انسحاب الرئيس جو بايدن، زيادة في الدعم، مما أدى إلى تحسين فرصها في انتخابات متقاربة ومثيرة للجدل.

يمثل هذا الانقسام تحدياً كبيراً للسياسة الخارجية الأمريكية

ورغم هذا الزخم الجديد، ما تزال الانقسامات العميقة داخل البلاد قائمة، وخاصة فيما يتصل بالسياسة الخارجية، وهو المجال الذي كان يتميز في الماضي بالاتفاق الحزبي، حسب ما أفاد إيفو دالدر، السفير الأمريكي السابق لدى "الناتو" .

انقسام حزبي

وقال دالدر في مقاله بموقع "بوليتيكو" الأوروبي: يتجلى هذا الانقسام بشكل خاص بين الجمهوريين الذين خضعت آراؤهم بشأن دور أمريكا في العالم لتحول كبير، ويوضح استطلاع حديث أجراه مجلس شيكاغو للشؤون العالمية هذه الفجوة المتنامية بين الجمهوريين والديمقراطيين بشأن السياسة الخارجية.
ويعتقد 54% فقط من الجمهوريين الآن أن الولايات المتحدة ينبغي لها أن تلعب دوراً نشطاً في الشؤون العالمية، وهو انخفاض كبير مقارنة بالعقود السابقة. وعلى النقيض من ذلك، ما يزال 68% من الديمقراطيين يفضلون دوراً عالمياً نشطاً، وتكشف البيانات أن 13% فقط من الجمهوريين يعتقدون أن الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية القيادة العالمية، في حين يعتقد 57% أنها ينبغي لها أن تقلل من مشاركتها في الخارج للتركيز على القضايا المحلية.

COMMENTARY: The US divide on foreign policy.https://t.co/UNM1tdQLXF

— POLITICOEurope (@POLITICOEurope) August 22, 2024

ومن ناحية أخرى، يؤيد 65% من الديمقراطيين تولي الولايات المتحدة دوراً قيادياً على الساحة العالمية.
ويعكس هذا التحول اتجاهاً أوسع داخل الحزب الجمهوري، يبتعد عن النهج الدولي الذي حدد عصر ريغان.
إن الجمهوريين اليوم أكثر ميلاً إلى الانعزالية، مؤكدين على الحاجة إلى إعطاء الأولوية للمخاوف المحلية على المشاركة الدولية، ويمثل هذا الشعور انحرافاً عن الموقف التاريخي للحزب، حيث كانت السياسة الخارجية القوية مبدأً أساسياً.

السياسة الخارجية والتحالفات 

يتضح التغيير في مواقف الجمهوريين في العديد من قضايا السياسة الخارجية الرئيسة. على سبيل المثال، يرى 20% فقط من الجمهوريين في الاستطلاع سالف الذكر أنه من المهم جداً حماية الدول الأضعف من العدوان أو تعزيز حقوق الإنسان في البلدان الأخرى.
وبالمثل، يعتقد 14% فقط من الجمهوريين أن معالجة تغير المناخ هدف حاسم للسياسة الخارجية الأمريكية. تتناقض هذه الأرقام بشكل حاد مع الديمقراطيين، إذ يرى 44% أن حماية الدول الأضعف مهمة جداً، ويدعم 47% تعزيز حقوق الإنسان، ويعطي 74% الأولوية لمكافحة تغير المناخ. علاوة على ذلك، يعتقد 57% من الديمقراطيين أن تعزيز المؤسسات الدولية مثل الأمم المتحدة هدف بالغ الأهمية، مقارنة بعدد أقل بكثير من الجمهوريين.

"This gap between Democrats and Republicans on foreign policy—and America’s role in the world—is one that’s been steadily evolving over the past decade @IvoHDaalder writes, citing @ChicagoCouncil survey data. https://t.co/OP1nhq5ZbB

— Chicago Council on Global Affairs (@ChicagoCouncil) August 22, 2024

ويمتد الاختلاف إلى وجهات النظر حول التحالفات، وهي حجر الزاوية في السياسة الخارجية الأمريكية لعقود من الزمن. في حين كان يُنظر إلى التحالفات تقليدياً على أنها شراكات مفيدة للطرفين، فإن الجمهوريين يشككون بشكل متزايد في قيمتها.
ووفقاً للاستطلاع، يعتقد 40% من الجمهوريين أن التحالفات تفيد في المقام الأول الدول الأخرى، لا الولايات المتحدة، لأن الحلفاء غالباً لا يدفعون نصيبهم العادل. وعلى العكس من ذلك يرى ثلاثة أرباع الديمقراطيين أن التحالفات مفيدة لكل من الولايات المتحدة وشركائها.
يتجلى انقسام الحزبين أيضاً حول التجارة. تاريخياً، دافع الجمهوريون عن التجارة الحرة بوصفها ضرورية للنمو الاقتصادي والتأثير العالمي. ومع ذلك، يفضل غالبية الجمهوريين (55%) اليوم الحد من التجارة والسعي إلى تحقيق قدر أكبر من الاكتفاء الذاتي، بينما يدعم (20%) فقط السعي إلى التجارة الحرة العالمية. في المقابل، تتمتع التجارة الحرة بدعم أقوى بين الديمقراطيين، إذ يدعم ثلثاهم التجارة العالمية (43%) أو الشراكات التجارية مع الدول الحليفة (24%).
وتؤدي هذه التباينات في وجهات النظر حول الدور العالمي لأمريكا إلى تناقضات صارخة في كيفية تعامل الجمهوريين والديمقراطيين مع الصراعات الدولية الحالية، خاصة ًالحروب في أوكرانيا وإسرائيل. فتعارض أغلبية طفيفة من الجمهوريين (51%) إعطاء أوكرانيا المزيد من المساعدات الاقتصادية والعسكرية، مع دعم ثلثهم للمستويات الحالية من المساعدات وتأييد ثلث آخر للانسحاب الكامل.
ومن ناحية أخرى، يفضل ما يقرب من ثلاثة أرباع الديمقراطيين (72%) تقديم المساعدة الاقتصادية والإمدادات العسكرية الإضافية لأوكرانيا، ما يعكس الدعم الحزبي القوي بين الديمقراطيين للاستمرار في المشاركة في الصراع.
ويكشف الشرق الأوسط عن انقسام أكثر أهمية. فالجمهوريون أكثر دعماً للأعمال العسكرية الإسرائيلية من الديمقراطيين. ووجد الاستطلاع أن 53% من الجمهوريين يعتقدون أن الأعمال العسكرية الإسرائيلية مبررة، في حين يعتقد نصف الديمقراطيين أن إسرائيل تمادت للغاية. ونتيجة لهذا، ففي حين يفضل ما يقرب من ستة من كل عشرة ديمقراطيين ممارسة الضغوط الدبلوماسية أو خفض المساعدات العسكرية لإسرائيل، يعتقد نصف الجمهوريين أن الولايات المتحدة يجب أن تسمح لإسرائيل بمتابعة سياساتها المفضلة دون تدخل.

النزعة الانعزالية تهدد أمريكا وأضاف الكاتب: إن الفجوة المتزايدة بين الجمهوريين والديمقراطيين نتيجة لتغير جوهري داخل الحزب الجمهوري، الذي تخلى بشكل متزايد عن نزعته الدولية التي سادت في عهد ريغان لصالح العودة إلى جذوره الانعزالية التي كانت سائدة قبل الحرب العالمية الثانية، فيدافع مرشحوه عن القومية الضيقة مع التركيز على مبادئ "أمريكا أولا" التي تعطي الأولوية للقضايا المحلية على المشاركة الدولية.
ووفق الكاتب، يمثل هذا الانقسام تحدياً كبيراً للسياسة الخارجية الأمريكية، حيث تكافح البلاد من أجل هويتها ودورها على الساحة العالمية وسط انقسامات حزبية متعمقة.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: الهجوم الإيراني على إسرائيل رفح أحداث السودان غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية أمريكا كامالا هاريس الخارجیة الأمریکیة السیاسة الخارجیة الولایات المتحدة من الدیمقراطیین فی حین

إقرأ أيضاً:

فيلم Reagan يضيف انقساماً على الحماوة الانتخابية في الولايات المتحدة

متابعة بتجــرد: قلّما يتفق رأي الجمهور في فيلم مع وجهات نظر النقّاد، لكنّ الانقسام في الولايات المتحدة يبدو نافرا في شأن فيلم “ريغن” عن سيرة الرئيس الأمريكي الراحل رونالد ريغن، إذ يُعرض في خضمّ الحملات الممهدة للانتخابات الرئاسية الأمريكية، وبعد 20 عاما على وفاة الرئيس الذي يكنّ له اليمين المحافظ الأمريكي تقديرا كبيرا.

وبعد أسبوع من بدء عرض الفيلم الذي يتناول حياة ريغن الجمهوري الذي شغل البيت الأبيض ما بين 1981 و1989، وصلت إلى 98 في المئة نسبة آراء المشاهدين الإيجابية فيه على موقع “روتن تومايتوز”، في حين اقتصرت هذه النسبة في صفوف النقاد المحترفين على 21 في المئة.

فكثر من هؤلاء النقّاد أخذوا على هذا الفيلم إعطاءه انطباعا بأن سيرة ريغن مثالية، متجاهلا أخطاء الرئيس المثير للجدل. وفي المقابل، اتهم آلاف المعجبين النقاد بالتعاطي مع الفيلم من منظور نخبوي، وتاليا تشويههم سمعة هذا الفيلم “الملهم” و”الوطني” بسبب ميولهم اليسارية على الأرجح.

كذلك علّق مخرج “ريغن” شون ماكنمارا بقوله “يتم إدخال السياسة في الأمر، وفجأة يصبح الفيلم متحيزا جدا”.

وأضاف في تصريح إنه لاحظ من خلال قراءة الكثير من المراجعات أن شخصية رونالد ريغن هي التي هوجمت أكثر مما هو الفيلم.

حتى أن هذا الاختلاف بين الجمهور والنقاد استُخدِم ضمن الحجج الهادفة إلى التسويق للفيلم. وأبدى القيّمون على الفيلم في بيان اعتزازهم بأنه أحدثَ “أكبر هوة بين النقاد والمعجبين في تاريخ سينما هوليوود”.

محض مصادفة

وساهم في تعميق هذه الفجوة وفي الاهتمام الذي يحظى به الفيلم إطلاق عروضه في المرحلة السابقة للانتخابات الرئاسية التي تقام في تشرين الثاني/نوفمبر وتشهد منافسة حامية الوطيس.

وتُعدّ إيرادات الفيلم التي بلغت عشرة ملايين دولار خلال عطلة نهاية الأسبوع الأولى بعد طرحه “أعلى من المتوسط” بالنسبة لفيلم سيرة سياسية، على ما قال محلل شباك التذاكر ديفيد أ. غروس.

ويؤدي دينيس كوايد في الفيلم دور رونالد ريغن الذي يتناول الفيلم حياته منذ طفولته حتى فترة ولايته المزدوجة، مرورا بمسيرته الفنية كممثل هوليوودي.

وأكد القيّمون على العمل أن طرحه بالتزامن مع واحدة من أكثر الحملات الرئاسية توتراً في تاريخ الولايات المتحدة لا يعدو كونه وليد مصادفة بحتة.

وأُعلن مشروع الفيلم للمرة الأولى عام 2010، لكنّ تصويره لم يبدأ إلاّ عام 2020، وما لبث أن تأخر أكثر بسبب جائحة كوفيد-19 وإضرابَي الممثلين وكتّاب السيناريو في هوليوود.

ورأى المخرج شون ماكنمارا أن “من ينظر إلى هذا الفيلم من زاوية عام دون انتخابات… أعتقد أنه سيشاهده كمجرّد فيلم (…) أمّا اليوم، فعندما يحضره الناس، لا يمكنهم إلا أن يروا أوجه التشابه” مع السياق الراهن.

“مصدوم من أوجه التشابه”

ومن أوجه التشابه هذه أن الفيلم يبدأ بمحاولة اغتيال رونالد ريغن التي حصلت عام 1981، وذكّر بها أخيرا إطلاق النار على دونالد ترامب هذا الصيف.

كذلك يواجه ريغن في الفيلم تظاهرات في الجامعات وأسئلة خلال حملة إعادة انتخابه عن تقدمه في السن، وهي مسائل يواجهها الرئيس جو بايدن أيضا هذا العام.

ولاحظ شون ماكنمارا أن “هذه التطورات حصلت فجأة في الأشهر القليلة الماضية (…) وبالتالي حتى أنا، عندما أشاهد الفيلم اليوم، أقول لنفسي: +يا إلهي، هذا يشبه ما يحدث اليوم+. أنا مصدوم من أوجه التشابه هذه”.

واعتاد شون ماكنمارا الذي أخرجَ عددا من الأفلام ذات الرسالة المسيحية، على إنتاج أفلام “للجمهور” لا ترضي النقاد بالضرورة. لكنّ رأى أن الفجوة بين ردود الفعل على “ريغن” أكبر وتعكس الانقسامات العميقة التي تمزق البلاد.

ومع أن ذروة رونالد ريغن في الثمانينات لم تخلُ من التوتر، في رأي ماكنمارا، فإن الأمة كانت “أكثر سخاء وأكثر هدوءا” ولم تكن الخلافات السياسية بين الناس تمنعهم من التواصل اجتماعيا، والالتقاء لشرب القهوة أو على حفلة شواء مثلا.

وأضاف شون ماكنمارا أن المشاهدين الأكبر سنا يشعرون اليوم بارتباط كبير بـ”ريغن” لأنهم يتذكرون تلك الحقبة ويرون شيئاً “لم يعد موجودا اليوم” في الولايات المتحدة.

ولكن ما كان ليكون رأي ريغن نفسه في المناخ الحالي؟ قال المخرج “كان ريغن بارعا جدا في التواصل عظيماً وأعتقد أنه كان سيحاول سد هذه الفجوة”.

2024-09-10Elie Abou Najemمقالات مشابهة أندريا بوتشيلي يكشف كيف فقد بصره

دقيقة واحدة مضت

صابر الرباعي يعلّق على أزمة حسن شاكوش في تونس

15 ساعة مضت

محمد إمام يستعين بـ مي عز الدين

15 ساعة مضت











     Privacy Policy |Copyright 2013-2021 Bitajarod All Rights Reserved © | Developed & Managed by XeyoX Interactiveإلى الأعلى

مقالات مشابهة

  • مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي: لا بد من إصلاح الاقتصاد وإعادة هيكلة المصارف في لبنان
  • مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي يندد بمقتل موظفي الأمم المتحدة "المروع" في غزة
  • التضخم الأساسي يخالف التوقعات في الولايات المتحدة
  • عاجل - هاريس حول حرب أفغانستان: كلّفت الولايات المتحدة الكثير
  • ترامب: الولايات المتحدة فقدت هويتها في عهد إدارة بايدن
  • عاجل - ترامب عن ملف الهجرة: الكثير من" المجرمين" دخلوا أمريكا بسبب الديمقراطيين
  • النفط العراقية تعقد اجتماعا موسعا مع ALEXANDROS JV  في الولايات المتحدة
  • وزير الخارجية الأمريكي: الولايات المتحدة ستفرض عقوبات جديدة على إيران بعد دعم روسيا بصواريخ باليستية
  • نبات ياباني يغزو الولايات المتحدة ويهدد سوق العقارات
  • فيلم Reagan يضيف انقساماً على الحماوة الانتخابية في الولايات المتحدة