كيف تلعب واشنطن بأوراق التناقضات في غزة؟
تاريخ النشر: 25th, August 2024 GMT
تستمرّ الجهود والاتصالات الدولية والإقليمية في السعي للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة. وتتمحور المناقشات حول تفاصيل تقنية وسياسيّة تخصّ القضايا العالقة، أبرزها مصير التواجد الإسرائيلي في محور فيلادلفيا ومعبر رفح، إضافة إلى معبر نتساريم، والانسحاب الشامل للجيش الإسرائيلي من غزة.
تشير كواليس الدبلوماسية إلى ضغوط جدية للوصول إلى وقف إطلاق النار، في ظل تسريبات إسرائيلية تفيد بإصرار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على مواصلة الحرب بعد إتمام صفقة تبادل الأسرى والرهائن.
سياسيًا، يعود وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى المنطقة للمرة التاسعة منذ اندلاع الحرب في غزة. ورغم تصاعد الضغوط الأميركية على حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل، فإنه لا يوجد ما يوحي بوجود اتفاق حتمي لوقف إطلاق النار في القطاع.
يمكن الاستدلال على ذلك من خلال وقوع مجازر مروعة تزامنت مع بدء المفاوضات في الدوحة، واحدة منها في جنوب لبنان وأخرى في غزة، ما يعكس رغبة في زيادة التوتر الميداني لاستفزاز حزب الله وحماس، وبالتالي إجهاض كل المساعي القطرية والمصرية لتحقيق وقف إطلاق النار.
هذه القراءة السلبية لنوايا نتنياهو وحكومته المتطرفة لا تتوقف هنا، إذ أعرب مستشار الأمن القومي الأميركي السابق جون بولتون، وهو صديق حميم لنتنياهو، عن تشككه في إمكانية التوصل إلى نتائج إيجابية من المفاوضات الحالية لتحقيق وقف إطلاق نار مستدام.
ورغم أن مسؤولين أميركيين تحدثوا عن احتمال التوصل إلى اتفاق قريب خلال الشهر المقبل، وأشاروا إلى أن زيارة بلينكن قد تبقى مفتوحة حتى تحقيق أهداف واشنطن بوقف الحرب ولو لهدنة طويلة، فإن الحقيقة الواضحة، هي أن نتنياهو يسعى لشراء المزيد من الوقت.
يواصل نتنياهو الحديث عن المكاسب التي يجب تحقيقها من خلال استغلال الظرف التاريخي، عبر استمرار الحرب. وما يعزز احتمال عدم تجاوبه هو معرفته بأن هذا الظرف التاريخي قد يمتد لأشهر إضافية قبل دخول الرئيس الأميركي الجديد البيت الأبيض.
ورغم تقدم المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس في معظم الاستطلاعات الأخيرة، فإن نتنياهو مقتنع بأن ظروفه السياسية على المحك. حتى إن ترامب نصح نتنياهو خلال لقاء إعلامي بأن عليه تحقيق انتصاره بسرعة لأن "القتل يجب أن يتوقف في غزة". ويبدو أن ترامب يرغب في بدء ولايته الجديدة، في حال فوزه، دون دماء في غزة أو حرب مع حزب الله في لبنان.
بناءً على ذلك، تجاوبت بعض العواصم الغربية مع الضغوط الأميركية، وكذلك قيادة الجيش الإسرائيلي التي أعلنت أن العمليات القتالية في قطاع غزة قد انتهت على المستوى العملياتي، مشيرة إلى أن الوقت حان للاتفاق، وهو موقف له سياقاته الداخلية الإسرائيلية ومدى تأثير واشنطن على الداخل الإسرائيلي.
تتوافق هذه المواقف مع ما أشار إليه الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين خلال لقاءاته المغلقة في بيروت، حيث أشاع جوًا من التفاؤل حول إمكانية إيقاف الحرب، مع التأكيد على أن واشنطن ستمارس ضغوطًا كبيرة لتثبيت قرار وقف إطلاق النار في غزة.
في الوقت نفسه، حذر هوكشتاين الرئيسين نجيب ميقاتي ونبيه بري من الانزلاق إلى الرد على إسرائيل، مشيرًا إلى أن نتنياهو يتصيد ردود الفعل لتحويلها إلى كارثة إقليمية.
هذه المواقف الأميركية تجاه إيران تشير إلى عدم وجود نية لدعم التصعيد الذي ينتظره نتنياهو، وأن واشنطن لن تدعم الجيش الإسرائيلي عسكريًا. ولذا، يضغط البيت الأبيض لتجنب المواجهة المباشرة؛ حفاظًا على المصالح الأميركية في الشرق الأوسط، التي ستتضرر في حال حدوث أي اهتزاز كبير.
وفي الوقت الذي يسعى فيه نتنياهو إلى تصعيد الأمور، لتحقيق مكاسب إضافية ضد نفوذ طهران، وتعطيل المفاوضات الأميركية – الإيرانية برعاية مسقط والدوحة، فإنه يخدم بذلك خصوم الديمقراطيين في الولايات المتحدة، وخاصة الحزب الجمهوري الذي يستغل علاقة إيران بالديمقراطيين في حملاته الانتخابية.
بالتوازي، لا يمكن تجاهل حسابات إيران وحزب الله في تحقيق مكاسب إقليمية بناءً على ما يجري خلف الكواليس. إذ سيعمل الإيرانيون ومعهم حزب الله على تعزيز موقفهم من خلال فرض أي وقف لإطلاق النار في غزة، وهو ما سينعكس مباشرة على الوضع في لبنان. فوقف الحرب سيظهر دعم إيران وحلفائها لحماس ومنع هزيمتها، مع الاحتفاظ بحق الرد على استهداف طهران أو الضاحية الجنوبية لبيروت، دون التخلي عن هذه الورقة. أي وقف للعدوان الإسرائيلي سيعيد لحماس القدرة على إعادة بناء بنيتها العسكرية وتطوير قوتها.
لذلك، تسعى واشنطن لاستغلال التناقضات الجوهرية الحالية لتوظيفها في خدمة سياستها الكبرى وحماية مصالحها. وهذا يتطلب الحفاظ على الاستقرار الداخلي لدول المنطقة، وهو ما يعتبره بعض المحللين في واشنطن الوقت الأنسب لنسج تفاهمات غير علنية أو رسمية مع الإيرانيين وحلفائهم في الشرق الأوسط.
لكن أي تفاهمات ستسعى واشنطن إلى رسمها بخيط رفيع بحيث لا تكرس نفوذًا إيرانيًا يمنح طهران موطئ قدم في الممرات البحرية الإستراتيجية، وخصوصًا في البحر الأحمر. فذلك يتعارض مع المصلحة الحيوية الأميركية، ويزيد من عوامل القلق والخطر، مثل الحضور البحري للأسطول الروسي في سوريا وليبيا.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلاميةالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات وقف إطلاق النار إطلاق النار فی فی غزة
إقرأ أيضاً:
هل تستغل روسيا الفترة الانتقالية في واشنطن لفرض نفوذها؟
أعلن الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، أن هجوما روسيا ضخما استهدف مناطق أوكرانية وبنيتها التحتية للطاقة بـ 120 صاروخا و90 طائرة مسيّرة. وقال زيلينسكي إن الدفاعات الجوية الأوكرانية تمكنت من تدمير 140 منها.
وأوضح مسؤولون أوكرانيون أن الهجمات الروسية أسفرت عن مقتل سبعة أشخاص على الأقل وتسببت في "أضرار جسيمة" لنظام الطاقة.
وتقول الباحثة المختصة بالشأن الروسي في معهد واشنطن، آنا بورشِفسكايا، في مقابلة مع برنامج "الحرة الليلة"، إن هذه الهجمات بالصواريخ والمسيرات المكثفة من جانب روسيا تأتي مع استقبال الأوكرانيين فصل الشتاء، وتترافق أيضا مع الفترة الانتقالية بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، إذ تريد موسكو أن تحصل على التفوق بضرب المنشآت الحيوية وكذلك المدنيين.
وترى أن روسيا بهذه الضربات تريد اختبار الولايات المتحدة بإظهار القوة وتحاول استكشاف ردة الفعل.
وقال وزير الخارجية الأوكراني إن بلاده تتعرض لأحد أوسع الهجمات الجوية من روسيا، فيما أعلنت وزارة الدفاع الروسية أنها ضربت كل أهدافها، على البنى التحتية الأساسية للطاقة، التي تدعم المجمع الصناعي العسكري الأوكراني.
شركة "ديتيك" الأوكرانية المشغلة لقطاع الطاقة، قالت إن بعض محطاتها للطاقة الحرارية تعرضت لأضرار جسيمة، من دون وقوع إصابات بين موظّفيها.
وأعلنت "ديتيك" انقطاعا طارئا في التيار الكهربائي، في مناطق كييف ودونيتسك، ومناطق أخرى، قبل الإعلان لاحقا عن عودة الكهرباء.
وترى بورشِفسكايا أن "روسيا غير خائفة ولا تبدو لي على أنها قد تتراجع. أعتقد أنها فقط ستزيد من تصرفاتها، وعندما يكون لدينا وضوح في السياسة الأميركية مع انتخاب ترامب، سنقرأ ما سيحدث".
بعد فوز ترامب.. حديث عن "مرونة" أوكرانية بشأن شروط التفاوض مع روسيا في ظل انتخاب دونالد ترامب المعروف بموقفه المتحفظ تجاه دعم أوكرانيا ورغبته في إنهاء الحرب بسرعة، يُطرح السؤال حول إمكانية قبول أوكرانيا بالتنازل عن الأراضي التي تسيطر عليها روسيا مقابل إنهاء موسكو للحرب.وأضافت أن بوتين بعد انتخاب ترامب أرسل إشارات بأنه غير خائف وأنه سيستمر بالقتال وسيستمر بالحرب.
وبشأن الأخبار الواردة بأن إدارة بايدن أجازت لأوكرانيا استخدام صواريخ بعيدة المدى ضد روسيا، قالت بورشِفسكايا إن ذلك بمثابة "تطور إيجابي"، لكنها تساءلت إن كان ذلك يكفي لحسم الحرب.
الضربات الروسية سبقتها تصريحات منفتحة على الحوار لإنهاء الحرب أعلنها الرئيس الأوكراني، وقال فيها إن كييف يجب أن تفعل كل ما في وسعها لضمان انتهاء الحرب مع روسيا العام المقبل من خلال الدبلوماسية.
لكن بورشِفسكايا ترى أن تلك التصريحات تأتي في سياق براغماتي مع انتخاب ترامب بأنه يريد العمل مع الإدارة الأميركية الجديدة.
وتخشى كييف أن تفقد دعم الولايات المتحدة الضروري لجيشها الذي يواجه صعوبات على الجبهة، بعد فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية.
ولطالما انتقد الرئيس المنتخب المساعدات التي تقدمها بلاده لأوكرانيا، وأكد مرارا أن بإمكانه وقف الحرب خلال "24 ساعة"، من دون أن يكشف عن تفاصيل خطته.