الجزيرة:
2024-09-13@05:58:16 GMT

كيف تلعب واشنطن بأوراق التناقضات في غزة؟

تاريخ النشر: 25th, August 2024 GMT

كيف تلعب واشنطن بأوراق التناقضات في غزة؟

تستمرّ الجهود والاتصالات الدولية والإقليمية في السعي للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة. وتتمحور المناقشات حول تفاصيل تقنية وسياسيّة تخصّ القضايا العالقة، أبرزها مصير التواجد الإسرائيلي في محور فيلادلفيا ومعبر رفح، إضافة إلى معبر نتساريم، والانسحاب الشامل للجيش الإسرائيلي من غزة.

تشير كواليس الدبلوماسية إلى ضغوط جدية للوصول إلى وقف إطلاق النار، في ظل تسريبات إسرائيلية تفيد بإصرار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على مواصلة الحرب بعد إتمام صفقة تبادل الأسرى والرهائن.

وليس من المصادفة أن يُسرب خبر مفاده أن نتنياهو طالب الأميركيين بتعهدات واضحة لاستئناف القتال عقب إتمام الصفقة.

سياسيًا، يعود وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى المنطقة للمرة التاسعة منذ اندلاع الحرب في غزة. ورغم تصاعد الضغوط الأميركية على حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل، فإنه لا يوجد ما يوحي بوجود اتفاق حتمي لوقف إطلاق النار في القطاع.

يمكن الاستدلال على ذلك من خلال وقوع مجازر مروعة تزامنت مع بدء المفاوضات في الدوحة، واحدة منها في جنوب لبنان وأخرى في غزة، ما يعكس رغبة في زيادة التوتر الميداني لاستفزاز حزب الله وحماس، وبالتالي إجهاض كل المساعي القطرية والمصرية لتحقيق وقف إطلاق النار.

هذه القراءة السلبية لنوايا نتنياهو وحكومته المتطرفة لا تتوقف هنا، إذ أعرب مستشار الأمن القومي الأميركي السابق جون بولتون، وهو صديق حميم لنتنياهو، عن تشككه في إمكانية التوصل إلى نتائج إيجابية من المفاوضات الحالية لتحقيق وقف إطلاق نار مستدام.

ورغم أن مسؤولين أميركيين تحدثوا عن احتمال التوصل إلى اتفاق قريب خلال الشهر المقبل، وأشاروا إلى أن زيارة بلينكن قد تبقى مفتوحة حتى تحقيق أهداف واشنطن بوقف الحرب ولو لهدنة طويلة، فإن الحقيقة الواضحة، هي أن نتنياهو يسعى لشراء المزيد من الوقت.

يواصل نتنياهو الحديث عن المكاسب التي يجب تحقيقها من خلال استغلال الظرف التاريخي، عبر استمرار الحرب. وما يعزز احتمال عدم تجاوبه هو معرفته بأن هذا الظرف التاريخي قد يمتد لأشهر إضافية قبل دخول الرئيس الأميركي الجديد البيت الأبيض.

ورغم تقدم المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس في معظم الاستطلاعات الأخيرة، فإن نتنياهو مقتنع بأن ظروفه السياسية على المحك. حتى إن ترامب نصح نتنياهو خلال لقاء إعلامي بأن عليه تحقيق انتصاره بسرعة لأن "القتل يجب أن يتوقف في غزة". ويبدو أن ترامب يرغب في بدء ولايته الجديدة، في حال فوزه، دون دماء في غزة أو حرب مع حزب الله في لبنان.

بناءً على ذلك، تجاوبت بعض العواصم الغربية مع الضغوط الأميركية، وكذلك قيادة الجيش الإسرائيلي التي أعلنت أن العمليات القتالية في قطاع غزة قد انتهت على المستوى العملياتي، مشيرة إلى أن الوقت حان للاتفاق، وهو موقف له سياقاته الداخلية الإسرائيلية ومدى تأثير واشنطن على الداخل الإسرائيلي.

تتوافق هذه المواقف مع ما أشار إليه الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين خلال لقاءاته المغلقة في بيروت، حيث أشاع جوًا من التفاؤل حول إمكانية إيقاف الحرب، مع التأكيد على أن واشنطن ستمارس ضغوطًا كبيرة لتثبيت قرار وقف إطلاق النار في غزة.

في الوقت نفسه، حذر هوكشتاين الرئيسين نجيب ميقاتي ونبيه بري من الانزلاق إلى الرد على إسرائيل، مشيرًا إلى أن نتنياهو يتصيد ردود الفعل لتحويلها إلى كارثة إقليمية.

هذه المواقف الأميركية تجاه إيران تشير إلى عدم وجود نية لدعم التصعيد الذي ينتظره نتنياهو، وأن واشنطن لن تدعم الجيش الإسرائيلي عسكريًا. ولذا، يضغط البيت الأبيض لتجنب المواجهة المباشرة؛ حفاظًا على المصالح الأميركية في الشرق الأوسط، التي ستتضرر في حال حدوث أي اهتزاز كبير.

وفي الوقت الذي يسعى فيه نتنياهو إلى تصعيد الأمور، لتحقيق مكاسب إضافية ضد نفوذ طهران، وتعطيل المفاوضات الأميركية – الإيرانية برعاية مسقط والدوحة، فإنه يخدم بذلك خصوم الديمقراطيين في الولايات المتحدة، وخاصة الحزب الجمهوري الذي يستغل علاقة إيران بالديمقراطيين في حملاته الانتخابية.

بالتوازي، لا يمكن تجاهل حسابات إيران وحزب الله في تحقيق مكاسب إقليمية بناءً على ما يجري خلف الكواليس. إذ سيعمل الإيرانيون ومعهم حزب الله على تعزيز موقفهم من خلال فرض أي وقف لإطلاق النار في غزة، وهو ما سينعكس مباشرة على الوضع في لبنان. فوقف الحرب سيظهر دعم إيران وحلفائها لحماس ومنع هزيمتها، مع الاحتفاظ بحق الرد على استهداف طهران أو الضاحية الجنوبية لبيروت، دون التخلي عن هذه الورقة. أي وقف للعدوان الإسرائيلي سيعيد لحماس القدرة على إعادة بناء بنيتها العسكرية وتطوير قوتها.

لذلك، تسعى واشنطن لاستغلال التناقضات الجوهرية الحالية لتوظيفها في خدمة سياستها الكبرى وحماية مصالحها. وهذا يتطلب الحفاظ على الاستقرار الداخلي لدول المنطقة، وهو ما يعتبره بعض المحللين في واشنطن الوقت الأنسب لنسج تفاهمات غير علنية أو رسمية مع الإيرانيين وحلفائهم في الشرق الأوسط.

لكن أي تفاهمات ستسعى واشنطن إلى رسمها بخيط رفيع بحيث لا تكرس نفوذًا إيرانيًا يمنح طهران موطئ قدم في الممرات البحرية الإستراتيجية، وخصوصًا في البحر الأحمر. فذلك يتعارض مع المصلحة الحيوية الأميركية، ويزيد من عوامل القلق والخطر، مثل الحضور البحري للأسطول الروسي في سوريا وليبيا.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات وقف إطلاق النار إطلاق النار فی فی غزة

إقرأ أيضاً:

جنرال إسرائيلي بارز: نتنياهو اتخذ 3 قرارات خاطئة في الحرب.. ما هي؟

تحدث جنرال إسرائيلي بارز عن قرارات خاطئة اتخذها رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو خلال العدوان على قطاع غزة.

الجنرال السابق غيورا آيلاند الذي تقاعد برتبة لواء، وترأس سابقا مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، قال إن "إسرائيل لن تنتصر بهذه الطريقة في الحرب".

وأضاف بمقال في صحيفة "يديعوت": "بعد 11 شهرًا من مجزرة 7 أكتوبر، تجد إسرائيل نفسها في حفرة استراتيجية تتعمق أكثر فأكثر. حتى إذا قررنا مواصلة الحرب والتخلي فعليًا عن استعادة الأسرى، يجب علينا تبني استراتيجية أخرى تستهدف المزايا التي تتمتع بها حماس حاليًا، مثل السيطرة الكاملة على شمال غزة".

ولفت إلى أن "الحدث الحاسم بالطبع هو 7 أكتوبر. لكن مباشرة بعده، تبنت إسرائيل ثلاث قرارات استراتيجية خاطئة".

الخطأ الأول بحسب الجنرال آيلاند كان "تبني الرواية التي تقول إننا نحارب تنظيمًا إرهابيًا في غزة. ما حدث في الواقع هو أن "دولة غزة"، التي تأسست فعليًا في عام 2007، بدأت حربًا ضد دولة إسرائيل".

وأضاف "في الحروب بين الدول، يجب استغلال المزايا النسبية على العدو، ومزية إسرائيل ليست عسكرية، بل قدرتها على خنق العدو اقتصاديًا".

وتابع "الخطأ الثاني هو تبني الشعار الذي يقول (الضغط العسكري فقط...) من تبنى هذه الفكرة لا يفهم طبيعة الحروب في القرن الحادي والعشرين. العنصر الأكثر أهمية في حروب اليوم هم السكان".

وأردف "حماس تفهم هذا جيدًا، ونحن لا. الدكتاتوريون مثل يحيى السنوار لا يخافون من الضغط العسكري ولا يتأثرون بعدد القتلى في صفوفهم. ما يخشونه هو وجود بديل للحكم أو وجود جموع غاضبة وجائعة. إسرائيل تخلت عن هذين الجهدين".

وتابع "هذا يقودنا إلى الخطأ الثالث. عندما سأل الرئيس بايدن رئيس الوزراء في أكتوبر عن اليوم التالي، كرر نتنياهو أخطاء بيغن وشامير ورابين وباراك وشارون، الذين قالوا كلهم بطرق مختلفة: (مشكلة الفلسطينيين هي مشكلتنا، وسنحلها)".

وقال إن "إسرائيل كان لديها في أكتوبر فرصة لنقل المشكلة إلى ساحة أخرى، لو أننا قلنا: "في اليوم التالي لن يكون هناك حكم حماس في غزة، ولكن أيضًا لن يكون هناك حكم عسكري إسرائيلي. نحن مستعدون الآن لإجراء حوار مع الدول العربية والغربية لضمان أن تكون غزة منزوعة السلاح".

وتساءل "فما العمل الآن؟"، مجيبا "كان من المفترض أن يقرر اجتماع الحكومة في أواخر أغسطس بين استراتيجيتين. الأولى: قبول صفقة الأسرى، على الرغم من التنازلات المؤلمة. المزايا: عودة الأسرى، ووقف الانقسام في المجتمع الإسرائيلي، ووقف إطلاق النار في غزة، مما سيفتح الباب لتسوية في الشمال ويسمح بالتركيز على الضفة الغربية، التي تشكل اليوم تهديدًا أكبر من غزة".

بالإضافة إلى ذلك، ستكون هذه فرصة لتحسين صورة إسرائيل في العالم واستقرار الاقتصاد.
الخيار الثاني هو التخلي عن الصفقة ومواصلة القتال في غزة. يعتقد مؤيدو هذا الخيار أن استمرار الحرب سيؤدي إلى "النصر المطلق"، وهنا يكمن الخطأ. استمرار الحرب بالطريقة التي نديرها منذ 11 شهرًا لن يؤدي إلى النصر. بل سيؤدي إلى الأسوأ: مقتل الأسرى، والتخلي عن مزايا وقف الحرب في غزة، وعدم تحقيق النصر، بحسب قوله.

وأكد أنه "لا يمكن الانتصار في غزة ما دامت حماس تتمتع بأربع مزايا: دخول الإمدادات إلى غزة مما يهدئ السكان؛ حماس توزع الإمدادات، مما يعزز وضعها؛ حماس تبيع الإمدادات بأسعار مرتفعة، مما يزيد من ثروتها؛ وبالأموال، تجند حماس مقاتلين جددًا ليحلوا مكان القتلى".

مقالات مشابهة

  • حركة فتح تكشف سبب إطالة نتنياهو أمد الحرب في غزة
  • إنه اليوم الأول لعالم جديد.. لوتان: هذا ما تصدر الصحف غداة أحداث 11 سبتمبر؟
  • واشنطن بوست تدحض الرواية الإسرائيلية لمقتل الناشطة الأميركية عائشة
  • الجزيرة مدني .. زيادة المعاناة وغياب الحلول!
  • مقتل الناشطة الأميركية .. تقرير يفند الرواية الإسرائيلية
  • ماذا وراء طلب المحكمة الجنائية الاستعجال بإصدار أوامر اعتقال بحق نتنياهو؟
  • بالفيديو.. مراسلة الجزيرة تضطر لإنهاء مداخلتها بسبب مضايقات قوات الاحتلال
  • هآرتس: واشنطن حذرت إسرائيل من حرب شاملة مع لبنان
  • محللون.. نتنياهو يتعمد قتل المدنيين الفلسطينيين لأنه يأمن العقاب الأميركي
  • جنرال إسرائيلي بارز: نتنياهو اتخذ 3 قرارات خاطئة في الحرب.. ما هي؟