الوطن:
2024-09-13@05:57:25 GMT

أشرف غريب يكتب: كريم عبدالعزيز.. الرجل الذي عاد

تاريخ النشر: 25th, August 2024 GMT

أشرف غريب يكتب: كريم عبدالعزيز.. الرجل الذي عاد

ثلاثة وعشرون عاماً قضاها كريم عبدالعزيز بعيداً عن جمهور المسرح منذ أن شارك عام 2001 فى بطولة مسرحية «حكيم عيون» مع علاء ولى الدين وأحمد حلمى فى أعقاب نجاح فيلمهما المشترك «عبود ع الحدود»، لكن «السندباد» قرر أن يحط الرحال أخيراً فى العلمين.

قرر كريم أن يقطع هذه الجفوة المسرحية غير المقصودة وأن تكون عودته إلى جمهور المسرح فى مصر من على ساحل البحر المتوسط فى أكثر البقاع سحراً وجمالاً بعد أن شهد الجمهور السعودى إرهاصات هذه العودة قبلها بقليل فى عروس البحر الأحمر، مدينة جدة الجميلة لينضم كريم إلى مجموعة الطيور التى أعادتها الدورة الثانية لمهرجان العلمين إلى دفء أعشاشها بين الجماهير التى ارتبطت بها.

إن النجاح الساحق الذى تحقق لمسرحية «السندباد» فى العلمين يؤكد أن الجمهور كان متعطشاً لرؤية نجمه الكبير وجهاً لوجه على خشبة المسرح وليس مجرد أطياف مرئية على شاشة بيضاء لا روح فيها ولا تفاعل معها على خلاف ما هو حادث فى المسرح.

ويؤكد أيضاً أن كريم لم يعد فقط مجرد نجم سينمائى، وإنما كذلك هو نجم مسرح كبير حتى لو كان قد فقد حماسه سابقاً لتكرار تلك التجارب كى تحدث تراكماً ملحوظاً يثبت به قدميه كنجم مسرحى رفيع المستوى والأداء، وفى حقيقة الأمر فإن كريم يعيش أفضل سنوات نضجه الفنى، فالممثلون نوعان: نوع ظهرت عليه الموهبة منذ إطلالته الأولى على الجمهور، فبدت نجوميته طاغية متفجرة، تلفح وجوه منافسيه.

وتمنحه تلك الحظوة الجماهيرية التى سرعان ما تتحول إلى عامل ضاغط أو قيد حريرى فى كل اختياراته الفنية أملاً فى الحفاظ على هذا النجاح الاستثنائى، ولكن مع مرور السنين وتراكم التجارب قد لا يستطيع هذا الممثل الثبات على المستوى الفنى الذى ينتظره منه الجمهور والنقاد معاً، فيصبح الجمهور عقدته، والنقد عدوه، وتذبذب المستوى هاجسه الذى يقض عليه مضجعه فى صحوه ونومه، وأمثلة هؤلاء كثيرون، ربما كانت أبرزهم السندريلا سعاد حسنى التى ظهرت للمرة الأولى بطلة لفيلم «حسن ونعيمة» سنة 1959.

وهناك نوع آخر من الممثلين هو ذلك الذى تنضج موهبته على نار هادئة من عمل إلى آخر، حتى تزداد نجوميته بريقاً ولمعاناً مع توالى الأدوار والشخصيات الفنية التى يؤديها، فإذا ما اشتد عود موهبته، وبرق نجمه فى سماء الفن، تثبت فى مكانه سنين طويلة، وتشبث بمكانته ما شاء له عطاؤه وجهده أن يتشبث.

وهذا النوع فى رأيى هو الأكثر رسوخاً وبقاء على النحو الذى تابعناه فى مشوار ممثل كبير مثل عادل إمام الذى بدأ من عند سفح الصعلكة متدرجاً فى النضج والنجاح، حتى أضحى نجم النجوم، وأكثر من عرفهم فن التمثيل نجاحاً وشهرة لا لشىء إلا لأن تجارب الأيام والسنين منحته القدرة على حسن الاختيار وبراعة الأداء، وهما المقومان الأساسيان لبقاء أى مبدع فى بؤرة الأضواء والنجاح.

ويمكننى التأكيد بكل ارتياح على أن كريم عبدالعزيز بات واحداً من هؤلاء الذين ينتمون إلى النوع الثانى من الممثلين، فكريم بطل فيلم «بيت الروبى» المعروض عام 2023 الذى ينظر إليه الكثيرون على أنه صاحب أعلى الإيرادات فى تاريخ السينما المصرية، أو بطل مسلسل «الحشاشين» رمضان 2024 والذى أبهر الجميع بأدائه لشخصية «حسن الصباح» شيخ القلعة وصاحب مفتاح الجنة.

ليس هو بالتأكيد ذلك الذى بدأ مشواره الفنى قبل خمس وعشرين سنة بعد أن تجاوز مرحلة أدوار الطفولة والتى كان أبرزها دوره مع عادل إمام وسعاد حسنى فى فيلم «المشبوه» سنة 1981، فمن تدثر بعباءة حسن الصباح على شاشة رمضان لمدة ثلاثين ليلة ليس هو «هانى» ذلك الشاب المتمرد العابث فى أول أدواره التليفزيونية فى مسلسل «امرأة من زمن الحب» عام 1998، أو «طارق» ابن طبقته الأرستقراطية فى أول أدواره السينمائية فى فيلم «اضحك الصورة تطلع حلوة» العام نفسه.

أو دوره المساعد فى «عبود على الحدود» العام التالى، أو بطولته المشتركة فى «ليه خليتنى أحبك» و«جنون الحياة» عام 2000، قبل أن ينهض ببطولاته الأولى فى «حرامية فى كى جى تو»، و«حرامية فى تايلاند» و«الباشا تلميذ» و«أبوعلى»، ثم هو أيضاً فى «السندباد» ليس هو ذلك الممثل المبتدئ الذى كان يتحسس خطواته على خشبة أبى الفنون فى مسرحيته الأولى «حكيم عيون» قبل ثلاثة وعشرين عاماً.

وبين بدايات كريم والمرحلة التى يعيشها الآن عشرات التجارب المتدرجة التى أنضجت موهبته بتؤدة وتروٍ، وجعلته فى مصاف النجوم الكبار، لقد وصل كريم فى «كيرة والجن» ثم «بيت الروبى» إلى قمة النضج السينمائى، وفى «الحشاشين» إلى قمة النضج التليفزيونى، وها هو من على خشبة مهرجان العلمين يصل بـ«السندباد» إلى قمة النضج المسرحى ليكمل مثلث الأداء المتمرس فى مجالات الإبداع الثلاثة.

اللافت إلى حد الدهشة أن كريم عبدالعزيز الذى بدأ مشواره مع التمثيل طفلاً فى الثالثة من عمره فى فيلم «البعض يذهب إلى المأذون مرتين» لم يكن يريد لنفسه أن يكون التمثيل طريقه فى الحياة، وإنما الإخراج السينمائى على نهج والده وعمه المخرجين الكبيرين محمد وعمر عبدالعزيز، ومن أجل ذلك التحق بقسم الإخراج فى المعهد العالى للسينما، وتخرج فيه، بل وعمل بالفعل مساعد مخرج فى أكثر من عمل تمهيداً لبداية مشواره خلف الكاميرا، لكن القدر أراد له أن يكون أمامه واحد من ألمع ممثلى جيله، وأظنه سوف يحافظ على تلك المكانة لسنوات طويلة بقدر وعيه فى اختيار أعماله، وجهده فى أداء أدواره.

باختصار: لقد بات اسم كريم عبدالعزيز فى هذه المرحلة من عمره الفنى عنواناً للجودة، وتجربة إنسانية ملهمة تستحق أن تكون أمام أعين كل من يبحثون عن النجاح والتميز 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: كريم عبدالعزيز حكيم عيون السندباد کریم عبدالعزیز

إقرأ أيضاً:

الرجل الذي عاش حياته شاهداً على محبة الله: جثمان الكاردينال أغاجانيان يعود إلى بيروت

 
لا يمكن أن يختلف اثنان على أن أرض لبنان مجبولة برائحة القداسة والإيمان عبر التاريخ. وعلى هذا الدرب، تزخر التحضيرات لاستقبال جثمان الكاردينال كريكور بطرس الخامس عشر أغاجانيان الذي ما زال على حاله آتياً من روما، باحتفال وطني في ساحة الشهداء.

احتفال وطني
فبرعاية صاحب الغبطة البطريرك روفائيل بيدروس الحادي والعشرون ميناسيان كاثوليكوس بيت كيليكيا للأرمن الكاثوليك، يحتفل لبنان الرسمي والشعبي  من كل الطوائف عند السابعة مساء غد الخميس وعلى مدى ساعة من الوقت في وسط بيروت، بهذا الحدث الجلل على المستويين الديني والوطني، على أن يلي الإحتفال تطواف بجثمان الكاردينال أغاجانيان نحو ضريحه في كاتدرائية مار غريغوريوس ومار الياس النبيّ للأرمن الكاثوليك في ساحة الدبّاس بالعاصمة بيروت.    
تفاصيل الإحتفال رواها لـ"لبنان 24" شربل بسطوري، مسؤول العلاقات العامة في بطريركية الأرمن الكاثوليك، الذي قال إن الإحتفال سيجمع حضوراً رسمياً، أمنياً، قضائياَ، دبلوماسياً وشعبياً على مستوى كل لبنان، على أن تكون هناك كلمة لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي.

وعن اعتبار هذا الحدث وطنياً ولا يخص فقط الطائفة والجالية الأرمينية، شدد بسطوري على أن الكاردينال الراحل حرص خلال مسيرته على إحقاق مصالحات بين السياسيين وبين مختلف الطوائف، كاشفاً أن تابوت أغاجانيان المصنوع من الكريستال سيحمله 12 شخصاً يمثل كل واحد منهم طائفة معينة من مكوّن العائلة المسيحية- الإسلامية في لبنان.  

وفي هذا الإطار، أعلن أن المواطنين والمؤمنين سيتمكنون من مشاهدة الجثمان الذي لا يزال على حاله على الرغم من مرور 53 عامًا على وفاة الكاردينال، وسيظل مكشوفاً أمام الجموع على مدى ساعتين فقط من الوقت.

وبعد الإحتفال سيبقى الجثمان في لبنان كما كانت وصية أغاجانيان، على أن يوضع في كاتدرائية القديس إلياس وسانت غريغوري المنور في ساحة دباس في بيروت.

وأوضح بسطوري في هذا السايق أن جميع البطاركة الأرمن الكاثوليك يدفنون في بزمّار، قائلاً إن الكاردينال كريكور بطرس الخامس عشر أغاجانيان على وجه التحديد، أحبّ لبنان لدرجة كبيرة خاصة أنه تمكّن خلال مسيرته فيه من تنفيذ إصلاحات بين سياسيين وبين الطوائف، كما انصرف إلى تشييد كنائس ودور للأيتام ومدارس عدّة خلال مسيرته في البلاد على مدى 25 عاماً.  

سيرة حياته
البطريرك الكاردينال كريكور بيدروس الخامس عشر أغاجانيان مواليد  جورجيا، لبناني الجنسية، من أوائل حاملي الجواز الدبلوماسي اللبناني عام 1943.

حائز على وسام الأرز من قبل الرئيس الراحل شارل الحلو عربونا لخدماته الجمة التي قدمها حياته خدمة لوطننا الحبيب لبنان. خدم طائفة الأرمن الكاثوليك كبطريرك من ١٩٣٧ - ١٩٦٢، ثم انتقل إلى روما كرئيس مجمع عقيدة الإيمان زائرا أربعة أقطار الأرض، خادما للكنيسة الجامعة الرسولية.

استقال من واجباته الرسولية بسبب مرضه وفارق الحياة بعد عامين، تاركا وصيته التالية: "أريد أن أموت مثلما حاولت دائما أن أعيش كإبن مطيع في اتحاد كامل مع والدتي الكنيسة الكاثوليكية المقدسة ومع القديسة العذراء مريم، والدة الرحمة، التي كانت تمدني بكل ما أحتاج من عطف ورعاية، والتي من خلالها أثق بشدة أن الرب قد غفر خطاياي. سأرحل وقلبي ممتلى بالفرح لألتحق بجميع أبنائه. أتمنى لكنيسة الأرمن، ورجال الدين والمؤمنين، وكذلك جميع أبناء أمتي الأرمنية الغالية، من خلال شفاعة الآلاف من شهدائنا، كل خير روحي ودنيوي، ولا سيما الحفاظ على المسيحيين وتقويتهم الإيمان بالاتحاد بكنيسة المسيح الواحدة. أنا أعمى، لا أستطيع رؤية أي شيء بعد الآن، لم أعد أساوي شيئا، لكن عندما أفلق عيني إلى الأبد، عندها يمكنني مساعدتكم".

استذكره البابا بولس السادس بعد وفاته ١٦ أيار ١٩٧١ روما قائلا: "سيخبرنا التاريخ بما تدين له أرمينيا المسيحية والإرساليات الكاثوليكية والكرسي الرسولي والكنيسة الجمعاء".  

الكاردينال كريكور بيدروس الخامس عشر أغاجانيان إنسان،  مسيحي، خادم، أمين لعمل الكرازة، لم يدخر أي جهد روحي أو مادي لإيصال رسالة محبة الله إلى الناس.

إن شعار الكاردينال أغاجانيان الأسقفي "العدل والسلام (Pax lustitiaet) يجسد الشجاعة والأخلاص لإنجيل الرب وخدمته، ليكون السلام عادلا وشاملا، يلمس حياة الجميع بلا استثناء.  

لقد كانت حياة الكاردينال أغاجانيان تجسيدا حيا لقيم العدالة والرحمة والتعايش بين البشر، حيث عمل بكل جهد على نشر السلام والعدل، وقدم نموذجا يحتذى به في العطاء والتضحية.

بعد تلقي خبر وفاة نيافة الكاردينال، انطوى قداسة البابا في خلوته، يرفع أكف التضرع إلى السماء. فامتد صدى الحزن إلى كل أنحاء العالم ، ونعاه الملايين بصوت واحد خاشع، قلوبهم عامرة بالحب والإجلال. وفي صفحات الصحف، ترنم العالم بأسمه، ممجدا إياه بكونه " الرجل الذي عاش حياته شاهدا على محبة الله"، فكان مثالا للتقوى والإخلاص.   المصدر: خاص "لبنان٢٤"

مقالات مشابهة

  • محمد مغربي يكتب.. وداعا للدروس الخصوصية
  • كيف يخدع الآيس كريم أدمغتنا ومن الذي اخترعه؟
  • فقه المصالح!
  • قبل مسلسل "وتقابل حبيب".. أعمال جمعت بين كريم فهمي وياسمين عبدالعزيز (تقرير)
  • فهمي عبدالعزيز يكتب … أحمد يا ابن كرمة العلي
  • عادل حمودة يكتب: في صحة أحمد زكي (9)
  • عادل حمودة يكتب: لعبة الأمم فى الصومال.. آبى أحمد من رجل دولة إلى مهرج فى البلاط
  • الليلة «التجريبى» يختتم دورته لـ31
  • الرجل الذي عاش حياته شاهداً على محبة الله: جثمان الكاردينال أغاجانيان يعود إلى بيروت
  • د.حماد عبدالله يكتب: المصلحة العليا للوطن "أولًا" !!