الوطن:
2025-04-17@02:50:53 GMT

الأب بطرس دانيال يكتب: متى يَعُمّ السلام؟

تاريخ النشر: 25th, August 2024 GMT

الأب بطرس دانيال يكتب: متى يَعُمّ السلام؟

يعلّمنا السيد المسيح قائلاً: «طوبى لصانعى السلام، فإنهم أبناء الله يُدْعَون» (متى 9: 5). هل سنستيقظ يوماً ما دون أن نسمع أخباراً عن حروب وصراعات ودمار؟ لماذا يعيش الإنسان متربّصاً بأخيه، ساعياً للتخلّص منه؟ ما السبب الحقيقى والدافع للعنف والقتل؟ لماذا فقدت البشرية المعنى الحقيقى للسلام؟

يُحكى عن أبٍ دعا أبناءه الثلاثة ذات يوم قائلاً لهم: «لقد وصلتُ يا أبنائى إلى نهاية حياتى، لذلك أردتُ توزيع ثروتى بينكم».

ثم قام بتقسيم ثروته بالعدل بينهم، كل واحد حسب نصيبه، وقال لهم: «لقد بقيت عندى جوهرة ثمينة وهى أغلى ما أملك، وسوف أمنحها لمن قام بأفضل عمل إنسانى. هيّا فليخبرنى كلٌّ منكم عن أفضل أعماله، لأقرر من يستحقها».

فقال الأول: «لقد ذهبتُ إلى بلادٍ بعيدة، لا أعرف من سكانها سوى رجل غنى، قام بالترحيب بى وأكرمنى بضيافته، ثم أودعنى ماله وجميع مقتنياته دون كتابة إيصال أمانة، وعندما طلب منى استردادها، سلّمت له المال والمقتنيات كما أعطانى إياها».

فقال الأب لابنه: «قد عملتَ ما هو مطلوب منك، ولا شىء خارقاً، ولو أنك فعلت غير ذلك، لأصبحت غير أمين!»، ثم قال الثانى: «بالنسبة لى فقد قمتُ بعملٍ أفضل من هذا، بينما كنتُ أسير بجوار شاطئ البحر، وكانت الأمواج هائجة، رأيتُ غلاماً يسبح فى البحر ويتخبط شمالاً ويميناً، وكان يصرخ طالباً مَنْ ينقذه، ولكن لا حياة لمن تنادى، كأن قلوب المارة تجمّدت من شدّة البرودة والبلادة، وفى الحال ألقيتُ بنفسى فى الماء وأنقذته من الغرق».

فأجاب الأب: «مما لا شك فيه أن عملك بطولى، ولكنه تصرف عادى يجب أن يقوم به كل شخصٍ ينبض فى عُروقه حُب الإنسانية!»، وأخيراً تقدّم الثالث قائلاً: «يوماً ما كنتُ أتنزه، فالتقيتُ براعٍ كان عدوى اللدود منذ الطفولة، وكان نائماً بالقرب من هوّةٍ عميقة، ولو كان تحرك قليلاً لقضى على حياته، وفى هذه اللحظة تغلّبتُ على ميولى لروح الانتقام منه، وجذبته بلطفٍ عن حافة الهوّة، وهكذا استطعتُ أن أنجّيه من موتٍ محقق».

فصاح الوالد بكل سرور وقال له: «أنت الوحيد الذى يستحق هذه الجوهرة، فقد قمتَ بما يعجز عنه غالبية البشر، لأنك أنقذت حياة عدو لك».

فالإنسان الذى ليس عنده سلام داخلى، لا يستطيع أن يعيش فى سلام مع الآخرين، حتى إنه يختلق الطرق والوسائل التى يعادى بها الناس.

لكن سلامنا الداخلى الحقيقى، لا يستطيع أحدٌ أن ينزعه منّا مهما تغيّرت الظروف والمعاملات.

فالسلام الدائم هو عطية من الله للإنسان، ويشعر به كل شخصٍ يقوم بواجبه بإخلاص وأمانة وحُب وضمير حى، ويعيش فى سلامٍ مع الجميع.

لكن الإنسان فاقد السلام يهدم اللوحة الرائعة التى صنعها الله لخليقته بكل حُب.

وفى هذا الصدد نتأمل الكلمات الرائعة التى صرّح بها البطل الهندى العظيم Vardhamana مؤسس إحدى الديانات الهندية عام 400 ق. م: «أطلبُ العفو والغفران عن العنف الذى ارتكبته فى عقلى، والعنف الذى سببته بأقوالى، والعنف الذى صنعته بأعمالى».

هذه الكلمات الرائعة خرجت من القلب، ولها معانٍ عميقة وصالحة، لأن العنف الموجود فى قلب وعقل الإنسان، ينمو أولاً فى النفس، ويتغذّى بالحقد والكراهية، ثم يخرج للنور ويدفع الإنسان إلى معاداة ومحاربة الآخرين.

لكن لا سبيل إلى قتل العداوة إلا بالحُب، لأن البغض يولّد الكراهية والحقد.

لا يكفينا أن نردد: «لم يصدر عنّا أى شر»؛ بل يجب أن نصنع الخير ونسعى فى طريقه.

لذلك يجب علينا أن نسير فى النور ونخطو للأمام فى علاقتنا مع الآخرين، حتى نتخلّص من الظلام الذى يعمى قلوبنا وعقولنا، ويجعلنا نكره الغير.

ومن هنا نكتسب قبساً من نور الشمس وشعلة الحُب لنستطيع احتواء الجميع، والتعامل معهم بالرحمة والرأفة والإنسانية.

وهنا نستطيع أن نردد مع القديس فرنسيس الأسيزى: «يا رب، اجعلنى أداةً لسلامك، فأضع الحُبَّ حيث البغض، والمغفرة حيث الإساءة، والاتفاق حيث الخلاف، والحقيقة حيث الضلال، والإيمان حيث الشك، والرجاءَ حيث اليأس، والنورَ حيثُ الظلمة، والفرحَ حيث الكآبة».

ما أجمل أن نصبح صانعى السلام مع الجميع فى محيط الأسرة والعمل والمجتمع.

لذا نطلب من الله أن يمنحنا ذاكرة ضعيفة تنسى إساءات الناس، وذاكرة قوية تُسجّل أفضالهم.

يا ليت الشعوب تتحلّى بالسلام الحقيقى فيما بينها، وليست الهدنة التى فيها يستعد كل طرفٍ لإعداد عُدّة الحرب وتهيئة نفسه للانتصار.

ونختم بكلمات الأديب عباس محمود العقاد: «إن الحرب تبدأ فى قلب الإنسان، قبل أن تنزل إلى الميدان».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: السلام المحبة

إقرأ أيضاً:

كلاس: حمى الله مملكة السلام

صدر عن وزير الشباب والرياضة السابق جورج كلّاس البيان التالي:   "حمى الله مملكة السلام.. اني أدين  بشدة محاولة التعرض لأمن المملكة الأردنية الهاشمية، واعتبرها  أفعالاً جرمية تهدف إلى النيل من نهج العدالة و الاعتدال الذي ينماز به العهد الملكي الهاشمي وينعم به المجتمع الأردني من إستقرار و نموٍّ  وازدهار دائمين، بفضل حكمة وقيادة جلالة الملك عبدالله بن الحسين المعظَّم حفظه الله.   إن ما تختزنه المملكة من عراقة إيمانية وتُراكِمه من تراثاتٍ حضارية، وما ترسيه من قواعد صلبة للحوار والتلاقي بين الشعوب و الثقافات والحضارات، هو رصيد عظيم وكنز حضاري ورسالة إنسانية، يجب الحفاظ على روحيتها وتثمين مسيرتها ودعم مسارها التألقي، خدمة للإنسانية وتأكيداً على القيم السلامية التي تنشرها مملكة السلام في مجالات التلاقي الروحي و الحضاري".       مواضيع ذات صلة "ملتقى التأثير المدني": حمى الله لبنان من الارادات الخبيثة Lebanon 24 "ملتقى التأثير المدني": حمى الله لبنان من الارادات الخبيثة 16/04/2025 20:47:34 16/04/2025 20:47:34 Lebanon 24 Lebanon 24 الخارجية السعودية: تواصل المملكة بذل الجهود لتحقيق السلام الدائم لإنهاء الأزمة الأوكرانية Lebanon 24 الخارجية السعودية: تواصل المملكة بذل الجهود لتحقيق السلام الدائم لإنهاء الأزمة الأوكرانية 16/04/2025 20:47:34 16/04/2025 20:47:34 Lebanon 24 Lebanon 24 كلاس نعى الاباتي ضو: إنطفاءة قنديل Lebanon 24 كلاس نعى الاباتي ضو: إنطفاءة قنديل 16/04/2025 20:47:34 16/04/2025 20:47:34 Lebanon 24 Lebanon 24 كلاس يستنكر التطاول على المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى Lebanon 24 كلاس يستنكر التطاول على المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى 16/04/2025 20:47:34 16/04/2025 20:47:34 Lebanon 24 Lebanon 24 قد يعجبك أيضاً صوت انفجار يُسمع في بيروت.. طائرة إسرائيلية تخرق جدار الصوت Lebanon 24 صوت انفجار يُسمع في بيروت.. طائرة إسرائيلية تخرق جدار الصوت 13:18 | 2025-04-16 16/04/2025 01:18:35 Lebanon 24 Lebanon 24 مفاجأة جديدة عن "خلية الأردن".. من دربها في لبنان؟ Lebanon 24 مفاجأة جديدة عن "خلية الأردن".. من دربها في لبنان؟ 12:54 | 2025-04-16 16/04/2025 12:54:49 Lebanon 24 Lebanon 24 على حاجز ضهر البيدر.. إحباط عملية تهريب سوريين Lebanon 24 على حاجز ضهر البيدر.. إحباط عملية تهريب سوريين 12:19 | 2025-04-16 16/04/2025 12:19:50 Lebanon 24 Lebanon 24 "التوك توك" ممنوع في بيروت.. قرار جديد صدَر! Lebanon 24 "التوك توك" ممنوع في بيروت.. قرار جديد صدَر! 12:12 | 2025-04-16 16/04/2025 12:12:02 Lebanon 24 Lebanon 24 هذا جديد قضية "صواريخ الجنوب".. من أوقفت "المخابرات"؟ Lebanon 24 هذا جديد قضية "صواريخ الجنوب".. من أوقفت "المخابرات"؟ 12:02 | 2025-04-16 16/04/2025 12:02:49 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة بعد ارتدائه بدلة رقص نسائية.. ياسمين صبري "تنتقم" من محمد رمضان؟ Lebanon 24 بعد ارتدائه بدلة رقص نسائية.. ياسمين صبري "تنتقم" من محمد رمضان؟ 00:59 | 2025-04-16 16/04/2025 12:59:17 Lebanon 24 Lebanon 24 طُرِدَت من إحدى القنوات بعد 20 عاماً من العمل.. مُذيعة لبنانيّة تبكي على الهواء: أندم على الزواج Lebanon 24 طُرِدَت من إحدى القنوات بعد 20 عاماً من العمل.. مُذيعة لبنانيّة تبكي على الهواء: أندم على الزواج 06:00 | 2025-04-16 16/04/2025 06:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 صوت انفجار يُسمع في بيروت.. طائرة إسرائيلية تخرق جدار الصوت Lebanon 24 صوت انفجار يُسمع في بيروت.. طائرة إسرائيلية تخرق جدار الصوت 13:18 | 2025-04-16 16/04/2025 01:18:35 Lebanon 24 Lebanon 24 بشأن تصحيح رواتب العسكريين... بيان توضيحيّ من وزير الماليّة Lebanon 24 بشأن تصحيح رواتب العسكريين... بيان توضيحيّ من وزير الماليّة 05:25 | 2025-04-16 16/04/2025 05:25:49 Lebanon 24 Lebanon 24 بالصورة... هذه هويّة المُستهدف في "غارة وادي الحجير" Lebanon 24 بالصورة... هذه هويّة المُستهدف في "غارة وادي الحجير" 06:41 | 2025-04-16 16/04/2025 06:41:05 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك أيضاً في لبنان 13:18 | 2025-04-16 صوت انفجار يُسمع في بيروت.. طائرة إسرائيلية تخرق جدار الصوت 12:54 | 2025-04-16 مفاجأة جديدة عن "خلية الأردن".. من دربها في لبنان؟ 12:19 | 2025-04-16 على حاجز ضهر البيدر.. إحباط عملية تهريب سوريين 12:12 | 2025-04-16 "التوك توك" ممنوع في بيروت.. قرار جديد صدَر! 12:02 | 2025-04-16 هذا جديد قضية "صواريخ الجنوب".. من أوقفت "المخابرات"؟ 11:57 | 2025-04-16 من وزير العدل.. رسالة لبنانية إلى الأردن فيديو ميقاتي: الحل للوضع في الجنوب بتشكيل لجنة أمنية قانونية لتثبيت اتفاق الهدنة ونقاط الحدود Lebanon 24 ميقاتي: الحل للوضع في الجنوب بتشكيل لجنة أمنية قانونية لتثبيت اتفاق الهدنة ونقاط الحدود 01:00 | 2025-04-15 16/04/2025 20:47:34 Lebanon 24 Lebanon 24 نجا من الموت بأعجوبة.. إعلامي لبناني شهير يعترف بأنه كان سببًا في فقدان إنسانة حياتها (فيديو) Lebanon 24 نجا من الموت بأعجوبة.. إعلامي لبناني شهير يعترف بأنه كان سببًا في فقدان إنسانة حياتها (فيديو) 04:17 | 2025-04-14 16/04/2025 20:47:34 Lebanon 24 Lebanon 24 جويس عقيقي تتمنى مُقابلة بشار الأسد لهذا السبب.. وهذا ما قالته عن ترك هشام حداد محطة الـ MTV (فيديو) Lebanon 24 جويس عقيقي تتمنى مُقابلة بشار الأسد لهذا السبب.. وهذا ما قالته عن ترك هشام حداد محطة الـ MTV (فيديو) 01:42 | 2025-04-12 16/04/2025 20:47:34 Lebanon 24 Lebanon 24 Download our application مباشر الأبرز لبنان خاص إقتصاد عربي-دولي بلديات 2025 متفرقات أخبار عاجلة Download our application Follow Us Download our application بريد إلكتروني غير صالح Softimpact Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24

مقالات مشابهة

  • كلاس: حمى الله مملكة السلام
  • جواهر الجمال
  • رحلة البحث عن السلام الداخلي
  • د.حماد عبدالله يكتب: دعونا نحلم وندعو الله !!
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: صورة ضد الشمس
  • المعجزة والكرامة والإهانة
  • الفاشر.. او على السودان السلام
  • سفينة الحياة تواجه أمواجًا عاتية
  • عادل الباز يكتب: عروة.. “غاب بعد طلوع.. وخبا بعد التماع” (1)
  • انتخاب دانيال نوبوا رئيسا للإكوادور