خالد ميري يكتب: الحدود المشتعلة.. ودولة العدالة
تاريخ النشر: 25th, August 2024 GMT
تواجه مصر تحديات متعددة فى صعوبتها وخطورتها بطول وعرض حدودها، من غزة حيث الحرب المجنونة ومراوغات نتنياهو الذى يريد الهروب من الحساب ويجر المنطقة كلها للحرب.. إلى السودان حيث النار مشتعلة، وليبيا حيث تلوح فى الأفق بوادر المواجهة المسلحة والحرب الأهلية.
لا يوجد دولة فى العالم تواجه كل هذه التحديات مجتمعة، الموقع الجغرافى المتميز فى قلب العالم تحول إلى اختبار ومحنة.
بإرادة سياسية حديدية وبجيش قوى يفرض كلمته ويسبقه تاريخه اللامع وحاضره الباهر، تواجه مصر كل هذه التهديدات.. لا يحكم قرارنا إلا ما فيه مصلحة أمننا القومى، لا نستمع لضغوط ولا نسمح بها.. صبر القوى وحلم الشجاع يحكم تحركاتنا جميعاً ويظل أمننا القومى هو الشعاع المنير الذى يسير معه صاحب القرار بثقة وقوة.
مفاوضات الفرصة الأخيرة للسلام فى غزة -كما أطلقت عليها أمريكا- استضافتها القاهرة.. قبلها أطلق السفاح نتنياهو قنابل الدخان برفضه الانسحاب من محور فيلادلفيا.. مصر رفضت بقوة عرضه لوجود ١٠ أبراج مراقبة على المحور ورفضت العرض الأمريكى بالاكتفاء ببرجين فقط، أمريكا فى ظل انتخابات ساخنة داخلية بدا أنها غير قادرة على الضغط على نتنياهو، جاء «بلينكن» وسافر بوجه مكشوف بعد أن أحرجه نتنياهو وقال علانية إنه لم يوافق على خطة أمريكا.. نتنياهو يريد إطالة أمد الحرب إلى الانتخابات الأمريكية بحثاً عن نصر يراه قريباً ونراه أبعد عنه وعن أحلامه المسعورة.
الرئيس عبدالفتاح السيسى كان واضحاً فى مكالمة أمس الأول التى تلقاها من «بايدن».. يجب وقف الحرب الآن ويجب إنقاذ مليونى مواطن فى غزة من حرب إبادة لا تفرق بين رجل وامرأة وطفل، وإذا لم تتوقف الحرب الآن فمخاطر اتساعها تزداد مع كل لحظة، هذه حقيقة فانفجار الإقليم يمكن أن يكون مقدمة ساخنة لانفجار العالم بأكمله. إيران وحزب الله يترقبان، وأمريكا نشرت جنودها فى المنطقة، ونتنياهو يريدها حرباً لا تُبقى ولا تذر.. والحوثيون ما زالوا يهددون الملاحة العالمية، ومصر فى قلب الأحداث تمسك بحلم السلام وقوة القادر ولا تفلت أمننا القومى من يديها أبداً.
وفى السودان لم تأتِ محادثات جنيف بجديد، وجاء البيان المصرى السعودى الإماراتى الأمريكى الأوروبى الأخير داعياً للسلام ووقف الحرب المجنونة، كان يفترض أن تمتد المحادثات للقاهرة وحضر المندوب الأمريكى ولكن غاب ممثل مجلس السيادة فى السودان بعد تغييب المجلس عن الحضور فى جنيف، ومصر ما زالت تبحث عن الحل الذى يحقن دماء الأشقاء ويوقف حرباً لم تجلب إلا الدماء والجوع والهجرة والأمراض.. سافر الوزير عباس كامل رئيس المخابرات إلى السودان والتقى القائد عبدالفتاح البرهان بحثاً عن حل يوقف جنون الحرب.. مصر لا تتردد فى القيام بواجبها ولا هدف لها إلا حقن دماء الأشقاء.. ويظل أمننا القومى ماثلاً لا يغيب عن عينى صاحب القرار.
وفى ليبيا تسارعت الأحداث والمواجهة الحادة بين الحكومة المؤقتة التى انتهت مدتها مع مجلسها الرئاسى وبين البرلمان الشرعى المنتخب ومجلس الدولة، تحركات عسكرية مصرية والجيش الوطنى يحرك قواته لمناطق جديدة والميليشيات المسلحة تتأهب وتستعد بطول وعرض البلاد، ومع مرور كل لحظة يزداد خطر المواجهة العسكرية الشاملة خاصة بعد الحديث عن وقف إنتاج النفط بالكامل حتى ضمان التوزيع العادل للثورة وضمان وجود حكومة موحدة تجرى انتخابات حرة ونزيهة.
فى خلفية الأحداث الساخنة تزداد الحرب الروسية الأوكرانية اشتعالاً وتزداد فرص المواجهة العسكرية بين الكوريتين، والصين تستعد وتفاخر بقوتها العسكرية والتوترات تزداد كل يوم.
هناك من يدير المشهد الملتهب من وراء ستار والحرب العالمية الثالثة تدق الأبواب.. الحديث عنها يرتفع صوته كل يوم.. ومصر فى قلب العالم الملتهب تمسك بتلابيب أمنها القومى بقوة وتقف شامخة رغم العواصف والأنواء.. الحروب يدفع الجميع ثمنها والسلام لا يقدر عليه غير الشجعان الذين يمتلكون القوة والحكمة.
مسك الختام:
وسط حدود ملتهبة تقف مصر شامخة تعرف حدود أمنها القومى ولا تسمح لأحد أياً كان بالاقتراب منها، وفى الداخل نتنفس انفراج أزمة اقتصادية كانت الأعنف منذ سنوات، ونعيش على وقع انفراجة وانفتاح سياسى يقوده زعيم مصر الرئيس عبدالفتاح السيسى.. والشعار «الخلاف فى الرأى لا يفسد للوطن قضية».. الرئيس أحال إلى الحكومة توصيات الحوار الوطنى حول الحبس الاحتياطى موجهاً باتخاذ الإجراءات الفورية لتحويلها إلى واقع قانونى، بتخفيض فترات الحبس الاحتياطى حتى لا يصبح عقوبة فى حد ذاته مع التعويض المادى والأدبى لمن يتضرر وتثبت براءته بعد حبسه احتياطياً.
بخطوات واثقة نسير على طريق بناء دولتنا الحديثة.. اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً، دولة لكل المصريين لا فضل فيها لمصرى على مصرى إلا بقدر ما يبذل من جهد وعرق.. دولة العدالة والمساواة.. وقبل هذا ومع هذا دولة الأمن والاستقرار.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: مصر فلسطين السودان نتنياهو فى قلب
إقرأ أيضاً:
الحرب تغتال بهجة رمضان في السودان
بورت سودان (السودان)"أ ف ب": يحل شهر رمضان الذي يتسم عادة بكرم الضيافة والتجمعات العائلية للعام الثاني في السودان حيث حجبت الحرب المدمرة هذه التقاليد جراء الصعوبات الاقتصادية الحادة وتفشي الجوع.
يشهد السودان منذ أبريل 2023، نزاعا داميا بين الجيش وقوات الدعم السريع، تسبب في مقتل عشرات الآلاف ونزوح أكثر من 12 مليون شخص وخلف أزمة إنسانية كارثية مع انتشار المجاعة في عدة مناطق.
وفي مدينة بورتسودان (شرق) التي بقيت نسبيا بمنأى عن أعمال العنف، لا تزال السلع الغذائية منتشرة في الأسواق، لكن أسعارها الباهظة تجعلها بعيدة المنال.
وبلغ سعر كيلو السكر، المكون الأساسي لمشروبات وحلويات رمضان، 2400 جنيه سوداني (دولار واحد).
كما ارتفعت أسعار اللحوم بشكل كبير، فوصل سعر كيلو لحم العجل إلى 24 ألف جنيه سوداني (10 دولارات)، وكيلو لحم الضأن إلى 28 ألف جنيه سوداني (11,6 دولارا)، بحسب مستهلكين.
وقال محمود عبد القادر لوكالة فرانس برس "نعاني من توفير السلع الرمضانية. الأسعار في السوق متفاوته، فثمن بعضها مرتفع وبعضها الآخر باهظ جدا".
وعبر عن شعور مماثل بالاحباط حسن عثمان بقوله إن "الأسعار مرتفعة للغاية".
في يناير، بلغ معدل التضخم 145% ، مقابل 136% في الشهر نفسه من عام 2024، بحسب المكتب المركزي للإحصاء، في حين يناهز متوسط الأجر الشهري الآن 60 دولارا فقط.
وعلاوة على ذلك، لم يتسلم موظفو القطاع العام في بعض المناطق رواتبهم منذ أبريل 2023.
والوضع أسوأ بكثير في المناطق التي تشهد معارك مدمرة.
ففي أجزاء من دارفور (غرب) وكردفان (جنوب)، انقطعت طرق ايصال المواد الغذائية وانتشرت المجاعة.
وتم الابلاغ عن المجاعة في ثلاثة مخيمات للنازحين في شمال دارفور، بالإضافة إلى أجزاء من جبال النوبة (جنوب).
ومن المتوقع أن تطال خمس مناطق أخرى بحلول مايو، وفقا لتقديرات الأمم المتحدة.
وفي بعض مناطق دارفور، تعيش الأسر على قشور الفول السوداني وأوراق الأشجار، بحسب سكان.
وتواجه منظمات الإغاثة صعوبات جمة للوصول إلى هذه المناطق، مما سرع انتشار الجوع.
أعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أنّه اضطرّ إلى تعليق عملياته في مخيّم للنازحين ومحيطه في شمال دارفور في السودان، بسبب تصاعد العنف.
وقال عمر مناقو، أحد عمال الإغاثة في شمال دارفور، إن "الوضع هنا صعب جدا، هناك صعوبة في (ايجاد) مياه الشرب والطعام، لا يوجد شيء في الاسواق".
حذر المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك الخميس من أن السودان يواجه خطر السقوط في "الهاوية" ما لم تنته الحرب المدمرة في البلاد وتتدفق المساعدات.
وتابع المسؤول الأممي "نحن ننظر إلى الهاوية. تحذّر الوكالات الإنسانية من أنه في غياب جهود إنهاء الحرب ... فإن مئات الآلاف من الناس قد يموتون".
وفي المناطق المتضررة من الحرب، تعرضت الأسواق للنهب وأنخفضت بالتالي إمدادات الغذاء بشكل هائل.
وقال عمر مناقو إن معظم الأسواق في شمال دارفور لم تعد موجودة.
واوضح "كلها أحرقها الجنجويد"، في إشارة إلى قوات الدعم السريع.
وفي العاصمة الخرطوم حيث اشتدت حدة القتال بين الجيش وقوة الدعم السريع في الأسابيع الأخيرة، يقوم متطوعون بتوزيع المساعدات التي تمكنوا من جمعها، لكن الاحتياجات هائلة.
واشارت صابرين زروق (30 عاما) المقيمة في أم درمان، إحدى ضواحي الخرطوم، إلى أنه "من قبل كان ثمة مبادرات في الشوارع لتوزيع وجبات الإفطار على أولئك الذين لم يصلوا إلى منازلهم" في الوقت المحدد.
واضافت بحسرة "هذا لم يعد متوفرا".وينتاب العديد من السودانيين الحزن على فقدان التقاليد التي تميز شهر رمضان.
ففي السنوات السابقة، كانت العائلات تقوم بإعداد وجبات إفطار شهية، وتتقاسم الطعام مع الجيران، بينما تزدان الشوارع بالأضواء الاحتفالية.
ويقول محمد موسى، وهو طبيب يبلغ 30 عاما ويقضي أياما طويلة في أحد آخر المستشفيات العاملة في أم درمان، بحسرة "الفطور مع الاهل والاصدقاءوزينة رمضان أيضا، من الأشياء التي افتقدها".