الجميع يعاني.. حرب غزة تلقي بظلالها على اقتصاد الضفة الغربية
تاريخ النشر: 25th, August 2024 GMT
أدت القيود الجديدة التي فرضتها إسرائيل على الضفة الغربية منذ بدء الحرب الجديدة بينها وبين حركة حماس في غزة، إلى اختناق الاقتصاد وتدهور الحياة اليومية.
والاقتصاد في الضفة الغربية وإسرائيل مترابط بشكل وثيق، حيث تعتمد إسرائيل على اليد العاملة الفلسطينية، خاصة في قطاعي البناء والزراعة.
وقبل اندلاع النزاع الجديد مع القطاع، كانت الأجور الإسرائيلية تشكل نحو 20 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للسلطة الفلسطينية.
وساهم هؤلاء العمال بنحو 3.81 مليار دولار أميركي في الاقتصاد الفلسطيني في عام 2022، أي ثلثي ميزانية السلطة الفلسطينية وفق تقرير لصحيفة "الغارديان" البريطانية.
لكن بعد الهجمات التي شنتها حماس في 7 أكتوبر، علقت إسرائيل دخول حوالي 140 ألف عامل فلسطيني من الضفة الغربية، واستعانت بعمال من الهند لتعويض النقص كما عمدت إلى إغلاق الطرق بينها وبين الضفة، وحظر وإلغاء تصاريح العمل.
والنتيجة كانت ارتفاعًا كبيرًا في معدلات البطالة والفقر في الضفة الغربية، ما يهدد الاستقرار المالي للمنطقة ويغذي الاضطرابات.
"الجميع يعاني"لم يعد مصنع "السلام" للزجاج والخزف ومقره مدينة الخليل، يستخدم أفران النفخ أو عجلات الفخار بشكل يومي، فيما تبدو الغرفة المخصصة لتزيين الأواني والقرميد بالألوان الفلسطينية التقليدية خالية.
نوافذ وأبواب المصنع تحمل آثار الطلقات النارية التي أحدثتها اشتباكات مؤخرًا، وفقًا لشهادة صاحب المصنع سامي نادر الذي تحدث للصحيفة.
والخليل، الواقعة في جنوبي الضفة الغربية، تبعد عن الصراع المستمر بين حماس وإسرائيل في قطاع غزة، لكن العنف بين الفلسطينيين والجيش الإسرائيلي والمستوطنين في الضفة الغربية قد بلغ مستويات غير مسبوقة منذ عقدين.
وقال نادر، البالغ من العمر 47 عاما، إن الأزمة الحالية "لا تقارن بما مررنا به خلال الجائحة، كنا نستقبل السياح يوميًا، والآن نبيع منتجاتنا في أيام السبت فقط.. هذا إذا حالفنا الحظ، الطلبات عبر الإنترنت توقفت، لأن الجميع في فلسطين يعاني من نقص الأموال".
وأضاف نادر، الذي تدير عائلته المصنع منذ أكثر من 70 عاما، "أرفض إغلاق المصنع خلال فترة إداراتي".
المحلات التجارية في بيت لحم أقفلت أبوابها في غياب السياحوفي مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية، التي أُنشئت بعد تأسيس إسرائيل في عام 1948 ولا تزال تعاني من ظروف صعبة، قال شبان للصحيفة البريطانية إن الجماعات المسلحة مثل حماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني أصبحت المصدر الوحيد للوظائف.
وشهدت معدلات البطالة في الربع الأول من عام 2024 زيادة بنسبة 11 في المئة، لتصل إلى 35 في المئة مقارنة بالعام السابق، وفقًا لمنظمة العمل الدولية، وتقديرات الأمم المتحدة التي تشير إلى تأخير في التنمية البشرية يتراوح بين 13 إلى 16 عامًا.
ارتفعت معدلات التضخم، وقامت السلطة الفلسطينية بتقليص الرواتب وإقالة الموظفين.
إضافة إلى ذلك، يتخذ وزير المالية الإسرائيلي من اليمين المتطرف، بتسلئيل سموتريش، إجراءات عقابية ضد السلطة الفلسطينية بتجميد أموال الضرائب ويهدد بقطع البنوك الفلسطينية عن النظام المصرفي الدولي، مما قد يؤدي إلى انهيار السلطة الفلسطينية.
وفي بداية أغسطس الحالي، قالت وزارة المالية الفلسطينية إنها ستدفع سبعين بالمئة من رواتب موظفي السلطة الفلسطينية في القطاعين المدني والعسكري عن شهر يونيو وسط استمرار أزمتها المالية.
وذكرت الوزارة في بيان أن "رواتب الموظفين عن شهر يونيو ستصرف في البنوك بنسبة لا تقل عن 70في المئة وبحد أدناه 3000 شيكل (نحو 795 دولارًا)".
وأضافت الوزارة في بيانها "بهذه المعادلة سيتلقى أكثر من 50 في المئة من الموظفين راتبهم كاملاً، وهم الموظفون الذين لا تزيد رواتبهم عن 3000 شيكل"، مشيرة إلى أن "بقية المستحقات القائمة حتى تاريخه هي ذمة لصالح الموظفين وسيتم صرفها عندما تسمح الإمكانيات المالية بذلك" وفق ما نقلته وكالة رويترز.
عقاب جماعيوقالت تهاني مصطفى، المحللة البارزة في مجموعة الأزمات في مقابلة مع "الغارديان" إن جميع الحكومات الإسرائيلية تستخدم أساليب "العصا والجزرة" مع السلطة الفلسطينية، لكن الحكومة الحالية تتبع سياسات متناقضة.
وأشارت إلى أن إسرائيل تحتاج إلى السلطة الفلسطينية للحفاظ على الأمن في الضفة الغربية وحماية المستوطنين، لكنها تستغل الوضع إلى أقصى حد.
وأضافت مصطفى "المنطق الآخر هو العقاب الجماعي: رغم فشله في الماضي، يبدو أنهم يعتقدون أن فرض حصار اقتصادي وحصار على الحركة سيجبر الناس على الامتثال".
وعلى الرغم من عدم وجود بيانات موثوقة، إلا أن الفلسطينيين في الضفة الغربية بدؤوا في السنوات الأخيرة في إيجاد طرق للتسلل عبر الحواجز الأمنية إلى إسرائيل بحثًا عن عمل بأجر أفضل.
ويُقدَّر أن حوالي 40 ألف فلسطيني ما زالوا يقومون بهذه الرحلة، وأحيانًا يقيمون في إسرائيل بدون أوراق رسمية لأسابيع.
وقال يعقوب، وهو عامل رخام: "أعتقد أن الوضع غير مستدام. إذا لم يريدونا، فلينهوا الاحتلال وليتركوا لنا فرصة العمل لأنفسنا".
في هذا الصدد، قالت مجموعة الأزمات الدولية (ICG)، وهي منظمة عالمية غير ربحية وغير حكومية، إنه في ظل أشهر من الضغوط الهائلة على اقتصاد الضفة الغربية منذ بدء الحرب في غزة، فرضت إسرائيل مجموعة صارمة من التدابير التقييدية، "يقول المسؤولون الإسرائيليون إنها ضرورية بسبب المخاطر الأمنية".
لكن الإغلاقات الداخلية في جميع أنحاء الضفة الغربية، وتعليق تصاريح العمل لنحو 148 ألف فلسطيني كانوا يتنقلون إلى وظائفهم في إسرائيل، وفقدان 144 ألف وظيفة إضافية في المنطقة، أدت إلى صدمة اقتصادية ضخمة للفلسطينيين، حيث انخفض الناتج المحلي الإجمالي للضفة الغربية بنحو 20 في المئة في الربع الأخير من عام 2023 مقارنة بالعام السابق.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: السلطة الفلسطینیة فی الضفة الغربیة فی المئة
إقرأ أيضاً:
وصول حافلات الأسرى المُحررين إلى الضفة الغربية.. صور
شهدت مدينة رام الله في الضفة الغربية وصول أولى حافلات نقل الأسرى الفلسطينيين المُحررين من سجون الاحتلال الإسرائيلي.
اقرأ أيضاً.. أفراح السودانيين تتواصل بانتصار الجيش: "بكرة بيخلص هالكابوس"
جيش الاحتلال : ملتزمون بإعادة جميع الرهائن المتبقين في غزة حماس: المحتجزة أربيل يهود على قيد الحياة وسنفرج عنها السبت المقبلوستشهد ساعات اليوم تحرير 200 أسيراً فلسطينياً، وذلك بعد تسليم 4 مُحتجزات إسرائيليات اليوم من قبل حماس بُناءً على صفقة تبادل الأسرى.
وسيكون من بين الأسرى المُحررين 120 مُقاومًا َحُكم عليهم بالمؤبد.
وتأتي المُشاهد المُبهجة اليوم بفضل الجهود المصرية التي تواصلت منذ اليوم الأول لإيقاف الحرب في غزة.
وكانت مصر ومعها باقي الشركاء الدوليين قد نجحت في التوصل لاتفاقٍ يُنهي الحرب التي اندلعت في أكتوبر 2023.
لعبت مصر دوراً محورياً في صفقات تبادل الأسرى بين حركة حماس وإسرائيل، حيث استخدمت موقعها الجغرافي وعلاقاتها السياسية مع الطرفين كوسيط رئيسي لتحقيق هذه الصفقات.
تعد مصر واحدة من الدول القليلة التي تحافظ على تواصل مع كلا الجانبين، ما جعلها لاعباً أساسياً في تقريب وجهات النظر، خاصة في القضايا الإنسانية الحساسة مثل تبادل الأسرى.
من أبرز هذه الجهود صفقة "وفاء الأحرار" عام 2011، حيث توسطت مصر لإنجاز الصفقة التي أُفرج فيها عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط مقابل أكثر من 1027 أسيراً فلسطينياً.
لعبت القاهرة دوراً حاسماً في تذليل العقبات والتفاوض حول قوائم الأسماء، مما ساهم في إنجاح الصفقة بشكل يعكس ثقل مصر الدبلوماسي والإقليمي.
بالإضافة إلى ذلك، تُظهر مصر اهتماماً خاصاً بضمان الاستقرار في المنطقة، حيث تعتبر صفقات التبادل وسيلة لتخفيف التوترات وخلق أجواء يمكن البناء عليها لتعزيز جهود التهدئة.
هذه الجهود تعكس رؤية مصر لدورها كوسيط إقليمي قادر على المساهمة في تحقيق أهداف إنسانية وسياسية تخدم الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، وتؤكد مكانتها كدولة محورية في القضايا الفلسطينية.
تلعب مصر دوراً محورياً في رفع المعاناة عن قطاع غزة، خاصة في ظل الحصار الإسرائيلي المفروض منذ سنوات.
تُعتبر مصر بوابة أساسية لتوفير المساعدات الإنسانية والمواد الأساسية عبر معبر رفح، الذي يُعد شريان الحياة الوحيد لسكان القطاع. بالإضافة إلى ذلك، تبذل القاهرة جهوداً مستمرة لتسهيل دخول المساعدات الدولية وإعادة إعمار البنية التحتية المدمرة نتيجة الحروب.
كما تعمل مصر على استضافة محادثات التهدئة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، بهدف تخفيف التصعيد. هذه الجهود تعكس التزام مصر بدعم الشعب الفلسطيني، وتعزيز الاستقرار الإقليمي عبر تحسين الظروف المعيشية لسكان غزة.