جنيف ما بين الصراع الدولي وأشواق شعبنا في السلام.. المأساة الإنسانية في السودان
تاريخ النشر: 25th, August 2024 GMT
جنيف ما بين الصراع الدولي وأشواق شعبنا في السلام.. المأساة الإنسانية في السودان
* عبد الجليل الباشا محمد أحمد
لاشك أن حرب 15 أبريل قد خلفت مأساة إنسانية غير مسبوقة، حيث أكدت التقارير الأممية والمحلية بأن عدد النازحين داخليا الذين تركوا ديارهم ومنازلهم قد بلغ 9 ملايين شخص، بينما لجأ عدد 2 مليون إلى الدول المجاورة بحثا عن الأمن والاستقرار، في حين بلغ عدد الذين لقوا حتفهم في هذه الحرب اللعينة حوالي 19000 وربما يفوق الموتى هذا العدد بكثير بحسب التصفيات والاغتيالات على أساس الهوية، لا سيما وأن هناك العديد من المفقودين الذين كان ومازال مصيرهم مجهولاً، هذا وقد بلغ عدد الجرحى 33000، وفوق هذا وذاك هناك 25 مليون مهددين بشبح المجاعة، في الوقت الذي بلغ فيه عدد المتأثرين بالسيول والأوبئة والأمراض حوالي 117000 حسب الاحصائيات الرسمية، هذا بالإضافة إلى الدمار والخراب الذي حل بالبنية التحتية والخدمية وتهتك النسيج الاجتماعي بسبب الاستقطاب الحاد وانتشار خطاب الكراهية وإثارة النعرات القبلية والجهوية بغرض تحويل الحرب إلى نزاع إثني شامل لايبقي ولا يذر، وحتى الذين يعيشون في السودان معاناتهم تزداد يوما بعد يوم نتيجة لندرة المواد الغذائية وغلاء الأسعار وانعدام السيولة والاعتقالات والملاحقات والمضايقات في الطرقات.
* جنيف مابين التفاؤل وخيبة الأمل:
في ظل هذه المعاناة جاءت محادثات جنيف بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية وبمشاركة دولية و‘قليمية واسعة مما أعطى الأمل لأهل السودان في إنهاء الحرب وتحقيق السلام الذي يسدل الستار على فصول مآسي النزاع الذي هدد البلاد في تماسكها ونسيجها ووجودها، فبالرغم من النجاح الذي حققته المحادثات في إيصال المساعدات الإنسانية من خلال فتح بعض المعابر الحدودية إلا أن السودانيين والسودانيات قد أصيبوا بخيبة أمل كبيرة في فشل المفاوضات في تحقيق وقف إطلاق النار، فمهما كانت إلتزامات الأطراف فإن هذا الاتفاق معرض للانهيار في أي لحظة طالما أن الحرب مستمرة باعتبارها تشكل السبب الرئيسي في كل معاناة أهل السودان.
* لماذا فشلت جنيف في تحقيق وقف إطلاق النار؟
في تقديرى الشخصي هنالك أسباب عديدة لم تمكن محادثات جنيف من بلوغ سدرة منتهاها حسب الأهداف الثلاثة التي أعلنها الوسطاء وهي:-
أولا: غياب الضغط الكافي من قبل المجتمع الدولي والإقليمي وذلك بسبب صراع المصالح بين الولايات المتحدة وروسيا على منطقه البحر الأحمر مما أعطى قيادة الجيش فرصة للمناورة والمساومة لتحقيق مكاسب متعلقة بشرعنة السلطة سواء كان بالاعتراف أو التسليح بدلاً من التركيز على السلام لإنهاء معاناة شعب السودان المغلوب على أمره.
ثانيا: سيطرة واختطاف الحركة الإسلامية لقرار الجيش، مع إصرارها على استمرار الحرب حتى تجد موطئ قدم في المعادلة القادمة وبالتالي كان لها دور كبير في غياب وفد الجيش عن جنيف، بيد أن ذلك لا ينفي أن الطموح الشخصي للبرهان في حكم البلاد مجددا يشكل القاسم المشترك بينه وبين الإسلاميين، علاوة على أن الحركات المسلحة المتحالفة مع الجيش في حربه ضد الدعم السريع مهما اختلف الناس حول موقفها فهي لن تقبل بأن يستخدمها البرهان (كبرازة شوك) وبالتالي سوف تصر على المشاركة في أي مفاوضات حتى يكون لها موطئ قدم في المرحلة القادمة.
ثالثا: غياب الصوت المدني الموحد.
رابعا: ضعف الحراك الشعبي والجماهيري المنادي بوقف الحرب على المستوى القاعدي.
* الخيارات المتوقعة بعد فشل جنيف في وقف إطلاق النار.
1- استمرارية وتوسعة دائرة الحرب على المستوى الإثني والجهوي.
2- الاتفاق بين الجيش والدعم السريع على إيقاف الحرب وتشكيل حكومة بعيدا عن المدنيين.
3- انتصار طرف على الآخر وفرض أجندته وهو خيار مستبعد في ظل معطيات الواقع في الميدان.
4- تقسيم السودان إلى دويلات صغيرة بحكومات متعددة على نحو ما يحدث في ليبيا.
5- تدخل المجتمع الدولي سواء كان بواسطة البند السابع او دولة منفردة بحجة رعاية مصالحها بما في ذلك أمنها القومي.
6- الخيار الأمثل هو الحل التفاوضي السلمي بمشاركة القوى السياسية الذي يوقف الحرب ويحقق السلام ويؤسس لعملية تحول مدني ديمقراطي في ظل بيئة سياسية تحكمها مبادئ الحكم الراشد.
* ما هو المطلوب لإيقاف الحرب وتحقيق السلام؟
أولا:- على المجتمع الدولي والإقليمي أن يحرر أزمة السودان من صراع المصالح حتى يتمكن من ممارسة ضغوط حقيقية على الأطراف وبالذات الممانعة من أجل التعاطي الإيجابي مع المبادرات والجلوس في طاولة التفاوض.
ثانيا: التوافق على رؤية شاملة لمخاطبة تداعيات الحرب وأسبابها الجذرية للحيلولة دون ترحيل الأزمة للأجيال القادمة.
ثالثا: توحيد القوى المدنية الداعية لوقف الحرب.
رابعا: التواصل الفعال مع المجتمع الدولي والإقليمي وكافة قطاعات الشعب السوداني من أجل تحقيق آماله وتطلعاته في السلام والاستقرار.
رابعا: العمل على محاربة خطاب الكراهية وتعزيز التماسك الاجتماعي ودعم التعايش السلمي.
خامسا: تفعيل وتنظيم العمل الشعبي والجماهيري القاعدي لإعلاء صوت وقف الحرب وبناء السلام.
ختاما نقول إن شعبنا يموت بالحرب والجوع والمرض والغرق، وعليه لابد من توحيد كل الجهود من أجل محاصرة دعاة الحرب داخل وخارج الوطن والعمل الجاد على وقف الحرب وتحقيق السلام، فالواجب الديني والوطني والأخلاقي والإنساني يحتم علينا بذل الوسع كله لرفع المعاناة عن كاهل شعبنا مهما كان الثمن، فالساكت عن الحق شيطان أخرس، وقديما قيل ما حك جلدك مثل ظفرك.
* مساعد الرئيس للشؤون الولائية بحزب الأمة القومي
Email:- abdelgaleel.albasha.mohammed@hmail.com
الوسومالحركة الإسلامية السعودية السلام السودان الولايات المتحدة حرب 15 ابريل 2023م حزب الأمة القومي عبد الجليل الباشاالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الحركة الإسلامية السعودية السلام السودان الولايات المتحدة حرب 15 ابريل 2023م حزب الأمة القومي المجتمع الدولی وقف الحرب
إقرأ أيضاً:
بيان من رئيس الوزراء ووزير الخارجية الكيني حول الوضع في السودان
تواصل حكومة جمهورية كينيا مراقبة الوضع السياسي والأمني المتطور في جمهورية السودان عن كثب. إن الصراع في السودان الذي استمر لمدة اثنين وعشرين شهرًا حتى الآن، لا يزال يدمر دولة كانت، قبل أربع سنوات فقط، تسير على مسار إيجابي من الاستقرار والديمقراطية والازدهار لشعبها. ومن المؤسف أن العملية الديمقراطية في السودان انقطعت
مكتب رئيس الوزراء ووزارة الخارجية وشؤون المغتربين
جمهورية كينيا
الأربعاء، 19 فبراير 025*
نيروبي، كينيا
بيان بشأن الوضع في جمهورية السودان
1. تواصل حكومة جمهورية كينيا مراقبة الوضع السياسي والأمني المتطور في جمهورية السودان عن كثب. إن الصراع في السودان الذي استمر لمدة اثنين وعشرين شهرًا حتى الآن، لا يزال يدمر دولة كانت، قبل أربع سنوات فقط، تسير على مسار إيجابي من الاستقرار والديمقراطية والازدهار لشعبها. ومن المؤسف أن العملية الديمقراطية في السودان انقطعت وتحولت الأزمة الناتجة إلى حرب داخلية مدمرة.
2. تصاعد الصراع إلى واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية والأمنية في العالم. ولكن للأسف، لم يتحقق سوى تقدم ضئيل في جهود الحل، مما يعرضها لخطر التحول إلى صراع منسي.
3. واليوم، نزح ما يقدر بنحو 11 مليون شخص، معظمهم من الأطفال والنساء. والتأثير الإقليمي للأزمة عميق، حيث تتحمل البلدان المجاورة، بما في ذلك كينيا، مسؤولية إدارة أزمة اللاجئين في ظل البنية الأساسية الإنسانية المجهدة بالفعل.
4. تتطلب الأزمة في السودان اهتمامًا إقليميًا وعالميًا عاجلاً. وبفضل أوراق اعتمادها كممكن للسلام في المنطقة وفي جميع أنحاء العالم، تظل كينيا في طليعة السعي إلى إيجاد حلول للأزمة الإنسانية في السودان. وبصفتنا دولة، التزمنا بمليوني دولار أمريكي للمبادرات العالمية والإقليمية لتخفيف الوضع الإنساني المزري في السودان.
5. استضافت كينيا تاريخيًا اللاجئين وطالبي اللجوء من البلدان المتضررة من الصراع في المنطقة وخارجها، وهي حاليًا موطن للعديد من اللاجئين السودانيين، وخاصة من مجموعات المجتمع المدني، بما في ذلك التنسيق السوداني للقوى الديمقراطية المدنية (تقادم). ونحن نفعل هذا بما يتماشى مع التزاماتنا الدولية المنصوص عليها في الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، فضلاً عن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وغير ذلك من صكوك القانون الدولي.
6. لقد أسست كينيا تاريخاً في تيسير الحوار بين الأطراف المتنازعة من الدول المجاورة والإقليمية، بما في ذلك توفير المساعي الحميدة التي شهدت توقيع اتفاقيات السلام في كينيا. والواقع أن بروتوكول ماشاكوس الذي حظي بإشادة عالمية في عام 2002، والذي أنهى الحرب الأهلية الثانية في السودان، قد تم إبرامه في كينيا. وعندما تقدم كينيا هذه المساحة، فإنها لا تفعل ذلك بدوافع خفية. وذلك لأننا نعتقد أنه لا يوجد حل عسكري للنزاعات السياسية.
7. يجب إعطاء الأولوية للحاجة إلى تحقيق توازن دقيق بين الأهداف الأمنية والعودة إلى الحكم المدني في السودان لتحقيق الديمقراطية والازدهار لشعب السودان. وفي هذا الصدد، تتوافق كينيا مع ميثاق الاتحاد الأفريقي بشأن التغيير غير الدستوري للحكومة وقرار الاتحاد الأفريقي الصادر في 27 أكتوبر 2021 بتعليق عضوية السودان في جميع أنشطة الاتحاد الأفريقي بما في ذلك انتخابات مفوضية الاتحاد الأفريقي التي انتهت للتو.
8. نلاحظ أن هذه ليست المرة الأولى التي تسعى فيها الجماعات في السودان إلى إيجاد حلول لأزمتها من خلال الاستفادة من المساعي الحميدة للدول المجاورة. في الواقع، في يناير 2024، اجتمعت الأطراف وأصحاب المصلحة في الصراع السوداني في دولة مجاورة لرسم طريق للمضي قدمًا في الحوار الشامل والعودة إلى الحكم المدني. إن طرح قوات الدعم السريع والجماعات المدنية السودانية لخارطة طريق وقيادة مقترحة في نيروبي يتوافق مع دور كينيا في مفاوضات السلام التي تلزمها بتوفير منصات غير حزبية لأطراف الصراع للسعي إلى الحلول.
9. ولذلك، تؤكد كينيا تضامنها مع شعب السودان وهو يحدد مصيره والحكم السياسي المستقبلي من خلال الحوار الشامل. وتثق كينيا في أن الشعب السوداني سيجد حلاً سريعاً للوضع الحالي، وبطريقة تصون أمنه وأمن المنطقة. ومن جانبها، تظل كينيا مستعدة، بشكل فردي وجماعي من خلال الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية والاتحاد الأفريقي وغيرهما من الآليات الإقليمية، لدعم أي جهود يتفق عليها شعب السودان، لضمان استقرار وازدهار بلده ومنطقة القرن الأفريقي بأكملها.
*موساليا مودافادي رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين*