ما هي المؤامرة التي تحدث عنها البرهان؟ ومن الذي يعبث في السودان؟
تاريخ النشر: 25th, August 2024 GMT
أثارت تصريحات قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان عن مؤامرة ضد بلاده تشارك فيها "قوى إقليمية ودولية" الكثير من الأسئلة والتكهنات حول الجهات المقصودة، وطبيعة المؤامرة التي تستهدف السودان الذي يعاني من حرب مريرة منذ نحو عامٍ ونصف، فيما تأتي هذه التصريحات بعد أسابيع قليلة من محاولة الاغتيال الفاشلة التي استهدفت البرهان شخصياً.
وكان البرهان قد نجا من محاولة اغتيال في الحادي والثلاثين من شهر تموز/ يوليو الماضي، حيث تم استهدافه بالطائرات المسيرة خلال مشاركته في حفل تخريج ضباط بمنطقة جبيت العسكرية في ولاية البحر الأحمر شرقي السودان، وهو الهجوم الذي أدى الى سقوط خمسة قتلى، لكنَّ البرهان نجا منه بعد أن نجحت المضادات الأرضية بالتصدي للمسيرات التي كانت تستهدف المكان.
وجاءت محاولة الاغتيال التي استهدفت البرهان بعد 12 يوماً فقط على اتصال هاتفي مفاجئ بين البرهان ورئيس دولة الامارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وهو الاتصال الذي بدا كأنه مصالحة بين الخرطوم وأبوظبي بعد فترة قصيرة من تصريحات نارية وعلنية اتهمت فيها السودان دولة الامارات بتمويل وتسليح ميليشيا "الدعم السريع"، كما جاءت محاولة الاغتيال قبل أيام من انعقاد محادثات جنيف التي دعت لها الولايات المتحدة وشاركت فيها دولٌ عربية -من بينها الامارات- وهي المحادثات التي كان من المفترض أن تنعقد بعد أن تكون قد تمت تصفية البرهان وتعرض الجيش السوداني لضربة قاسية.
ما هي المؤامرة؟
وقال محلل سياسي سوداني طلب من "عربي21" عدم نشر اسمه إن "المؤامرة التي تحدث عنها البرهان تُعيد الى الاذهان الاتهامات السودانية السابقة للامارات بالتسبب في تأجيج الصراع داخل البلاد ودعم الميليشيا المتمردة"، واعتبر أن "الاتصال الهاتفي بين البرهان وبن زايد يوم 19 تموز/ يوليو الماضي والذي بدا وكأنه اتصال مصالحة ليس سوى أحد التحركات المشبوهة التي اكتشفها البرهان لاحقاً على ما يبدو".
وشرح المحلل السياسي ذلك بالقول إن "الاتصال الهاتفي كان مطلوباً أن يظهر على أنه طي لصفحة الخلاف وتزول أي شكوك بتورط الامارات في عملية الاغتيال التي كان يتم ترتيبها للبرهان، على أن الخطة -أو المؤامرة- كانت تقتضي بأن تنعقد مباحثات جنيف بعد اغتيال البرهان ومن ثم يتم دفع الجيش الى الاستسلام بعد أن يكون قد تلقى ضربة قاسية بقتل قادته".
وبحسب المحلل فانَّ فشل اغتيال البرهان ومن ثم انعقاد محادثات جنيف لاحقاً هو الذي جعل الجيش السوداني يكتشف على ما يبدو المؤامرة أو على الأقل يستنتج ما الذي يجري، وهذا ما يُفسر تصريحات البرهان عن "مؤامرة دولية بمشاركة دول اقليمية".
ومنذ نيسان/ أبريل 2023، تدور معارك عنيفة بين الجيش السوداني بقيادة البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، امتدت إلى 13 ولاية من أصل 18، ما تسبب في مقتل أكثر من 13 ألف شخص، وفقا للأمم المتحدة.
واتهمت الخرطوم مراراً أبو ظبي بالتورط في تفجير هذه الحرب عبر دعم مالي وعسكري لقوات الدعم السريع، بما في ذلك إمداد ميليشيا "الدعم السريع" بالطائرات بدون طيار "المسيَّرة" والتي أصبحت تستخدمها بكثافة في الحرب منذ عدة أشهر، وهي التي تم استخدامها أيضاً في محاولة اغتيال البرهان نهاية الشهر الماضي.
مكالمة "الإيهام"
ووسط دوامة الاتهامات والهجوم السوداني الحاد ضد الإمارات، وقبل أيام من محاولة اغتيال البرهان أجرى رئيس دولة الإمارات محمد بن زايد اتصالاً هاتفياً بقائد الجيش السوداني، حيث أكد الأول حرص بلاده على دعم جميع الحلول والمبادرات الرامية إلى وقف التصعيد وإنهاء الأزمة السودانية بما يسهم في تعزيز استقرار وأمن البلاد ويحقق تطلعات شعب السودان، وفقاً لما نقلت وكالة الأنباء الإماراتية في الـ19 من الشهر الماضي.
ونقلت وكالة "رويترز" عن مصادر دبلوماسية قولها، إن الاتصال ناقش مقترحا من رئيس وزراء إثيوبيا للتوسط من أجل إنهاء الحرب الدائرة في السودان.
وتناولت وسائل الاعلام المختلفة هذه المكالمة على أنها بادرة صلح وربما باب يفتح صفحة جديدة بين البلدين بعد توتر وصل إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة، خاصة مع الاحتفاء الكبير من قبل وسائل الإعلام الإماراتية بهذه المكالمة، لكن المفاجأة كانت محاولة اغتيال البرهان بطائرات مسيّرة يُعتقد أن الامارات قدمتها لــ"الدعم السريع"، وذلك بعد أقل من أسبوعين على المكالمة الهاتفية.
وقالت تقارير عديدة أن الطائرات المسيرة التي استهدف البرهان تتطابق مع التي تمتلكها ميليشيا "الدعم السريع"، وهي طائرات "درون" إماراتية الصنع.
ويقول الصحفي السوداني خالد شمس الدين إن "المكالمة قد تكون تنصلاً واضحاً ومحاولة خداع من جانب الإمارات قبيل عملية الاغتيال التي كان من المرجو نجاحها، فحديث البرهان وبن زايد بعد قطيعة طويلة، يوحي بانتهاء الأزمة بين الطرفين، ثم تأتي عملية الاغتيال المفاجئة، عندها ساحة الإمارات ستكون بريئة".
وأضاف في حديث لـ"عربي21": "في ذات الوقت علينا أن لا ننسى أن هناك أدلة تؤكد مشاركة الإمارات في حرب السودان لمساعدة قوات الدعم السريع، لكن لا توجد أدلة رسمية حول تورط الإمارات بمحاولة إغتيال البرهان الأيام الماضية. ولكن السؤال: من يدير حرب الطائرات المسيرة داخل السودان؟".
وذكر الصحفي السوداني بتصريحات الخارجية السودانية قبل ثلاثة أشهر عندما كشفت، أن لديها أدلة على استقبال مطارات تشاد، لأكثر من 400 رحلة طيران تحمل عتاداً حربياً لقوات الدعم السريع بقيادة حميدتي قادمة من الإمارات.
وتابع أن "المكالمة أيضاً كانت تهدف ضمنيا إلى تسويات جديدة، مع بدء المفاوضات بين الجيش والدعم السريع في جنيف ودور الإمارات بإعتبارها مشاركة في هذه المفاوضات، وحتى وقت قريب كان البرهان حذرا بشكل واضح ودبلوماسيا، وتجنب أي مواجهات كلامية واتهام بعينه لدولة ما".
مؤامرة مستمرة
حديث البرهان السبت عن المؤامرة الإقليمية والدولية، يعيد عقارب الساعة إلى الوراء ويجدد التذكير بالاتهامات السودانية للإمارات بالتورط في إشعال الحرب الدموية التي تشهدها البلاد.
ففي منتصف حزيران/ يونيو الماضي هاجم ممثل السودان في الأمم المتحدة أمام مجلس الأمن الحارث إدريس الحارث، الإمارات بسبب تدخلها في الحرب الدائرة في السودان.
وقال سفير السودان أمام مجلس الأمن: "العدوان العسكري الذي تشنه مليشيات الدعم السريع، بدعم من أسلحة الإمارات، يستهدف القرى والمدن بشكل متعمد ومنهجي".
وأضاف: "عندما كان السودان يدعم الدول وحركات التحرر؛ لم تكن الإمارات مذكورة في التاريخ، ولا في خارطة العالم، نحن نعلم شرها، فنحن الذين أسسنا مجد الإمارات ونهضتها وتراثها الحديث بأذرعنا وملكاتنا العقلية". وطالب مجلس الأمن أن يخطو الخطوة الأخيرة بذكر الإمارات وإدانتها لكي تتوقف الحرب، في إشارة إلى دعم الإمارات لميليشيا "قوات الدعم السريع".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية السوداني عبد الفتاح البرهان قوات الدعم السريع السودان قوات الدعم السريع عبد الفتاح البرهان المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة اغتیال البرهان الجیش السودانی محاولة اغتیال الدعم السریع فی السودان مجلس الأمن التی کان
إقرأ أيضاً:
الجيش السوداني يعلن تقدمه والدعم السريع يهاجم عطبرة بالمسيّرات
قال مصدر مسؤول في الجيش السوداني للجزيرة اليوم الخميس إن جنوده يحققون كل يوم تقدما جديدا في مختلف مناطق العمليات في وقت تتراجع فيه ما سماها مليشيا الدعم السريع.
وقد تبادل الجيش السوداني وقوات الدعم السريع اليوم القصف المدفعي المتقطع في ولاية الخرطوم، كل من مناطق تمركزه.
وبالتزامن أسقطت المضادات الأرضية للجيش السوداني فجر اليوم طائرات مسيّرة أطلقتها قوات الدعم السريع فوق مدينة عطبرة شمال شرق الخرطوم.
خريطة لمناطق سيطرة الجيش والدعم السريع في ولاية الخرطوم بعد معارك سبتمبر/أيلول الماضي (الجزيرة)وبحسب شهود عيان، يعتقد أن المسيّرات كانت تستهدف مطار عطبرة، وهي كبرى مدن ولاية نهر النيل.
يشار إلى أن هذا هو الهجوم الثالث الذي تتعرض له المدينة خلال أسبوع.
وفي الأسابيع القليلة الماضية، استعاد الجيش السوداني مناطق في الخرطوم الكبرى -بما فيها أم درمان– وفي ولاية الجزيرة، كما صد هجمات للدعم السريع على الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.
ضحايا مدنيون اتُّهمت قوات الدعم السريع بقتلهم في قرية ود النورة بولاية الجزيرة (مواقع التواصل) اتهامات بقتل مدنيينفي غضون ذلك، قالت "منصة مؤتمر الجزيرة" إن قوات الدعم السريع اجتاحت قرية "ود عشيب" شرقي ولاية الجزيرة، وقتلت منذ أول أمس الثلاثاء 42 مدنيا بالرصاص.
وأضافت المنصة -التي يديرها ناشطون- أن 27 آخرين توفوا جراء الحصار وانعدام العلاج، بحسب ما نقلت صحيفة الراكوبة السودانية عن المنصة.
وذكرت المصدر نفسه أن قوات الدعم السريع هاجمت قرية ود عشيب منذ الخميس الماضي، ونهبت وروّعت السكان وفرضت عليهم حصارا محكما.
وفي الآونة الأخيرة، تواترت الاتهامات للدعم السريع بارتكاب عمليات قتل جماعي ضد السكان المدنيين في ولاية الجزيرة، وتنفي هذه القوات استهداف المدنيين.
وتسيطر قوات الدعم السريع حاليا على معظم مناطق ولاية الجزيرة باستثناء مدينة المناقل والمناطق المجاورة لها والتي تمتد حتى حدود ولاية سنار جنوبا وغربا حتى ولاية النيل الأبيض.
واندلعت المعارك في السودان منتصف أبريل/نيسان 2023 بين الجيش وقوات الدعم السريع، وخلّفت مذاك عشرات آلاف القتلى.
كما تسببت الحرب في تشريد أكثر من 11 مليون شخص، من بينهم 3.1 ملايين نزحوا خارج البلاد، حسب المنظمة الدولية للهجرة.
وشهدت الأيام الماضية تحركات دبلوماسية دولية في محاولة لوقف القتال، في وقت تحذر فيه منظمات دولية من تفاقم الأوضاع الإنسانية في السودان.