أثارت تصريحات قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان عن مؤامرة ضد بلاده تشارك فيها "قوى إقليمية ودولية" الكثير من الأسئلة والتكهنات حول الجهات المقصودة، وطبيعة المؤامرة التي تستهدف السودان الذي يعاني من حرب مريرة منذ نحو عامٍ ونصف، فيما تأتي هذه التصريحات بعد أسابيع قليلة من محاولة الاغتيال الفاشلة التي استهدفت البرهان شخصياً.

 

وكان البرهان قد نجا من محاولة اغتيال في الحادي والثلاثين من شهر تموز/ يوليو الماضي، حيث تم استهدافه بالطائرات المسيرة خلال مشاركته في حفل تخريج ضباط بمنطقة جبيت العسكرية في ولاية البحر الأحمر شرقي السودان، وهو الهجوم الذي أدى الى سقوط خمسة قتلى، لكنَّ البرهان نجا منه بعد أن نجحت المضادات الأرضية بالتصدي للمسيرات التي كانت تستهدف المكان.

وجاءت محاولة الاغتيال التي استهدفت البرهان بعد 12 يوماً فقط على اتصال هاتفي مفاجئ بين البرهان ورئيس دولة الامارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وهو الاتصال الذي بدا كأنه مصالحة بين الخرطوم وأبوظبي بعد فترة قصيرة من تصريحات نارية وعلنية اتهمت فيها السودان دولة الامارات بتمويل وتسليح ميليشيا "الدعم السريع"، كما جاءت محاولة الاغتيال قبل أيام من انعقاد محادثات جنيف التي دعت لها الولايات المتحدة وشاركت فيها دولٌ عربية -من بينها الامارات- وهي المحادثات التي كان من المفترض أن تنعقد بعد أن تكون قد تمت تصفية البرهان وتعرض الجيش السوداني لضربة قاسية. 

ما هي المؤامرة؟
وقال محلل سياسي سوداني طلب من "عربي21" عدم نشر اسمه إن "المؤامرة التي تحدث عنها البرهان تُعيد الى الاذهان الاتهامات السودانية السابقة للامارات بالتسبب في تأجيج الصراع داخل البلاد ودعم الميليشيا المتمردة"، واعتبر أن "الاتصال الهاتفي بين البرهان وبن زايد يوم 19 تموز/ يوليو الماضي والذي بدا وكأنه اتصال مصالحة ليس سوى أحد التحركات المشبوهة التي اكتشفها البرهان لاحقاً على ما يبدو".



وشرح المحلل السياسي ذلك بالقول إن "الاتصال الهاتفي كان مطلوباً أن يظهر على أنه طي لصفحة الخلاف وتزول أي شكوك بتورط الامارات في عملية الاغتيال التي كان يتم ترتيبها للبرهان، على أن الخطة -أو المؤامرة- كانت تقتضي بأن تنعقد مباحثات جنيف بعد اغتيال البرهان ومن ثم يتم دفع الجيش الى الاستسلام بعد أن يكون قد تلقى ضربة قاسية بقتل قادته". 

وبحسب المحلل فانَّ فشل اغتيال البرهان ومن ثم انعقاد محادثات جنيف لاحقاً هو الذي جعل الجيش السوداني يكتشف على ما يبدو المؤامرة أو على الأقل يستنتج ما الذي يجري، وهذا ما يُفسر تصريحات البرهان عن "مؤامرة دولية بمشاركة دول اقليمية". 

ومنذ نيسان/ أبريل 2023، تدور معارك عنيفة بين الجيش السوداني بقيادة البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، امتدت إلى 13 ولاية من أصل 18، ما تسبب في مقتل أكثر من 13 ألف شخص، وفقا للأمم المتحدة.

واتهمت الخرطوم مراراً أبو ظبي بالتورط في تفجير هذه الحرب عبر دعم مالي وعسكري لقوات الدعم السريع، بما في ذلك إمداد ميليشيا "الدعم السريع" بالطائرات بدون طيار "المسيَّرة" والتي أصبحت تستخدمها بكثافة في الحرب منذ عدة أشهر، وهي التي تم استخدامها أيضاً في محاولة اغتيال البرهان نهاية الشهر الماضي. 

مكالمة "الإيهام"
ووسط دوامة الاتهامات والهجوم السوداني الحاد ضد الإمارات، وقبل أيام من محاولة اغتيال البرهان أجرى رئيس دولة الإمارات محمد بن زايد اتصالاً هاتفياً بقائد الجيش السوداني، حيث أكد الأول حرص بلاده على دعم جميع الحلول والمبادرات الرامية إلى وقف التصعيد وإنهاء الأزمة السودانية بما يسهم في تعزيز استقرار وأمن البلاد ويحقق تطلعات شعب السودان، وفقاً لما نقلت وكالة الأنباء الإماراتية في الـ19 من الشهر الماضي. 

ونقلت وكالة "رويترز" عن مصادر دبلوماسية قولها، إن الاتصال ناقش مقترحا من رئيس وزراء إثيوبيا للتوسط من أجل إنهاء الحرب الدائرة في السودان. 



وتناولت وسائل الاعلام المختلفة هذه المكالمة على أنها بادرة صلح وربما باب يفتح صفحة جديدة بين البلدين بعد توتر وصل إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة، خاصة مع الاحتفاء الكبير من قبل وسائل الإعلام الإماراتية بهذه المكالمة، لكن المفاجأة كانت محاولة اغتيال البرهان بطائرات مسيّرة يُعتقد أن الامارات قدمتها لــ"الدعم السريع"، وذلك بعد أقل من أسبوعين على المكالمة الهاتفية. 
وقالت تقارير عديدة أن الطائرات المسيرة التي استهدف البرهان تتطابق مع التي تمتلكها ميليشيا "الدعم السريع"، وهي طائرات "درون" إماراتية الصنع. 

ويقول الصحفي السوداني خالد شمس الدين إن "المكالمة قد تكون تنصلاً واضحاً ومحاولة خداع من جانب الإمارات قبيل عملية الاغتيال التي كان من المرجو نجاحها، فحديث البرهان وبن زايد بعد قطيعة طويلة، يوحي بانتهاء الأزمة بين الطرفين، ثم تأتي عملية الاغتيال المفاجئة، عندها ساحة الإمارات ستكون بريئة". 

وأضاف في حديث لـ"عربي21": "في ذات الوقت علينا أن لا ننسى أن هناك أدلة تؤكد مشاركة الإمارات في حرب السودان لمساعدة قوات الدعم السريع، لكن لا توجد أدلة رسمية حول تورط الإمارات بمحاولة إغتيال البرهان الأيام الماضية. ولكن السؤال: من يدير حرب الطائرات المسيرة داخل السودان؟". 

وذكر الصحفي السوداني بتصريحات الخارجية السودانية قبل ثلاثة أشهر عندما كشفت، أن لديها أدلة على استقبال مطارات تشاد، لأكثر من 400 رحلة طيران تحمل عتاداً حربياً لقوات الدعم السريع بقيادة  حميدتي قادمة من الإمارات. 

وتابع أن "المكالمة أيضاً كانت تهدف ضمنيا إلى تسويات جديدة، مع بدء المفاوضات بين الجيش والدعم السريع في جنيف ودور الإمارات بإعتبارها مشاركة في هذه المفاوضات، وحتى وقت قريب كان البرهان حذرا بشكل واضح ودبلوماسيا، وتجنب أي مواجهات كلامية واتهام بعينه لدولة ما". 

مؤامرة مستمرة
حديث البرهان السبت عن المؤامرة الإقليمية والدولية، يعيد عقارب الساعة إلى الوراء ويجدد التذكير بالاتهامات السودانية للإمارات بالتورط في إشعال الحرب الدموية التي تشهدها البلاد. 

ففي منتصف حزيران/ يونيو الماضي هاجم ممثل السودان في الأمم المتحدة أمام مجلس الأمن الحارث إدريس الحارث، الإمارات بسبب تدخلها في الحرب الدائرة في السودان. 

وقال سفير السودان أمام مجلس الأمن: "العدوان العسكري الذي تشنه مليشيات الدعم السريع، بدعم من أسلحة الإمارات، يستهدف القرى والمدن بشكل متعمد ومنهجي". 

وأضاف: "عندما كان السودان يدعم الدول وحركات التحرر؛ لم تكن الإمارات مذكورة في التاريخ، ولا في خارطة العالم، نحن نعلم شرها، فنحن الذين أسسنا مجد الإمارات ونهضتها وتراثها الحديث بأذرعنا وملكاتنا العقلية". وطالب مجلس الأمن أن يخطو الخطوة الأخيرة بذكر الإمارات وإدانتها لكي تتوقف الحرب، في إشارة إلى دعم الإمارات لميليشيا "قوات الدعم السريع". 

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية السوداني عبد الفتاح البرهان قوات الدعم السريع السودان قوات الدعم السريع عبد الفتاح البرهان المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة اغتیال البرهان الجیش السودانی محاولة اغتیال الدعم السریع فی السودان مجلس الأمن التی کان

إقرأ أيضاً:

البرهان متوعدا بالاستمرار في مواجهة “الدعم السريع”: لا مساومة أو تفاوض مع “منتهكي حرمات الشعب”

السودان – أكد رئيس مجلس السيادة السوداني قائد الجيش عبد الفتاح البرهان عدم استعداده للمساومة أو التفاوض مع قوات “الدعم السريع”، متهما إياها بـ”الميليشيا الإرهابية التي تنتهك حرمات الشعب”.

وقال البرهان امس السبت، في كلمة وجهها للشعب السوداني بمناسبة عيد الفطر: “تدخل هذه الحرب التي تعيشها بلادي والتي أشعلتها مليشيا آل دقلو ومعاونيها وداعميها عامها الثالث وقد فعلت بالوطن والمواطن أسوأ ما يمكن أن يحدث في الحروب”.

وأضاف: “إن الفظائع التي أرتكبت في حق شعبنا والمرارات التي أذاقها لهم هؤلاء المجرمون صورها وأصواتها وجراحها المتجددة تجعل الخيارات صفرية في التعامل مع هؤلاء المجرمين وداعميهم وأقول لهم بصوت الشعب النازح والمهجر والذي نهبت أمواله والمحاصر والأمهات الثكالى والأطفال الإيتام والشهداء إننا لن نغفر ولن نساوم ولن نفاوض ولن ننكص عن عهدنا مع الشهداء”.

وأكد قائد الجيش السوداني أن القوات المسلحة، “تقف على مسافة واحدة من جميع المواطنين، ولا تنحاز لأي جهة على حساب الآخرين”.

وتابع البرهان: “أجدد عهد القوات المسلحة مع الشعب أن لا تراجع عن هزيمة وسحق مليشيا آل دقلو الإرهابية ورغم ذلك ظلت أبواب الوطن مفتوحة لكل من يحكم عقله ويتوب إلى الحق من الذين يحملون السلاح فالعفو عن الحق العام ومعالجة الأمر العسكري ما زال ممكنا ومتاحا”.

ووجه البرهان مناشدة للمواطنين المتواجدين في مناطق سيطرة الدعم السريع، قائلا: “أناشد أهلنا في مناطق سيطرة التمرد برفع أيديهم عن مساندة مشروع آل دقلو الإستعماري وحماية أبنائهم من الذين سيوردونهم المهالك. فالسودان الواحد الموحد أرضا وشعبا أمانة تاريخية يجب عدم التفريط فيها”.

وقد سيطر الجيش السوداني على معظم مدينة أم درمان، التي تضم قاعدتين عسكريتين كبيرتين. ويبدو أنه عازم على بسط السيطرة على كامل منطقة العاصمة التي تتألف من ثلاث مدن هي الخرطوم وأم درمان وبحري.

ولم تصدر قوات الدعم السريع تعليقا على تقدم الجيش في أم درمان حيث لا تزال القوات شبه العسكرية تسيطر على بعض المساحات.

يذكر أن الحرب التي اندلعت في أبريل نيسان 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، أدت إلى مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص ونزوح الملايين من منازلهم.

ويعيش نحو نصف سكان السودان أي حوالي 26 مليون شخص وهم يواجهون انعدام الأمن الغذائي مع تزايد مخاطر المجاعة في مختلف أنحاء البلاد وتدهور شديد للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد بسبب استمرار الصراع الدائر منذ 21 شهرا، وفق تقرير لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

المصدر: سونا + RT

مقالات مشابهة

  • البرهان: المعركة مستمرة وباب العفو مفتوح لمن يلقي السلاح
  • دقلو يؤكد مغادرة الخرطوم.. ويتعهد بالعودة
  • البرهان متوعدا بالاستمرار في مواجهة “الدعم السريع”: لا مساومة أو تفاوض مع “منتهكي حرمات الشعب”
  • البرهان: لا مصالحة مع "الدعم السريع".. وحميدتي: الحرب لم تنته بعد
  • السودان.. «البرهان» يتوّعد باستمرار الحرب ويدعو الجميع لـ«تحكيم العقل»
  • البرهان للدعم السريع: لن نغفر ولن نساوم ولن نفاوض
  • آثار الدمار الذي لحق بمقر إقامة قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان بالخرطوم – فيديو
  • البرهان متوعدًا بالاستمرار في مواجهة «الدعم السريع»: لا مساومة أو تفاوض مع «منتهكي حرمات الشعب»
  • البرهان: السلام ممكن إذا وضعت قوات الدعم السريع سلاحها
  • البرهان: لا تفاوض ولا مساومة مع من إنتهك حرمات الشعب السوداني