الجديد برس:

بعد أن عجزت بعثة «أسبيدس» الأوروبية عن تحقيق أهدافها في استعادة «حرية الملاحة» – وفقاً للمفهوم الغربي – في البحرين الأحمر والعربي، تحوّل أداؤها على الأرض إلى محاولة رفع المهانة عن فخر الصناعات الأوروبية التي وقفت عاجزة أمام الأسلحة اليمنية، ولا سيما المسيّرات والمنظومات الصاروخية.

ويسعى الاتحاد الأوروبي إلى التعويض عن فشله ذاك، بإصدار بيانات عسكرية يتحدّث فيها عن اعتراض سفنه مُسيّرات أو صواريخ يمنية قبل أن تصيب سفناً تجارية، ويذكّر بمواكبة السفن العسكرية الأوروبية للسفن التجارية.

وفي هذا الإطار، نشرت «أسبيدس»، على منصة «إكس»، بياناً إحصائياً مختصراً لأهم الأنشطة التي نفّذتها البعثة منذ تشكيلها، لكنه خلا من تعداد أي إنجازات مهمة. وقال: «منذ 19 فبراير/شباط، واجهت قوة الاتحاد الأوروبي البحرية في أسبيدس تحدّيات مختلفة، لكن الالتزام الثابت والعمل الجاد لموظفيها أديا إلى عدد من الإنجازات».

ولكي لا يكون خالي الوفاض أو مستبطناً لاعتراف بالفشل، أدرج البيان الأوروبي فقرتين إحصائيتين: الأولى، هي الادعاء أن قوات البعثة واكبت 300 سفينة تجارية، بينما تقول صنعاء إن جميع السفن التي تَعبر باب المندب مسموح لها بالعبور ما عدا تلك المتجهة إلى الموانىء الإسرائيلية، وإن قواتها نجحت في إنجاز هدفها المتمثل في محاصرة الكيان – حتى بالاعتراف الإسرائيلي والأمريكي -، وإنه لو كان غرضها منع العبور بالكامل لاستطاعت فعل ذلك؛ وبالتالي، فإن الادعاء المذكور يندرج ضمن قاعدة «لزوم ما لا يلزم».

وأما الفقرة الثانية، فتضمّنت الحديث عن أن البعثة استطاعت التعامل مع 17مسيّرة يمنية، علماً أن هذا الرقم، بمعزل عن صحته، يُعتبر صغيراً جداً، نظراً إلى حجم القوة ومهماتها، وكونها تعمل في الأصل خارج مسرح العمليات.

أثبتت التجارب أن الذخيرة التي زُوّدت بها سفن البعثة لا تتناسب مع المهمة ومع أسلحة الخصم

وعليه، يمكن القول إن حال «أسبيدس»، في الوقت الراهن، يشكّل تدخلاً اعتبارياً ورمزياً في نصرة إسرائيل وحماية مصالحها في البحر الأحمر، أكثر من كونه قوة ردعية مؤثرة على قدرات اليمن أو قراره السياسي.

وكان قد أدى الفشل في مواجهة حركة «أنصار الله» إلى انسحاب معظم الدول التي شاركت في البعثة في الأسابيع والأشهر الأولى من بدء مهماتها، حيث انسحبت ثلاث فرقاطات حربية (ألمانية وفرنسية ودنماركية)، وتراجعت بلجيكا عن نشر فرقاطة تابعة لها، الأمر الذي اعتُبر تقلصاً كبيراً في حجم المهمة الأوروبية التي جاءت لدعم التحالف الأمريكي – البريطاني «حارس الازدهار».

أيضاً، كان مقرراً، وفقاً لإعلان مسبق لوزارة الدفاع الألمانية، أن تنضم الفرقاطة «هامبورغ» إلى «أسبيدس» في 19 آب/أغسطس الجاري، إلا أن الوزارة أعلنت أن الفرقاطة لن تلتحق بالبعثة في الوقت الراهن، وزعمت أن السبب يتعلّق بضرورة بقائها في البحر المتوسط استعداداً لإجلاء المواطنين الألمان من لبنان في حال توسّعت الحرب.

إلا أن تقريراً نشره راديو «شمال هامبورغ» الألماني أكد أن الفرقاطة لا تمتلك راداراً قادراً على اكتشاف «الصواريخ الحديثة المضادة للسفن».

وأضاف نقلاً عن مسؤول ألماني: «قررت وزارة الدفاع عام 2017/2018 عدم تحديث هذه التكنولوجيا لأسباب تتعلّق بالتكلفة، وتقييم التهديد على أنه لا يستدعي تحمل تلك التكلفة».

والجدير بالذكر أن ألمانيا سحبت الفرقاطة «هيسن» في نيسان/ أبريل الماضي، بعد أن أطلقت صواريخ اعتراضية في اتجاه طائرة استطلاع أمريكية من نوع «إم كيو ناين»، ظناً منها أنها طائرة مسيّرة يمنية.

وعلى ضوء فشلها، خضعت بعثة «أسبيدس» ومهمتها للنقاش على مدار الأشهر الستة الماضية، في ظل تضرر الاقتصاد الأوروبي من أحداث البحر الأحمر.

وعزا خبراء عسكريون أوروبيون الفشل في تنفيذ المهمة إلى أسباب عدة أهمها التالي:

– على المستوى التكتيكي: يتحدّث ضباط المهمة عن المفاجأة بنوعية المخاطر التي تواجهها قواتهم على مدار الساعة، ويصفون نجاتهم بأنها أقرب ما تكون إلى «لعبة حظ»، ويعترفون بأنهم غير مدرّبين على التعامل مع تلك التحدّيات، ويعيشون قلقاً دائماً من احتمال نجاح القوات اليمنية في استخدام ما يُسمى «الإغراق»، عن طريق إرسال عشرات الطائرات والزوارق المُسيّرة في وقت واحد.

– على مستوى التسلّح: أثبتت التجارب أن الذخيرة التي زُوّدت بها السفن لا تتناسب مع المهمة ومع أسلحة الخصم، فيما تعجز دول الاتحاد عن تأمين خيارات أخرى في الوقت الحاضر، فضلاً عن التكلفة الباهظة للذخيرة.

المصدر: جريدة الأخبار اللبنانية

المصدر: الجديد برس

كلمات دلالية: فی البحر

إقرأ أيضاً:

«اصطياد» المسيّرات الأمريكية: خطط واشنطن البديلة لا تعمل

الجديد برس:

تمكنت الدفاعات الجوية التابعة لحركة «أنصار الله» من إسقاط مسيّرة أمريكية من نوع «إم كيو ناين» في محافظة صعدة، لتكون تلك هي المسيرة الثانية التي يتم إسقاطها في غضون ثلاثة أيام، والتاسعة منذ بداية المساندة اليمنية لقطاع غزة.

ويبدو أن هذه الوتيرة لن تكون محتملة بالنسبة إلى واشنطن، التي قامت بشن غارات انتقامية استهدفت مدرسة في منطقة الجند في محافظة تعز، ما أدى إلى استشهاد طالبتين وجرح أخريات.

وقال الناطق العسكري لقوات صنعاء، العميد يحيى سريع، في بيان، إن «الدفاعات الجوية اليمنية تمكّنت من إسقاط طائرة أمريكية بلا طيار من نوع إم كيو ناين، أثناء قيامها بأعمال تجسّسية وقتالية في سماء محافظة صعدة»، لافتاً إلى أن «الطائرة تُعدّ الثانية التي تم إسقاطها من قبل قوات صنعاء من النوع نفسه خلال 72 ساعة، والتاسعة منذ بداية معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس».

ولم يذكر سريع نوع السلاح المستخدم في إسقاط الطائرات الأمريكية، وخاصة أن هذا النوع من الطائرات ينفّذ أعماله في التجسّس والاستهداف من علوٍّ مرتفع جداً، وتستخدمه أمريكا في إطار حروب الجيل الخامس وتعتمد عليه في فرض رقابة جوية في العديد من الدول.

إلا أن تكرار سقوط تلك المسيّرات يعني فشل الخطة البديلة لواشنطن، بعد انسحاب بوارجها ومدمّراتها من البحر الأحمر تحت وقع الهجمات المكثّفة لقوات صنعاء البحرية.

وكانت قوات صنعاء قد تمكّنت، مساء السبت الماضي، من إسقاط طائرة من النوع نفسه، أثناء تحليقها في سماء محافظة مأرب.

استشهاد طالبتين وجرح سبع في استهداف أميركي – بريطاني لمدرسة بنات في تعز

وفي أعقاب تلك التطورات، سقط عدد من طالبات مدرسة يمنية للبنات في محافظة تعز، شهيدات وجريحات في غارات أمريكية وبريطانية.

ووفقاً للمكتب الإعلامي للسلطة المحلية التابعة لحركة «أنصار الله» في تعز، فإن الطيران الحربي الأمريكي والبريطاني شنّ غارتين جويتين على مديرية التعزية في المحافظة، استهدفت إحداهما مكاناً قريباً من مدرسة «أم المؤمنين عائشة للبنات» في منطقة الجند، ما أدى إلى استشهاد طالبتين وإصابة سبع أخريات بجروح مختلفة، علماً أن الغارات المعادية تزامنت مع خروج الطالبات من المدرسة.

وأكد المصدر أن الاعتداء الأمريكي – البريطاني خلّف دماراً واسعاً في المباني المجاورة لمدرسة الجند، وفي أجزاء من المدرسة نفسها. وبعد ذلك، جدّد طيران العدوان تحليقه بكثافة فوق المنطقة، وخاصة فوق جامع الجند التاريخي والمباني السكنية المحيطة به، عدة مرات.

ودان رئيس وفد صنعاء المفاوض، محمد عبد السلام، الجريمة، واعتبر، في منشور له على منصة «إكس»، «استهداف مدرسة عائشة للبنات في منطقة الجند تصعيداً خطيراً يعكس حجم الإحباط الأميركي – البريطاني جراء الفشل في توفير الحماية للملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر».

وأكد أن «هذه الجرائم الأمريكية والبريطانية لن تثني الشعب اليمني عن مواصلة الدعم والإسناد للشعب الفلسطيني ومقاومته»، مضيفاً أن «اليمن متمسك بقرار إسناد غزة، وهو لن يتراجع عن هذا القرار المبدئي والأخلاقي قيد أنملة».

وفي المقابل، قال المبعوث الأمريكي لدى اليمن، تيم ليندركينغ، إن بلاده تركّز بشكل خاص على «استهداف القدرات العسكرية للحوثيين»، والتي وصفها بالخطيرة وبأنها تشكل تهديداً للملاحة الدولية في البحر الأحمر، لافتاً، في حوار أجرته معه قناة «العربية» بالإنكليزية، إلى أن قدرات صنعاء العسكرية تراجعت، مضيفاً أن «بلاده لم تخسر المعركة البحرية مع الحوثيين»، وأن «واشنطن تنظر إلى انسحابها من البحر الأحمر على أنه مؤقت».

من جهتها، زعمت القيادة المركزية الأمريكية تدمير منظومتين صاروخيتين ومركبة في المناطق التي يسيطر عليها «الحوثيون» في اليمن.

ولم تذكر المنطقة التي جرى «تدمير» المنظومتين فيها، فيما تحدّثت أيضاً، في بيان نشرته عبر منصة «إكس»، عن تدمير طائرة بدون طيار للقوات اليمنية فوق البحر الأحمر.

المصدر: جريدة الأخبار اللبنانية

مقالات مشابهة

  • واشنطن تعرض تنازلات عن مصالحها في اليمن مقابل ضمان أمن “إسرائيل” البحري في رسائل جديدة لصنعاء
  • الشركة اليونانية المالكة لسفينة “غروتون” توقف إرسال سفنها عبر البحر الأحمر بعد استهدافها من قبل قوات صنعاء
  • ضرائب الحوثيين تغلق أكبر أسواق صنعاء
  • اضطراب الملاحة في البحر الأحمر وقناة “بنما” تكلفان الاقتصاد العالمي 1.25 تريليون دولار
  • “رويترز” تكشف موعد بدء سحب ناقلة “سونيون” المحترقة في البحر الأحمر
  • فيديو يظهر أوضاع النازحين بدار إيواء “حنيش” بمدينة بورتسودان بولاية البحر الأحمر
  • «اصطياد» المسيّرات الأمريكية: خطط واشنطن البديلة لا تعمل
  • “اقعيم”: تقديم الدعم وتذليل العراقيل أمام مديرية أمن سبها
  • فشل مهمة انقاذ “إسرائيل” في البحر الأحمر .. الانتكاسة الأكبر لأمريكا منذ 50 عاماً
  • فشل مهمة انقاذ “إسرائيل”.. الانتكاسة الأكبر لأمريكا منذ 50 عاماً