الثورة نت:
2024-09-13@05:05:35 GMT

أمريكا تنهار لأجل الكيان

تاريخ النشر: 25th, August 2024 GMT

 

 

لا يمكن إنكار أن أمريكا خسرت الكثير خصوصا في العقد الأخير لجهة سياستها الخارجية التي باتت – في نظر الجميع بما فيهم ساسة أمريكيون – تقليدية وتتعارض مع متغيرات وتعقيدات النظام العالمي، فها هي الصورة تتضح أكثر فأكثر لدى الأمريكيين بأن سياسة ما بعد الحقبة الباردة بالاحتواء وعدم السماح لأي قوة عسكرية منافسة بالظهور بدأت تعطي نتائج عكسية، وإذا كانت نجحت في فترة ما إلا أنها مع ذلك لم تستطع من كبح جماح القوى الصاعدة من فرض حضور متنام لها، الأمر الذي صار يفرض عليها بالضرورة أن تغيّر من هذه السياسة.


وشاء أم أبى، أي من الحزبين المتنافسين على دخول البيت الأبيض سيكون مجبرا بأن يكون أقرب إلى الواقعية في التعاطي مع هذه الحقيقة.. ربما الديمقراطيون هم الأكثر قربا لتفهُّم هذه المتغيرات من زملائهم الجمهوريين، إلا أن هذا لا يعني استعدادهم للعمل على أساسها، وأقرب مثل على ذلك هو ما كشفت عنه مظاهرات شيكاغو خلال المؤتمر الوطني الديمقراطي الذي انتهى يوم أمس، وقد وُجهت إليه تحذيرات واضحة بأن استمرار دعم الكيان الصهيوني في سياسة الإبادة الجماعية بحق غزة سيكون له انعكاس غير مريح للديمقراطيين في انتخابات نوفمبر القادم، وعُدّ التجاهل المتعمد لمطالب المتظاهرين، إشارة إلى عدم رغبة كامالا هاريس – المنافسة المزعجة لترامب على قيادة أمريكا – في تبني سياسة جديدة تغادر نمطية النزعة الفوقية التي تُعد متلازمة أمريكية منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية، وذلك على عكس ما حاولت مستشارة (هاريس) للأمن القومي ريبيكا ليسنر الترويج له في كتابها الأخير “كيف يمكن أن تنتصر أمريكا في الصراع على القرن الواحد والعشرين”، بأن الديمقراطيين سيكونون أقرب إلى تبني سياسة جديدة تقف عند مستوى الحرص على الزعامة ولكن بلا توجه فوقي يسمح لها بممارسة الحضور المؤثر في توجيه سياسات العالم، مع تأكيدها أن على الولايات المتحدة التخلي عن (سياسة) التفوق الاستراتيجي وعن “النظام الليبرالي الدولي” لحقبة ما بعد الحرب الباردة.
واقعية بعض الديمقراطيين الأمريكيين – كما سبقت الإشارة – لا تعني بالضرورة توجه الحزب لتبني سياسة جديدة، وإنما قد تأتي من زاوية المحاولة لتبييض صفحة الحزب، بأنه الأكثر عقلانية في المواجهة وعدم الهروب من الحقائق كما هي، ما يعني الاهتمام بإيجاد الحلول، مع ذلك فإن لعب هذا الدور قد يُخفي قناعة تغاير السلوك الحاصل، وهو ما يخشاه اللوبي الصهيوني الذي يعمل على تفكيكها نهائيا لما تمثله من خطر عليه باعتبار أن أمريكا تمثل بالنسبة له الواجهة التي من خلالها يمكن له تنفيذ سياسته العدائية تجاه العالم.
تؤكد ليسنر “أن الولايات المتحدة ربما لم تعد قادرة على إدارة النظام العالمي الذي أوجدته بشكل كامل”، وهذه الحقيقة سواء جاء الاستعانة بها لتهيئة الرأي العام الأمريكي لتقبل فكرة أن الديمقراطيين الذين يدركون هذا الواقع هم الأقدر على إيجاد المخارج التي معها يمكن لأمريكا أن تبقى الأولى عالميا، أو عكست ما يعتمل فعلا داخل الساسة الأمريكيين من مخاوف على مستقبل القوة العظمى التي تكاد تتوارى، والتي تحتم عليها الحفاظ على ما أمكن من سمات الصدارة على العالم، في كل الأحوال، فإن هذه الحقيقة في العموم لا تنفصل عن ما هي عليه اليوم فعلا، وصار الأولى بها أن توجه مليارات التسلّح إلى تحديث الخدمة الاجتماعية ومكافحة الجريمة داخل المجتمع الأمريكي، حسب ما يوصي الكثير من المحللين الأمريكيين، بدلا من هذه الاستماتة في الحفاظ على إيهام الآخرين بالتفوق بقصد الردع.
ووفق ذلك، لا شك أن المرشح سيكون أمام تحديات كبيرة تقف دون تمكين الولايات من الحفاظ على مستوى دخلها التي تجلبها من النهب والإتاوات مع هذا الأفول، خصوصا وأن الشرق الأوسط يكاد ينسحب من سيطرتها، ما يعني اشتراط الحقبة الجديدة لاستراتيجيات جديدة تتوافق مع هذه المتغيرات، ولن يكون لأمريكا بأي حال استعادة ما فقدته من مكانة وسمعة وإن كان لا يزال أمامها فرصة أن تحفظ ما بقي لها من ماء الوجه.
سمعة أمريكا تلطخت بفعل بلطجة قادتها في الأرض، وبفعل انحيازها لمشاهد المجازر الصهيونية وبفعل انسحاباتها المتتابعة من مناطق كانت تعد جزءاً من ممتلكاتها وتحديدا العربية، فضلا عن تعرضها لإهانة الصفعات اليمنية، سواء المباشرة على قطعها البحرية أو تلك التي منعت باقي سفن من أن تشق طريقها إلى الكيان المحتل، وقد كانت أمريكا قبلا تزعم أن مظلتها كافية لحمايتها.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

ما هي سياسة كامالا هاريس الخارجية؟

في أعقاب انسحاب الرئيس جو بايدن من السباق الرئاسي لعام 2024 وصعود نائبة الرئيس كامالا هاريس إلى قمة قائمة الديمقراطيين، يبرز سؤال حاسم: كيف قد تختلف سياسة هاريس الخارجية عن سياسة بايدن؟

دخل بايدن البيت الأبيض باعتباره الرئيس الأكثر خبرة ومعرفة في عالَـم السياسة الخارجية في جيلنا. فبصفته عضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ لفترة طويلة، اضطلع بايدن بدور صريح في مناقشات الأمن القومي لعقود من الزمن، ثم قاد مبادرات دبلوماسية رئيسية كنائب للرئيس باراك أوباما. وكانت سيرة هاريس المهنية في السياسة الخارجية قبل البيت الأبيض - مدّعية عموم، ومدعية عموم الولاية، وعضو مجلس الشيوخ لدورة أولى - ضئيلة بشكل واضح بالمقارنة. لكن سنواتها الأربع كنائبة للرئيس زودتها بدورة تدريبية مكثفة في العلاقات الدولية لا يستطيع سوى قِـلة من الديمقراطيين أو الجمهوريين مضاهاتها. كانت تتلقى الموجز اليومي للرئيس كل صباح، وحضرت معظم اجتماعات بايدن مع رؤساء الدول والحكومات الزائرين، وكانت حاضرة في غرفة العمليات عندما اتُّـخِـذَت قرارات حاسمة تتعلق بالأمن القومي. كما سافرت إلى أكثر من 20 دولة، والتقت بأكثر من 150 زعيما أجنبيا، وقادت عددا كبيرا من الوفود الرئيسية بنفسها - بما في ذلك الوفود الثلاثة الأخيرة إلى مؤتمر الأمن في ميونيخ. عـبر الجائحة، والانسحاب من أفغانستان، وغزو روسيا لأوكرانيا، وازدياد حدّة منافسة القوى العظمى مع الصين، وأحدث حرب في الشرق الأوسط، فضلًا عن كَـثرة من الأزمات الأصغر، كان بوسع حلفاء الولايات المتحدة وشركائها رؤية هاريس وهي ثابتة اليد ومقتدرة. وحتى لو لم يصنفوها في مرتبة عالية مثل بايدن، الذي عرفوه لعقود من الزمن -وفي كثير من الحالات- أصبحوا مغرمين به، فمن المؤكد أنهم يرونها أكثر اقتدارا وجدارة بالثقة من دونالد ترامب. ولكن كيف من المكن مناظرة رؤيتها للعالم وتفضيلاتها السياسية برؤية بايدن له وتفضيلاته السياسية؟ ينطوي الأمر على وفرة من أوجه التداخل، لكنه لا يخلو أيضا من فارق كبير بينهما. فقد بلغ بايدن، (عمره الآن 81 عاما) مبلغ الرجال في أوج الحرب الباردة، وتعكس نظرته للعالم هذه الحقيقة. وهو من أشد المؤمنين بما يُـسمى «الاستثنائية الأمريكية»، وينظر إلى العلاقات الدولية من منظور الأبيض والأسود - أي باعتبارها صراعا بين الديمقراطيات والأنظمة الاستبدادية - حيث تكون الولايات المتحدة دائما قوة من أجل الخير. وهو مؤمن أيضا بنظرية «الرجل العظيم» في السياسة، التي تفترض أن رجال الدولة مثله قادرون على تغيير مسار الأحداث من خلال بناء العلاقات الشخصية وقوة الإرادة الصرفة. على النقيض من ذلك، نشأت هاريس البالغة من العمر 59 عاما في عالم ما بعد الحرب الباردة حيث كان التحدي الأكبر للهيمنة الأمريكية متمثلا بالفشل في دعم مُثُلها في الداخل والخارج. وهي تميل بصفتها مدّعية عموم إلى الحكم على البلدان من خلال التزامها بسيادة القانون والمعايير الدولية، وليس من خلال نظامها السياسي أو قادتها. وإدراكا منها لضرورة تعامل الولايات المتحدة مع الدول غير الديمقراطية والاعتراف بالنقائص التي تعيب الديمقراطية الأمريكية، فإنها تنظر إلى إطار بايدن، «الديمقراطيات ضد الأنظمة الاستبدادية»، باعتباره إطارا اختزاليا ينطوي على نفاق ويجافي الواقع.

برغم أن هاريس تتفق مع بايدن على أن الولايات المتحدة هي في عموم الأمر قوة من أجل الخير، فإنها تتوخى الحذر من العواقب غير المقصودة وتفضل النهج المتعدد الأطراف على التدخلات الأحادية الجانب. وهي تعتقد أيضا أن القيادة بالقدوة هي الطريقة الأكثر فعالية في السماح لأمريكا بممارسة السلطة في عالم أكثر تنازعا وتعددا للأقطاب، حيث تظل الولايات المتحدة القوة المهيمنة العالمية لكنها تفتقر إلى القدرة والإرادة والشرعية لإملاء النتائج بالطريقة التي كانت تمارسها ذات يوم.

تتجلى هذه الرؤى العالمية المتضاربة بشكل مختلف عبر مجالات السياسة. ففي التعامل مع الصين، تُـعَـد الاستمرارية الحالة الغالِـبة. وقد أكد مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان صراحة على هذا للرئيس الصيني شي جين بينج في اجتماع نادر أواخر الشهر الماضي. الواقع أن بايدن وهاريس متوافقان تماما بشأن التعامل مع الصين حيثما كان التعاون ممكنا، بينما يتنافسان بقوة ولكن بالتنسيق الوثيق مع الحلفاء بشأن القضايا المتعلقة بالأمن القومي. ومن المرجح أن تكون أي اختلافات في السياسة بينهما مجرد مسألة تأكيد أو تكتيكات. بصفتها نائبة للرئيس، على سبيل المثال، بذلت هاريس جهودا كبيرة في دعم العلاقات الأمريكية في منطقة الهادي الهندي، حيث سافرت أربع مرات إلى آسيا واجتمعت بانتظام مع الرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس الابن. وسوف تُعطي إدارتها الأولوية لبناء التحالفات على التدابير الأحادية الجانب (مثل الرسوم الجمركية، وضوابط التصدير، والعقوبات)، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى تكثيف «التحول باتجاه آسيا» بما يتجاوز نهج بايدن. أما الحرب بين روسيا وأوكرانيا فهي قصة مختلفة. يتفق هاريس وبايدن على دعم أوكرانيا، لكن دوافعهما تختلف. ففي حين ترى هاريس الصراع من منظور قانوني، وتؤكد على انتهاك روسيا للسيادة الأوكرانية، ينظر بايدن إليه من خلال عدسة أخلاقية، مصورا إياه على أنه صراع بين الديمقراطية والاستبداد. وقد يؤدي هذا الاختلاف الأساسي في المنظور إلى تباعد السياسات في ظل ظروف متغيرة. وفي حين قد تقبل هاريس اتفاق وقف إطلاق النار الثنائي، فإنها ستكون أقل ميلا من بايدن - الذي تتسم علاقته الشخصية بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بالفتور في أفضل الأحوال - إلى الضغط على أوكرانيا للدخول في مفاوضات غير مرغوبة، وخاصة في حين تظل الأراضي الأوكرانية تحت احتلال غير قانوني. تمثل قضية إسرائيل وفلسطين الانقسام الأكثر أهمية في السياسة الخارجية بين بايدن ونائبته. فهاريس أكثر حساسية للانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي (الـمُـرتَـكَـبة بتواطؤ من الولايات المتحدة) في غزة والضفة الغربية. وهي أيضا أكثر دعما في عموم الأمر للدولة الفلسطينية مقارنة بالرئيس بايدن، الذي يفضل ظاهريا حل الدولتين لكنه كان متسامحا للغاية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي اليميني المتطرف بنيامين نتنياهو.

في حين ستظل هاريس تعترف بإسرائيل باعتبارها الشريك الأمني الإقليمي الأكثر أهمية لأمريكا وضمان قدرتها على الدفاع عن نفسها، فإنها ستمارس مزيدا من الضغوط على حكومتها لحملها على احترام سيادة القانون. وهذا النهج المختلف في التعامل مع «العلاقة الخاصة» يمثل انفصالا عن الإدارات السابقة، لكنه كفيل بجعل السياسة الأمريكية أكثر اتساقا مع سياسة معظم حلفائها. مع اقتراب الانتخابات، أصبحت إمكانات هاريس في تشكيل الشؤون العالمية على مدى السنوات الأربع أو الثماني المقبلة أشد وضوحا. وعلى الرغم من انسجامها مع بايدن غالبا، فإن نظرتها الفريدة للعالَـم تَـعِـد بشكل مميز من القيادة على الساحة الدولية.

إيان بريمير مؤسس ورئيس مجموعة أوراسيا وشركة GZERO Media، هو عضو في اللجنة التنفيذية للهيئة الاستشارية رفيعة المستوى للأمم المتحدة بشأن الذكاء الاصطناعي.

خدمة بروجيكت سنديكيت

مقالات مشابهة

  • ماكرون يتودّد إلى الرئيس تبّون لأجل العفو الدبلوماسي
  • مراسل سانا: انطلاق أولى الجلسات الحوارية التشاركية تحت عنوان”لأجل دمشق نتحاور”التي تقيمها محافظة دمشق مع أهالي بعض الأحياء بهدف التعرف على رؤاهم حول المشاريع والخدمات اللازمة لتنمية أحيائهم وتطويرها
  • دولة أوروبية تشدد سياسة الهجرة
  • كيان غاضبون بلا حدود، يفصل “حسام الصياد” نهائياً ويجرده من أي مسؤوليات أو ارتباطات من الكيان
  • ما هي سياسة كامالا هاريس الخارجية؟
  • عائد السندات الأمريكية لأجل عامين يهبط لأدنى مستوى
  • إعلام العدو: الحكم العسكري في غزة سيكلّف الكيان الصهيوني ثمناً باهظ
  • الجمهورية اليمنية تدين مجزرة الكيان الصهيوني في خان يونس
  • حمدان: نتطلع لأن يحقق اجتماع وزراء الخارجية العرب قطع العلاقات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية مع الكيان
  • الصحة العالمية: الكيان الصهيوني لا يسمح لنا بإدخال المساعدات وطواقمنا لغزة