الوظيفة العامة وعلاقتها بالولاء والانتماء
تاريخ النشر: 25th, August 2024 GMT
ثلاثي مصادر الولاء والانتماء للوطن التي يتشربها الإنسان في أي مجتمع من المجتمعات تنحصر في ثلاث مصادر أولها الأسرة وهي النواة الأولى لولادة الفرد ونشأته وطفولته، فالأسرة تمثل اللبنة الأولى التي يرضع فيها الإنسان حب الوطن فطريا بحكم الولادة ويربى على الولاء للوطن منذ الصغر، ثم يأتي ثانيا دور المدرسة ومراحلها المختلفة حتى الجامعة، ويلقى على كاهل العملية التعليمية الدور الأكبر والمتمم لدور الأسرة في نضج الإنسان فكريا وتعليميا وانتماء وطنيا، وأخيرا تأتي المرحلة الثالثة وهي مرحلة عطاء الفرد لوطنه ونفسه وهي مرحلة حصاد المرحلتين السابقتين للأسرة والتعليم ( مرحلة العمل )، والعمل أو الوظيفة هو جوهر هذا المقال والغاية منه، ولا أظن أن هناك من يخالف الاتجاه القائل أن العلاقة بين المواطن ووطنه يعمقها ارتباطا أو فتورا مسألة العمل لأنه المصدر الأخير الذي يحدد علاقة الإنسان بوطنه ثم بكل شيء من حوله، كما لا يختلف اثنان أن من حق كل شخص في أي مجتمع من المجتمعات التمتع بعمل لائق يحفظ له كرامته، وان عدم تمكن الإنسان من العمل اللائق يشعره بالظلم بل وبالغربة في وطنه، فمبدأ المساواة في الحقوق والواجبات بين جميع الموظفين والعاملين من الدين بل هو مرتكز أساسي من مرتكزات الدولة العادلة والقوية، فشعور الإنسان بالدونية وبأنه مضطهد ومستغل في العمل وأنه ينزف تعبا من أجل الفتات والذي لا يسد رمق عيشه وأسرته لبضعة أيام فقط من الشهر، بينما غيره أقل منه خبرة وعلما ومجهودا في وضع مالي ووظيفي أحسن منه بكثير نتيجة المحسوبية والوساطة ينعكس ذلك سلبا على الموظف وعلاقته بالعمل والإخلاص له، وهو ما يؤثر بعد ذلك على عدم رغبة الموظف والتواصل بشكل مريح مع محيطه سواء في بيئة العمل أو خارجه.
ومن المهم التوقف عند أهمية العمل في تحديد علاقة الفرد بذاته، فالعمل حينما يتسم بالتمييز والتفرقة يعتبر بيئة عمل غير لائقة ويجعل الموظف في حالة توتر وخصومة مع نفسه وبالتالي مع الآخرين ومحيطه الاجتماعي، مما يجعل من أولئك الذين يشعرون بالغبن والتفرقة قنابل موقوتة قابلة للانفجار أو عرضة لتوظيفهم لصالح أجندات خارجية، ومما يزيد في القلب غصة ترك بعض الموظفين مهمشين بدون عمل (وهو ما يعرف بالبطالة ) وأغلب حالات البطالة المقنعة والتهميش المتعمد تكون من نصيب ذوي الضمائر الحية، والمخلصين في أعمالهم من أصحاب الكفاءات والشهادات العلمية ..
إن الشعور بالمهانة نتيجة التهميش المتعمد له أثره الخطير على الموظف والمجتمع والوظيفة العامة سيما إذا ما طالت فترة البطالة وكثر الظلم على الموظف، وأوصدت أمام تلك الكفاءات أبواب العمل اللائق والمناسب لخبراتهم ومؤهلاتهم .. فإذا كانت من مقتضيات الوطنية القيام بالواجبات والمسئوليات بكل أمانة وصدق، فإن المساواة بين الموظفين من أهم أسس المواطنة في الإسلام، وهي من أهم الدوافع التي تعمق الولاء للوطن ولقيادته، وهي كذلك أحد الأسس الجالبة للأمن المجتمعي والنجاة من الفتن ..
إن تطبيق مبدأ المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات واحترام إنسانية الإنسان، وتقدير ذوي الكفاءات وأصحاب الشهادات والخبرات العلمية والعملية ووضعهم في وظائف تليق بهم وعامل رئيسي لتقدم الوطن ومحبته والافتخار به، وصيانته والدفاع عنه، والحرص على سلامته، واحترام ومحبة أفراد المجتمع بعضهم البعض .
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
«محاكم دبي».. مبادرات ترسّخ العدالة والانتماء
أطلقت محاكم دبي مزيداً من البرامج والخدمات والمبادرات التي تسهم في توفير بيئة قانونية تعزز الروابط المجتمعية وترسخ قيم التعاون والانتماء والمسؤولية المشتركة وذلك بمناسبة عام المجتمع، حيث وسّعت نطاق خدماتها عبر منصة «دبي الآن» لتشمل إدراج خدمة الزواج الرقمي بما يسهم في تسهيل الإجراءات، وتشجيع الإقبال على الزواج، وتعزيز التكامل مع الجهات الحكومية الأخرى.
فيما أطلقت مبادرات قانونية بحلّة جديدة، مثل برنامج «خلك قانوني» لتوعية الأفراد بحقوقهم وواجباتهم، ونشر الثقافة القانونية، وتعزيز مفهوم العدالة الوقائية سعياً لتحقيق العدل قبل حدوث النزاع وتقليل الحاجة للجوء إلى القضاء.
وحظي البرنامج منذ إطلاقه بمشاركة أكثر من 60 قاضياً، وتم في إطاره نشر أكثر من 300 مقال وفيديو توعوي، فضلاً عن حضور أكثر من 5000 من أفراد المجتمع بمتوسط نسبة رضا بلغ 98%.
وتحرص محاكم دبي على تعزيز استقرار المجتمع وتكاتفه بتوفير بيئةٍ قانونية تضمن حماية الأفراد، وترتقي بالوعي بواجبات وحقوق أطراف التقاضي، وتسهِّل الوصول للخدمات القضائية، وتسرِّع وتيرة إنجازها.
كما أنها تعمل على تعزيز التعاون مع الشركاء الاستراتيجيين في القطاعين الحكومي والخاص، إلى جانب الجامعات والكليات، لإطلاق مبادرات قانونية متكاملة ترسّخ ثقة المجتمع في النظام القضائي، بالتوازي مع تقديم خدمات قانونية جديدة ومُبتكرة تواكب التحولات الرقمية وتلبّي أعلى معايير الجودة والكفاءة.
وتتيح «محاكم دبي» باقةً من الخدمات القانونية المتكاملة عبر القنوات الذكية، تشمل ملف الدعوى الرقمي والإشهادات والتصديقات الرقمية وتشجّع أفراد المجتمع على تبني مسار التسوية الودية لتخفيف الأعباء على المتعاملين، وتقليص مدد التقاضي، واعتماد آليات مرنة لحل النزاعات بفاعلية.
وتعمل على نشر الوعي القانوني في المجتمع بالعديد من البرامج، من ضمنها برنامج «الأسرة السعيدة»، كما تعمل محكمة التركات على تسريع تسوية النزاعات المتعلقة بالتركة عبر إجراءات مرنة، مما يسهم في حل الخلافات بين الورثة بسلاسة ويضمن تحقيق العدالة الأسرية.
فيما تهدف مبادرة «محاكم الخير» إلى مساعدة الغارمين والمتعثرين مالياً بإيجاد حلول لتسوية مديونياتهم بالتعاون مع الجهات الخيرية وأصحاب الأيادي البيضاء.
وبلغ إجمالي المساهمات في هذا البرنامج منذ إطلاقه في العام 2018 أكثر من 142 مليون درهم، بنسبة تخفيض تجاوزت 60% من إجمالي قيمة المطالبات.
وتشمل مبادرات محاكم دبي أيضاً، باقة «في الشوفه» التي تتضمن خدمات متكاملة لتيسير الإجراءات القضائية على كبار المواطنين وأصحاب الهمم والقصّر لترسيخ التكامل الاجتماعي وتقديم خدمات متطورة لتحقيق العدالة الاجتماعية.
أما برنامج «شور» يهدف لتوفير استشارات قانونية مجانية للمتقاضين المعسرين من خلال مكاتب محاماة متطوعة، مما يسهم في نشر الوعي القانوني وتمكين أفراد المجتمع.
وبلغ عدد المستفيدين من الخدمة في الفترة من 2012 إلى 2024 أكثر من ستة آلاف فرد.(وام)