دبي: يمامة بدوان
تمكن مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، من توفير خرائط جغرافية لظاهرة الشفق بمختلف أنواعه وفي عدة مواسم ومواقع على الكوكب الأحمر، من خلال الأجهزة العلمية على متن مسبار الأمل، ما جعل دولة الإمارات تسجل اكتشافات غير مسبوقة في المريخ، مما يعزز فهم العلماء للبيئة المغناطيسية للكوكب الأحمر، وتفاعلها مع الغلاف الشمسي.


وعلى مدار عام مريخي «عامين أرضيين»، نجح مسبار الأمل في رصد 5 أنواع مختلفة من الشفق، سواء في الجانب المضيء أو المظلم للكوكب الأحمر، ما يفتح آفاقاً جديدة للعلماء، من أجل دراسة بيئة البلازما ذات الديناميكية العالية في المريخ.
ويعد الشفق المنفصل المتعرّج، أول ظاهرة للشفق يوثّقها مسبار الأمل، حيث كشف في أواخر يونيو من عام 2021، عن نوع جديد مذهل من الشفق، الذي يتكون بخطوط طويلة، تمتد لمسافة عدة آلاف من الكيلومترات من الجانب المضيء للمريخ، إلى الجانب المظلم منه، وبأشكال مطولة ومواقع مختلفة، مثل الشفق المتقطع والموازي، عبر ملاحظات المقياس الطيفي للأشعة فوق البنفسجية، أظهرت إلكترونات نشطة تصطدم بالذرات والجزيئات في الغلاف الجوي العلوي للمريخ، حيث تُعد الرياح الشمسية مصدراً لهذه الإلكترونات التي يتم تنشيطها بواسطة الحقول الكهربائية في الغلاف المغناطيسي للكوكب الأحمر.
القرص المضيء
وفي أواخر أغسطس/ آب من العام 2022، أعلن مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ عن تسجيل ملاحظات هي الأولى من نوعها عن نوع جديد من الشفق البروتوني المتقطع في الجانب المضيء «النهاري» بالمريخ، ما يعزز فهم العلماء لديناميكية الغلافين الجوي والمغناطيسي للكوكب الأحمر، حيث تم الكشف عنه، من خلال لقطاتٍ لقرص كوكب المريخ المضيء، بواسطة المقياس الطيفي بالأشعة فوق البنفسجية، الذي رصد لأول مرة وبشكل واضح التغيّرات المكانية للشفق البروتوني في المريخ.
ويتشكل الشفق البروتوني المتقطع، نتيجة تفاعل الرياح الشمسية مباشرة مع الغلاف الجوي العلوي للجانب المضيء من المريخ، ما يؤدي إلى تباطؤ سرعتها وإصدار الأشعة فوق البنفسجية.
ويحدث الشفق عندما يزداد سطوع مناطق صغيرة من الكوكب عند هذه الأطوال الموجية، مما يدل على تركز الطاقة في مناطق محددة من الغلاف الجوي.
تغيرات مكانية
وأظهرت دراسات سابقة حول الشفق البروتوني، قامت بها مهمة مسبار مافن التابعة لوكالة ناسا، انبعاثات ضوئية مشابهة عند طولين موجيين للأشعة فوق البنفسجية مرتبطين بذرة الهيدروجين، إلا أن الصور التي وثّقها مسبار الأمل، تعتبر أول ملاحظات علمية في العالم ترصد التغيّرات المكانية للشفق البروتوني في المريخ، ما جعل العلماء بفضلها، رصد هيكل الشفق البروتيني غير المنتظم بشكل واضح للمرة الأولى، والتأكيد بأن الرياح الشمسية أثرت مباشرة في الغلاف الجوي العلوي أينما تواجدت ظاهرة الشفق، ما يجعل هذه الظاهرة تمثل خريطة لأماكن وصول كميات كبيرة من الرياح الشمسية إلى المريخ.
المحلي والقطبي
وفي سبتمبر/ أيلول 2022، وثّق مسبار الأمل ظاهرة الشفق المحلي على المريخ، الناتج عن إلكترونات نشطة من الرياح الشمسية حين تحطم الغلاف الجوي العلوي للمريخ، حيث ظهر الشفق شديد السطوع في المواقع ذات الحقول المغناطيسية الأقوى، مع تغير أنماطه بشكل واضح خلال من 15 إلى 20 دقيقة.
كما التقط مسبار الأمل صورة للشفق القطبي في الجانب المظلم «الليلي» من المريخ بواسطة مقياس طيفي بالأشعة فوق البنفسجية، في نهاية إبريل/ نيسان 2023، ظهر فيها انبعاثات شديدة السطوع من ذرات الأكسجين بطول موجة يبلغ 130.4 نانومتر بعد الغسق مباشرة، حيث تظهر المعالم المقوسة عبر الكوكب وهي ترسم نمطاً معقداً من المجالات المغناطيسية الناشئة عن المعادن الموجودة في قشرة كوكب المريخ.
الجانب المظلم
كما نجح مسبار الأمل في رصد شفق الأكسجين بالجانب المظلم للمريخ، ما يسهم في توفير خرائط جغرافية، توضح النسبة المئوية لحدوث الشفق، بالاستناد إلى ملاحظات تم جمعها على مدار عامين عن تأثيرات القشرة الكوكبية، إضافة إلى الطوبولوجيا المغناطيسية والتوقيت المحلي والمواسم على الشفق، ما يعزز فهمنا للبيئة المغناطيسية للمريخ وتفاعلها مع الغلاف الشمسي.
وبحسب الخرائط الجغرافية، فإنه يتم رصد الشفق بانتظام في المناطق ذات الحقول المغناطيسية القشرية الضعيفة، حيث تكون الطوبولوجيا المغناطيسية مفتوحة، وترتبط خطوط المجال المغناطيسي بالغلاف الجوي التصادمي من جهة واحدة.
وتستقطب أشفاق الكوكب الأحمر اهتمام المجتمع العلمي الدولي، لما يترتب على دراستها المتعمقة من آفاق واسعة أمام الأبحاث العلمية، التي ستسهم في توسيع فهم العلماء للغلاف الجوي للمريخ وتفاعله مع الكوكب ومع انبعاثات الطاقة الشمسية، كما يقوم مسبار الأمل بدراسة الغلاف الجوي للمريخ، والعلاقة بين الطبقتين العليا والسفلى فيه.

المصدر: صحيفة الخليج

كلمات دلالية: فيديوهات الإمارات الفضاء كوكب المريخ الغلاف الجوی العلوی الریاح الشمسیة الجانب المظلم فوق البنفسجیة للکوکب الأحمر مسبار الأمل فی المریخ من الشفق

إقرأ أيضاً:

في غرفة العناية المركّزة

تدخل إلى المستشفى، تذهب إلى جناح العناية المركزة، تشاهد جثثًا نائمة، لا تقوى على الحراك، محاطة بالأسلاك، والأنابيب، والأجهزة الطبية، تشاهد أولئك الراقدين، الذين استسلموا لمرضهم، ولطبيبهم، وتشاهد ملامح القلق، وأحيانًا اليأس على وجوه ذويهم، أُمٌّ تبكي حين ترى ابنها ممددًا على سرير، وأبٌ يحاول التماسك، وأخت تحاول كتم دموعها، وزوجة تمسك بالمصحف تدعو لزوجها، وزوج يسعى من أجل بصيص من الأمل لزوجته، تراهم جميعًا واجمين، ينتظرون اللحظة التالية، بينما يقوم الأطباء والممرضون بعملهم «المعتاد»، مشهد يشعرك بضعفك، بإنسانيتك، بحزنك، وانكسارك.

ليس هناك أسوأ من الانتظار أمام سرير مريض، لا تعرف مصيره التالي، مؤلمة تلك اللحظات الفارقة بين الأمل واليأس، بين الموت والحياة، الجميع سواسية فـي ذلك المكان، يحاولون التماسك، والتمسك بحبل التفاؤل، وسط أمواج عاتية من القلق، يطلبون من الطبيب أن يطمئنهم على حال مريضهم، ولكنه لا يملك أحيانًا غير مصارحتهم بالحقيقة المؤلمة: «ليس هناك من أمل إلا بالله».. لا يجد المرء فـي تلك اللحظة إلا اللجوء إلى الخالق، يشعر بضعفه أمام جبروت الموت، ويمنّي نفسه أن تُستجاب دعواته، ولكن تمضي الأمور ـ أحيانًا ـ على غير إرادته، لا يكف ذوو المرضى عن الدعاء، حتى الرمق الأخير، إنه سلاح العاجز أمام قدرة الله.

أحيانًا تأتي لحظة الفرج، يُشفى المريض بعد أيام، أو أشهر من الغيبوبة، يفتح عينيه، ويرى العالم كأنما يراه لأول مرة، تدب فـي أوصاله الحياة، وسط «صدمة» أهله، الذين فقد بعضهم الأمل فـي شفائه، وتبدأ احتفالات محبيه بنجاته، يفرحون به كيوم ولادته، تلك اللحظة التي يخرج فـيها من كماشة الموت، إلى مسار الحياة، لحظة زمنية فارقة فـي الذاكرة، لم تكن التجربة سهلة، بذل الأطباء قُصارى جهدهم كي يُنقذوا حياة إنسان لا حيلة له إلا بالله، نجحوا، وذلك مبلغ غايتهم، تحمّلوا صراخ ذوي المريض، وتفهموا انفعالاته، وقدّروا ظرفه الإنساني، ولم ينتظروا الشكر من أحد، فشفاء المريض هو مكافأتهم التي سعوا لأجلها.

فـي جناح العناية المركزة يرقد طفل صغير، أو فتاة يافعة، أو رجل فتيّ، أو شيخ عجوز، يرقدون جنبًا إلى جنب مستسلمين لأقدارهم، لا أدري ما الذي يدور فـي أدمغتهم فـي ذلك الحين، هل ينقطعون عن العالم؟.. هل ينتهي تفكيرهم؟.. أي عالم خفـيّ يعيشونه؟.. هل بإمكانهم التخيل؟.. هل يشعرون بألم أهليهم؟.. هل يمر عليهم شريط حياتهم؟.. (حبيباتهم.. لحظات طيشهم.. خيباتهم.. انتصاراتهم.. حكاياتهم.. من ظلمهم.. ومن ظلموه؟..).. لا يملك الإجابة سواهم، وقد لا يملكون الإجابة بعد شفائهم، فذاكرتهم المشوشة لا تتسع لكل تلك الأسئلة، يخرجون ـ إن كتب الله لهم النجاة ـ إلى حياتهم العادية، قد يتذكرون فـي وقت ما، كيف عادوا من فم الموت، فـيتّعظون، وقد يمضون دون أن يلتفتوا لتلك اللحظات العصيبة.

فـي المستشفى، وحيث العناية المركزة، يتساوى الأحياء بالأموات، الجميع فـي سبات عميق، لا يلوون على شيء، يقضون أيامهم قابضين على جمرة الأمل، يحاولون الفرار من قَدَر إلى قَدَر..

شفى الله كل مريض يعاني، وأعان أهله، ومُحبيه على لحظات الانتظار المرير، وكفانا الله وإياكم شرور «أمراض الفجأة» التي كثرت هذه الأيام، ورحم الله موتى المسلمين جميعًا.

مقالات مشابهة

  • مجلس الضمان الصحي يوفر وظائف شاغرة
  • دراسة جديدة تكشف عن نظام هيدرولوجي نشط في المريخ
  • طيران ناس يوفر أدوات حسية مجانية لركاب طيف التوحد
  • شركة 44.01 العُمانية تفوز بجائزة XFACTOR بقيمة مليون دولار لحلولها المبتكرة في مجال إزالة الكربون
  • بحّار سعودي يخوض مغامرة مع أسماك القرش في البحر الأحمر.. فيديو
  • خبيرة خرائط: خريطة إسرائيل لـ طابا كانت مزورة والنقطة 91 كشفت الحقيقة
  • السجيني: قانون حيازة الحيوانات الخطرة يوفر تمويلا للتعامل مع الكلاب الضالة
  • شهداء ومصابون في قصف للاحتلال على منزل بحي الأمل في خان يونس جنوبي قطاع غزة
  • في غرفة العناية المركّزة
  • فوز شركة عمانية بمليون دولار ضمن جائزة "XFACTOR"