الرياض- واس

استجابةً للأزمة الإنسانية الحادة في نيجيريا والنيجر وتشاد والكاميرون وبوركينا فاسو ومالي، أعلنت المملكة العربية السعودية، ممثلة بمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية عن استضافتها لمؤتمر المانحين لدعم النازحين واللاجئين في منطقة الساحل وبحيرة تشاد في 26 أكتوبر 2024م، بالتعاون مع منظمة التعاون الإسلامي، وبالتنسيق مع مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

ويسعى المؤتمر إلى حشد الموارد للمبادرات الإنسانية والتنموية، التي تستهدف السكان المتضررين، والنازحين واللاجئين، مع التركيز بشكل خاص على خطط الاستجابة الإنسانية المنسقة للأمم المتحدة، بالإضافة لزيادة الوعي بالأزمة متعددة الأوجه ومعالجتها عن طريق بناء شراكات قوية؛ لتعزيز الاستجابة الإنسانية الفعالة ودعم أكبر للحلول طويلة المدى.

وتُشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن ما يقارب (33) مليون فرد بحاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية، والحماية في جميع أنحاء منطقة الساحل وبحيرة تشاد، من ضمنهم 11 مليون نازح ولاجئ في المنطقة.

وأعرب معالي المستشار بالديوان الملكي المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة الدكتور عبد الله بن عبد العزيز الربيعة عن السعي إلى دعم سكان منطقتي الساحل وبحيرة تشاد، حيث يعد هذا المؤتمر خطوة حاسمة نحو تعبئة الموارد اللازمة وإقامة الشراكات لمعالجة التحديات الإنسانية الملحة والاحتياجات في هذه المناطق، مشيرًا إلى أنه يمكننا سويًا التعاون الى منح الأمل والإغاثة للملايين.

بدوره، عبر الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه عن فخره في تنفيذ قرار مجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، حيث يسعى المؤتمر إلى حشد المساعدات الإنسانية لدعم اللاجئين والنازحين في منطقتي الساحل وبحيرة تشاد، داعيًا الدول الأعضاء المانحة في منظمة التعاون الإسلامي والمؤسسات المانحة والشركاء الدوليين إلى اغتنام هذه الفرصة، وتوفير الموارد المالية اللازمة للمساعدة في تحسين ظروف المجتمعات الضعيفة في هذه المناطق المضطربة.

من جانبها، قالت القائمة بأعمال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسقة الإغاثة في حالات الطوارئ جويس مسويا: ” تواجه منطقة الساحل وحوض بحيرة تشاد أزمة غير مسبوقة، ويمثل هذا المؤتمر فرصة حاسمة للمجتمع الدولي والبلدان المتضررة؛ للعمل معًا لحشد المزيد من الموارد والمزيد من الدعم، ليس فقط للاستجابة الإنسانية الفورية، ولكن لمساعدة المنطقة على الخروج من الأزمة وتحقيق إمكاناتها الهائلة”.

وأفاد المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي أنه يجب علينا أن نسعى جاهدين لمساعدة السكان النازحين قسرًا والمجتمعات التي تستضيفهم، معربًا عن الامتنان للمملكة العربية السعودية ومنظمة التعاون الإسلامي وشركائنا على جهودهم لحشد الاهتمام والموارد اللازمة لمعالجة النقص الحاد في التمويل، الذي تعاني منه المنطقة لدعم اللاجئين والمحتاجين.

المصدر: صحيفة البلاد

كلمات دلالية: الساحل وبحیرة تشاد التعاون الإسلامی

إقرأ أيضاً:

مؤتمر المحافظين الأمريكيين.. حشد عالمي لليمين المتطرف

 

عبد النبي العكري

انعقد في منطقة أوكسن هيل بولاية ماريلاند بالولايات المتحدة الأمريكية، مؤتمر المحافظين للعمل السياسي، والذي تلتئم أعماله كل عام منذ 1947، كما إن تنظيمات مُحافِظة تعقد مؤتمرات مماثلة بنفس التسمية في عدد من الدول؛ ومنها المكسيك والبرازيل والمجر وكوريا الجنوبية.

لكن ما يُعطي لهذا المؤتمر أهمية كبيرة هو أن المتحدث الأول فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بكل ما يمثل فوزه بالرئاسة الأمريكية بأغلبية كاسحة، وكذلك فوز حزبه الجمهوري اليميني بأغلبية الكونجرس استنادا إلى برنامج يميني متطرف لصالح أصحاب المليارات ونموذجهم إيلون ماسك. وينعقد المؤتمر في ظل تقدم وفوز الأحزاب اليمينية في عدد من البلدان في أوروبا وأمريكا اللاتينية، في ظاهرة عالمية خطيرة؛ فقد تزامن المؤتمر مع فوز اليمين، واليمين المتطرف في ألمانيا؛ حيث بادر زعيم الحزب الفائز (الديمقراطي المسيحي) لدعوة الإرهابي نتنياهو لزيارة ألمانيا.

ومن حضور المؤتمر الأمريكي، خافيير ميلي رئيس الأرجنتين اليميني المتطرف، وفيكتور أوربان رئيس وزراء المجر، وربيرتو فيكو رئيس وزراء سلوفاكيا، وجورجيا ميلوني رئيسة وزراء إيطاليا (عن بُعد) وزعماء أحزاب اليمين واليمين المتطرف في عدد من البلدان مثل جوردان بارديلا زعيم الجبهة الوطنية الفرنسية، وليز نيتس الزعيمة السابقة لحزب المحافظين البريطاني.

وفي لقطة معبرة صعد إلى المسرح إيلون ماسك، اليد اليمنى لترامب أثناء إلقاء رئيس الأرجنتين ميلي لكلمته وهو يحمل منشارًا كهربائيًا أهداه إياه ميلي، ويرمز إلى مهمته في استئصال ما يُعد شخصيات وإدارات وخدمات للحكومة الفيدرالية في تقويضٍ لدور الدولة في خدمة مواطنيها، وحلول القطاع الخاص محل الدولة في عدد من القطاعات والخدمات.

كانت فرصة سانحة للرئيس ترامب لأن يُفسِّر انتصاره في انتخابات الرئاسة على أنها عودة لا سابق لها للسلطة في الحياة السياسية الأمريكية، وأنها بمثابة انتصار ساحق له وللجمهوريين، وهزيمة ساحقة لخصومه (جو بايدن وكمالا هاريس) وللديمقراطيين عامةً، وتفويض للانتقام منهم ولكل من حاول تطبيق القانون ومحاسبته في الإدارة الفيدرالية. ومعنى ذلك وضع حدٍ لحيادية الإدارة الفيدرالية ولتداول السلطة ما بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، وسيطرة الحزب الجمهوري اليميني بدءًا بقيادة ترامب الاستبدادية على الحياة السياسية الأمريكية. كما جرى تداول فكرة فترة رئاسة ثالثة لترامب خلافًا للدستور الأمريكي، من خلال اللجوء لحيلة ترشُّحه كنائبٍ لمرشح الرئاسة فانس (نائب الرئيس حاليًا) ثم استقالة فانس؛ ليُصبح ترامب الرئيس مُجددًا.

استعرض ترامب في كلمته المُطوَّلة وبعرضٍ مسرحيٍ، انتصاراته وإنجازاته المبهرة طوال شهر من حكمه، والحط من خصومه السياسيين وتقديم نفسه كمنقذٍ وقائد لأمريكا العظيمة مجددًا، وكذلك رؤيته لأمريكا أولًا وللعلاقات مع العالم في ضوء ذلك. وكالعادة فقد كانت الكلمة مليئة بالإهانات لخصومه السياسيين خصوصًا بايدن وهاريس وادعاءات فارغة وأكاذيب مكشوفة وترويج لأطروحات شعبوية خادعة. ووصف الحزب الديمقراطي وسياسيِّهِ بأنهم حفنة من الماركسيين واليساريين، الذين خانوا أمريكا وأشعلوا الحروب، وأنهم فاسدون وذوو مصالح ذاتية، وادعى أنه يحظى بدعم 70% من الأمريكيين، وأنه جاء ليقود الأمة والشعب الأمريكي لتعود أمريكا أولًا في قيادة العالم.

كثيرة هي القضايا والتوجهات الخطيرة التي طرحها ترامب بتعبيرات مبتذلة، لا سيما وأنه يرى عودة أمريكا لبلد الرواد الفاتحين البيض ذوي العقيدة المسيحية المحافِظة، والتخلي عن القيم الليبرالية، وإعلاء شأن الرأسمالية المطلقة، والحد من الضوابط والضرائب عليها، وفي ذات الوقت الحد من مسؤوليات الدولة الفيدرالية تجاه مواطنيها، وخصوصًا الفئات الضعيفة، كذلك منع تدفق الهجرة وخصوصًا من أمريكا اللاتينية، وبدأ أكبر عملية تهجير لمن يعتبرهم "المهاجرين غير الشرعيين"، في تاريخ أمريكا؛ حيث يصفهم بـ"المجرمين ومروجي المخدرات" في بلد ارتبط تاريخه بالهجرة، مع اتباع سياسة اقتصادية حمائية، في حين أن أمريكا ومنذ نهاية الحرب العالمية الثانية تسيَّدت العالم بفتح الأسواق وحرية التجارة وفرضت الدولار كعملة دولية.

كرر ترامب طرحه الخطير في التخلي عن القانون الدولي المستند للأمم المتحدة والشرعية الدولية في استقلال وسيادة الدول؛ حيث أعاد طرحه بضم كندا لتكون الولاية رقم 51، وكذلك ضم جزيرة جرينلاند والسيطرة على قناة بنما والاستيلاء على قطاع غزة الفلسطيني باتفاق مع المحتلين الصهاينة، وكأن بلدان العالم عقارات للبيع. كما أكد انسحاب أمريكا من عدد من المنظمات مثل مفوضية حقوق الإنسان ومنظمة الصحة العالمية، من الاتفاقات الدولية مثل اتفاقية باريس للمناخ، مع وقف تمويل منظمة الأونروا وغيرها.

ترامب كرر تأكيده أن فرض الضرائب على واردات الدول له الأولوية، وأعاد تكرار البلدان المستهدفة، مؤكدًا أن ذلك سيوفر للحكومة الفيدرالية الموارد المالية كبديل عن الضرائب، وسيُحفِّز التصنيع في أمريكا، في حين يتجاهل أن حرب الضرائب المتبادلة، ستتسبب في الإضرار بالاقتصاد الأمريكي والعالمي، وفي تأجيج التضخم في أمريكا.

عَمد ترامب في خطابه إلى استخدام إسقاطات من خلال تجربته كمستثمر عقاري مغامر، ولاعب جولف، على خيارته السياسية وأسلوبه في الحكم؛ حيث تعاطى مع قضية أوكرانيا كصفقةٍ تجاريةٍ مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، متجاهلًا إرادة أوكرانيا وحكومتها وحليفته أوروبا. ولم يرَ حرجًا في مطالبة أوكرانيا بمنح أمريكا نصف إنتاجها من المعادن النادرة، مقابل ما قدمته من مساعدات عسكرية ومالية، والتمويل مستقبلًا لإعادة إعمار ما خلفته الحرب من دمار، والنهوض بالاقتصاد الأوكراني، وفي ذات الوقت يُدر المليارات على أمريكا، فيما يعتبره صفقة رابحة.

تفاخر ترامب بإصداره عفوًا رئاسيًا عن المجرمين المتورطين في اقتحام الكونجرس في 6 يناير 2020، بتحريض منه، بعد فشله في الانتخابات الرئاسية، إضافة إلى محكومين متورطين معه قي قضاياه الجنائية. وكرر ادعاءاته مجددًا بأن انتخابات 2020 والتي خسرها كانت مزورة، وكذلك الأمر في انتخابات 2024، لكن اكتساحه لها حال دون فوز منافسته الديمقراطية كمالا هاريس.

وعاد لتكرار السخرية من خصومه في السباق الانتخابي، وأولهم الرئيس السابق جو بايدن ونائبته كمالا هاريس، ووصفهما بأقذع الصفات، وتعمد الحط من شخصياتهم بشكل معيب. وهاجم بقسوة وسائل الإعلام التي تنتقده ومقدمي برامجها، واستهزأ بشخصيات إعلامية مرموقة. وفي ذات الوقت فإن الاعلام المنافق رفع ترامب إلى مكانة أعلى من مؤسس أمريكا الرئيس جورج واشنطن.

وقد تبارى المسؤولون الذين عيَّنهم ترامب في المواقع القيادية في كلماتهم، في كيل المديح له، ووصفه بالإنسان الخارق، وأعظم رئيس في تاريخ أمريكا؛ مما يدل على جنون العظمة لدى ترامب، وحبه للنفاق؛ بل إن أحدهم رشحه لنيل جائزة نوبل للسلام؛ تقديرًا للصفقة التي يسعى لإبرامها مع بوتين لإنهاء حرب أوكرانيا.

من الواضح من خلال ما عرضه ترامب وكبار المتحدثين أمام المؤتمر أن الإدارة اليمينية الحالية بقياده ترامب ومهندسها إيلون ماسك، تعمل على إحداث تغيير عميق وشامل في المجتمع الأمريكي، والبنية السياسية والنظام السياسي والاقتصادي وبنية الدولة الفيدرالية والمحلية وتركيبة ودور الأجهزة العسكرية والأمنية، وبالطبع النظام العالمي والعلاقات الدولية والشرعية الدولية التي انبثقت بعد الحرب العالمية الثانية.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • قراءة في مؤتمر الحوار الوطني السوري
  • منتدى مكة للحلال يؤكد ريادة المملكة في دعم الاقتصاد الإسلامي
  • مناقشات روسية أمريكية حول الطاقة والموارد الطبيعية في القطب الشمالي
  • العين تستضيف «مؤتمر تيرا العالمي» الرابع عشر
  • مؤتمر المحافظين الأمريكيين.. حشد عالمي لليمين المتطرف
  • مؤتمر «غزة ومستقبل السلام في الشرق الأوسط»: التجارب السابقة اعتمدت على إعادة النازحين إلى موطنهم وليس العكس
  • افتتاح مقر وكالة الفضاء الإفريقية بالقاهرة.. مصر تستضيف مؤتمر نيو سبيس إفريقيا 2025
  • تعزيز التعاون مع تشاد بالمجالات «الاجتماعية والإنسانية»
  • المشاركون في مؤتمر الحوار الإسلامي يوقعون «نداء أهل القبلة»
  • مدينة العين تستضيف مؤتمر "تيرا العالمي"