لماذا جاءت دارفور متأخرة للسودان: من سلطنة خاضعة (vassalage) دافعة جزية للإنجليز إلى مستعمرة
عبد الله علي إبراهيم
كثر الحديث الجزافي عن أن دارفور كانت سلطنة مستقلة عن السودان الإنجليزي المصري حتى غزوها في 1916. وبنت جماعات مختلفة خططاً سياسية من فوق هذه الجزئية. فكان بعض مسلحي دارفور يعرضون المسألة سقماً من دولة الإنقاذ في حربهم الطويلة المضرجة ضدها.

وكانوا يريدون بذلك القول أنهم أصلاً ليسوا من هذا البلد الظالم أهله. واختطفت جماعة دولة النهر البحر هذا الحجة لتؤسس لانفصال دارفور عن السودان وعودته إلى استقلاله المزعوم.

وكل هذا لغو. وسنرى من تعريبي الحر أدناه لنص عن مسألة تأخر دارفور في الالتحاق بالسودان من كتاب “أحزان دارفور” للمؤرخ للسودان المصقع أم دبليو مارتن (ما في زول اطلع على الأرشيف البريطاني زيو) أن دارفور لم تكن مستقلة قبل احتلالها في 1916. وكل ما في الأمر أن بريطانيا توقفت عن استعمارها مع بقية السودان لاعتبارات سياسية ومالية. ثم عدتها أمارة خاضعة وفرضت عليها الجزية.
والله ما تقرو تجيبو ضقلها يكركب
إلى نص دالي:
بعد معركة كرري تسابق إلى عرش سلطنة دارفور، إلى جانب علي دينار، جماعة من الأسرة الحاكمة منهم إبراهيم علي حفيد السلطان إبراهيم قرض. ولكن كان علي دينار الأسرع في بلوغ الفاشر. فطلب إبراهيم عون كتشنر، الحاكم العام، على دينار. فقال له كتشنر الجائزة لمن سبق. وانتصر دينار على إبراهيم في معركة أم شانقه. وبذل دينار قصاراه ليطمئن كتشنر على ولائه للنظام الجديد. ومع علم الإنجليز بأنه، بمعرفتهم بعلاقته المتوترة مع المهدية، أنه صعب الاطمئنان إليه قبلوا منه الموالاة.

ما أخر غزو الاستعمار إلى دارفور إلى 1916 هو ضعف الحكومة الجديدة وتنائي دارفور نفسها. كان للورد كرومر، القنصل البريطاني العام في القاهرة، القول الفصل في سياسة حكومة السودان. وكان من وقف في وجه ونجت، مدير مخابرات الجيش المصري، في طريقه لتمديد الغزو إلى دارفور. فبينما كان ونجت يرى في احتلال السودان اقتصاصاً بريطانياً لمقتل غردون كان كرومر لا يرى منه سوى تأمين لظهر مصر. وكان كرومر لا يرى سبباً للصرف على حملة على دارفور تستنزف خزينة مصر بعد أن أطمأن إلى سلامتها. ولم يكن يعرف شيئاً عن دارفور ولم يكن يكترث لجهله بها. وإذا كان بوسع دينار، في تقديره، أن يحسن إداراتها لا يكلف مصر ولا بريطانياً مالاً فلا غضاضة. فستكون دارفور تابعة أفريقية مما اتفق له.

كان العسكريون في الحكومة الجديدة يريدون غزو دارفور، ولكنهم جنحوا لموقف كرومر لعلمهم أن موارد دولتهم كفاف. ولما أراد ونجت رفع العلمين المصري والإنجليزي في دارفور منعه كرومر. وزادت يقظة كرومر يقظة في ترك دارفور وجه العساكر “الجوعى للأرض الشرهين للصيت”. ووجه بدلاً عن ذلك بحفظ شعرة معاوية مع دينار. وأمطروا دينار بالألقاب في رسائلهم معه مما عكس عجز ونجت عن بلوغ غرضه بأكثر من معزتهم لدينار. فصار من “وكيل ونجت” إلى “حاكم” إلى “الأمير على دينار القائم بحكومة دارفور” إلى “الأمير علي دينار” وأخيراً “السلطان علي دينار”.

وحملت خطابات ونجت له صفة دارفور كسلطنة “خاضعة” (vassalage) لحكومة السودان علاوة على جزية رمزية مقدارها 500 جنيه سنوياً. وأطلقوا يده بعد ذلك في السلطنة.

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: علی دینار

إقرأ أيضاً:

مستعمرة مرضي الجذام بمصر.. ٥٠٠ حالة فقط و2030 موعد القضاء عليه نهائيا

إلغاء تشريع عزل مرضي الجذام.. وتوصيات بدمجهم في المجتمعالمتحدث الرسمي.. لم نعد نستقبل المرضي بالمستعمرة ويتم علاجهم باقسام الأمراض الجلدية بالمستشفيات

 

أثير مؤخرا اقاويل بشأن اغلاق مستعمرة الجذام بمنطقة ابوزعبل بالقليوبية، المخصصة لنقل المصابين وعلاجهم، وزارة الصحة والسكان اوضحت علي لسان المتحدث الرسمي لها، أنه لا صحة لقيام الوزارة بغلق المستعمرة بهدف طرح أرضها للاستثمار.

وما جعل هذة الأجاويد كالنار في الهشيم، ماسبق إعلانه بأنه لم يعد حاجة لهذة المستعمرة بعد وصول أعداد المصابين في مصر بالجذام إلي ٥٠٠ حالة فقد وفقا لاحدث البيانات الرسمية ٢٠٢٣ واعتباره من عام 1994 أن مصر أصبحت معدلات الأمان العالمية خالية من مرض الجذام، بعد وصولها لمعدل انتشار أقل من حالة واحدة لكل 1000 نسمة، كما وصلت لمعدل إصابة 4.% لكل ألف نسمة في ٢٠٢٢، تزامن هذة الاقاويل أيضا مع ماسبق أثارته مناقشات إحدي جلسات نجلس الشعب أواخر العام الماضي بشأن جهود وزارة الصحة والسكان المقدمة لمرضي الجذام وسبل  تأهيل المرضي اجتماعيا من خلال دمجهم في المجتمع تحت عنوان "مرضي الجذام ..الحق فى الحياه"، لكل ذلك ومااثير  تدور السطور القادمة!!

دراسات تحذر من مخاطر كارثية لحبس البول على الصحة العامة وزير الصحة يلتقي ممثلي شركة Nihon Kohden لبحث تعزيز التعاون في دعم القطاع الصحي

...ينجُم الجذام عن بكتيريا المتفطرة الجذامية تنتقل هذه البكتيريا عن طريق مُخالطة المصابين بالجذام على المدى الطويل، ولا يُصاب الشخص بالجذام من خلال مُجرَّد الملامسة أو المرور بقرب شخص بشكلٍ عرضي، كما يُمكن أن يحملَ حيوان المُدرَّع armadillos مرض الجذام أيضًا، ويُصاب البعض بهذا المرض بسبب مخالطة هذا الحيوان، ولسهولة العدوي ونهج العالم فيما مضي لعزل المرضي، كان التفكير في إنشاء مستعمرة للجذام بمصر رغم الاستياء من هذا المصطلح، وأنشأت مصر هذه المستعمرة في الثلاثينيات من القرن الماضي، حيث صدر مرسوم ملكي بإنشائها على مساحة 2400 فدان، وتقلصت المساحة حتى وصلت إلى 262 فدانًا وانخفض عدد مرضى الجذام المسجلين في مصر منذ بدء التسجيل في العام 1979 من 37 ألفا و344 حالة إلى 500 حالة في الآونة الأخيرة، وفق إحصائية رسمية وبحسب تصريحات للدكتور خالد عبد الغفار نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة والسكان.

مؤكدا انوضع مرضي الجذام آمن في مصر، لاسيما وأنه مرض بكتيرى، وقابل للشفاء ووزارة الصحة توفر العلاج بالمجان، مشيرا إلي أن مريض الجذام يصبح غير معدى بمجرد تناوله الجرعة الأولى من علاجه، والمرضى يتلقون علاجهم دون الحاجة لعزلهم أو حجزهم، ونستهدف القضاء علي هذا المرض في 2030.

الحكومة خلال العام الماض تقدمت بمذكرة ايضاحية لإلغاء قانون مكافحة الجذام، فأشارت إلي أنه  فى ضوء انتشار مرض الجذام وما كان يمثله من مشكلة صحية عامة شديدة الخطورة على المجتمع في أربعينيات القرن الماضي، ونظراً لعدم توافر علاج شافي له آنذاك الأمر الذي استدعى إصدار تشريع لمواجهة أخطاره لذا صدر القانون رقم ١٣١ لسنة ١٩٤٦ بشأن مكافحة الجذام متضمناً إجراءات استثنائية لمواجهة أخطاره، ومن بينها عزل المريض عزلاً اجبارياً بأماكن محددة لحماية المجتمع من خطورة المرض حيث نص في المادة (5) منه على عزل كل من يثبت اصابته بمرض الجذام وحدد في المادة 7اماكن العزل وهي مستعمرات الجذام أو المستشفيات والأماكن المعدة لذلك بهدف منع انتشار المرض.

وأضافت الحكومة: إلا أنه وبعد استخدام العلاج متعدد العقاقير لعلاج مرض الجذام عام 1982 أصبح المرض لا يمثل خطورة على الصحة العامة تستوجب عزل المصابين به بحسبان أن المريض به لا يعد معديًا لغيره، بعد تلقي الجرعة الأولى من العلاج، ويشفى بعد استكمال مدة العلاج وهى ستة أشهر للنوع القليل الباسيل وعام للنوع الكثير الباسيل.

وتابعت: من ناحية أخرى، فقد سبق وصدر القانون رقم 137 لسنة 1958 بشأن الاحتياطات الصحية للوقاية من الأمراض المعدية بالاقليم المصرى، وأدرج مرض الجذام ضمن القسم الثاني بالجدول الملحق به، وأجاز هذا القانون في المادة (17) منه عزل المرضى او المشتبه في اصابتهم باحدامراض القسم الثاني في منزل المريض أو في الأماكن التي تخصص لهذا الغرض، وبالتالي فان ما تضمنه هذا القانون من أحكام اصبح كافيًا لمكافحة انتشار مرض الجذام.

ونوهت بأن معظم دول العالم ألغت قوانين التمييز ضد مرضى الجذام، لذا فإنه تبعاً لذلك يتعين إلغاء القانون رقم 131 لسنة 1946 بشأن مكافحة الجذام والاكتفاء بأحكام القانون رقم 137 لسنة 1958 ، ونظرأ لما يترتب على الغاء العمل بالقانون من الغاء لمستعمرات الجذام المنشأة وفقاً لأحكامه، وهو ما يستوجب بالضرورة اتاحة فترة انتقالية لتوفيق أوضاعها فقد إرتأي النص على العمل بالقانون الصادر بالغاءه بعد مرور ثلاثة أشهر من تاريخ نشره وذلك كله على النحو المبين

في النهاية أوصت اللجنة بإلغاء كلمة «مستعمرة» من مسمى مستعمرة الجذام، كما طالبت بإلغاء تشريع قديم يُلزم بعزل مرضى الجذام وإعادة تأهيلهم ودعمهم. واعتبرت اللجنة أن هناك إهدارًا لآلاف الأفدنة فى مستعمرة الجذام، يمكن أن تستفيد الدولة منها فى تحويلها إلى مستشفى عام، مع تخصيص جزء لعلاج الأمراض الجلدية ومنها الجذام، والاستفادة من باقى الأرض فى خدمات صحية متكاملة للمنطقة والقاهرة الكبرى.

كل هذة الامور والملابسات رائها البعض مقدمة لإخلاء مستعمرة الجذام للاستفادة من تلك الافدنة وموافقة نواب الشعب.خاصة وأنه فيما سبق كان هناك قرابة آت خكومية باستخدام أجزاء من لمستعمرة في  انشأء بعض المصانع الحكومية وفعليا هناك الان 262 فدان هي المساحة المتبقية وتضم مستشفى تتكون من دور واحد ومزرعة فواكه كان الهدف من الزراعة كان الهدف منها الاستفادة من إيراداتها لتوفير احتياجات المرضي والآ يذهب لوزارة المالية، ثم قرية المرضى وكان يطلق عليها عزبة الصفيح...وحاليا  بحسب ما كشفه الدكتور عمر وقنديل نائب وزير الصحة للطب الوقائي عدد نزلاء مستعمرة الجذام  من الرجال والنساء 355 مريض داخل مستعمرة الجذام بالخانكة.

وقال: هناك 165 شخصا من الفريق الطبي وتضم أطباء جلدية ورمد جراحة وأسنان وعلاج طبيعى والفئات المعاونة....واشار الي، إنه لا يوجد مستعمرات فى أكثر الدول انتشارا للمرض ومن بينها الهند، فضلا عن إلغاء القوانين الخاصة بعزل مرضى الجذام فى العالم.

( في النهاية) قال الدكتور حسام عبدالغفار المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة والسكان، إنه لا صحة لقيام الوزارة  بغلق مستعمرة الجذام، بهدف طرح أرضها للاستثمار، مؤكدا أن وزارة الصحة تعمل على تطوير البرتوكولات العلاجية الخاصة بمرض الجذام، وإنشاء مستشفيات عامة، لخدمة المواطنين، تحتوي على أقسام متخصصة للتعامل مع مرض الجذام، ونوه المتحدث الرسمي للوزارة، إلى أن حالات مرض الجذام لم يعد يتم استقبالها في المستعمرات، ولكن يتم معالجتهم في أقسام الأمراض الجلدية في المستشفيات، كما أن المستعمرة لم تعد تستقبل مرضى منذ سنوات، ولا يوجد أي توصية طبية على مستوى العالم بعزل مرضى الجذام أو حجزهم في مستعمرات، مضيفا أن جميع المستعمرات على مستوى العالم قد تم إغلاقها، حيث تم إغلاق آخر مستعمرة جذام في عام 2011، لأن مريض الجذام منذ تلقي أول جرعة للعلاج، يصبح غير معدي لأي شخص، كما أن العلاجات الحديثة، تشفي المريض تماما خلال فترة ستة أشهر، مشيرا إلى أنه من المستهدف القضاء على هذا المرض بحلول عام 2030.


 

مقالات مشابهة

  • مقال الرزيقي
  • شبكة أطباء السودان: مقتل طبيب في نيالا بعد اختطافه من قبل الدعم السريع 
  • مقتل جلحة نهاية مليشيا الدعم السريع في كردفان والخرطوم
  • فلتحقنوا دماءكم يا أبناء دارفور .. فاشر السلطان تخصكم جميعاً وتخص كل سوداني
  • «7» قتلى في قصف على مخيم أبوشوك بدارفور غرب السودان
  • مستعمرة مرضي الجذام بمصر.. ٥٠٠ حالة فقط و2030 موعد القضاء عليه نهائيا
  • الجزائر تجدد دعوتها في مجلس الأمن لوقف إطلاق النار في السودان
  • الهجرة الدولية: 3960 أسرة نزحت من الفاشر جراء هجمات “الدعم السريع”
  • تطهير عرقي وانتهاكات جسيمة.. الجنائية الدولية تتجه لإصدار مذكرات اعتقال بحق متهمين بجرائم في دارفور
  • منظمة أممية: الهجمات الأخيرة لقوات الدعم السريع تسببت بنزوح الآلاف في شمال دارفور