هل ستكرر القوي السياسية ذات الخطأ الذي ارتكبته في اتفاق السلام الشامل؟
تاريخ النشر: 25th, August 2024 GMT
هل ستكرر القوي السياسية ذات الخطأ الذي ارتكبته في اتفاق السلام الشامل؟
عمار الباقر
في العام 2002م بدأت مفاوضات بين الحركة الشعبية لتحرير السودان بزعامة الراحل جون قرنق ديمابيور والحكومة السودانية التي كان يسيطر عليها المؤتمر الوطني بزعامة البشير من أجل إحلال السلام في السودان. بدأت هذه المفاوضات برعاية الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوربية حيث قامت هذه الدول بتيسير مفاوضات ثنائية بين الطرفين تم فيها استبعاد بقية القوي السودانية بشقيها السياسي والمدني بدعوي أن هذه المفاوضات هي بين طرفي الحرب الدائرة في جنوب السودان والتي أطرافها الحركة الشعبية لتحرير السودان وحكومة السودان وبذلك تم تجاهل أي بعد سياسي أو وطني لهذه الحرب.
للتخفيف من وطأة هذا الوضع العجيب قامت الولايات المتحدة الأمريكية وشركاؤها من المسهلين بفتح قناة جانبية مع بقية القوي السياسية لسماع رأيهم حول مجريات هذه المفاوضات دون أن يكون ذلك الرأي ملزما لاي من أطراف التفاوض بما فيهم الميسرين الدوليين انفسهم.
نتيجة لهذا الوضع المعيب حرمت القوي السياسية السودانية من أي دور حقيقي في رسم مستقبل الحكم في البلاد وظنت القوي السياسية أنها وبإحلال السلام بهذه الطريقة المعيبة سوف يفتح الباب أمامها واسعاً للمشاركة في حكم البلاد ورسم مستقبلها السياسي والاقتصادي والاجتماعي مغفلين حقيقة مهمة وهي أن طبيعة وشكل اتفاق السلام هو الذي سوف يرسم الأدوار لجميع الأطراف في أي عملية سياسية مستقبلية، وان ترتيبات وقف الحرب وإحلال السلام والعملية السياسية هما في حقيقة الأمر عملية واحدة تنقسم إجرائياً الي مرحلتين تحدد الاولي فيها طبيعة الثانية.
بقبول هذه الوضعية المعيبة انفردت الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني برسم تفاصيل العملية السياسية ومستقبل الحكم في البلاد، وحاولت القوي السياسية التخفيف من وطأة الأمر في تصريح مولانا مولانا محمد عثمان الميرغني بأنه الشريك الخفي في عملية السلام والتي عرفت لاحقاً باسم اتفاق السلام الشامل، إلا أن الحقيقة هي أن مطالب ورؤي القوي السياسية المدنية كانت غائبة تماماً عن نصوص هذا الاتفاق الذي ضمن مصالح وهيمنة كل من الحركة الشعبية لتحرير السودان وحزب المؤتمر الوطني وحافظ مفاصل الحكم طيلة الفترة من 2005م وحتي 2011م وانتهي باستئثار كل فصيل سياسي (الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني) بشطر من السودان فيما عرف بتقرير مصير جنوب السودان وانفصاله في العام 2011م.
لم تستوعب القوي السياسية المدنية الدرس مطلقاً حتي حينما لجأت الإدارة الامريكية وشركاؤها من الميسرين برعاية اتفاق شكلي بين المؤتمر الوطني والقوي المدنية داخل التجمع الوطني الديمقراطي لحفظ ماء وجه تلك القوي والذي عرف لاحقاً باسم اتفاق القاهرة.
علي الضفة الأخرى استوعبت القوي السياسية التي كانت تحمل السلاح في كل من دارفور وشرق السودان الدرس وقامت باتباع ذات الطريق الذي سلكته الحركة الشعبية فصعدت من عملياتها العسكرية من أجل الحصول علي منبر تفاوضي مستقل وهو ما قيض لها في منبر ابوجا ثم الدوحة بالنسبة لحركات دافور كما تم تدشين منبر آخر برعاية كويتية بالنسبة لحركات شرق السودان، والتي تحولت جميعها الي منتديات للترضيات والصرف علي قادة هذه الحركات ولم يستفد منها مواطن دارفور ولا الشرق شيئاً.
إن الخطأ الاستراتيجي الكبير الذي وقعت فيه كل القوي السياسية في ذلك التاريخ ولازلنا نعاني من تبعاته حتي هذا اليوم هو الاعتقاد أن ترتيبات وقف اطلاق النار وفتح الممرات الإنسانية إنما هي عمليات فنية لا شأن لها بالسياسة بينما الصحيح هو أن ترتيبات وقف اطلاق النار وتقديم المساعدات الإنسانية إنما هي عملية سياسية بامتياز. ذلك درس كان ينبغي علي القوي السياسية استيعابه منذ عمليات شريان الحياه في منتصف التسعينات والتي فتحت الطريق أمام اتفاقات مشاكوس ونيفاشا، بل أن ترتيبات وقف اطلاق النار إنما تأتي تتويجاً لاتفاقات وتفاهمات سياسية في المقام الأول وأن هذه التفاهمات ينبغي أن تكون سابقة لعلمية وقف اطلاق النار نفسها.
السؤال الذي يطرح نفسه اليوم، لماذا تصر القوي الإقليمية والدولية التي تصدت لمعالجة الازمة السودانية علي اتباع ذات النهج الذي تم اتباعه في اتفاق السلام الشامل وذلك بالإصرار علي اكمال عملية التفاوض علي وقف اطلاق النار أولاً ومن ثم العملية السياسية؟ خصوصاً وأن وهذا النهج قد ثبت انه فشل تماماً في احداث استقرار سياسي مستدام بل وجير العملية السياسية الي لتصب في مصلحة أطراف الحرب الذين هم في الأساس مجموعات سياسية مسلحة لا تؤمن لا بالديمقراطية ولا التداول السلمي للسلطة، فهل لدي أمريكا وحلفاؤها مآرب أخري وراء تكرارها لذات الخطأ الذي تم ارتكابه في اتفاق السلام الشامل؟.
كذلك نفس السؤال موجه الي القوي السياسية المدنية …ألم تتعلم هذه القوي الدرس؟ .. والي متي سيقبل السياسيون السودانيون لعب دور الكومبارس أو المستشار الذي لا يعتد برأيه والقبول بهذا الوضع المهين الذي يحرمها من الادلاء برأيها في قضايا هي من صميم العمل الوطني؟ الا عبر الوسيط الأجنبي؟.
قد آن الأوان أن تتحلي القوي السياسية المدنية ببعض الثقة في النفس والأخذ بناصية الفعل السياسي فتعمد علي ابتدار ر حوار سوداني سوداني شامل وبأيدي سودانية يتناول مستقبل هذا الوطن بالمنظور السياسي الشامل ويتجنب تبعيض القضايا، فعملية وقف اطلاق النار هي عملية سياسية وتقديم المساعدات الإنسانية هي الأخرى عملية سياسية لا تنفصل عن قضايا مثل مستقبل الحكم وتوزيع السلطة والثروة.
علي القوي السياسية المدنية العمل علي ابتدار هذا النوع من النقاشات فيما بينها ومن ثم التوجه بها نحو الشعب السوداني أينما وجد بدلا من التوجه بها نحو الخارج فالمواطن السوداني هو مصدر الشرعية. ومن خلال هذا النوع من العمل السياسي سوف تتبلور المواقف وملامح خطة وقف اطلاق النار وخطة تقديم العون الإنساني وخطة إعادة الإعمار وطريق التحول الديمقراطي وطريق التنمية وسوف لن تستطيع أي قوة علي الأرض الوقوف في وجه هذه المواقف والخطط لأنها سوف تكون مسنودة بإرادة جماهيرية حقيقية تحرسها وتحميها.
ذلك هو الطريق، حوار سوداني سوداني بالداخل وليس الخارج، تشترك فيه جميع قطاعات وفئات الشعب السوداني، حوار تتواضع فيه القوي السياسية بمختلف اطيافها بالجلوس والسماع من الشعب في احيائه ومواقع عمله.
لنتوقف عن سلوك الدروب السهلة فالمشكلات الصعبة لتحتاج الي حلول صعبة حتي نتمكن من بناء الجبهة المدنية العريضة المسنودة بإرادة الجماهير الممسكة بزمام المبادرة والقادرة علي فرض تصوراتها ورؤاها علي الجميع.
#برهان_حميدتي_مجرمو حرب
#صرف_مرتبات_العاملين_قضية_حياة
#العسكر للثكنات والجنجويد ينحل
#لاتفاوض_لاشراكة_لاشرعية
#أوقفوا_الحرب
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
إقرأ أيضاً:
عضو السيادي الفريق أول ركن كباشي يؤكد حرص الحكومة على إحلال السلام ووقف معاناة الشعب السوداني
أكد عضو مجلس السيادة نائب القائد العام الفريق أول ركن #شمس_الدين_كباشي حرص الحكومة على إحلال السلام ، ووقف معاناة السودانيين والانفتاح على كافة المبادرات التي من شأنها تحقيق الأمن والاستقرار، وفرض سيادة الدولة السودانية وحفظ كرامة الشعب السوداني.
وجدد سيادته لدى لقائه بمكتبه ببورتسودان اليوم المبعوث السويسري الخاص للقرن الأفريقي ، السفير سيلفان استييه ،حرص الحكومة السودانية والتزامها بالعمل على إيصال المساعدات الإنسانية لمستحقيها وتسهيل عمل الفرق الإغاثية وموظفي المنظمات العاملة في المجال الإنساني.
وتناول اللقاء الأوضاع في السودان والتطورات الجارية الآن وجهود الحكومة السودانية وسعيها لتسهيل إنسياب المساعدات الإنسانية لاسيما فتح المعابر المختلفة والمطارات السودانية لادخال المساعدات الإنسانية.
من جانبه أوضح المبعوث السويسري للقرن الأفريقي أن اللقاء تتطرق إلى مجمل الأوضاع الإنسانية ومآلات الصراع الدائر الآن في السودان، وكيفية إنهاء الحرب، فضلاً عن الجهود المبذولة لوصول المساعدات الإنسانية إلى البلاد بهدف تخفيف معاناة الشعب السوداني.
إعلام مجلس السيادة الانتقالي
إنضم لقناة النيلين على واتساب