◄ اتباع سياسات اقتصادية منضبطة لتحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي وخفض الدين العام

◄ توقعات بتبني سياسات اقتصادية توسعية لخلق فرص عمل دون التسبب في عجز مالي

◄ نجاح السياسات الحكومية لتعزيز الصادرات غير النفطية وتحقيق أهداف التنويع الاقتصادي

◄ الوردي: ضبط الإنفاق وارتفاع أسعار النفط ساهما في تحقيق فوائض مالية

◄ الريامي: مستقبل قطاع الطاقة في عمان واعد مع وجود فرص لزيادة الإنتاج

◄ الخروصي: التحسن الاقتصادي في السلطنة ينعكس على بقية القطاعات

الرؤية- مريم البادية

أكد خبراء ومحللون اقتصاديون أن سلطنة عمان حققت أداءً ماليًا إيجابيًا في النصف الأول من عام 2024، مسجلة فائضًا ماليًا ملحوظًا مع استمرار النمو الاقتصادي في البلاد، حيث بلغت الإيرادات 6.

197 مليار ريال والإنفاق 5.806 مليار ريال والفائض 391 مليون ريال، لافتين إلى أن هذه الأرقام الإيجابية جائت نتيجة السياسات المالية المنضبطة واستقرار أسعار النفط، إضافة إلى الجهود المبذولة لخفض الدين العام وتعزيز الصادرات الوطنية مما يضع السلطنة في موقع قوي لتحقيق أهدافها الاقتصادية على المدى القريب والبعيد، في ظل التوازن بين النمو الاقتصادي وإدارة الدين العام.

وقال المكرم الدكتور محمد الوردي إن سلطنة عمان حققت فائضًا ماليًا قدره 391 مليون ريال عماني في النصف الأول من عام 2024، ومن المتوقع أن تواصل السلطنة تحقيق فوائض مالية حتى نهاية العام نتيجة لضبط الإنفاق وارتفاع أسعار النفط فوق السعر التعادلي للموازنة، حيث بلغ متوسط أسعار النفط في هذه الفترة حوالي 80 دولارًا أمريكيًا للبرميل، وظلت الأسعار فوق 75 دولارًا طوال الربع الثالث، علمًا بأنَّ عقود شهر سبتمبر ستكون الأخيرة التي تدخل في احتساب موازنة 2024، مشيرا إلى أن هذا الأداء يدعم التوقعات بمواصلة السلطنة تحقيق فوائض مالية بنهاية العام.


 

وأضاف الوردي أن السلطنة شهدت نموًا اقتصاديًا بالأسعار الثابتة بنسبة 1.7% حتى نهاية الربع الأول من العام، حسب إحصائيات المركز الوطني للإحصاء والمعلومات، كما استمر تخفيض الدين العام ليصل إلى حوالي 14.4% بحلول منتصف هذا العام، ومن المقرر أن تسدد السلطنة ديونًا بقيمة 1.6 مليار ريال عماني في موازنة 2024، مما يعني مزيدًا من خفض الدين العام حتى نهاية العام.

وفيما يخص الفائض التجاري، أوضح المكرم الدكتور محمد الوردي أن السلطنة حققت فائضًا بمقدار 3.6 مليار ريال عماني بنهاية يونيو 2024، إذ يعود هذا الفائض إلى تفوق قيمة الصادرات وإعادة التصدير على الواردات، حيث ارتفعت صادرات النفط والغاز بنسبة 5%، خاصة صادرات النفط الخام والمصفى، كما زادت صادرات المنتجات المعدنية بنسبة 21% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2023، وارتفعت صادرات إعادة التصدير بنسبة 13%، خاصة في قطاع معدات النقل، مبينا أنه على الرغم من ارتفاع الواردات بنسبة 10% بنهاية يونيو مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، فإن وتيرة ارتفاع الصادرات كانت أكبر، مما ساهم في تحقيق فائض في الميزان التجاري، ويعود سبب ذلك إلى ارتفاع أسعار النفط بنسبة تزيد عن 2% بنهاية يونيو مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، رغم انخفاض الإنتاج النفطي للسلطنة نتيجة التزامها باتفاقات "أوبك بلس".

وأكد الوردي أن السياسات الاقتصادية المنضبطة التي تتبعها السلطنة تهدف إلى تحقيق توازن بين النمو الاقتصادي وخفض الدين العام، مع التركيز على الوصول بمستويات الدين إلى الحدود الآمنة التي حددتها وزارة المالية بنسبة 30% من الناتج المحلي، مضيفا أن السلطنة تعول على خفض الدين العام للوصول إلى هذه المستويات بغية رفع التصنيف السيادي وخفض تكلفة الدين العام، كما أنه مع اقتراب مستويات الدين من النسبة الآمنة (حاليًا 34%)، فمن المؤمل أن تتبنى السلطنة سياسات اقتصادية توسعية مستقبلية، ولكن بواقعية وانضباط، بهدف تعزيز النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل دون التسبب في عجوزات مالية حادة قد ترفع الدين العام مجددًا.

من جانبه، أشار الخبير في أسواق الطاقة علي الريامي إلى أن البيانات الإحصائية للنصف الأول من عام 2024 أظهرت ارتفاعًا في صادرات النفط الخام بنسبة 7.6%، بينما شهدت صادرات الغاز الطبيعي المسال انخفاضًا بنسبة 12%، ويعود السبب إلى أن إنتاج النفط كان أفضل مما كان متوقعا وكذلك بإضافة المكثفات نتج عنها ارتفاعا في صادرات النفط وهو مؤشر إيجابي، مُضيفًا: "نلاحظ زيادة الإيرادات النفطية مقارنة بذات الفترة من العام الماضي، وجميعها مرتبطة بأسعار النفط التي كانت متذبذبة خلال النصف الأول من هذا العام ولكن المتوسط كان فوق 80 دولارا بحدود 81-82  دولارا وهو ما ساعد على ارتفاع الصادرات، كما شهدت صادرات الغاز الطبيعي المسال انخفاضا، ويعود ذلك إلى الصيانة الدورية في بعض حقول الغاز وصيانة مصنع الغاز المسال في صور والذي شهد بطئا خفيفا بسبب الصيانة في مرافقه، وعلى الرغم من ذلك لا يوجد تغيير كبير في إيرادات الغاز".


 

وتوقع الريامي استقرار صادرات الغاز والنفط في النصف الثاني من العام والذي سيشهد تصديرا بالكميات المتفق عليها بذات المستوى في الأعوام السابقة بعد أن يتم الانتهاء من القضايا المتعلقة بالصيانة، مؤكدا: "مستقبل قطاع الطاقة في عمان يبدو واعدًا مع وجود فرص لزيادة الإنتاج في النفط والغاز، لا سيما مع دخول شركات استكشافية جديدة، لكن في نفس الوقت فإن السلطنة تتأثر بتقلبات أسعار النفط العالمية، والتي تُعد تحديًا كبيرًا لاقتصادات الدول المنتجة للنفط، وتتأثر بأي ترتيبات تخص منظمة أوبك بلس من حيث التخفيض الطوعي لأننا أعضاء في هذه المنظمة، وكانت هناك تخفيضات في الفترات السابقة، ولكن حسب المتفق عليه فإننا بدءا من أكتوبر فإن هذه التخفيضات سترتفع وتبدأ الدول بإعادة النفط إلى الأسواق بطريقة تدريجية، لذلك نأمل خلال الربع الأخير في حال استمرار أوبك بإعطاء أولوية التصدير لذات الدول بتصدير أكثر مما كان متفقا عليه سابقا، فسنلحظ زيادة في التصدير وكذلك زيادة في الإيرادات".

وتابع الريامي قائلا: "إن تقلبات الأسعار مضرة للدول لأنها تؤثر على موازنات هذه الدول خصوصا دول مجلس التعاون الخليجي بشكل خاص التي تعتمد في موازناتها على تصدير النفط والغاز، ومع وجود هذا التذبذب الكبير والتباين في الأسعار نزولا وصعودا فيؤدي ذلك إلى وجود إشكالية في وضع الخطط المناسبة لموازنات هذه الدول وبالتالي يتأثر الميزان التجاري، لذا معظم الدول التي تعتمد على النفط تحبذ أن يكون هناك نوع من الاستقرار في أسعار النفط حتى تتمكن من وضع الخطط المناسبة وتقييم الميزان التجاري بشكل صحيح، ولكن لا أعتقد أن هناك أي بوادر مشكلة في تأثر الميزان التجاري للسلطنة في الفترة القادمة ولم نشاهد ذلك في الفترة الماضية في النصف الأول لهذا العام حيث كانت الأمور طبيعية، ومع استمرار الأسعار فوق 80 دولارا فإن الميزان التجاري للسلطنة لن يتأثر كثيرا بل العكس يمكن أن يكون متوازنا وشبيها بالنصف الأول وكذلك بالعام الماضي، وهذا مرتبط بالإيرادات من السلع الأخرى مثل الغاز وسلع المواد الغذائية، لذلك لا يوجد أي نوع من التخوف خصوصا بأننا نتأثر بأي تعديلات في البنوك المركزية العالمية، وهناك مؤشرات بخروج الاقتصاد الأمريكي من التضخم وهناك أمل بأن يتم تخفيض نسبة الضريبة في الشهور القادمة وجميعها مؤشرات إيجابية".

أما الباحث الاقتصادي ماجد بن عابد الخروصي، فأشار إلى أن البيانات الاقتصادية للنصف الأول من عام 2024 تؤكد استمرار التحسن الاقتصادي في سلطنة عمان الذي ينعكس بشكل عام على باقي القطاعات الاقتصادية، إذ جاءت هذه التحسنات في الوقت الذي كانت تشير كثير من التقارير العالمية إلى أن عام 2024 سيكون مصحوبا بضغوط اقتصادية كبيرة.


 

وأوضح أن إجمالي قيمة الصادرات السلعية ارتفعت بنسبة 6.7% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2023، وهذا يمثل ارتفاعا بلغ أكثر 700 مليون ريال، وقد جاءت تلك  الزيادة نتيجة ارتفاع الصادرات النفطية بنحو 362 مليون ريال، وارتفاع الصادرات غير النفطية بنحو  263 مليون ريال، وسيعكس هذا التحسن نجاح السياسات الحكومية في تعزيز الصادرات غير النفطية كجزء من جهود التنويع الاقتصادي.

وأضاف الخروصي أن الواردات شهدت نموًا بنسبة 10.8% (حوالي 800 مليون ريال) مقارنة بمنتصف عام 2023، وبتتبع تلك الزيادة جغرافيا فقد كانت الشراكة العمانية الكويتية لها النصيب الأكبر في هذا النمو، حيث تشير البيانات إلى تسجيل قفزة في الواردات الكويتية إلى السوق العمانية بنسبة وصلت 373%، وهو ما يعكس جهود التعاون المشترك بين البلدين في المشاريع المرتبطة بالقطاع النفطي واللوجستي والصناعي.

وفي ختام حديثه، أشاد الخروصي بعمليات إعادة التصدير عبر الموانئ العمانية التي شهدت نموًا متواصلًا، وهو ما يعزز مكانة سلطنة عمان في خارطة التجارة العالمية كمركز لوجستي عالمي واعد، مُعَززا بعوامل عدة أهمها الموقع الاستراتيجي للسلطنة والمطل على البحر الهندي الذي يعد ممرا مركزيا لخطوط التجارة العالمية، مستفيدة من ذلك ببناء موانئ بمواصفات عالمية ما أسهم في نمو عمليات إعادة التصدير

وأكد أن الحكومة العمانية تقدم تسهيلات جمركية محفزة للشركات العاملة في مجال التصدير وإعادة التصدير، كما توفر المناطق الحرة في عمان مزايا متعددة للشركات، مثل الإعفاءات الضريبية والإجراءات الجمركية المبسطة، مما يجعلها جذابة لمراكز إعادة التصدير.

وفي السياق، نشر محمد بن أبو بكر السيل الغساني عبر حسابه الشخصي في منصة "إكس": "ننظر بتفاؤل للمستقبل القريب مع هذه المؤشرات الإيجابية للأداء المالي الذي يعكس نجاح السياسات المالية المتبعة، ويمكن أن نأخذ مؤشر انخفاض الدين العام وفوائده المرجوة للمزيد من التحسين في التصنيف الائتماني، مما يعني القدرة على الاقتراض بتكاليف أقل في المستقبل، وتوفير موارد مالية للحكومة يمكن استخدامها في تمويل مشاريع تنموية جديدة مما يعني المزيد من التحفيز الاقتصادي، كما أنه يمنح الحكومة مرونة أكبر في إدارة الميزانية العامة للدولة والقدرة على مواجهة التحديات الاقتصادية غير المتوقعة.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

«معلومات الوزراء» يستعرض أحدث تقارير المؤسسات الدولية حول حركة التجارة وتوقعات النمو العالمي

استعرض مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء عددًا من التقارير الدولية التي ترصد التطورات السريعة التي يشهدها التجارة العالمية، ومنها تقارير منظمة التجارة العالمية ووكالة فيتش للتصنيف الائتماني.

وسلط تقرير منظمة التجارة العالمية والذي جاء بعنوان «توقعات التجارة العالمية والإحصاءات أبريل 2025»، الضوء على التدهور الحاد في توقعات التجارة العالمية لعام 2025 بسبب تصاعد الرسوم الجمركية وحالة عدم اليقين في السياسات التجارية، مع تحذير من أن هذه التطورات تهدد بنمو سلبي في تجارة السلع، وتباطؤ في تجارة الخدمات، وتفاوت في التأثير بين المناطق، خاصةً على الدول الأقل نموًا، مما يعكس اتجاهًا عامًا نحو تراجع الانفتاح التجاري العالمي.

وأوضح التقرير أن توقعات التجارة العالمية تدهورت في عام 2025 نتيجة موجة الرسوم الجمركية الجديدة، وتصاعد حالة عدم اليقين في السياسات التجارية، مما أدى إلى تعديل توقعات نمو حجم تجارة السلع من نمو بنسبة 2.7% إلى نمو بنسبة 2.5%، ما يعني انكماش بمقدار 0.2 نقطة مئوية.

وتوقعت المنظمة في تقريرها تعافيًا جزئيًا في عام 2026 مع نمو قدره 2.5%، إلا أن هذه الأرقام تمثل تراجعًا حادًا مقارنة بتوقعات بداية العام التي كانت تفترض استمرار النمو بدعم من تحسن الأوضاع الاقتصادية العالمية.

وأكد التقرير أن فرض الرسوم المتبادلة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، رغم تعليقها مؤقتًا، قد يؤدي إلى خفض إضافي في نمو التجارة العالمية بنسبة 0.6 نقطة مئوية، بينما يمكن لتزايد حالة عدم اليقين أن يخفض النمو بنسبة 0.8 نقطة.. وفي حال تحقق كلا السيناريوهين سيؤدي ذلك إلى انخفاض بنسبة 1.5% في حجم تجارة السلع عالميًا في عام 2025، مع تبعات سلبية خاصةً على البلدان الأقل نموًا.

وسجلت التجارة بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين تحولات كبيرة من شأنها إحداث إعادة توجيه للتدفقات التجارية عالميًّا، فقد يؤدي انخفاض واردات الولايات المتحدة الأمريكية من الصين في مجالات مثل: المنسوجات والمعدات الكهربائية إلى فتح فرص تصديرية جديدة لدول أخرى، لاسيما الدول الأقل نموًا التي تمتلك هياكل تصدير مماثلة للصين، وفي المقابل، يُتوقع أن ترتفع صادرات الصين إلى بقية العالم بنسبة تتراوح بين 4% و9%.

ونوه أنه رغم التجارة في الخدمات ليست خاضعة مباشرةً للرسوم الجمركية، فإنها تتأثر بشكل غير مباشر من خلال انخفاض الطلب على الخدمات المرتبطة بالبضائع، كالنقل واللوجستيات، بالإضافة إلى تراجع الإنفاق على السفر والخدمات المرتبطة بالاستثمار.. ونتيجة لذلك، تم تعديل توقعات نمو التجارة في الخدمات التجارية إلى 4.0% في عام 2025 و4.1% في عام 2026، مقابل التقديرات السابقة التي بلغت 5.1% لعام 2025 و4.8% لعام 2026.

يذكر أن تجارة السلع العالمية كانت قد شهدت نموًا في عام 2024 بنسبة 2.9%، بينما ارتفعت تجارة الخدمات التجارية بنسبة 6.8%، وبلغت قيمة صادرات السلع عالميًا 24.43 تريليون دولار، فيما بلغت صادرات الخدمات 8.69 تريليون دولار، وشهدت صادرات آسيا أداءً قويًّا فاق التوقعات، في حين سجلت أوروبا انخفاضًا في الصادرات والواردات، مما أثر على الأرقام الإجمالية.

وأفاد التقرير بأن الدول الأقل نموًا سجلت ارتفاعًا في صادراتها بنسبة 5% في عام 2024 بعد انكماش في عام 2023، وارتفعت وارداتها بنسبة 3% لتصل إلى 349 مليار دولار، متوقعًا أن تستفيد هذه الدول من التحولات في التجارة العالمية خلال 2025، مع ارتفاع صادراتها بنسبة 4.8% وفق التوقعات المعدلة، خاصةً في قطاعات المنسوجات والإلكترونيات.

كما توقع أن يؤدي ارتفاع الرسوم الجمركية إلى تأثيرات متفاوتة إقليميًّا، حيث يتوقع أن تُسهم أمريكا الشمالية سلبًا في نمو تجارة السلع في عام 2025 بنحو -1.7 نقطة مئوية، وتبقى مساهمات آسيا وأوروبا إيجابية لكنها أقل من السيناريو الأساسي، أما باقي المناطق مثل إفريقيا والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية فحافظت على مساهمات إيجابية طفيفة، نتيجة استمرار الطلب على منتجات الطاقة.

وفيما يتعلق بالخدمات، أوضح التقرير أنه من المتوقع أن يسجل قطاع النقل أبطأ نمو بسبب انخفاض الطلب العالمي، مع تسجيل نمو نسبته 0.5% فقط في 2025، وفيما يتعلق بـ"السفر"، فيتوقع أن يسجل نموًا قدره 2.6%، في حين تبقى الخدمات الرقمية من بين القطاعات الأقل تضررًا، مع نمو متوقع بنسبة 5.6%. ومع ذلك، تظهر فروقات إقليمية واضحة، حيث من المتوقع أن تسجل أمريكا الشمالية وأمريكا اللاتينية أضعف أداء.

وأشار إلى أن التوترات الجيوسياسية وارتفاع الحواجز التجارية تشكل عائقًا أمام استمرار زخم التجارة العالمية، ورغم وجود عوامل إيجابية مثل: انخفاض التضخم وزيادة الدخل الحقيقي، فإن هذه المكاسب يمكن أن تتلاشى بسبب ارتفاع القيود التجارية.. وتشير النماذج الاقتصادية إلى أن الرسوم الجمركية قد تؤدي إلى ارتفاع الأسعار المحلية، وانخفاض القدرة التنافسية، وتغيرات في ميزان التجارة الخارجي والقطاعات المتأثرة بشكل متفاوت.

وفي السياق، استعرض مركز معلومات مجلس الوزراء تقرير وكالة (فيتش) والذي جاء بعنوان "التوقعات الاقتصادية العالمية-أبريل 2025"، والذي أوضح أن التخفيضات الحادة في توقعات النمو الاقتصادي العالمي لعام 2025 بسبب التصعيد الكبير في الحرب التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، إذ تم خفض توقعات النمو العالمي لأقل من 2%، وهو الأضعف منذ عام 2009 باستثناء فترة الجائحة، وذلك في ظل ارتفاع الرسوم الجمركية المتبادلة بين أكبر اقتصادين في العالم إلى مستويات قياسية تجاوزت 100%، ما أدى إلى صدمة تضخمية في الولايات المتحدة الأمريكية وتراجع الاستثمار وضعف في التجارة العالمية.

وأشار التقرير إلى أن الوكالة خفّضت توقعاتها لنمو الاقتصاد العالمي في عام 2025 بنسبة 0.4 نقطة مئوية، مع تقليص توقعات النمو لكل من الصين والولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 0.5 نقطة مئوية مقارنةً بتوقعاتها السابقة في مارس 2025.

ورغم أن توقعات نمو الاقتصاد الأمريكي بحسب الوكالة، لا تزال إيجابية عند 1.2%، إلا أنه سيتباطأ بشكل ملحوظ ليصل إلى 0.4% فقط على أساس سنوي في الربع الرابع من عام 2025، ومن المتوقع أن ينخفض نمو الصين إلى أقل من 4% هذا العام والعام المقبل، بينما سيظل نمو منطقة اليورو دون 1%، في حين يُتوقع أن يهبط النمو العالمي لأقل من 2%، وهو الأضعف منذ عام 2009 باستثناء فترة جائحة "كوفيد-19".

وأشار التقرير إلى أن زيادات الرسوم الجمركية التي أعلنتها الولايات المتحدة الأمريكية فيما سُمّي بـ"يوم التحرير" جاءت أسوأ بكثير من المتوقع، ورغم أنه تم تعليقها لاحقًا واستبدالها بنسبة موحدة 10% لمدة 90 يومًا، فإن الصدمة دفعت الصين إلى سلسلة من الإجراءات، مما رفع الرسوم الثنائية مع الولايات المتحدة الأمريكية لأكثر من 100%، كما ارتفع متوسط المعدل الفعلي للرسوم الجمركية في الولايات المتحدة الأمريكية إلى 23%، وهو الأعلى منذ عام 1909، متجاوزًا التقدير السابق البالغ 18%.

وبينما تظل السياسة التجارية الأمريكية صعبة التنبؤ، تفترض وكالة فيتش بقاء معدل الرسوم الجمركية على الصين فوق 100% لفترة، قبل أن ينخفض إلى 60% العام المقبل، في حين تُبقي تقديرها عند متوسط يبلغ 15% على باقي الشركاء التجاريين.

ولفت تقرير فيتش إلى أن تصعيد الرسوم سيؤدي إلى تراجع كبير في تدفقات التجارة بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، ومع غياب بدائل فورية للاستيراد أو التحول التجاري، يُتوقع أن يتعرض الاقتصاد الأمريكي لصدمات عرض سلبية حادة. لذلك، رفعت "فيتش" توقعاتها لمعدل التضخم في الولايات المتحدة الأمريكية إلى أكثر من 4%.

وأوضح التقرير أيضًا أن حالة عدم اليقين تتسبب في تراجع استثمارات الأعمال في الولايات المتحدة الأمريكية، كما يؤثر تراجع أسعار الأسهم على ثروات الأسر، وسيتعرض المصدرون الأمريكيون لخسائر جراء ردود فعل الشركاء التجاريين.

ورغم أن اقتصاد الصين شهد نموًا أسرع من المتوقع في العام الماضي، فإن التجارة الصافية شكلت ثلث هذا النمو، وهو ما سيتراجع بشدة مع تعثر المصدرين في إعادة توجيه مبيعاتهم، بالإضافة إلى ذلك، فبينما يستمر الركود في سوق البناء في الصين، بجانب ضغوط انكماشية، وتتوقع فيتش تكثيف التيسير المالي والنقدي.

وتتوقع فيتش في تقريرها أن تعيد الحكومة الأمريكية تدوير بعض إيرادات الرسوم الجديدة إلى الاقتصاد خلال 18 شهرًا عبر تخفيضات ضريبية محتملة، ومع ذلك، فإن تباطؤ أكبر اقتصادين في العالم سيفرض آثارًا سلبية على الاقتصاد العالمي، وهو ما انعكس في التخفيضات الواسعة لتوقعات النمو في مختلف المناطق.

كما أنها لا تزال تتوقع أن يبقي الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي على أسعار الفائدة حتى الربع الأخير من العام الجاري قبل خفضها رغم تباطؤ النمو، حيث شهدت أسعار الواردات ارتفاعًا، كما زادت توقعات الأسر الأمريكية للتضخم على المدى المتوسط بشكل مقلق في الشهرين الماضيين، وفي المقابل، أدى تراجع الدولار الأمريكي إلى مساحة أكبر أمام البنوك المركزية الأخرى لتيسير السياسات النقدية، مما دفع فيتش لتوقّع خفض أكبر للفائدة من قبل البنك المركزي الأوروبي والبنوك المركزية في الدول الناشئة.

وأشار التقرير إلى أن فيتش ترى أن خفض توقعات سعر نفط برنت إلى 65 دولارًا سيساهم في دعم تيسير السياسات النقدية خارج الولايات المتحدة الأمريكية في ظل تباطؤ النمو.

اقرأ أيضاًمعلومات الوزراء يطلق واحدة من أكبر إصداراته في مجال المستقبليات

معلومات الوزراء يستعرض أبرز نتائج استطلاعات مراكز الفكر والاستطلاعات العالمية

مقالات مشابهة

  • حزب الجبهة يستمع لرؤية المستثمرين لتحقيق التنمية وزيادة النمو الاقتصادي
  • تعزيز الشراكات الدولية.. دعم القطاع الخاص الليبي وتحفيز النمو الاقتصادي
  • البنك الدولي: تسارع طفيف في نمو الدول العربية في 2025
  • 920 مليون ريال إيرادات قطاع الاتصالات العام الماضي.. ونسب التعمين تصل إلى 93%
  • بعد انكماشه في 2023 و2024.. ماذا ينتظر أكبر اقتصادي أوروبي في 2025؟
  • هيئة تنظيم الاتصالات تحقيق إيرادات بقيمة 920 مليون ريال عام 2024
  • «معلومات الوزراء» يستعرض أحدث تقارير المؤسسات الدولية حول حركة التجارة وتوقعات النمو العالمي
  • معلومات الوزراء: مؤسسات دولية تتوقع تراجع التجارة العالمية وانخفاض النمو الاقتصادي
  • الوزراء يستعرض أحدث التقارير حول حركة التجارة وتوقعات النمو العالمي
  • مجلس الوزراء يتابع تنفيذ إجراءات تحقيق التوازن العقاري في الرياض