الجزيرة:
2025-03-14@02:57:26 GMT

لاكروا: لماذا كل هذه اللامبالاة بشأن حرب السودان؟

تاريخ النشر: 25th, August 2024 GMT

لاكروا: لماذا كل هذه اللامبالاة بشأن حرب السودان؟

دخل السودان -الذي مزقه القتال والفظائع والمجاعة- نفقا مظلما معقدا زاده تعقيدا تدخل الدول الأجنبية في موضوع مفاوضات جنيف، وهذا المأزق الذي يحدث بعيدا عن الأنظار قد وضع البلاد في حالة صراع "منسي" بحسب صحيفة لاكروا.

وأضافت لاكروا -في تقرير للكاتبة فانيسا دوغناك- أن النهب والاغتصاب وعمليات الإعدام والتفجيرات تتفاقم في هذه "الحرب القذرة" مع نزوح الأسر وجحافل الأطفال الذين يبكون جوعا وانتشار وباء الكوليرا في ظل الأمطار الغزيرة الطوفانية، مبرزة أن هذا هو واقع السودان بعد 17 شهرا من الحرب.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2هآرتس تروي الوصايا الأخيرة لـ4 شبان فلسطينيين استشهدوا بغزةlist 2 of 2ميدل إيست آي: خطاب هاريس يقضي على آمال إنهاء المجازر بغزةend of list مجاعة ونزوح

وتابعت المجلة الفرنسية أن الولايات المتحدة تقدر أن هذا الصراع أودى بحياة أكثر من 150 ألف مدني.

وحسب المنظمة الدولية للهجرة، فإن 11 مليون شخص نزحوا في البلاد وتتزايد هذه التحركات بسبب الفيضانات والمجاعة.

كما ينهش الجوع نحو 25 مليون سوداني، أي أكثر من نصف السكان، في حين تتم عرقلة المساعدات الإنسانية. وبالنسبة للأمم المتحدة، فإن حرب السودان "واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية" في عصرنا، كما توضح لاكروا.

وتوضح الصحيفة أنه في مواجهة اللامبالاة الدولية، تدعو المنظمات الإنسانية لتقديم المساعدة والعمل من أجل "إعادة السودان إلى المسار الصحيح". وقد ناشدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) -هذا الشهر- المجتمع الدولي لضرورة التحرك لأنه "ليس هناك أي عذر".

تجاهل غربي

وقالت لاكروا إن هذا الموضوع لا يناقش كثيرا في فرنسا.

ونقلت عن تييري فيركولون الباحث المشارك بالمعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، قوله "السودان ليس ضمن جغرافيتنا السياسية ويتم تغطيته بشكل أكبر في وسائل الإعلام العربية والأنجلوساكسونية. كما أن وصول العاملين بالمجال الإنساني والصحفيين إلى المنطقة محدود، والسودان بلد شاسع، ويدور القتال على عدة جبهات".

وذكرت الصحيفة أن هذه الحرب نشأت بعد توسع الخلافات بين قائد الجيش النظامي الجنرال عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (الشهير بحميدتي).

ليست أولوية للأميركيين

ذكرت لاكروا أنه خلال الاشتباكات الأولى، لم تدرك القوى الكبرى خطورة الأمر. ونقلت عن رولان مارشال الباحث بمركز الأبحاث الدولي للعلوم السياسية قوله إن أحدا لم يتخيل أن تستمر هذه الحرب، "وبالنسبة للرئيس الأميركي جو بايدن، لم تكن أفريقيا أولوية على الإطلاق".

وأوضح الباحث أنه بسبب ذلك كانت ردود الفعل الدبلوماسية للولايات المتحدة تتأرجح وتتضارب، بينما بقي الأوروبيون، المتابعون والمنقسمون، في الخلف.

وقالت الصحيفة إنه في ظل وجود هذه الفجوة، ظهر نوع آخر من التدخلات الإقليمية مستغلة طموحات المتقاتلين لتعزيز مصالحها الإستراتيجية في بلد يقع بين منطقة الساحل والبحر الأحمر.

وأبرز تقرير لاكروا أن منظمة العفو الدولية حذرت من أنه تتم تغذية النزاع "بتدفق مستمر للأسلحة".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ترجمات

إقرأ أيضاً:

على أبرسي.. وتبقى المآثر (2/2)

1من يسمع اسم علي أبرسي، يظن أنه ورث المجد والثروة، ولكن الحقيقة أن أبرسي شيد إمبراطوريته المالية بشقاء الليالي والجهد المضني. فمن تاجر صغير في نواحي نيالا والأبيض وزالنجي وإلى واحد من أشهر وأميز رجال الأعمال السودانيين، ارتاد آفاقًا شتى في مجال الأعمال الكبرى، وظلت مغامراته التجارية الناجحة مستمرة حتى آخر يوم في حياته.
لم يكن طريق أبرسي سهلاً ولا ميسوراً، فقد حكى لي صديقه وقريبه عوض كرار أنه التقى بأبرسي في ستينيات القرن الماضي في مجاهل دارفور، أشعث أغبر، يطارد رزقه هناك ويقود لاندروفر قديمًا.
يحكي أبرسي عن أيامه تلك في غرب السودان:
“كنا جميعًا بإحساس مشترك أبناء هذا البلد، نشق بجمالنا الأرياف والحلال، حلة حلة، وفريق فريق، نبيت ليالينا تحت الجميزة، ونصطاد الغزلان برفرف اللوري، ونشويها تحت القمر. كنا نصطاد دجاج الوادي ببندقية الخرطوش، وما زلت أتذكر ليلة رأس السنة في عام 1962، ونحن تحت جميزة، ومعي ابن عمي نشرب الشاي في ليل بهيم، إلا صوت المرفعين.”
2
بدأ أبرسي حياته التجارية بين الدويم ونيالا وزالنجي وبورتسودان، ثم عاد إلى أم درمان وأسس شركةً لاستيراد الشاي،الدقيق والاقمشه ثم اتجه إلى مجال تصدير زيت الزيوت إلى السعودية ولبنان وهولندا. وحين قدم أبرسي إلى العاصمة، كان قد أسس نفسه واسمه كتاجر ذكي يعرف أصول المهنة، وبدأت ثروته تنمو، وكذلك طموحه الذي لم يهدأ حتى آخر لحظات حياته.
بنى أبرسي لنفسه ولبلده إمبراطورية تجارية داخل السودان وخارجه. أسس في بدايته كرجل في العاصمة شركة “أبرسي للنقل”، وله حكاية معها.
يقول أبرسي:
“كنت أحلم بامتلاك (لوري) وفتح دكان، وبفضل الله امتلكت 30 (قندران)، وعمري لم يتجاوز الـ24 سنة.”
ويحكي قصة بداية إمبراطورية “أبرسي للنقل” قائلًا:
“لاحظت أن هناك فجوة في النقل، حيث بدأت السكك الحديدية في التدهور، والبضائع تتكدس في الميناء، ففكرت في تأسيس شركة نقل، لكن لم يكن لدي ما يكفي من رأس المال. طرقت عدة أبواب، ولكنني لم أفلح في إيجاد مصدر للتمويل. ألهمني الله فكرة التعامل مع البنك، فذهبت إلى عمي عمر عبد السلام وطرحت عليه الفكرة، وطلبت منه أن يضمنني لدى البنك، فنظر إليّ وقال لي: ‘أضمنك بماذا؟’. واخذت علي خاطري وخرجت من عنده، لكنه لحق بي وأوضح لي أنه أراد فقط أن يختبر مدى تصميمي على الفكرة. وبالفعل، وفر لي كل الضمانات للبنك دون أي ضمان من جانبي، إذ كانت سمعتي في السوق ممتازة. استوردت 30 شاحنة ماركة فيات الايطاليه(إيفكو)، مما جعلني أحصل لاحقًا على توكيل الشركة في السودان.”
من هنا كانت بداية إمبراطورية علي أبرسي، الذي ولج مجالات عديدة، وكلها ناجحة، فلم يبدأ عملًا أو استثمارًا إلا وأتمه على أكمل وجه.
حينما اندلعت الحرب في 15 أبريل، كان موجودا بالاراضي المقدسه لاداء العمره غادر البلاد تاركًا وراءه كل ما امتلكه من ثروة جمعها بالكفاح عبر سنوات طويلة، وشيد بها المصانع التي دمرها الجنجويد كليًا. حين يروي لك مأساة تدمير مصنع أبرسي لاسطوانات الغاز بالمنطقة الصناعية بحري، تحس بالأسى؛ فقد تم تدمير المصنع تمامًا، وتحولت عشرات الملايين إلى رماد بين يوم وليلة، كما نُهبت أكثر من 70 ألف أسطوانة غاز. لكن أبرسي لم يبالِ بما دمره الجنجويد، وكان يقول لي: “المهم أن يتعافى السودان.”
3
عندما وقعت كارثة الحرب، لم يلبث إلا قليلًا حتى واصل أعماله واستثماراته بالخارج، فعزز استثماراته القائمة في أوغندا في مجال إنتاج البن والقهوة، ثم افتتح مصائد الأسماك للتصدير.
كان يحلم بتأسيس شركة طيران عملاقة في السودان “أبرسي للطيران”، وقد بدأ خطواتها بالفعل. أرجو أن يوفق الله أبناءه لإكمال ما بدأه والدهم.
4
ويُضاف إلى رصيده التجاري، ممارسته للعمل السياسي الراشد. يقول د. أبوشوك:
“سطع نجم أبرسي عندما كان رئيسًا لبلدية أم درمان، وأصدر قرارًا شهيرًا في مطلع الثمانينيات يقضي بإغلاق البارات (حانات بيع الخمور) ومنع بيع الخمور بمدينة أم درمان، الأمر الذي أغضب الرئيس نميري ودفعه إلى إلغاء القرار، قبل أن يتخذ نميري نفسه القرار ذاته لاحقًا.”
لعب أبرسي أدوارًا سياسية متعددة منذ سبعينيات القرن الماضي، وظل دائم الحضور في الساحة السياسية، عضوًا في عدة برلمانات ومجالس شعب، وكان صوته عاليًا في نقد السياسات الاقتصادية التي انتهجتها الإنقاذ.
5
حين وقعت كارثة الحرب، كان أبرسي أول من مدّ يده لدعم القوات المسلحة بمليارات الجنيهات، التي لم يفصح عنها لأحد.
يروي لي أحد قادة الجيش المرابطين بمنطقة جبل سركاب:
“كان لعلي أبرسي مزرعة ضخمة في تلك المنطقة بها كل أنواع الفواكه ومئات من الأبقار والدواجن والبيض وكل شيء. كنا في أمسّ الحاجة للغذاء لإطعام آلاف الجنود، فقررنا الاتصال بأبرسي لشراء كل ما في المزرعة على أن يدفع الجيش له بعد انتهاء الحرب. وعندما تحدثنا إليه، صمت قليلًا ثم قال: ‘يا ولدي، أنتم تقدمون أرواحكم فداءً للسودان، فمزرعة شنو البتشتروها مني؟ هي لكم بكل ما فيها، ولا تتحدثوا معي عن قروش، نحن كلنا وأموالنا فداء للسودان.’ فأغلقنا الهاتف وبكينا جميعًا.”
6
قبل وفاته بأسبوع، تبرع أبرسي بحفر عشرات من آبار المياه في مناطق المسلمين بأوغندا، كما تكفل بمئات الأسر التي شردتها الحرب، وعشرات الطلاب، وكل ذلك دون أن تعرف يمينه ما فعلت شماله.
7
بإمكاني أن أكتب عشرات الصفحات عن علي أبرسي، حياته ومآثره وأعماله، وشخصيته الحبيبة، إلا أن ذلك لن يوفيه حقه. فهو رجل له بصماته في خدمة الشعب، سياسيًا واقتصاديًا، وله في خدمة الإسلام أيادٍ بيضاء ممتدة داخل السودان وخارجه، سواء عبر الطريقة الختمية التي أفنى عمره في خدمتها أو غيرها.
اللهم إني أشهد بأن صديقي علي أبرسي كان كريمًا، فأكرمه، وكان صادقًا مع نفسه ووطنه والناس، فاجعله مع الصديقين والشهداء، وكان محبًا لرسول الله، فانزله بقربه، واجعل الجنة مثواه.
العزاء لكافة أسرة الكوارتة الممتدة داخل وخارج السودان، وأولاده وبناته وأصهاره وأصدقائه وكل من عرفه.
أعزي فيه الشعب السوداني الذي رحل عنه وهو في أمسّ الحاجة إليه، في وقت تتكاثر فيه الزعاع، وتتناقص فيه أوتاد البلد.
لا حول ولا قوة إلا بالله. وداعًا أيها الحبيب.

عادل الباز

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • مندوب السودان في الأمم المتحدة لنظيره الإماراتي: ألا تخجل؟ (شاهد)
  • روسيا تقدم مطالبها بشأن إجراء محادثات مع أمريكا لإنهاء الحرب بأوكرانيا
  • لماذا علاقة ترامب وبوتين مثيرة للمخاوف بشدة؟
  • على أبرسي.. وتبقى المآثر (2/2)
  • الإنتاجية هي كل شيء.. لماذا تغفل السياسات الاقتصادية ما يهم حقًا؟
  • باحث أمريكي: المزاج الوطني المتوتر في إيران قد يعقرل الجهود الأمريكية للتفاوض
  • هل تندلع الحرب في جنوب السودان مجددا؟
  • باحث أمريكي: المزاج الوطني المتوتر في إيران قد يعرق الجهود الأمريكية للتفاوض
  • لماذا تتعدد خطط ما بعد الحرب في غزة ويرفضها الجميع بمن فيهم ترامب؟
  • لماذا يتكرر إجهاض الديمقراطية في السودان؟