د. داود بن سليمان المحرزي

تعكف السلطنة كمثيلاتها من دول المنطقة على بذل الجهود الحثيثة لجذب وتطوير الاستثمارات والمحافظة عليها من خلال تطوير القطاعات المتعددة التي تساهم بشكل مباشر في الناتج المحلي، منها القطاعات الصناعية والزراعية والتعدينية وغيرها من الاستثمارات، وذلك من خلال تقديم الكثير من التسهيلات لاستقطاب رؤوس الأموال وجذبها، مثل توفير الأراضي الصناعية والزراعية والتجارية، والتي كانت ضمن التحديات الاستثمارية سابقًا.

ولذلك أولت الحكومة حرصًا لتقديم تسهيلات وحوافز من خلال توفير عدد من أراضي حق الانتفاع الحكومية وتوزيعها على مستحقيها من المستثمرين، وبلغت العقود الموقعة في عام 2023 ما يقارب 834 عقدًا بالمقارنة مع 223 عقدًا في عام 2021، وانقسمت تلك الأراضي في استخداماتها ما بين الأراضي الصناعية والزراعية والسكنية التجارية والتجارية، وبهذا الارتفاع فإن من المؤمل أن تستقطب السلطنة مزيدًا من الاستثمارات المحلية والأجنبية، وهو ما سينعكس إيجابًا على نمو اقتصادنا الوطني، بعد تحديات عدة واجهها هذا النمو سابقًا نتيجة لعدم تسريع إجراءات تمكين المستثمرين من الانتفاع بالأراضي الحكومية، وقد تصدرت الأراضي الصناعية والزراعية النصيب الأوفر من تخصيص تلك الأراضي.

وتوفير الأراضي للمناطق الصناعية، سيكون أثره إيجابيًا من خلال تركيز الجهود على الاستثمارات ذات العمالة الكثيفة، خاصةً في القطاعات الصناعية بما يضمن خلق المزيد من فرص العمل، بالتوازي مع تنامي القوة العاملة في بلادنا، لا سيما وأن قطاع الصناعة من القطاعات الحيوية المهمة التي تعتمد عليها اقتصادات الدول بشكل رئيس، والتي تتطلب عددًا كبيرًا من العمالة في تلك الصناعات.

علاوة على أن وجود المناطق الاقتصادية مكتملة الخدمات من شأنه أن يُسهم في حل مشاكل وتحديات المستثمرين والصناعيين، وهو بلا شك أمر سيُساعد في نمو القطاع الصناعي لأداء دوره في التنمية الاقتصادية الوطنية، والذي يجب أن يقابلها بعض الخدمات والبنى الأساسية التكاملية والاتصالات والمواصلات وربطها ببعض المناطق والموانئ.

إنَّ الاهتمام بالإسراع في توزيع الأراضي الحكومية بحق الانتفاع يمثل عنصرًا مُهمًا نحو التكامل مع الخطط الاستراتيجية والرؤية التكاملية للاقتصاد العُماني والداعمة لاستراتيجيات السلطنة في مجالات عدة، منها: الاستدامة والصناعة والتعليم والصحة والأمن الغذائي، وهذا ما عملت به السلطنة ومثيلاتها من دول المنطقة بغية استقطاب الكثير من الاستثمارات المحلية والأجنبية، والتي تسعى من خلال تلك التسهيلات إلى توفير مناخ استثماري مناسب؛ وذلك للأهمية في تنويع مصادر الدخل، والمساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة وتعزز من بيئة الأعمال في السلطنة وإيجاد فرص عمل للمواطنين.

كما إن المستثمر يرى أن وجود التسهيلات والخدمات وتبسيطها من ضمنها الأراضي أهم وأفضل من الحصول على بعض الإعفاءات، وأن تلك التسهيلات ستساعد في تحسين مناخ الاستثمار وجذبه.

ومع وجود كل التسهيلات من تبسيط الإجراءات في سبيل تحسين بيئة الأعمال من خلال توفير أراضي الانتفاع، إلّا أنه ما زالت هناك حاجة إلى كثير من الجهود لتذليل وتبسيط العراقيل من خلال تضافر الجهود من قبل الوزارات والجهات المعنية في مجالات مُتعددة؛ نظرًا لأن كثيرًا من الإجراءات تتعلق بأكثر من جهة إدارية، وبالتالي ضرورة التكاتف من قبل تلك الجهات بما يضمن تحقيق مزيد من التناغم في أدائها ويزيد من تعزيز الحوافز الاستثمارية والذي سينعكس إيجابًا على اقتصاد السلطنة.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

اجتماع يرسم ملامح العام الجديد ويحدد أولوياته

بدأت سلطنة عُمان العام الجديد باستعراض مهم قيّم التقدم الذي حققته قطاعات الدولة خلال العام الماضي، وناقش مسارات القطاعات نفسها للعام الجاري ورسم ملامح المستقبل وفق الأولويات الوطنية من خلال استعراض أهم ملامح خطة التنمية الخمسية الحادية عشرة. جاء ذلك خلال ترؤس حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- لاجتماع مجلس الوزراء اليوم الذي أكدت مداولاته على رؤية نهضة عُمان المتجددة من خلال القرارات والتوجيهات التي ترسم خريطة طريق للمرحلة المقبلة.

كان واضحا في الاجتماع إشادة جلالة السلطان المعظم بالنتائج الإيجابية للجهود المبذولة لتنويع مصادر الدخل، والتي أسهمت في تعزيز الإيرادات غير النفطية ورفع القيمة المضافة للأنشطة غير النفطية. والنتائج التي أشاد بها جلالة السلطان تأكيد واضح على نجاح السياسات الاقتصادية الرامية إلى توسيع القاعدة الإنتاجية وتعزيز القطاعات الواعدة. ورغم هذه النتائج إلا أن توجيهات جلالته تؤكد الحاجة إلى مضاعفة الجهود للاستفادة من الشراكات الاقتصادية الدولية التي أبرمتها الدولة خلال المرحلة الماضية، ودعم القطاع الخاص ليكون شريكًا فاعلًا في المشاريع الحكومية، مما سيضمن استدامة هذا النمو وتنويعه.

ولم تغب عن الاجتماع الأولويات الاجتماعية، حيث وجّه جلالة السلطان بإطلاق برامج صحية نوعية تسهم في تحسين جودة الخدمات الصحية، وإنشاء البرنامج الوطني للجينوم العُماني وتوسيع خدمات الكشف المبكر عن السرطان، وكل هذه تظهر التزام الحكومة بتطوير الرعاية الصحية باستخدام أحدث التقنيات. وهذه المبادرات إضافة إلى أنها تعزز من جودة الخدمات المقدمة فإنها، أيضا، تسهم في بناء منظومة صحية متقدمة تُلبي احتياجات المجتمع المتزايدة.

أما منظومة الحماية الاجتماعية، فهي تعكس حرص جلالة السلطان المعظم على تحقيق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي من خلال توفير الرعاية والدعم للفئات المستحقة، وتأكيد جلالته المستمر على أهمية مراجعة وتقييم منظومة الحماية الاجتماعية يعكس حرصه -أعزه الله- على تأمين حياة كريمة للمواطن وجعله يشعر بالأمان داخل مجتمعه.

وناقش اجتماع مجلس الوزراء التحديات التي تواجه البرنامج الوطني للتشغيل، والتأكيد على أن تسريع توظيف القوى الوطنية يشكل أولوية قصوى في ظل الجهود الرامية إلى تعزيز دور القطاعات الاقتصادية المنتجة. والتأكيد على تكامل الجهود بين الجهات الحكومية والخاصة لوضع خطط وآليات فعالة للإحلال الأمر الذي يساهم بشكل كبير في خلق فرص عمل مستدامة للمواطنين.

ولم تقتصر نقاشات مجلس الوزراء في عتبة العام الجديد على الملفات الاقتصادية والاجتماعية ولكنها تناولت قضايا مهمة جدا من مثل التحديات الاجتماعية والثقافية المتعلقة بالتركيبة السكانية الأمر الذي معه وجه جلالة السلطان المعظم- حفظه الله- بإجراء دراسات معمقة ووضع برامج محددة لمعالجة الظواهر الاجتماعية والتحديات السكانية كخطوة استباقية لتجنب أي تأثيرات سلبية على الاستقرار الوطني.

إن أهم ما يميز توجيهات جلالة السلطان المعظم في اجتماع المجلس اليوم هي التأكيد على أهمية التكامل بين مختلف القطاعات لتحقيق رؤية عُمان 2040، من خلال التخطيط الدقيق ومتابعة تنفيذ الأولويات الأمر الذي يجعل عُمان على المسار الصحيح نحو مستقبل مشرق.

مقالات مشابهة

  • خبير اقتصادي: إطلاق عدد من المبادرات التمويلية لدعم الشركات الصناعية والمتعثرة يعزز من النمو الاقتصادي ويزيد الاستثمارات المحلية
  • افتتاح وحدات تحسين البنزين وتحلية الغازات والمياه الصناعية في مصفى الشمال
  • اجتماع يرسم ملامح العام الجديد ويحدد أولوياته
  • رئيس الوزراء يدعو القطاع الخاص للمشاركة في النهضة الصناعية
  • الشائعات في مصر بين عامي 2020 و2024: القطاعات المتضررة وأبرز الأرقام
  • التعليم: توفير 700 ألف تابلت لطلاب المرحلة الثانوية
  • الإمارات تستشرف 2025 ببرامج ومبادرات تدعم مسيرتها التنموية
  • سحب الأراضي المخصصة لمشروعات المنطقة الصناعية بجمصة في حالة عدم بدء العمل
  • ‏البصرة تحدد الفئات المشمولة بتوزيع قطع الأراضي
  • برلماني: الطروحات الحكومية جزء من استراتيجية وطنية لتحفيز الاقتصاد وجذب الاستثمارات