سرايا - عاد الاستقطاب ليهمين على المشهد السياسي والحزبي في الكيان المحتل، في ظل استمرار العدوان على غزة؛ إذ ارتفعت شعبية حزب الليكود بعدما كانت تقلصت بسبب الإخفاقات بسبب عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في بلدات غلاف غزة في السابع من تشرين أول (أكتوبر) 2023.

وبحسب استطلاعات للرأي فقد تقلصت الفوارق بين شعبية أحزاب حكومة الائتلاف برئاسة بنيامين نتنياهو زعيم حزب الليكود، ومعسكر المعارضة بقيادة يائير لبيد رئيس حزب "هناك مستقبل" بسبب الحرب الدموية التي يخوضها جيش الاحتلال مدفوعا بوزراء الأحزاب اليمينية المتطرفة الأعضاء في الائتلاف الحكومي اليميني.



وتظهر الاستطلاعات أن نتنياهو عزز شعبيته في أوساط الإسرائيليين بحيث أصبح الكثيرون منهم مقتنعين أنه الأنسب لمنصب رئيس الوزراء.
وأظهر الاستطلاع الأسبوعي الذي نشرته صحيفة "معاريف" أول من أمس، تمكّن ائتلاف حكومة نتنياهو من الحصول على 58 مقعدا، ليقلص الفارق مع الأحزاب اليهودية المعارضة التي ستحصل على 52 مقعدا، بينما ستتمثل الأحزاب العربية في 10 مقاعد بالكنيست، لو أجريت الانتخابات اليوم.
وبحسب الاستطلاع، فإن نتنياهو عاد ليعزز شعبيته في أوساط المجتمع الإسرائيلي، حيث قال 41 % من الإسرائيليين ممن شملهم الاستطلاع أنهم يرون فيه الشخص الأنسب لرئاسة الوزراء، مقابل 40 % لصالح رئيس "المعسكر الوطني" بيني غانتس، الذي انسحب من حكومة الحرب بسبب عدم إبرام صفقة تبادل تفضي إلى إعادة المحتجزين لدى المقاومة الفلسطينية في غزة.
وفي العودة إلى السجال بين الائتلاف والمعارضة بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار، أظهر استطلاع الرأي أن 56 % من المشاركين يؤيدون صفقة تبادل ووقف إطلاق النار، وعبّر 27 % عن معارضتهم لمثل هذا الاتفاق، بينما قال 17 % إنه لا يوجد لهم موقف.
وعكست نتائج الاستطلاع نهج المراوغة الذي يعتمده نتنياهو بكل ما يتعلق بالصفقة وإعادة المحتجزين، وسعيه لإفشال المفاوضات، إذ أظهر الاستطلاع أن 51 % من ناخبي أحزاب الائتلاف يعارضون إنجاز صفقة التبادل، ما يعني أن نهج نتنياهو يحظى بدعم معسكر اليمين الحاكم، في المقابل فإن 83 % من ناخبي أحزاب المعارضة يؤيدون الصفقة وإعادة المحتجزين.
وأمام هذه النتائج والمؤشرات، رأى محللون أن الاستقطاب السياسي هو وجه آخر لحالة الانقسام في مجتمع الكيان المحتل التي كانت سائدة قبل السابع من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، وغيّبت مع بدء الحرب التي حظيت بإجماع جمهور الكيان المحتل، لكن تباينت مواقفهم بكل ما يتعلق بشأن سلم أولويات الحرب وصفقة التبادل وإعادة المحتجزين.
واستعرض الباحث بالشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت، أسباب صعود شعبية نتنياهو وعودة ارتفاع مقاعد حزب الليكود في استطلاعات الرأي مؤخرا، رغم إخفاق الحكومة الحالية في الأداء وعدم تحقيقها أهداف الحرب.
وعزا شلحت ذلك إلى غياب دور المعارضة التي لا تقدم أي بديل للرأي العام في الكيان المحتل، وكذلك غياب خطاب سياسي حقيقي لما تطرحه حكومة نتنياهو والليكود، إضافة إلى دعم الإدارة الأميركية المطلق للحرب على غزة.
ولفت إلى أن العديد من مركّبات المعارضة كانت شريكة في حكومة الحرب، ولم تقدم أي شيء للمجتمع، وكل ما تطرحه هو إعادة المحتجزين، ووقف إطلاق النار ولو بشكل مؤقت، وإسقاط حكومة نتنياهو.
وأشار شلحت إلى أن الغالبية العظمى في معسكر المعارضة تؤيد وتدعم الحرب على غزة، لكنها تختلف مع حكومة نتنياهو على سلم الأولويات، وكذلك تتقاطع معها بشأن أهداف الحرب وعدم تحقيقها، خصوصا أن المؤسسة الأمنية في الكيان لم تطرح أي بديل يمكن فرضه على المستوى السياسي.
وحيال هذه التحولات بالمشهد السياسي، وتوظيف نتنياهو الحرب على غزة كرافعة لإعادة شعبيته بصفوف الإسرائيليين، يقول الباحث إن "الرأي العام هناك بات مقتنعا أن سياسة نتنياهو، حتى وإن كان يواصل الحرب لدوافع سياسية وأسباب شخصية، هي السياسة الأصوب، خصوصا أنه لا يوجد بالمشهد الحزبي أي بديل".
ورغم العزلة الدولية، والضغوطات على حكومة نتنياهو، وتصاعد التوتر الأمني على مختلف الجبهات، إلا أن حكومة نتنياهو "تحظى بدعم من أميركا التي لم تترد برصد المساعدات المالية وتوريد شحنات الأسلحة، إذ تعززت القناعات لدى جمهور واسع من الكيان المحتل أن أميركا داعمة للحرب، رغم ما يرشح من خلافات عبر وسائل الإعلام" وفق ما يرى الباحث.
ويرى المحلل السياسي عكيفا إلدار، أن أكبر إنجاز لحكومة نتنياهو هو حصولها على الدعم المطلق للحرب على غزة من الولايات المتحدة، حيث تمثل ذلك بالدعم العسكري والمساعدات المالية، في حين بدت الخلافات ثانوية بشأن إعادة المحتجزين ووقف مؤقت لإطلاق النار، وهو ما يبحث عنه بايدن كإنجاز لإدارته خلال الانتخابات الرئاسية.
وأوضح إلدار أن المشهد السياسي الإسرائيلي وإن بات منقسما بين معسكرات اليمين والوسط واليسار، الا أن مختلف الأحزاب اليهودية تجمع فيما بينها على الحرب، لكنها تختلف على الأولويات.
وأشار إلى أن المعارضة الإسرائيلية التي دعمت وبشكل واضح الإجماع الإسرائيلي على الحرب تحت ذريعة "الحرب الوجودية على البيت" عقب معركة "طوفان الأقصى"، لم تطرح أي مشروع سياسي بديل لما يروج له نتنياهو، خاصة بكل ما يتعلق في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وقدر إلدار أن غالبية المجتمع الإسرائيلي يؤيدون الحرب بعد أكثر من 10 أشهر على اندلاعها، وإن طفت خلافات على السطح بشأن أولوياتها أو حتى كيفية إدارتها، ورغم النقاشات بشأن الفشل والإخفاقات.
ولفت المحلل السياسي إلى أن الخلافات بين الإسرائيليين والتي تعبر عنها المعسكرات السياسية والأحزاب، ليست بشأن "معركة الدفاع عن البيت"، كما يسميها نتنياهو، بل إن محورها الأساس هو صفقة تبادل المحتجزين لدى حركة حماس في غزة.
ويعتقد المحلل السياسي أنه في ظل غياب أي خطاب سياسي إسرائيلي لأي تسوية مع الفلسطينيين، حتى وإن كانت مرحلية، سيبقى "الخطاب المراوغ" لنتنياهو هو سيد الموقف، ويحظى بدعم من الرأي العام الإسرائيلي. ويرى أنه "في حال أبرمت صفقة تبادل فإن ذلك سيعزز قوة الليكود وشعبية نتنياهو، الذي سيتربع على العرش بلا منازع".-(وكالات)


المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية

كلمات دلالية: حکومة نتنیاهو الکیان المحتل صفقة تبادل على غزة إلى أن

إقرأ أيضاً:

هآرتس: نتنياهو يُشبِّه نفسه بتشرشل والتاريخ يقول إنه ميلوسوفيتش

سخر كاتب إسرائيلي من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ومعجبيه الذين يشبهونه بالسياسي العسكري البريطاني ونستون تشرشل الذي قاد بلاده إبان الحرب العالمية الثانية من حافة الهزيمة إلى النصر.

وأشار إيتان نيتشين -في مقاله بصحيفة هآرتس- إلى أن نتنياهو ومعجبيه يحبون مقارنته بتشرشل في قدراته القيادية زمن الحرب، ومهاراته في الخطابة. وقد تولى تشرشل رئاسة الحكومة في بلاده خلال الحرب مرتين، الأولى بين عامي 1940 و1945 والثانية بين عامي 1951 و1955.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2من دير ياسين إلى غزة.. آلة القتل الإسرائيلية مستمرة بحق الفلسطينيينlist 2 of 2تنديد بجريمة اغتيال إسرائيل 5 صحفيين بغزة ومطالبة بمساءلة دوليةend of list

لكن الكاتب يرى أن مسار نتنياهو -الذي صدرت بحقه مذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية– يشبه إلى حد كبير نموذج الزعيم الصربي الراحل سلوبودان ميلوسوفيتش الذي تولى رئاسة جمهورية يوغسلافيا أواخر تسعينيات القرن الماضي قبل تفككها.

أعطونا الأدوات

ووصف الكاتب كلمة رئيس الوزراء الإسرائيلي أمام الكونغرس الأميركي، في يوليو/تموز الماضي، بأنها لم تكن استعراضا لقوته فحسب، بل جرى تأطيرها في سياق تاريخي، إذ احتفى المحللون بإنجازه المتمثل في تحطيم الرقم القياسي الذي حققه تشرشل في عدد الدعوات التي تلقاها لإلقاء كلمة أمام أكبر هيئة تشريعية بالولايات المتحدة.

وفي تلك الكلمة، وهي رابع خطاب له هناك، اقتبس نتنياهو من تشرشل مقولته الشهيرة التي وجهها إلى الولايات المتحدة -خلال الحرب العالمية الثانية- بأن "اعطونا الأدوات وسننهي المهمة سريعا" في إشارة من رئيس حكومة الاحتلال إلى حربه على قطاع غزة.

إعلان

واعتبر الكاتب أن ذلك لم يكن من قبيل الصدفة، فلطالما كان نتنياهو -وهو ابن مؤرخ- مهووسا بإرثه وصورته الشخصية، وكثيرا ما كان يعقد مقارنات بينه وبين تشرشل، فهو مثله رئيس حكومة في زمن الحرب، وكاتب وخطيب مُفوَّه، وسد منيع أمام الفاشية.

وحتى بعد أن فرغ من إلقاء خطابه في الكونغرس، توقف نتنياهو عند تمثال تشرشل النصفي لالتقاط صورة تذكارية له، للتأكد من أن المقارنة لم تغب عن بال أحد.

لا وجه للشبه

ويقول الكاتب الإسرائيلي إن العاملين بأجهزة الإعلام من المعجبين بنتنياهو يعملون على ترسيخ هذا التشبيه في أذهان الناس. ففي الأسبوع الماضي، تحدث نافيه درومي -وهو مقدم برنامج إذاعي- لمدة 4 دقائق مقارنا بين نتنياهو وتشرشل ومدعيا أن السياسي العسكري السابق "هزم النازيين بدعم من الولايات المتحدة، أما نتنياهو فقد قضى على المحور الإيراني رغما عن الولايات المتحدة".

ولكن بعد عام من الحرب والقتل والتشريد في غزة، وبعد صدور مذكرة اعتقال بحقه من الجنائية الدولية في لاهاي بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، فإن كاتب المقال يرى أن النهج الذي تبناه نتنياهو لا يتسق مع مسيرة تشرشل بقدر ما يتماهى مع أسلوب الزعيم الصربي ميلوسوفيتش.

فكما حال نتنياهو، لم يكن ميلوسوفيتش يُعد، في سنواته الأولى، متطرفا لكنه كان مثله في تمكينه الحركات القومية المتطرفة في صربيا مستغلا تطرفها لمآرب شخصية. وكان أن انهار العقد الذي أبرمه مع تلك الحركات عندما انفلتت من قبضته، مما أدى نهاية المطاف إلى إسقاط دولته في الهاوية، طبقا لمقال هآرتس.

انتهازية

وأوضح المقال في هآرتس أن ميلوسوفيتش كان قد نأى بنفسه في البداية عن المتطرفين الصرب بل وأدان أفعالهم علنا، في حين تعهد نتنياهو ذات مرة بعدم الانحياز أبدا إلى اليميني المتطرف إيتمار بن غفير أو حركة المستوطنين اليمينيين المتشددين، رافضا ومنددا بآرائهم المتطرفة.

إعلان

وأعلن أيضا أن بن غفير لن يصبح وزيرا في حكومته، ورفض أن يشاركه المنصة خلال إحدى محطات حملته الانتخابية. لكن عندما انقلبت حظوظهما السياسية تغير موقفهما، وبات تشكيل تحالف مع "القوميين العنيفين" سبيله الوحيد للاحتفاظ بالسلطة.

ودافع نتنياهو عن قراره تعيين بن غفير وزيرا للأمن الداخلي بقوله للإذاعة العامة "لقد عدّل الكثير من آرائه" مقللا من أهمية هذه الخطوة بقوله "هم الذين انضموا إليّ، ولست أنا من انضم إليهم".

ويخالف الكاتب هذا الرأي، إذ يقول إن نتنياهو ما إن برزت مشاكله القانونية للعيان حتى لجأ إلى اليمين المتشدد، وتوسط لدخولهم في تيار السياسة السائد ضمن ائتلاف حاكم محتمل، وشوهد نهاية المطاف مبتسما في صورة انتخابية مع بن غفير.

ضد الإسلام

وسواء كانت نزعة نتنياهو القومية، مثل ميلوسوفيتش، نابعة -برأي كاتب المقال- من قناعة صادقة أو انتهازية جبانة، فإن ازدراءه الحقيقي للفلسطينيين والعرب واضح. وعلى غرار الزعيم الصربي، يعتبر نفسه قائدا في طليعة الحرب ضد الإسلام، وينصّب نفسه مدافعا عن الغرب. وهي نفس مبررات ميلوسوفيتش بأن أفعاله دفاع عن أوروبا ضد ما سماها "جحافل المسلمين".

وعلى عكس ميلوسوفيتش الذي حوَّل خسارته كوسوفو إلى انتصار على الغرب، فإن الكاتب يعتقد أن نتنياهو أتقن هو الآخر فن التلاعب بالواقع أمام مؤيديه، محولا الهزائم إلى انتصارات متصورة. وعلى الرغم من الحروب التي خسرها، فقد نجح في البقاء سياسيا من خلال إعادة صياغة الإخفاقات على أنها انتصارات.

وبقدر ما غرس كلا الزعيمين النزعة القومية الوحشية، فإن نظاميهما اتسما أيضا بالمحسوبية والفساد. وكان يُنظر إلى ميرا ماركوفيتش (زوجة ميلوسوفيتش) على أنها القوة الدافعة وراء سياساته المتشددة ومقاومة التنازلات، تماما مثل ما هي سارة نتنياهو اليوم.

مقالات مشابهة

  • حسين العزي يرد على تصريحات نتنياهو بشأن اليمن .. ماذا قال ؟
  • هآرتس: نتنياهو يُشبِّه نفسه بتشرشل والتاريخ يقول إنه ميلوسوفيتش
  • نتنياهو وكاتس يُعرقلان مفاوضات صفقة التبادل
  • نتنياهو يعلن الحرب على الحوثيين
  • رغم إنها حربكم ربما تفصد السموم التي حقنتم بها الوطن!
  • نتنياهو ووقف إطلاق النار
  • عائلات أسرى إسرائيليين تهدد نتنياهو
  • نائب بالكنيست يوبخ نتنياهو: أنت آخر ديكتاتور في المنطقة وستسقط
  • نتنياهو يرد على بيان حماس بشأن "تأجيل اتفاق غزة"
  • يوسف عزت يطلق رد مثير وتحذير بشأن تشكيل حكومة مدنية