ملف السرقة المعقد.. شبح المصافي والمعامل الوهمية في الكرمة يطارد مهربي النفط مجددًا- عاجل
تاريخ النشر: 24th, August 2024 GMT
بغداد اليوم - الانبار
الأمن الوطني يكشف حالات تزوير وفساد في معامل الجص والأكسدة في الكرمة. بهذا العنوان يثار مجددا ملف المعامل الوهمية والتزوير الذي يكلف الدولة مبالغ كبيرة.
يوم أمس الجمعة (23 آب 2024)، أعلن جهاز الأمن الوطني، الكشف عن حالات تزوير وفساد في معامل الجص والأسمدة بمحافظة الأنبار.
وقالت مديرية العلاقات والإعلام في الجهاز ببيان تلقته "بغداد اليوم" إنه "بناء على معلومات استخبارية دقيقة، وخلال المتابعة الميدانية الحثيثة، تمكن جهاز الأمن الوطني في محافظة الأنبار- وبالتنسيق مع الفريق الساند للهيئة العليا لمكافحة الفساد- من كشف عمليات تزوير وفساد مالي في معامل الجص والأكسدة الواقعة في جزيرة الكرمة ومقترباتها".
وأضاف، أنه "بعد إجراء عملية التدقيق الميداني لهذا الملف، ووفقاً لقرار قضائي بتشكيل لجنة مشتركة مع مديرية التنمية الصناعية وشركة توزيع المشتقات النفطية، ثبت بالأدلة، أن من أصل (249) معملاً هناك (15) معملاً داخلاً في خط الإنتاج"، مبينا، أن "التحقيقات كشفت بأن الجهات المتورطة بهذا الملف، كانت تقوم باستبدال لوحات الدلالة للمعامل الوهمية أو المهدمة ووضعها على معامل جاهزة للإنتاج؛ بهدف إيهام لجان الكشف".
وأشار البيان، أنه "بعد استحصال الموافقات القضائية، تم إصدار مذكرات قبض واستقدام بحق (58) من المتورطين بعمليات هدر الأموال والفساد من الموظفين الحكوميين"، لافتا إلى، "إحالة المتهمين لهيئة النزاهة لاستكمال الإجراءات التحقيقية معهم، واتخاذ ما يلزم بشأن المتورطين بالقضية وفق القانون".
بيان الأمن الوطني هذا، يعود بنا، الى شهر شباط 2024، حينما أُثيرت معلومات صادمة كشفت تورط النائب عن حزب تقدم هيبت الحلبوسي بسرقة النفط العراقي ومنذ 8 سنوات بمساعدة تنظيم داعش الارهابي، وبتغطية من رئيس مجلس النواب المقال محمد ريكان الحلبوسي الذي تنتمي إلى هذه العصابة، وفقا للمعلومات.
هدر نحو 896 مليار دينار
وفي خضم كل ذلك، دخلت هيئة النزاهة على الخط وحققت بملف فساد معامل الجص الوهمية واصابع الاتهام تتجه نحو القيادي في حزب تقدم هيبت الحلبوسي، جاء ذلك على لسان مصدر مسؤول في محافظة الانبار، طلب عدم الكشف عن اسمه.
وقال المصدر إن "هيئة النزاهة بدأت التحقيق بملف هدر 896 مليار دينار، بعملية تجهيز الوقود الى نحو 236 معملا للجص في مدن الانبار"، مؤكدا أن "التحقيقات كشفت معامل وهمية وغير موجودة على أرض الواقع وجميع حصصها من المشتقات النفطية يتم الاستحواذ عليها من قبل هيبت الحلبوسي وأقاربه".
واضاف المصدر أن "لجنة النزاهة أوعزت بإيقاف تجهيز كافة معامل الجص الاهلية بالمشتقات النفطية في عموم الانبار لحين الانتهاء من التحقيق بعد استدعاء مسؤولين"، مبينا أن "التحقيقات الاولية تشير الى أن الحلبوسي واقاربه يستحوذون على حصص هذه المعامل من مادة النفط وبيعها بالسوق السوداء او تهريبها الى المحافظات الشمالية بدعم من جهات متنفذة".
أدناه جداول بأسماء المعامل الوهمية:
المصدر: وكالة بغداد اليوم
إقرأ أيضاً:
2025.. بين النزاهة ومحاربة شوائب الفساد
حمود بن علي الطوقي
أتمنى كما يتمنى كل مُواطن غيور ونحن نستقبل عام 2025، أن يكون عاما بدون شوائب الفساد. هذه الأمنية التي كررتها منذ عام 2015، حيث كتبت على مدار هذه السنوات مقالات عن أنماط وأشكال الفساد. وكان الأمل دائمًا أن يُصبح القضاء على الفساد واقعًا ملموسًا، وأن نرى مجتمعاتنا تسير بخطى ثابتة نحو النزاهة والشفافية، حيث تُبنى الثقة وتُرسى قواعد العدالة.
في الحقيقة لم أكن أنوي الكتابة عن الفساد مُجددًا، فهذه القضية تُثار باستمرار من قبل المواطن الغيور الذي يرفض أي شكل من أشكال الفساد بأنواعه ومُسمياته.
لكن ما دفعني للعودة إلى هذا الموضوع هو مقطع شاهدته في منصات التواصل الاجتماعي للدكتور سيف الهادي، الذي تحدَّث فيه عن آفة الفساد بكل وضوح واستشهد الدكتور في محاضرته بقصة بطلها وافد، قال هذا العامل الوافد متحدياً إنِّه يستطيع إنهاء أي مُعاملة حكومية مُقابل مبلغ مالي يُدفع كرشوة. استوقفني هذا التحدي ورأيت أنَّه لا بُد من الكتابة من جديد عن هذه الظاهرة بهدف التوعية وتوجيه الرسالة برفض المجتمع الفساد وأنواعه وأشكاله.
بالطبع، لا يمكن اعتبار هذا التصرف قاعدة عامة، فهو يُمثل حالة شاذة، لكن وجود مثل هذه الحالات يُؤكد أن هناك ضعفاء نفوس في بعض الدوائر الحكومية الخدمية ما زالوا يمارسون ويقبلون هذا النوع من الفساد. هؤلاء لا يضرون أنفسهم فقط؛ بل يُسيئون إلى المؤسسات التي يمثلونها، ويُضعفون ثقة المواطن بالنظام ككل.
إنَّ محاربة الفساد ليست مسؤولية سهلة، لكنها ضرورة مُلحة وعلى الجميع العمل من أجل ذلك فالإصلاح يبدأ من القمة، ومن قبل المسؤولين الذين يعملون في القطاعات الخدمية المؤثرة في حياة الناس فيجب على هؤلاء أن يكونوا قدوة في النزاهة، فغياب الشفافية في القمة يُشجع على الانحراف في القاعدة. لهذا من الضروري ونحن نعيش عصر الحكومة الإلكترونية أن يكون الاعتماد على التكنولوجيا والأنظمة الرقمية في المعاملات الحكومية حتى تتحقق العدالة وهذا التوجه يمكن أن يقضي على كثير من الثغرات التي تُستخدم للتلاعب، ويُعزز من العدالة والشفافية.
ملف الفساد مزعج وهذا الملف لا يعني فقط التعاملات الحكومية وحدها، بل محاربة الفساد مسؤولية جماعية.
المواطن هو خط الدفاع الأول في هذه المعركة، بوعيه ورفضه لأي مُمارسات خارجة عن القانون. كذلك، تحتاج المؤسسات إلى بيئة تشجع على المساءلة والمحاسبة دون أي استثناءات.
اليوم، ونحن نستقبل عام 2025، يجب أن نضع في الاعتبار أن نعمل معًا لتحويل الأمنيات إلى واقع. وأن نقر بأن الفساد ليس مجرد مشكلة اقتصادية، بل هو عائق كبير أمام التنمية والتطور فالقضاء عليه يتطلب إرادة جماعية، وخطوات عملية تُنفذ بصدق وحزم.
ونحن نستقبل هذا العام الجديد يتفاءل دعونا نضع خطة بأن نعمل كلنا وكل حسب موقعه إلى أن يكون هذا العام خالياً من الفساد ونعيد فيه بناء الثقة ونرسي فيه أسس النزاهة التي نتطلع إليها جميعًا. عام 2025 يجب أن يكون البداية الحقيقية، لا مجرد أمنية جديدة تضاف إلى قائمة الأمنيات.
فهل يا ترى نستطيع معًا محاربة الفساد وننعم بحياة بعيدة عن شوائب الفساد؟!