جريدة الرؤية العمانية:
2025-01-22@12:55:30 GMT

حان وقت العمل

تاريخ النشر: 24th, August 2024 GMT

حان وقت العمل

حاتم الطائي

 

بيئة العمل المحلية تُعاني من "السُبات الصيفي" لمدة 5 أشهر

ضرورة تطبيق طرق إدارة حديثة تقضي على الاختلالات الهيكلية في العمل

اللامركزية ضرورة حتيمة تفرضها التطورات وتستدعيها الحاجة المُلحّة

 

تُعاني بيئة العمل المحلية في بلادنا من تحديات كبيرة، من المُؤسف أنَّها لم تجد الحلول الناجعة والإجراءات العلاجية النهائية للقضاء عليها حتى الآن؛ بل رُبما تتزايد مثل هذه التحديات سنةً تلو الأخرى ومرحلةً وراء مرحلة، على الرغم من النجاحات الأخرى التي تتحقق على أرض الواقع؛ سواءً في القطاعين الحكومي أو الخاص.

ومما نُعاني منه فعليًا في بلادنا، وربما في كثير من الدول العربية، أننا ندخل فيما يُشبه "السُبات الصيفي"؛ حيث تتزايد إجازات الموظفين وتكثُر الغيابات عن الدوام، وفي بعض الأحيان يستأذن البعض للانصراف مُبكرًا، حسبما تسمح لهم أنظمة العمل الداخلية. كل ذلك يحدث لمدة قد تقترب من 5 أشهر- بلا مبالغة- من السنة، تبدأ من شهر مايو مع ارتفاع درجات الحرارة وقرب انتهاء العام الدراسي للطلاب، وتستمر خلال أشهر الصيف الفعلية وتدخل فيها إجازة عيد الأضحى، وتنتهي في شهر سبتمبر مع عودة الدراسة وانقضاء موسم خريف ظفار وعودة أغلب الموظفين والعاملين إلى دوامهم الرسمي. هُنا نحن أمام تحدٍ هائل ناتج عن اختلالات عميقة في ثقافة العمل، فكُل من يحصل على إجازة يرفع شعار "هذا حقي" و"إجازاتي أقرها القانون"، وبالتأكيد لا أحد يعترض على ذلك، لكن في المُقابل يتعين على مسؤول كل وحدة إدارية أو شركة قطاع خاص، أن يُعيد هيكلة الإجازات السنوية للموظفين بحيث لا تتأثر سيرورة العمل في أي قطاع، وأخص بالذكر هنا الوظائف المرتبطة بالخدمات المُقدمة للمواطن، والإجراءات ذات الصلة بحركة الاقتصاد وجذب الاستثمارات. وخلال هذه الفترة كثيرًا ما نقرأ تعليقات أو شكاوى من تعطل معاملات المواطنين في جهة حكومية ما، أو أنَّ شركة بالقطاع الخاص لم تسدد مستحقات عليها، وفي كلتا الحالتين، يُعزى السبب إلى غياب الموظف أو العامل المُختص!

في بيئات العمل المتطورة والحديثة، يلجأ الموظفون إلى إجراء عملية "نقل مهام" إلى زميل مُعين في نفس الدائرة أو القسم، بل أيضًا يتركون رسالة إلكترونية تلقائية على بريدهم الإلكتروني، تصل إلى كل من يُرسل بريدًا إلكترونيًا لهم، مفادها أنهم في إجازة وأن الزميل الفلاني يقوم محله، وهو مستعد لخدمتهم، كما تصل إلى هذا الزميل نفس الرسالة، ومن ثم يُبادر إلى التواصل مع طالب الخدمة. وكذا الحال يُفترض به، في الأقسام والدوائر التي تتطلب مواجهة المُراجع مباشرة، مثل المكاتب الأمامية ومكاتب خدمة العملاء، وفي حالة خروج الموظف لإجازة يحل محله زميل آخر يتولى مسؤولية زميله. لكن من المُدهش أن المُراجع يذهب لإنجاز مُعاملته فيُقال له "تعال بعد أسبوعين، الزميل في إجازة"!!

الأمر يسري كذلك مع كبار المسؤولين، من وزراء ووكلاء وزارات، ربما تتطلب مُعاملة ما مقابلة وكيل وزارة أو وزير، وهنا نسأل: أين اللامركزية وتوزيع المهام؟ ولماذا لا يُطبِّق المسؤول الكبير أسلوب "الإنابة"، بحيث يُنيب أحد المديرين الكبار بمهام مُحددة، أو أن يُخصِّص وقتًا يوميًا لمتابعة أبرز الملفات وأكثرها حساسيةً؟

هذه التحديات وغيرها تستلزم فورًا ضرورة عودة الأداء الحكومي بكامل طاقته، بعد فترة إجازات طويلة، خاصة وأن الربع الأخير من العام الجاري سيبدأ بعد أيام معدودات، ونأمل أن يكون هذا الربع زاخرًا بالأنشطة والتطورات والإنجازات. في حقيقة الأمر أقولها بصراحة: ⁠لا يُمكن قبول أن تدخل مؤسسات الدولة كل سنة في سُبات صيفي يمتد لعدة شهور بحجة أنه "موسم الصيف والإجازات"، وعلى جميع المسؤولين متابعة العمل وسير الإجراءات في كل وحدة حكومية.

إنَّ مثل هذه التحديات تسبب في سلبيات كثيرة، منها تأخر الأعمال والمشاريع، ويكفي أننا خلال هذه الشهور لا نقرأ عن افتتاح مشروع كبير، ولا عن إنجاز ضخم حققته أي وحدة حكومية، لماذا؟ لأن معظم الموظفين في إجازات! إننا نريد أن نرى تحركات على أرض الواقع تؤكد أنَّ هناك مشاريع يتم تنفيذها وليس فقط اجتماعات ونقاشات، وهذه ظاهرة أخذت تنتشر كذلك خلال الآونة الأخيرة؛ حيث تنتشر أخبار عن اجتماعات لمسؤولين كبار ومناقشات، واستعراض لقضايا مختلفة، دون جديد يُذكر، فهل وصل الحال ببعض المسؤولين أنهم يعقدون الاجتماعات فقط لإجراء المناقشات والمباحثات حول مختلف الموضوعات؟!

وهذا يقودنا إلى نقطة أشرنا إليها، وهي اللامركزية؛ إذ ما يزال بعض المسؤولين لا يُطبقون نهج اللامركزية، رغم أنه يحظى بمباركة سامية ومن مجلس الوزراء كذلك، لكن بعض المسؤولين لا يرغبون في نقل الصلاحيات إلى من يرأسونهم من مديري عموم ورؤساء دوائر، في حين أن هناك وزارات خدمية (مثل وزارة الإسكان والتخطيط العمراني) نجحت في تحقيق نقلة نوعية بفضل تطبيق نهج اللامركزية وتخويل المسؤولين في مديريات الوزارة بالمحافظات بمهام الوزير نفسه، وهذه خطوة جريئة وتستحق الإشادة والثناء، ونأمل أن يسير على خطاها جميع الوزراء في الحكومة.

ولا شك أن تطبيق اللامركزية من شأنه أن يُعزز مسيرة التنمية في المحافظات، خاصة وأن كثيرًا من المحافظات ما تزال تفتقر إلى رؤية تطويرية شاملة، تضمن الارتقاء بالقطاعات التنموية والاقتصادية في هذه المحافظات. وهنا لا نُنكر جهود عدد من المحافظين مشهود لهم بالكفاءة والحيوية في العمل، حتى إننا نقرأ أخبارهم بصفة يومية في الصحف، وربما نجد هذا المحافظ النشيط يجوب أنحاء محافظته متنقلًا بين الولايات لمتابعة سير العمل، في حين أن محافظين آخرين لا نقرأ لهم أي خبر في الصحف لمدة تفوق الشهر أو الشهرين، ودعوني أقولها بلا مواربة، إنَّ هناك عدد من المحافظين لا يكاد حتى المواطن العادي يعرف أسماءهم! بسبب ضعف نشاطهم وقلة ظهورهم المجتمعي، والمقصود بالظهور هنا ليس رعاية الفعاليات؛ بل متابعة المشاريع وإسداء التوجيهات في مواقع العمل.

في حقيقة الأمر، إننا نأمل تجاوز حالة شبه الجمود الحالية في العمل الحكومي وإنعاش القطاع الخاص، في وقت تزداد فيه ⁠تحديات النمو، في ظل التطورات الإقليمية والمتغيرات الجيوسياسية، وضعف القطاع الخاص في بلادنا، والحل يكمن في طرح المزيد من المبادرات وإعادة تقييم المبادرات السابقة، وإطلاق حزم تحفيزية جديدة، خاصة للقطاعات الإنتاجية وتلك التي توفر فرص العمل للمواطنين، والجميع يعلم تمامًا طبيعة التوظيف لدينا، وما يواجهه الباحثون عن عمل من تحديات غير مسبوقة في الحصول على فرصة وظيفية.

وعندما نتحدَّث عن القطاع الخاص وأهمية تحفيزه وتنميته، نؤكد أنَّ هذا القطاع هو الوحيد القادر على قيادة مسيرة التنمية، فعلى الرغم من أهمية الاستثمارات الأجنبية، إلّا أننا يجب أن نُعوِّل أولاً وقبل كل شيء على القطاع الخاص الوطني؛ لأنه قاطرة التنمية الفعلية، والمُولِّد لفرص العمل والداعم لخطط التحديث والتطوير. و⁠نمو القطاع الخاص يعني توفير الوظائف وتنشيط الحركة التجارية والعقارية، وإتاحة المزيد من الفرص لنهضة اقتصادية شاملة ترتقي بمستوى معيشة المواطن وتعود بالنفع على اقتصادنا الوطني.

ويبقى القول.. إنَّ المرحلة المُقبلة تتطلب منّا جميعًا المُسارعة لبذل كل جهد يُساهم في نمو الاقتصاد، الذي يمثل العمود الفقري لأي نهضة تنموية، وهذا يتطلب توفير المزيد من الحوافز وتبسيط الإجراءات، وبصفة خاصة ما يتعلق بالتمويل؛ لأنه ضمانة نمو وتوسُّع القطاع الخاص، كما يستدعي الأمر ضرورة إنجاز المُعاملات المتأخرة وسداد المُستحقات ومواصلة جهود جذب الاستثمارات الوطنية والأجنبية على حدٍ سواء، كي تنعم بلادنا بمزيد من الرخاء والاستقرار والازدهار.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: القطاع الخاص من الم

إقرأ أيضاً:

حقيقة زيادة الحد الأدنى للأجور بالقطاع الخاص لـ 7 آلاف جنيه

كتب- محمد أبو بكر:

قال مجدي البدوي، نائب رئيس اتحاد العمال، إن ما تم تداوله في الساعات الماضية بشأن زيادة الحد الأدنى لأجور العاملين في القطاع الخاص إلى 7 آلاف جنيه، لا أساس له من الصحة.

وأوضح البدوي في تصريحات لمصراوي، أن حزمة الحماية الاجتماعية لم يتم إقرارها حتى الآن، لافتًا إلى أنه لم يحدث اجتماعات بالمجلس القومي للأجور لمناقشة أي زيادات جديدة في الحد الأدنى للأجور.

لا توجد اجتماعات رسمية لزيادة الأجور

وأكد "البدوي" ، أنه لم يتم عقد أي اجتماعات في هذا الصدد، مشيرًا إلى أنه لا توجد خطط رسمية لزيادة الأجور في القطاع الخاص في الوقت الراهن.

وأضاف أن أي تحركات لرفع الحد الأدنى للأجور تتطلب التنسيق مع كافة الأطراف المعنية، بما في ذلك أصحاب الأعمال، من أجل الوصول إلى صيغة توافقية حول هذه المسألة.

وشدد نائب رئيس اتحاد العمال على أهمية التنسيق بين جميع الأطراف لضمان تطبيق الزيادة بشكل عادل ومتوازن، قائلًا:"وقال: "لا يوجد اجتماع حدث حتى الآن في هذا الشأن، ونحن نتمنى رفع الحد الأدنى للأجور بما يتناسب مع متطلبات المعيشة".

التحديات في تطبيق الزيادة الحالية

وتطرق البدوي إلى الوضع الحالي، حيث أشار إلى أن بعض المؤسسات لم تطبق حتى الآن الزيادة التي تم إقرارها سابقًا، والتي رفعت الحد الأدنى لأجور العاملين في القطاع الخاص إلى 6 آلاف جنيه، لافتًا إلى أنه من المهم التأكد من التزام كافة المؤسسات بتطبيق هذا الحد الأدنى لضمان حقوق العمال.

اقرأ أيضًا:

من أكبر مساجد العالم.. 15 صورة لمسجد مصر في العاصمة الإدارية بعد افتتاحه

للمصريين والأجانب.. أسعار تذاكر برج القاهرة 2025 بعد زيادتها

وزير السياحة يكشف عن سبب أزمة أسود قصر النيل

بعد التعدي على الطالبة.. زيارة مفاجئة لوزير التربية والتعليم لمدرسة كابيتال الدولية

الحد الأدنى للأجور القطاع الخاص مجدي البدوي

تابع صفحتنا على أخبار جوجل

تابع صفحتنا على فيسبوك

تابع صفحتنا على يوتيوب

فيديو قد يعجبك:

الخبر التالى: رسميًا.. موعد إجازة ثورة يناير وعيد الشرطة للقطاع الخاص الأخبار المتعلقة رسميًا.. موعد إجازة ثورة يناير وعيد الشرطة للقطاع الخاص أخبار شريف فتحي: السياحة قائمة على القطاع الخاص بنسبة 100%.. وهذا دور الحكومة أخبار رواتب تصل لـ13400 جنيه.. 25 فرصة عمل متاحة بـ8 محافظات والتقديم بهذا الموعد أخبار نشرة التوك شو| حقيقة زيادة رواتب القطاع الخاص الفترة المقبلة.. وأصداء مقترح أخبار أخبار مصر وكيل مجلس الشيوخ: تحسين كفاءة شركات الطيران يتطلب استراتيجيات متعددة منذ 19 دقيقة قراءة المزيد أخبار مصر محافظ القاهرة يفتتح وحدة الرعاية المركزة المتكاملة بمستشفى دار السلام منذ 20 دقيقة قراءة المزيد أخبار مصر نقيب الأشراف يشيد بجهود القيادة السياسية وأجهزة الأمن المصرية في وقف إطلاق منذ 40 دقيقة قراءة المزيد أخبار مصر وزير السياحة: نرمم الآثار وفقًا للقواعد الدولية المعمول بها منذ ساعتين قراءة المزيد أخبار مصر نص كلمة وكيل "الشيوخ" بالجلسة العامة بشأن ذكرى ثورة يناير وعيد الشرطة منذ ساعتين قراءة المزيد أخبار مصر نائب بالشيوخ يستعرض طلبًا بشأن دعم الطيران العارض وتعزيز كفاءة القطاع منذ ساعتين قراءة المزيد

إعلان

إعلان

أخبار

حقيقة زيادة الحد الأدنى للأجور بالقطاع الخاص لـ 7 آلاف جنيه

أخبار رياضة لايف ستايل فنون وثقافة سيارات إسلاميات

© 2021 جميع الحقوق محفوظة لدى

إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك كيف تفعل مكالمات "الواي فاي" على هاتفك الأندرويد أو الآيفون؟ طقس الساعات المقبلة.. الأرصاد: أمطار وبرودة بهذه المناطق 23

القاهرة - مصر

23 13 الرطوبة: 46% الرياح: شمال شرق المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار bbc وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك خدمة الإشعارات تلقى آخر الأخبار والمستجدات من موقع مصراوي لاحقا اشترك

مقالات مشابهة

  • وزيرة البيئة تؤكد ضرورة تعزيز مشاركة القطاع الخاص والاستثمار في المحميات الطبيعية
  • وزيرة البيئة تؤكد ضرورة تعزيز مشاركة القطاع الخاص في المحميات الطبيعية
  • عبد الرحمن العور: تعيين 40 ألف مواطن في القطاع الخاص عام 2024
  • صندوق الوطن يطلق نسخة من «مسارات» لأبناء الإمارات من خريجي الثانوية العامة
  • بحث علمي يوصي بتعزيز تطبيق اللامركزية الإدارية في المؤسسات الحكومية
  • الجيباني: لا بد من تشجيع القطاع الخاص وتحسين رواتب العاملين به
  • «صندوق الوطن» يطلق دورة من «مسارات» لخريجي الثانوية العامة
  • صندوق الوطن يطلق نسخة من “مسارات” لأبناء الإمارات من خريجي الثانوية العامة
  • المحولي يناقش مع صندوق تنمية المهارات خطط وأنشطة العام 2025
  • حقيقة زيادة الحد الأدنى للأجور بالقطاع الخاص لـ 7 آلاف جنيه