انفضّت مباحثات جنيف الخاصة بوقف الحرب في السودان، دون أن تشفي أشواق السودانيين المُلحة لوقف الاقتتال واستعادة حياتهم التي تسرّبت من بين أيديهم فجر 15 أبريل (نيسان) من العام الماضي. ورغم ذلك، فقد تركت محادثات جنيف ضوءاً خافتاً تمثَّل في الاتفاق على إيصال المساعدات الإنسانية عبر

«تحالف السلام» في السودان.

.. هل يصبح مقدمة لتدخل عسكري؟
خبراء يشيرون إلى فرضية استخدام «الفصل السابع» من ميثاق الأمم المتحدة

الشرق الأوسط)

انفضّت مباحثات جنيف الخاصة بوقف الحرب في السودان، دون أن تشفي أشواق السودانيين المُلحة لوقف الاقتتال واستعادة حياتهم التي تسرّبت من بين أيديهم فجر 15 أبريل (نيسان) من العام الماضي. ورغم ذلك، فقد تركت محادثات جنيف ضوءاً خافتاً تمثَّل في الاتفاق على إيصال المساعدات الإنسانية عبر منفذين. كما أعلنت عن بديل أطلقت عليه «التحالف الدولي من أجل السلام وإنقاذ الأرواح في السودان»، وتركته غامضاً لم ترسم له دوراً واضحاً، أو تُحدد آليات عمله، أو ماذا سيقدِّم للسودانيين الذين دمرت الحرب حياتهم.

وفي بيانهم الختامي، أقر أعضاء منبر جنيف تشكيل تحالف لإنهاء الحرب في السودان، يضم كلاً من الولايات المتحدة والسعودية ومصر والإمارات والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي.

واكتفى المؤتمرون بالقول إن التحالف الجديد سيعمل مع المجتمع الدولي لإقرار إجراءات أكبر لإنقاذ الأرواح والسعي لتحقيق السلام في السودان، ووضع قواعد سلوك جديدة للأطراف المتحاربة، والالتزام بمواصلة العمل على حماية المدنيين، والامتثال للالتزامات السابقة، دون توضيح كيفية التوصل لآليات تنفيذ هذه الأهداف.

ودفع تمسك الجيش السوداني وحلفائه باستمرار القتال -مواطنين وقادة سياسيين- للمطالبة بحظر الطيران، خصوصاً مع سقوط عدد من المدن والحاميات العسكرية في يد «قوات الدعم السريع»، واحتمالات تصعيد جديد للقتال، ما قد يترتب عليه مزيداً من الأضرار الجسيمة التي تلحق بالمدنيين.

تسليح المدنيين
وطالب أكثر من 60 تجمعاً مدنياً وسياسياً، يغلب عليها الطابع النسوي، في بيان منذ يناير (كانون الثاني) الماضي، بالوقف الفوري لتسليح المواطنين، وفرض حظر على طيران الجيش، ووقف استخدام البراميل المتفجرة، وممارسة الضغوط على الطرفين لإنهاء الصراع، وإدخال قوات أممية للمراقبة وحماية المدنيين، وفي حال رفْض الطرفين وقف القتال، يتم فرض عقوبات عليهما وإحالة جرائمهما لمحكمة الجنايات الدولية.

بيد أن محللين سياسيين رأوا في إعلان التحالف الدولي «بذرة تحول لتحالف عسكري»، أمام صعوبة اتخاذ قرار دولي من مجلس الأمن، في ظل الانقسام الحاد بين أطراف المجتمع الدولي والدول دائمة العضوية في المجلس.

وفي هذا الصدد، قال المحلل السياسي والمحامي حاتم إلياس لـ«الشرق الأوسط»، إن التحالف يستند إلى شرعية أممية قديمة، وهي «التدخل لأغراض إنسانية» التي أعيد طرحها بقوة إبان فترة قيادة كوفي عنان للأمم المتحدة، الذي دعا حينها إلى تبني الأمم المتحدة فكرة «التدخل لأغراض إنسانية وحماية المدنيين، وهو من المفاهيم القديمة في القانون الدولي الذي ارتبط بالتدخل في المستعمرات التركية لحماية الأقليات المسيحية».

ووفقاً لحاتم إلياس، فإن هذا المفهوم يثير جدلاً تاريخياً بين فقهاء القانون الدولي حول ما إذا كان هذا المبدأ بدعة قانونية أم أنه يتسق مع ميثاق الأمم المتحدة. ويرى إلياس في التحالف المذكور أكثر من مجرد تحالف سياسي، بل هو «في الواقع تحالف يعد العدة لتنفيذ مفهوم التدخل العسكري في السودان لأغراض إنسانية وحماية المدنيين. لكن هذا لا يعني أن الأمر سيجري مباشرة بل بعد عدة ترتيبات، واعتقد أن القرار سيكون من داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة، لأن وجود روسيا والصين قد يعطل أي قرار في مجلس الأمن».

وأضاف أن «واقع الأمر يوضح أن الفاعلين الدوليين وأعضاء التحالف والمهتمين بقضايا السلام والأمن في السودان والإقليم، يرون أن الحكومة في بورتسودان فاقدة لأي استقلالية تمنحها قدرة اتخاذ القرار في اتجاه تحقيق السلام، والسبب في هذه المسألة أنها مشلولة بـ(فيتو إسلامي كارثي)، يعيق قدرتها على اتخاذ القرار بشكل مستقل عن سلطة التنظيم الإسلامي».

وتابع إلياس: «أن التحالف يمكن أن يفهم منه أن المجموعة التي تكوّنه، وصلت إلى طريق مسدودة في قضية السلام في السودان، وتريد أن تتخذ قرارها بنفسها لإنقاذ الشعب السوداني الذي تحاصره المجاعة والكوارث، وتقليل مخاطر تهديد حرب السودان لاستقرار الإقليم أيضاً».

لكن تجارب التدخل العسكري خارج مظلة مجلس الأمن، كما حدث في «تحالف الراغبين» الذي قادته الولايات المتحدة ضد العراق، و«التحالف الدولي العسكري» الذي قادته دول حلف «الناتو» في ليبيا، كانت نتائجها كارثية على العراق وليبيا، ولا تزال نتائجهما تؤثر على واقع الدولتين إلى اليوم.

«الفصل السابع»
بيد أن المحلل السياسي، الجميل الفاضل، يرى في تصريح المبعوث الأميركي، توم بيرلليو، خلال مؤتمره الصحافي يوم الجمعة، أن دول التحالف لا ترغب في عودة الإسلاميين إلى الحكم في السودان، كما لا ترغب في وجود «قوات الدعم السريع»، وهذا ربما يكون «مقدمة لتدخل عسكري استناداً إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة».

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن تحقيق هذا الهدف بعد فشل المفاوضات لن يتم إلا بالقوة، إذ لم يعد أمام التحالف إلا استخدام القوة، لا سيما أن غايته في انسياب المساعدات واجهت ردّاً بقصف عسكري مباشر في دارفور، وهذه رسالة لمن يريدون إيصال المساعدات الإنسانية عبر إقليم دارفور».

وأشار الفاضل إلى أن «سيطرة الحركة الإسلامية على قيادة الجيش أقفلت المنافذ أمام التحالف الدولي لتحقيق أهدافه، ما يجعل الطريق الوحيدة أمامه فرض هذه الأهداف بالقوة».

وأضاف أن «مفاوضات جنيف ربما هي الفرصة الأخيرة، وأتوقع الانتقال للخطة (ب) التي جرى ترتيبها عبر مجلس السلم والأمن الأفريقي. وستكون المهمة هي القضاء على نظام الأمر الواقع الذي بدأ يهدد بعلاقته بروسيا وتعزيز علاقته مع إيران».

وقال رئيس حزب «المؤتمر السوداني» والقيادي في تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم» عمر الدقير، في تغريدة على منصة «فيسبوك»، إن فشل المباحثات التي استمرت 10 أيام في جنيف يعني التحسب لاحتمال اشتداد المواجهات العسكرية.  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: التحالف الدولی الأمم المتحدة فی السودان

إقرأ أيضاً:

إيران تهدد باستهداف قاعدة أمريكية حال تعرضها لهجوم عسكري

أفادت صحيفة "تلجراف" البريطانية، نقلًا عن مسؤول عسكري إيراني، بأن إيران أعلنت استعدادها لضرب قاعدة "دييجو غارسيا" الأمريكية في المحيط الهندي، في حال تعرضها لهجوم من الولايات المتحدة، مما يزيد من حدة التوترات بين الجانبين.

ووفقًا للمصدر العسكري الإيراني، فإن طهران لن تتردد في استهداف القاعدة البحرية المشتركة بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، في حال شنت واشنطن أي ضربة عسكرية ضدها. 

وأكد أن إيران لا تفرق بين الجنود الأمريكيين أو البريطانيين أو حتى القوات المتواجدة من دول أخرى، إذا تم استخدام القواعد العسكرية في المنطقة لتنفيذ أي هجوم ضدها.

رد على تهديدات ترامب

يأتي هذا التصعيد الإيراني عقب تصريحات للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خلال مقابلة مع شبكة "إن بي سي نيوز"، حيث هدد بـ"قصف لم تره إيران من قبل" في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق لحل الأزمات العالقة بين البلدين.

ويشكل هذا التهديد الإيراني إشارة واضحة إلى أن طهران قد توسّع نطاق ردودها العسكرية ليشمل أهدافًا بعيدة عن المنطقة المباشرة للخليج العربي، مما يعزز المخاوف من اندلاع مواجهة عسكرية أكثر اتساعًا، تتجاوز الإطار التقليدي للصراع بين الطرفين.

إيران: مفاوضاتنا مع إدارة ترامب ستبقى "سرية"إيران ترد على تهديد ترامب بقصفها: مسار التفاوض لا يزال مفتوحًاترامب يهدد إيران بالقصف وفرض رسوم عليهارسالة تهديد قاسية..ترامب: إيران ستتعرض لقصف لا مثيل لهتصريحات ترامب..تهديدات لـ إيران وروسيا وموقف من بوتين وزيلينسكيترامب يحذر إيران | عواقب وخيمة إذا لم تتوصل إلى اتفاق نووي مع واشنطن

تُعد قاعدة "دييجو غارسيا" واحدة من أهم المنشآت العسكرية الأمريكية في المحيط الهندي، حيث تُستخدم لدعم العمليات العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط وآسيا. كما أنها لعبت دورًا رئيسيًا في الحروب التي خاضتها الولايات المتحدة في المنطقة، بما في ذلك الحروب في العراق وأفغانستان.

وبالنظر إلى الموقع الاستراتيجي للقاعدة، فإن أي تهديد مباشر لها من قبل إيران قد يفتح الباب أمام تصعيد عسكري خطير، إذ يُتوقع أن يؤدي استهدافها إلى رد عسكري أمريكي قوي.

مقالات مشابهة

  • زيلينسكي يتحدث عن صفقة المعادن ولقاء عسكري "مرتقب"
  • (مناوي) الذي لا يتعلم الدرس
  • كارثة إنسانية غير مسبوقة.. تقرير يرصد الدمار الذي خلفته الحرب في العاصمة السودانية
  • لحظات تاريخية.. هل نشهد موت التحالف بين أوروبا وأميركا؟
  • إيران تهدد باستهداف قاعدة أمريكية حال تعرضها لهجوم عسكري
  • صلاح الدين عووضه.. ميني حكاية: الرجل الذي فقد نفسه!!….
  • ألمانيا تدعو رئيس جنوب السودان ونائبه رياك مشار لتهدئة الأوضاع واستئناف الحوار
  • برلماني يؤكد على انهاء مهام التحالف الدولي في العراق: لا مبرر لوجوده
  • برلماني يؤكد على انهاء مهام التحالف الدولي في العراق: لا مبرر لوجوده - عاجل
  • البرهان في السعودية.. تفاصيل رحلة مهمة…!