لجريدة عمان:
2024-12-22@21:15:24 GMT

فرصة أخيرة للعرب.. قبل الخروج من التاريخ

تاريخ النشر: 24th, August 2024 GMT

لم تكن صورة حرب ومفاوضات غزة واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار كما هي في الأيام العشرة الأخيرة. صورة كاشفة، بل جارحة بدرجة لم يعد فيها حجة للنظام العربي والرسمي في ضرورة أن يتخذ خطوات حد أدنى ماطل في اتخاذها لمدة ٣٢٥ يوما كاملة مرت على غزة كأنها دهر بأكمله.

أسهم هذا التسويف وأحيانا التواطؤ في استفراد أمريكا وإسرائيل بالمقاومة في غزة وتمكينها من قتل وإصابة وفقد نحو مائة وخمسين ألف فلسطيني مدني بريء ثلثاهم من النساء والأطفال.

وساعد في حصار إسرائيلي وحرب تجويع لما يقرب من مليوني شخص من أشقائهم في أكثر حرب حضرية وحشية باعتراف توماس فريدمان الكاتب المؤيد لإسرائيل.

ما الذي جعل الصورة بهذا الوضوح المحرج للنظم العربية؟

ما جعلها كذلك هو الانقلاب الأمريكي الكامل على خطة الرئيس جو بايدن التي أعلنها بنفسه في ٣١ مايو الماضي وقبلت بها حماس. هذا الانقلاب الذي أظهرته سافرا جولة وزير الخارجية الأمريكي بلينكن الأخيرة للمنطقة حتى ليخرق مئزره العين التي لا تريد أن ترى.

هذه الجولة شهدت والتعبير للكاتب الإسرائيلي جدعون ليفي: «تساوقا تاما من هذا الوسيط غير النزيه» بلينكن «مع نتانياهو، متسببا في استمرار الحرب، وجعل فظائع غزة تتواصل. فلن يكون هناك اتفاق لوقف إطلاق النار أو لتحرير الأسرى وما قادنا إلى ذلك هو الخضوع الأمريكي لنتانياهو».

فبدلا من خطة بايدن القائمة على: الوصول لاتفاق شامل ينتهي بعد ثلاث مراحل إلى وقف للحرب وانسحاب إسرائيلي من غزة وتبادل للأسرى وفتح الباب لإمدادات الغذاء والدواء» وإعادة الأعمار فاجأ الأمريكيون جولة الدوحة الأخيرة بإسقاط المرحلة الثانية والثالثة من الاتفاق بما يمكن نتانياهو من العودة لحرب إبادة غزة متى وكيفما يشاء. سقطت أيضا فكرة الانسحاب من غزة مع إصرار نتانياهو على البقاء في غزة وعدم الانسحاب من ممر فيلادلفيا ومحور نتساريم أي الاحتفاظ بما يسميه الثروة الأمنية والإستراتيجية لإسرائيل.

تأكد هنا أن أمريكا توافق أو على الأقل ستسكت عما استنتجه بسهولة محللون فلسطينيون وإسرائيليون وغربيون من أن هدف نتانياهو الحقيقي هو احتلال غزة. تأكد أيضا أن مخطط التهجير إلى مصر أو عبر بحر غزة مازال قائما وسيتم العمل عليه ببطء كما تم العمل عليه في الضفة الغربية.

السؤال هنا لماذا انقلبت الإدارة الأمريكية على نفسها وقدمت مقترحا مختلفا بنسبة ١٨٠ درجة؟ الجواب هو كسب الوقت أولا كي ينعقد المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي الذي شهد ترشيح كامالا هاريس للرئاسة عن الحزب بزخم هائل يدفع تقدمها النسبي في استطلاعات الرأي على ترامب دفعة جيدة للأمام ولا يشوش عليها بأي درجة من درجات توتر كبير في الشرق الأوسط كان ليحدث لو حصل الرد الإيراني على اغتيال هنية أو رد حزب الله على اغتيال شكر وهو ما نجح الأمريكيون في تأجيله عبر استخدام الوسطاء العرب في إقناع طهران بالتأجيل حتى لا يتسبب في إفساد اتفاق ينهي الحرب على غزة.. اتفاق ادعى الأمريكيون أنه بات أقرب من أي وقت مضى وكانوا يعلمون قبل غيرهم أنه سراب بعيد.

الهدف الثاني تأجيل أطول وتساعد فيه رسالة واشنطن الحازمة التي لخصها بيان رسمي للقيادة المركزية الأمريكية «بأن الحشد العسكري الأمريكي الحالي في الشرق الأوسط هو أكبر تجمع للقدرات البحرية والقوات الجوية في التاريخ الحديث» ويتلخص في السعي لإبقاء المنطقة بعيدة عن اندلاع حرب شاملة حتى إجراء الانتخابات الأمريكية في نوفمبر إما بأسلوب إطالة مفاوضات غزة لأكبر وقت ممكن أو برسالة الردع العسكري بأكبر طاقة نيران هجومية أمريكية لحماية إسرائيل.

تخلت الإدارة الديمقراطية الحالية فعليا عن هدف إنهاء حرب غزة وقررت التعايش مع مستويات منخفضة منها - المحظور هو أن تصل لحرب شاملة - وذلك بشراء سكوت نتانياهو واتقاء شره ومنعه من التدخل في الانتخابات الأمريكية وهو الذي كان سيتجه غالبا لتحريض الصوت اليهودي والصوت المسيحي الصهيوني للتصويت ضد هاريس لصالح ترامب الذي ضمن مسبقا تأييدا مطلقا وأعمى منه.

مصيبة ما حدث وانكشاف ما فيه من خديعة أمريكية لحلفائها العرب هو أن من تباطأ في الرد أو أجله يشعر الآن بأن مصداقيته باتت على المحك ولابد أن يرد عاجلا أم آجلا وبقسوة أكبر، أما حركات المقاومة خاصة حماس التي وجدت في جولة الدوحة الأخيرة شركا أمريكيا يقودها إلى خيارين إما إلى حتفها أو إلى الاستسلام ورفع الراية البيضاء فقد جعلها هذا الخداع طرفا ليس لديه ما يخسره. بعبارة أخرى فإن كل احتمالات الوصول لحرب إقليمية وكل عناصر التصرف بيأس تزداد باعتراف ايهود أولمرت رئيس وزراء إسرائيل الأسبق. هذه الحرب الواسعة أول من سيكتوي بنارها هم العرب الذين أسلموا قيادهم لواشنطن وهم أصحاب المصلحة الأولى في تحدي التساوق الأمريكي مع نتانياهو الذي ينذر بأوخم العواقب. يستطيعون الآن أن يتقدموا بخطة لمنع حريق حرب إقليمية سيمتد نارها إلى بيوت الجميع.

هذه ربما الفرصة الأخيرة لكي لا تكون نهايتهم خروجا مخزيا من التاريخ. فيها يمكن للعرب استعمال بعض الخطوات شديدة التواضع لجزء مما لديهم من أوراق. على سبيل المثال يمكن لهم الدعوة لاجتماع طارئ على مستوى وزراء الخارجية العرب على الأقل تخرج منه هذه الخطوات الجماعية:

إذا لم تتم العودة للمقترح الأمريكي الأصلي للصفقة الذي وافق عليه العرب ووافقت عليه حماس ستوقف مصر وقطر دوريهما كوسطاء.

-التوجه العربي لاستصدار قرار من مجلس الأمن الدولي بإجبار إسرائيل على فتح المعابر لوصول الإمدادات للفلسطينيين تحت إشراف الأمم المتحدة وليس إسرائيل.

-التوجه الجماعي لاستصدار قرار من مجلس الأمن الدولي لتحويل قرار محكمة العدل الدولية التاريخي في ١٩ يوليو الماضي لقرار ملزم بإزالة المستوطنات وإجلاء المستوطنين من الضفة الغربية بما يجعل حل الدولتين كلام له معنى وليس ضحكا على الذقون.

- قرار أممي بالاعتراف بدولة فلسطين ومنحها العضوية الكاملة في الأمم المتحدة

-قرار عربي بأن مستقبل اليوم التالي لغزة والضفة لن يقرره نتنياهو بل يحدده الفلسطينيون عبر برنامج وطني يقوم على تحويل حكم غزة من يد حماس إلى يد حكومة وحدة وطنية متفق عليها وليس بقرار منفرد من أبو مازن وإعادة بناء م.ت. ف وإدماج حماس والجهاد فيها.

- ما دامت إسرائيل مصممة على انتهاك اتفاقية كامب ديفيد والإساءة إلى السيادة المصرية بالبقاء في ممر فيلادليفيا يمكن لمصر اللجوء للتحكيم الدولي أو محكمة العدل الدولية لإجبارها على احترام التزاماتها. فإن لم تنسحب من الممر يكون من حق القاهرة تعليق ووقف العمل بالاتفاقية.

هذا الجهد العربي لو تم سيلقى دعما من الصين وروسيا ودول الجنوب وحتى من دول أوروبية، وستضع المعارضة المتوقعة له من قبل واشنطن في موقف سياسي وأخلاقي شديد الصعوبة. الأهم أنه بدون المساندة المقدمة لواشنطن خاصة من مصر وقطر والسعودية والإمارات في عملية الوساطة المباشرة وغير المباشرة ستعجز أمريكا ويعجز نتانياهو عن تركيع الشعب الفلسطيني في غزة والضفة وإكراهه على صفقة ظالمة.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

2025.. عام الحساب بين نتانياهو وإيران

قالت صحيفة "جيروزاليم بوست" إن عام 2025 سيكون عام الحساب لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وإيران التي تعد العدو اللدود لبلاده.

وأوضحت الصحيفة الإسرائيلية أن نتانياهو على استعداد لتعزيز أهدافه الاستراتيجية وتشديد سيطرته العسكرية على غزة، وإحباط الطموحات النووية الإيرانية، والاستفادة من تفكيك حلفاء طهران وهم حركة حماس الفلسطينية، وحزب الله اللبناني، وإزاحة الرئيس السوري بشار الأسد.

انتصارات نتانياهو

وأشار تحليل للصحيفة إلى أن انهيار الأسد، والقضاء على كبار قادة حماس وحزب الله، وتدمير بنيتهما العسكرية، يمثل سلسلة من الانتصارات الضخمة لنتانياهو.
ويقول مراقبو الشرق الأوسط إن إيران تواجه خياراً صعباً: إما أن تستمر في برنامجها لتخصيب اليورانيوم أو تقلص أنشطتها الذرية وتوافق على المفاوضات.
وقال جوست هيلترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية: "إن إيران معرضة بشدة لهجوم إسرائيلي، وخاصة ضد برنامجها النووي. ولن أتفاجأ إذا فعلت إسرائيل ذلك، ولكن هذا لا يعني التخلص من إيران".
ومن جانبه قال المحلل الفلسطيني غسان الخطيب في إشارة إلى الرئيس المنتخب دونالد ترامب: "إذا لم يتراجع الإيرانيون، فقد يضرب ترامب ونتانياهو إيران، حيث لا شيء يمنعهم الآن". وزعم الخطيب أن القيادة الإيرانية، التي أظهرت براجماتية في الماضي، قد تكون على استعداد للتنازل لتجنب المواجهة العسكرية.

Analysis | 2025 will be a year of reckoning for Benjamin Netanyahu as the Israeli leader is set to cement his strategic goals: tightening control over Gaza, thwarting Iran's nuclear ambitions, and capitalizing on the dismantling of Tehran's allies.https://t.co/ARyx6CXtHi

— The Jerusalem Post (@Jerusalem_Post) December 20, 2024 تحجيم إيران

ومن المرجح أن يشدد ترامب، الذي انسحب من اتفاق عام 2015 بين إيران وست قوى عالمية بهدف الحد من أهداف طهران النووية، العقوبات على صناعة النفط الإيرانية على الرغم من الدعوات للعودة إلى المفاوضات من المنتقدين الذين يرون الدبلوماسية كسياسة أكثر فعالية على المدى الطويل.

ووسط الاضطرابات في إيران وغزة، ستلعب محاكمة نتانياهو طويلة الأمد في قضايا الفساد، والتي استؤنفت في ديسمبر (كانون الأول)، دوراً حاسماً في تشكيل إرثه. وللمرة الأولى منذ اندلاع حرب غزة في عام 2023، تولى نتانياهو إجراءات مجلس الحرب التي قسمت الإسرائيليين بشدة.

ومع اقتراب عام 2024 من نهايته، من المرجح أن يوافق رئيس الوزراء الإسرائيلي على توقيع اتفاق وقف إطلاق النار مع حماس لوقف الحرب بين إسرائيل وحماس التي استمرت 14 شهرًا في غزة وتحرير الرهائن الإسرائيليين المحتجزين، وفقاً لمصادر قريبة من المفاوضات.

ولكن غزة ستظل تحت السيطرة العسكرية الإسرائيلية في غياب خطة أمريكية بعد الحرب لإسرائيل للتنازل عن السلطة للسلطة الفلسطينية، والتي يرفضها نتانياهو. وأظهرت الدول العربية القليل من الميل للضغط على إسرائيل للتنازل أو دفع السلطة الفلسطينية المتدهورة لإصلاح قيادتها لتولي السلطة.

وبالنسبة لنتانياهو، فإن مثل هذه النتيجة ستمثل انتصاراً استراتيجياً، وترسيخاً للوضع الراهن الذي يتماشى مع رؤيته: منع قيام الدولة الفلسطينية مع ضمان سيطرة إسرائيل طويلة الأمد على غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية.

نتانياهو يلمح إلى فتح "جبهة ثامنة" للحرب الإسرائيلية - موقع 24قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، اليوم الأربعاء، في كلمة ألقاها أمام الكنيست: "نحن نخوض حرباً على 7 جبهات، وربما تنضم إليها جبهة أخرى"، دون أن يذكر ما يعنيه بتلك الجبهة الجديدة.

واندلعت حرب غزة عندما اقتحم عناصر حماس إسرائيل في 7 أكتوبر(تشرين الأول) 2023، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز 250 رهينة.

وردت إسرائيل بهجوم جوي وبري أسفر عن مقتل 45 ألف شخص، وفقاً لوزارة الصحة التي تديرها حماس في غزة، ونزوح 1.2 مليون شخص.

مقالات مشابهة

  • عطوان: لماذا سيدخل الصاروخ الفرط صوتي اليمني الذي قصف قلب يافا اليوم التاريخ من أوسع أبوابه؟
  • رئيس وزراء فرنسا المكلف يجري تعديلات أخيرة على حكومته
  • غانتس يتهم نتانياهو بتدمير صفقة الرهائن
  • الثكنة الأخيرة
  • “فرصة العام الأخيرة” للاستثمار في الذهب والدولار قبل 2025
  • شرط قديم جديد..نتانياهو: لن أوقف الحرب في غزة قبل القضاء على حماس
  • إذا سافر إلى بولندا..وارسو: سنعتقل نتانياهو
  • تصعيد مرتقب: نقابة المعلمين تمنح السلطات مهلة أخيرة لصرف الرواتب
  • 2025.. عام الحساب بين نتانياهو وإيران
  • «البنتاجون»: زيادة جنود الجيش الأمريكي في سوريا بعد التطورات الأخيرة