لجريدة عمان:
2024-09-13@03:56:32 GMT

البعد الرقمي وتفاعله في الأحداث البريطانية

تاريخ النشر: 24th, August 2024 GMT

أظهرت أحداث بريطانيا الأخيرة شرخا مجتمعيا كبيرا أحدث ألما في المجتمع البريطاني حكومة وشعبا، وتتجلى صور هذه الأحداث -التي يمكن أن نسميها بالدامية- في شكلها العنيف الذي قاده اليمين المتطرف البريطاني، والذي بدأت شرارته عبر صيحات تتحرك بظاهرها وفقَ الأهواء القومية الداعية إلى كبح صعود العرق الأجنبي -غير البريطاني- وتمدده في المجتمع البريطاني، وتركزت هذه النداءات العرقية والطائفية على المسلمين بشكل خاص والمهاجرين بشكل عام إثر حادثة مقتل ثلاثة أطفال الذي زُعمَ عبر وسائل التواصل الاجتماعي -كذبا- أن القاتل مسلم مهاجر غير شرعي؛ فهاجت مشاعر القوميين البريطانيين لهذه الحادثة عبر ما أُشعلَ في داخلهم من نعرة طائفية سبق أن أُحدِثتْ في نفوسهم وتراكمت.

في بعد سياسي وأمني، أظهرت هذه الأحداث الدور الصهيوني الإسرائيلي الذي يتزعمه بريطاني يُدعى «تومي روبنسون» الذي يتظاهر بوطنيته البريطانية، إلا أنه في مناسبات كثيرة أظهر نفسه مؤيدا للكيان الإسرائيلي واستعداده للقتال بصف هذا الكيان، وعبّر عن امتعاضه من المظاهرات -رغم سلميتها- الداعمة لفلسطين التي اعتبرها تهديدا للكيان الصهيوني، وأكد بسببها أن دعوته لجماعات اليمين المتطرف للخروج وإحداث الفوضى تأتي في سياق وجود المظاهرات المؤيدة لحماس -كما يزعم-.

تأتي أحداث بريطانيا لتكون مظهرا من مظاهر أزمة المجتمعات الرقمية -التي سبق أن حذّرنا من تحدياتها المتصاعدة- المتمثلة في هيمنة الأدوات الرقمية عبر بياناتها المتناقَلة التي تعبر بكل يسر إلى عمق المجتمع البشري؛ فتثير بمساعدة الخوارزميات الذكية ثورتها المؤجِجة لِكُلِّ أصناف العنف والفوضى؛ فنرى عبر هذه الديناميكية الرقمية شكلا آخر للمجتمعات البشرية لم نعتد رؤيته في المجتمعات التقليدية السابقة مثل المجتمعات الصناعية والإلكترونية؛ فيفتقد المجتمع الرقمي رغم تقدمه العلمي والتقني ميزات العقلانية وميزانها؛ فنراه أكثر عاطفية نتيجة الانفصال عن الواقع الذي أحدثه عالمه الافتراضي الذي أوجده الواقع الرقمي، والذي يعكس واقعا لا يلتزم -ضرورةً- بوجود الحقيقة بمطلقها ونسبيتها؛ فمن السهل أن يتخلله الزيف المتعمد الذي يسعى عن طريقه صنّاع القرارات السياسية والمؤسسات الاستخباراتية تحقيق مآربهم السياسية، ولم تعد بريطانيا استثناءً في مثل هذا النوع من الحرب الرقمية التي أظهرت فيها هذه الأحداث هشاشةً مجتمعيةً صعبةَ التحكم رغم تفوقها الرقمي والتقني، ولعل يمكن للبعض أن يعللَ هذه الضعضعة التي عاشتها المملكة المتحدة نتيجةً لتراخيها في القضية الفلسطينية بل لدعمها اللامحدود -الاستخباراتي ومدّها بالسلاح- للكيان الصهيوني وجماعاته المتطرفة، ومنحه صلاحية تتجاوز حدود أمنها القومي، وهذا ما يمكن استنتاجه من أحداث غزة الدامية التي أظهرت الوجه الحقيقي للدول الغربية المساند للكيان الصهيوني.

لا ندرك مدى الوعي البريطاني الحالي بالمخاطر التي تحيط بمجتمعها البشري الرقمي، ولا ندرك أيّ وعي يمكن أن يتداركه الساسة البريطانيون فيما يخص خطر دعمهم للكيان الصهيوني الذي أثبت في أحداث بريطانيا وجوده طرفا مباشرا مشعلا للعنف داخل المجتمع البريطاني؛ ليعلن أنه سيعاقب كل أحد بمن فيهم حلفاءه المخلصين في حالة وجود أي مظهر من مظاهر الدعم لفلسطين بما فيها السماح للمظاهرات المناهضة لحرب غزة، ولكن من اليسير أن نستوعب المعادلة الصهيونية القائمة على الدعم الغربي بأطيافه السياسية والتجارية أنها غير معنية إلا بشأن وجودها واستمرار بقائها، ولو على حساب الحكومات والشعوب بما فيها الحكومات الغربية وشعوبها، وهذا ما يمكن أن نراه جليًّا في ظاهرة الانتخابات الأمريكية -مثالا- التي يتسابق فيها المترشّحُ لنيل رضى اللوبيات الصهيونية طمعا في نيل دعمهم المالي والسياسي، وهذا ما يُلحظ أيضا في معظم الدول الغربية الأخرى التي يتغلغل في مقاعد برلماناتها التأثير الصهيوني الذي يعمل بسياسة «العصا والجزرة»، و«العقوبة والثواب»، وهذا ما ينعكس واقعا في الأحداث البريطانية الأخيرة.

نتحدث عن الأحداث البريطانية لتكون شاهدةً على ما سبق أن حذّرنا منه في ظل دخولنا العصر الرقمي، وتحوّل مجتمعاتنا الصناعية الوادعة إلى مجتمعات رقمية سهلة التحكم والانقياد، ولا يعني هذا غياب الوعي وانعدامه بشموليته المطلقة إلا أننا نشهد سياسة جديدة معنية -لما يمكن أن نطلق عليه- بـ«التحكم بالقطيع»، ويؤسفنا أن يتحول المجتمع البشري إلى مجموعة من القطيع يَسْهُل صناعة أفكاره وفقَ السياقات السياسية المطلوبة ونزواتها؛ فيغدو آلةً مُتحكمًا بها عن طريق ما يبثُ في داخله من أفكار ثبت زيف كثير منها قادته إلى الإخلال بنظامه الإنساني سواء نظامه الأخلاقي والاجتماعي أو نظامه الأمني الذي يربك المجتمعات ويقلق مضجعها.

لعل هذه الأحداث وعلاقة نشأتها وتصاعدها المباشرة بالتحديات الرقمية تدفعنا -مرة أخرى- إلى تقويم مستويات الوعي الرقمي المجتمعي وتحديثه عبر المستجدات المتصلة به؛ فأحداث بريطانيا وما صاحبها من إضرار بالأمن العام وممتلكاتها العامة والخاصة لم يكن ليصل هذا المستوى من السوء حال وجود وعي مجتمعي عالٍ، ولهذا من المهم أن نراجع مستويات وعينا المجتمعي بعمومه، وأن نحدد مخاطر الثغرات الرقمية التي لا تكتفي بفوائدها الجمّة بل تمتلك في جانب آخر كما هائلا من الأسلحة التي يمكن أن تركسَ المجتمعات وتفكك نسيجها؛ فالدعوات إلى المظاهرات والاعتصامات التي يمكن أن تتسرب بصحبة التأثير العاطفي سواء ذلك الذي يصنعه الواقع أو تصنعه الأداة الرقمية زيفا يمكن أن يكون -في كثير من حالاته- ذا بعد سياسي يرمي إلى إحداث فرقعة مجتمعية مزعجة من اليسير أن تتطور إلى أحداث غير مرغوبة تتصاعد باقتناصها الفرص السانحة. نحن في عالم بات من السهل أن يصطبغ بشعارات برّاقة، ولكنها -في غالبها- ذات زيف تهدف إلى صناعة الدمار المجتمعي، ولا يمكن لأي مجتمع أن يخلو من المنغصات والمشكلات بأنواعها، ولكن في الوقت نفسه لا يمكن أن نجعل من هذه المشكلات مسلكا إلى الفوضى التي تسعى مجموعات خارجية إلى إشعال فتيل عنفها، وكم من مشكلات تعيشها المجتمعات وجدت حلولها بطرقها السلمية الجادة الخالية من معتركات الفوضى والدمار. لست ذا توجه بالتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، ولكن من المستحب أن نراجع مثل هذه التجارب الخارجية؛ لتوقظ في داخلنا أسئلة عن الأسباب التي يمكن أن تقود لمثل هذه الاضطرابات، وعن الوعي المجتمعي الذي يأتي في صوره المتجددة منها -في وقتنا الحاضر- الوعي الرقمي وإدراك أعماقه الخفيّة المتشابكة مع ملوثات السياسة ومآربها.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: للکیان الصهیونی أحداث بریطانیا التی یمکن أن هذه الأحداث وهذا ما

إقرأ أيضاً:

خالد الصاوي يرثي كلبته بعبارات مؤثرة.. ومظهر شاهين يعلق

أعلن الفنان خالد الصاوي وفاة كلبته المفضلة عبر منشور مؤثر عبر حسابه الشخصي بموقع تبادل الصور والفيديوهات إنستجرام، حيث عبر عن مشاعره بطريقة صادقة ومؤثرة، مما جعل الشيخ مظهر شاهين، إمام وخطيب مسجد عمر مكرم، يرد. 

 

خالد الصاويرثاء الصاوي وكلماته المؤثرة

كتب خالد الصاوي خلال منشوره: "كيم ينبوع الحنان العائلة، باي باي حبيبة قلب بابي، يا رب أرجوك اجمعني بيها وبـ ميكي يومًا ما، إن شاء الله في حلم طويل"، وهذا المنشور يعكس مدى عمق العلاقة التي كانت تربط الصاوي بكلبته، وكيف كانت تمثل له مصدرًا كبيرًا للحب والحنان.

في رثاء كلبته، استخدم الصاوي تعبيرات آخرى فنية تتسم بالحزن والتأمل، حيث قال: "كأني حفار قبور مخمور ومسطول موت.. بكتب في نعي الأحبا خليل ورا الثاني واشرب فـ نخب الحبايب مالحياة والموت.. وأعزّي كل البشر.. ولا حد عزّاني". من خلال هذه الكلمات، يعبر الصاوي عن شعوره بالضياع والألم من فقدان كلبته، وكيف أن هذا الفقدان يشعره وكأنه يعيش في عالم مليء بالحزن والفراغ.

 

تعزية الشيخ مظهر شاهينتعزية الشيخ مظهر شاهين

في ظل هذه المشاعر، تقدم الشيخ مظهر شاهين، إمام وخطيب مسجد عمر مكرم، بالتعزية إلى الفنان خالد الصاوي عبر صفحته على فيس بوك، قائلًا: "صادق المواساة للأخ الفنان خالد الصاوي في موت كلبه، سائلًا المولى سبحانه وتعالى أن يربط على قلبه ويلهمه الصبر على فراقه، فالحزن عند الموت رحمة في قلوب العباد، والإسلام دين الرحمة بكل مخلوق أليف"، وتعكس هذه الكلمات تفهم الشيخ شاهين للحزن الذي يعاني منه "الصاوي" وتقديمه للتعزية في هذا الوقت العصيب.

 

أحدث أعمال خالد الصاوي

وعلى صعيد آخر، شارك الفنان خالد الصاوي هذا العام في العديد من الأفلام منها "ليه تعيشها لوحدك؟"، وتدور الأحداث حول طبيب يسعى إلى الوقوف بجانب صديقه المصاب بالسرطان، فيمر الثنائي بالعديد من الأحداث والتجارب العصيبة، وتتوالى الأحداث.

وفيلم "رحلة 404" قبل أيام من سفرها إلى (مكة) لأداء فريضة الحج، تتورط (غادة) في مشكلة طارئة، فتلجأ لأشخاص من ماضٍ ملوث كانت قد قطعت علاقتها بهم، من أجل جمع مبلغ مالي كبير، وتتوالى الأحداث.

 

وشارك أيضًا في فيلم "وقت إضافي"، ويدور العمل حول ثلاثة رجال محتالين يحلمون بتحقيق ثروة كبيرة بوقت قصير، فيجتمعون بإحدى المصحات العلاجية لتنفيذ مهمة اختطاف أحد الأشخاص على أمل جني أكبر قدر من المال من وراء ذلك.

 

وفي الدراما، شارك الفنان خالد الصاوي في مسلسل "صدفة" والذي عرض في رمضان 2024، وتدور الأحداث حول المُعلمة (صدفة)، التي تجد نفسها متورطة في زيجة لا تعلم عنها شيئًا، فتبدأ السعي لمعرفة كيف تورطت في هذه الزيجة، كما تحاول التواصل مع أسرتها والتقرب منها.

مقالات مشابهة

  • نجوى كرم تفاجئ الجمهور بـ”ريمكس” أغنية “يلعن البعد”
  • نجوى كرم تفاجئ الجمهور بريمكس أغنية "يلعن البعد"
  • نجوى كرم تفاجئ الجمهور بـ "ريمكس" أغنية "يلعن البعد"
  • أحمد حاتم يهنئ ابنه بيوم ميلاده: كل سنة وانت طيب يا باشا
  • ثقافة الأقصر تستقبل مشاهدات نوادي المسرح
  • الكويت.. 3 قرارات بعد مباراة الأحداث المؤسفة أمام العراق
  • أبطال مسلسل تيتا زوزو يكشفون تفاصيله
  • خالد الصاوي يرثي كلبته بعبارات مؤثرة.. ومظهر شاهين يعلق
  • 60 مشاركًا في "الملتقى السنوي للمراقبين الاجتماعيين"
  • حلقة تستعرض تطبيق الأدوات الرقمية والممارسات لتعزيز دور المؤسسات الحكومية