لجريدة عمان:
2024-12-22@10:27:33 GMT

الانتماء الوطني في مواجهة العولمة الثقافية

تاريخ النشر: 24th, August 2024 GMT

الانتماء الوطني في مواجهة العولمة الثقافية

قبل عقدين من الزمن كان الحديث عن خطر تأثير العولمة على القيم الوطنية والثقافات المحلية قد بلغ ذروته، ورغم أن البعض اعتقد أن ذلك الخوف والتحذير غير منطقي إلا أن آثاره تبدو اليوم واضحة جدا، وباتت الكثير من المجتمعات تدعو وتنادي بأهمية تعزيز قيمها الوطنية والحفاظ على الهويات من التآكل الذي بات ينخر في عمقها نتيجة الضخ الكبير لهويات وقيم وافدة لا تنتمي ولا تستقيم مع الحضارة الإسلامية، وبعيدة كل البعد عن الفطرة السليمة من المنظور الإنساني البحت قبل المنظور الديني.

لقد أدت العولمة التي روج لها بوصفها عاملا محوريا لتعزيز التواصل بين الشعوب إلى تآكل الهوية الوطنية لكثير من المجتمعات. ومع تزايد نفوذ القيم والمبادئ التي لا تنتمي بالضرورة إلى ثقافاتنا الشرقية، على سبيل المثال، أصبح الحفاظ على الهوية الوطنية ضرورة ملحة، ليس فقط لضمان الاستمرارية الثقافية، بل للحفاظ على الاستقرار الاجتماعي والنفسي للأفراد.

لقد أشار الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو إلى أن «الوطنية ليست فقط حبا للأرض، بل هي أيضا حب للقيم التي تحملها هذه الأرض». هذه الكلمات تلخص بشكل بليغ العلاقة العميقة بين الهوية الوطنية والقيم التي تحملها. ولكن اليوم، نجد أن هذه القيم مهددة من قبل تأثيرات عولمية تسعى إلى إلغاء الفوارق الثقافية بين الشعوب.

ليس من المستغرب أن يتأثر الأفراد، لا سيما الأجيال الشابة، بهذه المتغيرات؛ فوسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا الحديثة تُغرقاننا بوابل من الثقافات المختلفة، حتى يكاد يضيع مفهوم الانتماء الوطني في خضم هذا التدفق المتسارع للمعلومات وما تحمله في داخلها من أفكار تشكل قيما جديدة وغريبة.

إن الدعوة التي تتزايد في كل مكان في دول الشرق ودول الجنوب العالمي لا تعني الانفصال عن العالم أو نكران القيم المشتركة التي تربط بين الناس في كل مكان، ولكنها تعني الحفاظ على قيمنا التي تشكلت عبر قرون طويلة، وهذه الدعوة بهذا المعنى موجودة حتى في الفكر الغربي، ويمكن هنا استعادة دعوة الفيلسوف الألماني كانط الذي كان ينادي بـ«الالتزام بالقيم الإنسانية المشتركة مع الحفاظ على خصوصية الهوية الوطنية». قد يبدو هذا التوازن صعب التحقيق، لكنه ضروري لضمان ألا تتحول الهوية الوطنية إلى مجرد شعار فارغ.

إن أهمية الحفاظ على قيم الانتماء الوطني لا تقتصر على الجانب العاطفي أو العرفي فحسب، بل تتعدى ذلك لتصل إلى جوانب جوهرية من الاستقرار الاجتماعي. فالأمة أو الشعب الذي يفقد هويته يتعرض للانهيار من الداخل؛ لأن أفراده يفقدون رابطهم المشترك. يقول المفكر الجزائري مالك بن نبي «كي يستعيد العالم الإسلامي مكانته، عليه أن يتشبث بقيمه الوطنية والثقافية، دون الانفصال عن القيم الإنسانية المشتركة».

لكن، كيف يمكننا تعزيز هذه القيم في زمن التحولات المتسارعة؟ الحل يكمن في العودة إلى الجذور، من خلال التركيز على التعليم الوطني الذي يعزز فهم الأجيال الجديدة لتاريخها وثقافتها. ويجب أن تكون الفنون والآداب المحلية جزءًا من هذا الجهد، لأنها تعكس الهوية الوطنية بشكل فني وجمالي.

إن قيم الانتماء الوطني ليست مجرد شعور عابر، بل هي جزء من كيان المجتمع. وإذا أردنا الحفاظ على استقرارنا الاجتماعي والنفسي في هذا العالم المتغير، فإن تعزيز هذه القيم يجب أن يكون في صدارة أولوياتنا. كما قال غاندي: «القوة الحقيقية للأمة تكمن في وحدة قيمها، وليس في عدد سكانها».

لكن تحقيق ذلك لن يحدث بجهد الحكومات وحدها، ولكن بجهد مجتمعي يعكس هذه الرغبة ويصر عليها.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الانتماء الوطنی الهویة الوطنیة الحفاظ على

إقرأ أيضاً:

الإسماعيلية ورشة عمل تحت عنوان "القيم الوظيفية فى مكان العمل"

نظمت وحدة السكان بمحافظة الإسماعيلية، تدريب وورشة عمل بعنوان "القيم الوظيفية فى مكان العمل"،  وذلك بقاعة الاجتماعات بديوان عام المحافظة القديم بشارع محمد علي وذلك تحت رعاية اللواء طيار أ.ح أكرم محمد جلال محافظ الإسماعيلية

يأتي تنفيذًا لتوجيهات القيادة السياسية بالعمل على حل القضية السكانية وتسريع الاستجابة المحلية وتحسين الخصائص السكانية للمواطنين؛ من أجل دعم الاستراتيجية القومية للسكان والتنمية ٢٠٣٠، ذلك في إطار جهود الإدارة المركزية للسكان بوزارة التنمية المحلية بتقديم الدعم الفني المستمر ومتابعة أنشطة وحدات السكان بالتنسيق مع جميع شركاء العمل في جميع المحافظات لضمان الحقوق السكانية في الثروة البشرية ورفع الوعي المجتمعي بالقضية السكانية، وذلك تحت رعاية الدكتورة  منال عوض وزيرة التنمية المحلية وبرئاسة الدكتورة فاطمة الزهراء جيل

وأوضحت أماني محمد السمان مدير وحدة السكان بالديوان العام بالإسماعيلية، أن التدريب تم تنفيذه على مدار يومي ١٨ و١٩ ديسمبر ٢٠٢٤، وذلك بالتعاون والتنسيق بين وحدة السكان بالمحافظة ومشروع "قيم وحياة" والذي تنفذه مؤسسة أجيال مصر لتنمية الشباب والنشء.

شارك في التدريب مروة محمد منسق السكان بمديرية الزراعة، الدكتور أحمد عفيفي مدير مشروع قيم وحياة لوجه بحري، محمود فوزي منسق مشروع "قيم وحياة". بالإسماعيلية

ويهدف التدريب إلى تطوير مهارات العاملين وتعزيز القيم الإيجابية في بيئة العمل بما ينعكس إيجابيًّا على تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وخلال التدريب تم مناقشة عدة محاور رئيسية حول مفاهيم القيم الأخلاقية وأهميتها في بيئة العمل إلى جانب تدريبات عملية لتعزيز القيم المجتمعية.

وشهد التدريب نقاشات ثرية وتفاعلًا ملحوظًا من المشاركين البالغ عددهم ٢٠ متدربًا من موظفي ديوان عام المحافظة والوحدات المحلية والمديريات الخدمية بالمحافظة.

مقالات مشابهة

  • نهيان بن مبارك: صندوق الوطن حريص على تعزيز الهوية الوطنية
  • نهيان بن مبارك يؤكد اهتمام “شتاء صندوق الوطن” بتعزيز الهوية الوطنية
  • بداية مواجهة الزيادة السكانية.. إشادة برلمانية بإطلاق الخطة العاجلة للاستراتيجية الوطنية للتنمية
  • السيسي يثمن التضحيات الكبيرة التي قدمها أبناء الشرطة وعائلاتهم في مواجهة الإرهاب
  • الإسماعيلية ورشة عمل تحت عنوان "القيم الوظيفية فى مكان العمل"
  • أمانى قنديل: الانتماء الوطني يأتي من التربية والبيت وتنشئة الطفل
  • رئيس اتحاد إذاعات وتلفزيونات الدول الإسلامية: الإعلام وسيلة مهمة للهوية الثقافية اللغوية
  • الاحتلال الإسرائيلى يدمر تراث فلسطين.. استهداف الآثار والمساجد والكنائس.. ومخطط لطمس الهوية الثقافية
  • محمد عفيفي: طه حسين خير ممثل لفكرة الانتماء إلى عالم البحر المتوسط
  • اجتماع في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لدراسة تدابير تصحيح تعويضات نهاية الخدمة