لجريدة عمان:
2025-04-18@02:39:42 GMT

الانتماء الوطني في مواجهة العولمة الثقافية

تاريخ النشر: 24th, August 2024 GMT

الانتماء الوطني في مواجهة العولمة الثقافية

قبل عقدين من الزمن كان الحديث عن خطر تأثير العولمة على القيم الوطنية والثقافات المحلية قد بلغ ذروته، ورغم أن البعض اعتقد أن ذلك الخوف والتحذير غير منطقي إلا أن آثاره تبدو اليوم واضحة جدا، وباتت الكثير من المجتمعات تدعو وتنادي بأهمية تعزيز قيمها الوطنية والحفاظ على الهويات من التآكل الذي بات ينخر في عمقها نتيجة الضخ الكبير لهويات وقيم وافدة لا تنتمي ولا تستقيم مع الحضارة الإسلامية، وبعيدة كل البعد عن الفطرة السليمة من المنظور الإنساني البحت قبل المنظور الديني.

لقد أدت العولمة التي روج لها بوصفها عاملا محوريا لتعزيز التواصل بين الشعوب إلى تآكل الهوية الوطنية لكثير من المجتمعات. ومع تزايد نفوذ القيم والمبادئ التي لا تنتمي بالضرورة إلى ثقافاتنا الشرقية، على سبيل المثال، أصبح الحفاظ على الهوية الوطنية ضرورة ملحة، ليس فقط لضمان الاستمرارية الثقافية، بل للحفاظ على الاستقرار الاجتماعي والنفسي للأفراد.

لقد أشار الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو إلى أن «الوطنية ليست فقط حبا للأرض، بل هي أيضا حب للقيم التي تحملها هذه الأرض». هذه الكلمات تلخص بشكل بليغ العلاقة العميقة بين الهوية الوطنية والقيم التي تحملها. ولكن اليوم، نجد أن هذه القيم مهددة من قبل تأثيرات عولمية تسعى إلى إلغاء الفوارق الثقافية بين الشعوب.

ليس من المستغرب أن يتأثر الأفراد، لا سيما الأجيال الشابة، بهذه المتغيرات؛ فوسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا الحديثة تُغرقاننا بوابل من الثقافات المختلفة، حتى يكاد يضيع مفهوم الانتماء الوطني في خضم هذا التدفق المتسارع للمعلومات وما تحمله في داخلها من أفكار تشكل قيما جديدة وغريبة.

إن الدعوة التي تتزايد في كل مكان في دول الشرق ودول الجنوب العالمي لا تعني الانفصال عن العالم أو نكران القيم المشتركة التي تربط بين الناس في كل مكان، ولكنها تعني الحفاظ على قيمنا التي تشكلت عبر قرون طويلة، وهذه الدعوة بهذا المعنى موجودة حتى في الفكر الغربي، ويمكن هنا استعادة دعوة الفيلسوف الألماني كانط الذي كان ينادي بـ«الالتزام بالقيم الإنسانية المشتركة مع الحفاظ على خصوصية الهوية الوطنية». قد يبدو هذا التوازن صعب التحقيق، لكنه ضروري لضمان ألا تتحول الهوية الوطنية إلى مجرد شعار فارغ.

إن أهمية الحفاظ على قيم الانتماء الوطني لا تقتصر على الجانب العاطفي أو العرفي فحسب، بل تتعدى ذلك لتصل إلى جوانب جوهرية من الاستقرار الاجتماعي. فالأمة أو الشعب الذي يفقد هويته يتعرض للانهيار من الداخل؛ لأن أفراده يفقدون رابطهم المشترك. يقول المفكر الجزائري مالك بن نبي «كي يستعيد العالم الإسلامي مكانته، عليه أن يتشبث بقيمه الوطنية والثقافية، دون الانفصال عن القيم الإنسانية المشتركة».

لكن، كيف يمكننا تعزيز هذه القيم في زمن التحولات المتسارعة؟ الحل يكمن في العودة إلى الجذور، من خلال التركيز على التعليم الوطني الذي يعزز فهم الأجيال الجديدة لتاريخها وثقافتها. ويجب أن تكون الفنون والآداب المحلية جزءًا من هذا الجهد، لأنها تعكس الهوية الوطنية بشكل فني وجمالي.

إن قيم الانتماء الوطني ليست مجرد شعور عابر، بل هي جزء من كيان المجتمع. وإذا أردنا الحفاظ على استقرارنا الاجتماعي والنفسي في هذا العالم المتغير، فإن تعزيز هذه القيم يجب أن يكون في صدارة أولوياتنا. كما قال غاندي: «القوة الحقيقية للأمة تكمن في وحدة قيمها، وليس في عدد سكانها».

لكن تحقيق ذلك لن يحدث بجهد الحكومات وحدها، ولكن بجهد مجتمعي يعكس هذه الرغبة ويصر عليها.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الانتماء الوطنی الهویة الوطنیة الحفاظ على

إقرأ أيضاً:

مصر تدين بأشد العبارات المخططات الإرهابية التي تستهدف المساس بأمن الأردن

أدانت مصر بأشد العبارات المخططات الإرهابية التي تستهدف المساس بأمن واستقرار المملكة الأردنية الهاشمية، مؤكدة دعمها الكامل للسلطات الأردنية في كافة الإجراءات التي تتخذها للحفاظ على أمن واستقرار المملكة، في ضوء ما أعلنته السلطات الأردنية من إحباط مخطط دنىء يستهدف المساس بأمن واستقرار المملكة.

وشدد الدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة المصري خلال اتصال هاتفي أجراه اليوم مع أيمن الصفدي، نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني على وقوف مصر بشكل كامل جنبًا إلى جنب مع الأردن في مواجهة كافة أشكال الإرهاب والجماعات المتطرفة، مؤكدًا تضامن مصر مع الأردن في مواجهة تلك المخططات الهدامة والتخريبية.

 

أخبار ذات صلة الحوسني يحاضر في ورشة «بناء الأجسام» بالأردن رفض فلسطيني لمقترح إسرائيلي بشأن اتفاق غزة

من جهة أخرى، ناقش الوزيران الجهود الخاصة بالتهدئة في قطاع غزة وتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار وبدء المرحلة الثانية، بالإضافة إلى التطورات الخطيرة في الضفة الغربية في ظل الاقتحامات المتكررة للجيش الإسرائيلي للمدن الفلسطينية ومصادرة الأراضي والنشاط الاستيطاني المتزايد.

وبحث الوزيران تنفيذ مخرجات أعمال اللجنة الوزارية العربية الإسلامية والخطوات المقبلة للتحرك مع الفاعلين الدوليين.

 

المصدر: وام

مقالات مشابهة

  • المصري الديمقراطي الاجتماعي يعلن تضامنه مع جامعة هارفارد في مواجهة الهجوم على الحرية الأكاديمية
  • هنو: نجاح مبادرة “محفوظ في القلب” يعكس دور الثقافة في ترسيخ الهوية الوطنية
  • توصيات «الوطني» تعزز دور الإعلام الحكومي في ترسيخ الهوية
  • مصر تدين بأشد العبارات المخططات الإرهابية التي تستهدف المساس بأمن الأردن
  • «الوطني» يتبنى 8 ملاحظات و 11 توصية حول تعزيز الإعلام الحكومي لترسيخ الهوية الوطنية
  • عميد إعلام السويس: الذكاء الاصطناعي ضرورة لحماية الهوية وتعزيز الريادة الثقافية
  • صندوق الوطن يختتم «الخلوة الشبابية لرواد الهوية الوطنية»
  • صندوق الوطن يختتم فعاليات “الخلوة الشبابية لرواد الهوية الوطنية”
  • الوزير الأول يشرف على تنصيب رئيس المجلس الوطني الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي
  • هنو: هدفنا تشكيل وعي مجتمعي متوازن يعكس الهوية الوطنية ويعزز القيم الإيجابية