«المخابز» توضح تحديات أمام أصحاب الأفران حال بيع العيش بالكيلو
تاريخ النشر: 24th, August 2024 GMT
قال خالد فكري، سكرتير شعبة المخابز باتحاد الغرف التجارية، إن وزارة التموين قد اقترحت من قبل بيع الخبز بالكيلو خلال فترة الدكتور علي مصيلحي، وزير التموين سابقا، بدلا من 5 أرغفة للمواطن في اليوم، حيث وصل وزن الرغيف حاليا لـ90 جراما، ويحصل المواطن يوميا على ما يقارب الـ450 جراما من العيش على مدار الشهر.
وأضاف «فكري»، في تصريحات خاصة لـ«الوطن»، أن الدكتور شريف فاروق، وزير التموين الجديد، قد وجَّه بدراسة ذلك الأمر حاليا حتى يتم الاتفاق على الآلية التي سيتم بها بيع العيش بالكيلو، مشيرا إلى أن الفكرة جيدة، لكن تطبيق ذلك على الأرض يحتاج إلى عدد من الإجراءات الضرورية حتى يمكن لصاحب المخبز تطبيقه بعد الإقرار.
وأوضح أن أحد العراقيل التي ستكون أمام صاحب المخبز هو أن الإنتاج في المخابز بشكل عام يكون أسرع من البيع، ما سيجبر أصحاب المخابز على الاستعانة بعدد أكبر من العمالة، مع شراء موازين من أجل وزن العيش للمواطن قبل بيعه، لافتا إلى أن عمليا فيهبط وزن رغيف العيش عندما يبرد بشكل أكبر مما كان عليه أثناء خروجه من الفرن.
وأكد أن الشعبة ترحب بأي قرار حكومي تتخذه وزارة التموين طالما كان القرار لصالح المواطن، غير أن تطبيق ذلك القرار الأخير يستلزم بالضرورة عند التطبيق أن يكون في إحدى المحافظات القليلة في عدد السكان للتأكد من جدوى القرار وإمكانية تطبيقه بدون حدوث مشكلات.
وأشار إلى أن المواطن يحصل حاليا على 5 أرغفة يوميا، وزن الواحد منهم 90 جراما، بواقع 450 جراما يوميا، فيما سيكون ما يحصل عليه المواطن شهريا هو 13.500 جرام، وهو نفس الوزن المتعارف عليه خلال الفترة الحالية.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: وزارة التموين رغيف العيش الخبز المدعم المخابز
إقرأ أيضاً:
قرار “تقدم” بفك الارتباط مع دعاة الحكومة الموازية: صراع المبادئ في مشهد سياسي ممزق
في صيف سياسي مشحون، وتحت ظلال حرب أهلية تعصف بالسودان منذ أبريل 2023، جاء قرار تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم"، بقيادة الدكتور عبد الله حمدوك، بفك الارتباط مع الأطراف المؤيدة لتشكيل حكومة موازية في مناطق سيطرة ميليشيا الدعم السريع. القرار، الذي هزّ أروقة السياسة السودانية، لم يكن مفاجئًا بقدر ما كان انعكاسًا لتناقضات عميقة تضرب جذور التحالفات المدنية التي تتصارع مع شبح الانهيار الوطني.
كانت دوافع القرار متعددة، تتشابك فيها هواجس الانقسام الوطني، الضغوط الدولية، والانقسامات الداخلية التي لم تستطع تنسيقية "تقدم" السيطرة عليها. في قلب هذه الخطوة، برزت مخاوف كبيرة من أن تشكيل حكومة موازية قد يُحول السودان إلى نسخة جديدة من دول مُفككة مثل ليبيا واليمن. خشية أن يتحول الصراع إلى معادلة جديدة تعيد رسم خريطة البلد، حيث يصبح كل طرف جزيرة معزولة، جعلت القيادات المدنية تتردد أمام الخيارات المتاحة.
في الاجتماعات التي عُقدت في عنتيبي، بأوغندا، ظهرت الانقسامات إلى السطح. داخل التنسيقية، كانت هناك رؤيتان متعارضتان: الأولى بقيادة شخصيات مثل الهادي إدريس والطاهر حجر، اللذين رأيا في الحكومة الموازية فرصة لانتزاع الشرعية من حكومة بورتسودان، ومحاولة لاستثمار الوضع القائم لخدمة المناطق المُهمَّشة. الرؤية الأخرى، بقيادة حزب الأمة والمؤتمر السوداني، كانت تحذر من العواقب الوخيمة التي قد تُفضي إليها هذه الخطوة، باعتبارها طريقًا نحو تقسيم السودان جغرافيًا وسياسيًا.
عبد الله حمدوك، المعروف بحذره السياسي وتفضيله الحلول الوسط، وجد نفسه أمام تحدٍ وجودي لتنسيقية "تقدم". كان يعلم أن أي قرار بدعم الحكومة الموازية يعني تفكيك التحالف المدني نفسه، وربما فقدان مصداقية "تقدم" أمام المجتمع الدولي. لهذا السبب، جاء القرار بقطع الصلة مع المؤيدين لهذه الخطوة، كنوع من الحفاظ على ما تبقى من وحدة الصف.
إقليمياً ودولياً، لم تكن الظروف مهيأة لتأييد فكرة الحكومة الموازية. التصريحات المتكررة من مبعوثين دوليين حذّرت من تداعياتها. حتى الولايات المتحدة، التي تراقب الوضع عن كثب، عبّرت عبر مسؤولين مثل كاميرون هدسون عن نية معاقبة أي طرف يدعم مثل هذه المشاريع التي تؤدي إلى تصعيد الصراع. كانت الرسالة واضحة: لا شرعية لأي حكومة موازية تُقام على أسس دعم ميليشيا متهمة بارتكاب انتهاكات جسيمة.
على الأرض، لم يكن الدعم السريع في وضع يسمح له بأن يكون شريكًا موثوقًا في مشروع حكومي. تجاربه السابقة، مثل إدارته لشؤون ولاية الجزيرة، كشفت عن عجز كبير في توفير الخدمات الأساسية. السكان الذين عاشوا في ظل هذه الإدارة وجدوا أنفسهم أمام أزمات إنسانية وأمنية خانقة، مما زاد من الشكوك حول جدوى أي حكومة جديدة تقوم بدعمه.
لكن ربما كان العامل الأبرز في دفع "تقدم" لاتخاذ هذا القرار، هو مخاوفها من الوقوع تحت تأثير أجندات خارجية. الدعم الإقليمي للدعم السريع، الذي يشتبه في ارتباطه بمصالح دولية تسعى لإطالة أمد الحرب، كان سببًا رئيسيًا لاعتبار الحكومة الموازية مشروعًا محفوفًا بالمخاطر. لم يكن حمدوك مستعدًا ليكون طرفًا في لعبة إقليمية قد تُفاقم مأساة السودان.
القرار لم يأتِ بلا ثمن. فك الارتباط ترك ندوبًا داخل "تقدم"، حيث بدت بعض الفصائل، مثل حركة العدل والمساواة، ميالة إلى الانضمام لمعسكر المؤيدين للدعم السريع. في المقابل، تعهدت القيادات المعارضة للحكومة الموازية بتكثيف الجهود لإيجاد حلول سلمية، حتى لو كان ذلك يعني مزيدًا من العزلة السياسية.
على الصعيد الشعبي، تزايدت معاناة المدنيين الذين يدفعون ثمن الحرب بشكل يومي. المناطق المحرومة من التعليم والخدمات الصحية باتت مسرحًا لمعركة خفية بين القوى المتصارعة، حيث يُستخدم المدنيون كأوراق ضغط في لعبة سياسية معقدة.
وسط كل هذه الفوضى، يبدو أن قرار "تقدم" بفك الارتباط كان بمثابة محاولة يائسة للحفاظ على بقايا وحدة وطنية في بلد تتلاشى ملامحه. لكن الطريق أمام السودان لا يزال طويلاً وشاقًا. دون توافق حقيقي بين القوى السياسية والمدنية، ودون إرادة دولية حاسمة لإنهاء الحرب، سيظل المشهد السياسي محاصرًا بالتناقضات، وستبقى آمال السلام مجرد شعارات معلقة في الهواء.
zuhair.osman@aol.com