صناعة الزجاج في أفغانستان.. حرفة تراثية لم تلفظ أنفاسها
تاريخ النشر: 24th, August 2024 GMT
ينحني "غلام ساخي صيفي" أمام فرن متوهج حيث يعمل على مادة زرقاء منصهرة ليصنع منها قطعا بأشكال عدة... هو أحد آخر الحرفيين الذين اتبعوا تقليد الأسلاف في صناعة الزجاج المنفوخ في أفغانستان.
ويقول الحرفي وقد بدت آثار العمل على يديه وأصابعه "هذا هو فننا، وتراثنا، وهذا ما أتاح لنا تأمين لقمة عيشنا منذ زمن طويل".
ويضيف صيفي الذي يقدِّر عمره بخمسين عاما "نحاول أن نضمن عدم اندثار هذه الحرفة وعدم وقوعها في النسيان".
والسائد أن تقليد نفخ الزجاج في مدينة هرات الكبيرة في غرب أفغانستان نشأ قبل قرون. ويروي صيفي أن عائلته تعمل في هذا المجال منذ نحو 300 عام "فقط".
ويحوي منزل عائلته في قرية قريبة من هرات، ومشغله في المدينة القديمة، آخر فرنين لنفخ الزجاج في المنطقة التي لا تبعد كثيرا عن الحدود مع إيران.
ولم يعد صيفي يشغّل فرنه في المدينة إلاّ مرة واحدة فحسب في الشهر. وبعد أن يدفع ثمن الخشب والمواد المستخدمة في التلوين وسواها من المواد الخام، لا تدرّ عليه الأكواب والأطباق وحاملات الشموع التي ينتجها ويبيعها إلاّ نحو 30 دولارا.
ويفسّر تراجع مدخوله بغياب الزبائن الأجانب خلال جائحة كوفيد-19، ثم بفعل استعادة حركة طالبان السلطة عام 2021، مما أدى إلى مغادرة جميع الدبلوماسيين وموظفي المنظمات غير الحكومية تقريبا أفغانستان. كذلك تأثرت مبيعاته سلبا نتيجة استيراد منتجات الزجاج المنفوخ الرخيصة من الصين.
ويروي أن حركة البيع بقيت متوقفة نحو ثلاثة أشهر في إحدى المراحل.
ويشرح صيفي أن "السكان المحليين لا يستخدمون" منتجاته، إذ أنهم، "بالسعر الذي يبلغ أكثر من ثلاثة دولارات للقطعة الواحدة، يفكرون أولاً بشراء رغيفين من الخبز لأطفالهم".
أي مستقبل؟
في يوم تشغيل الفرن، يسحب صيفي منه بواسطة سكين مطبخ بدائي وقضيب نفخ قطع الزجاج المصهور المتوهج وينفخها حتى تشكل قطعا جميلة.
وبينما كان النافخون يستخدمون في ما مضى زجاج الكوارتز، باتوا يستعملون اليوم القناني الزجاجية المعاد تدويرها والمكسورة والمسخنة جدا والتي تعود إلى الحالة السائلة.
وتبرد القطع الخضراء والزرقاء، بعيوبها الساحرة، قبل بيعها في محال تجارية في هرات أو كابول.
ومع أن درجة الحرارة في الخارج 36 درجة، يشعر الداخل إلى ورشة العمل بالحمّى الحارقة الصادرة عن الفرن.
وتتولى مجموعة صغيرة من الفتيان مساعدة صيفي في عمله، ولكن تزداد صعوبة جذب الشباب إلى هذه الحرفة التي يعتبرونها عديمة مستقبل.
وأصبح نجل صيفي البكر خبيرا، لكنّه آثرَ الانتقال للعمل في إيران، على الجانب الآخر من الحدود. كذلك قرر اثنان من أقربائه تعلّما الحرفة صرف النظر عن العمل فيها.
أما نجله الأصغر نقيب الله (18 عاما) فيؤكد أنه يريد المضيّ في هذه الحرفة، لكن من دون أن يوضح كيف سيفعل.
وقبل عودة طالبان، كان الطلب مرتفعا إلى درجة أنه كان يستلزم ثلاثة أيام عمل في الأسبوع. لكن الحال لم تعد كذلك، ويتناوب الشاب مع والده في الأيام النادرة التي يتوهج فيها الفرن باللون الأحمر.
ويقول نقيب الله: "نأمل في أن يكون لهذه الحرفة مستقبل وأن تتحسن الأمور شيئا فشيئا".
ويضيف "حتى لو لم نكسب الكثير، يجب أن تستمر المهنة، ولا يمكننا أن ندع هذه المهارة تندثر".
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: هذه الحرفة
إقرأ أيضاً:
القائد الأعلى لطالبان في أفغانستان يندد بـالتهديدات الأجنبية
أكد القائد الأعلى لحركة طالبان الحاكمة في أفغانستان، هبة الله آخوند زاده أن أفغانستان لن تخيفها "التهديدات"، وذلك بعد أيام من طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرات توقيف بحقه وزعيم آخر في الحركة.
وخلال احتفال تخرج في إحدى المدارس القرآنية، قال آخوند زاده، "من هؤلاء؟! غربيون أم شرقيون، هل نصدقهم ولا نصدق وعود الله؟! ونترك أنفسنا نتأثر بتهديداتهم؟".
واستندت وكالة الصحافة الفرنسية التي أوردت الخبر إلى تسجيل صوتي جرى توزيعه الاثنين على الصحفيين، وقالت إنها تلقت تأكيدا بشأن صحة التسجيل من محمود عزام، الناطق باسم ولاية قندهار (جنوب) حيث يعيش الأمير هبة الله.
وكان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان أعلن الخميس الماضي أنه سيسعى إلى إصدار مذكرات توقيف بحق هبة الله آخوند زاده ورئيس المحكمة العليا عبد الحكيم حقاني بتهمة اضطهاد النساء.
بدورها، اعتبرت حركة طالبان أن القرار مبني على "دوافع سياسية". وأكد الأمير أن طالبان هم "مسلمون يقفون إلى جانب الحق ولا يمكن لأحد أن يمسّ بهم، لا من الغرب ولا من الشرق".
وتقول وكالة الصحافة الفرنسية إن طالبان أصدرت بعد عودتها إلى السلطة عام 2021، قوانين تستبعد النساء تدريجيا من الأماكن العامة حيث لا تسمح للفتيات بالالتحاق بالجامعات أو المدارس الثانوية أو صالات الألعاب الرياضية.
إعلان