أكد رئيس مجلس الأعيان الأردني فيصل الفايز أن الأردن يواجه تحديًا اقتصاديًا كبيرًا؛ أسهمت تلك الأحداث المتعاقبة في مضاعفتها، وعلى رأسها استضافة نحو 1.3 لاجئ سوري، تُقدم لهم المملكة مختلف الخدمات الأساسية، وهو ما يُشكّل ضغطًا كبيرًا على بنيتها التحتية ومرافقها الخدمية.

جاء ذلك خلال لقاء الفايز أمس الأربعاء، مع وفد أكاديمي من جامعة "ستراثكلايد" البريطانية، حيث بحث سبل إيجاد تعاون علمي يشمل مختلف المجالات العلمية، وعلى رأسها البحث العلمي والابتكار.

ويترأس الوفد البريطاني الأكاديمي رئيس جامعة "ستراثكلايد" البروفيسور سيرف جيم ماكدولند، يرافقه ثلاثة من نوابه، إلى جانب مستشاره لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إبراهيم خضرة.

وأكد الفايز، بحضور عدد من رؤساء اللجان الدائمة في مجلس الأعيان، أن المملكة تقوم بدورها الإنساني تجاه استضافة اللاجئين، داعيًا المجتمع الدولي إلى الإيفاء بالتزاماته تجاه دعم اللاجئين في الأردن، لتمكينه من الاستمرار بقيامها بدورها الإنساني.

وتحدث الفايز - في بداية اللقاء - عن مجمل الأوضاع التي تعيشها المنطقة والعالم أجمع، والتي كان آخرها الحرب الروسية الأوكرانية، وقبلها جائحة كورونا، والصراعات الأهلية، وغيرها من الأحداث، التي ألقت بتداعياتها وآثارها على مختلف الدول.

من جانب آخر، أوضح الفايز أن الأردن، يجري إصلاحات سياسية يسعى من خلالها إلى تعزيز الحياة الديمقراطية والعمل السياسي والحزبي، مبينًا أن قانون الانتخاب الجديد خصص 41 مقعدًا للأحزاب في البرلمان المُقبل كمرحلة أولى، يرتفع ذلك العدد تدريجيًا على مرحلتين متتاليتين، وصولًا إلى حكومات برلمانية.

وأشار الفايز إلى أهمية التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار في المساهمة بمعالجة بعض التحديات، ولا سيما الاقتصادية منها، داعيًا إلى دعم خطط الأردن في مجال التعليم العالي والبحث العلمي والتكنولوجيا الحديثة.

وتحدث البروفيسور ماكدولند حول أهمية التركيز على التعليم العالي وجودته وتعزيز الاستثمار في البحث العلمي والابتكار، مؤكدًا أن التعليم يُعد واحدًا من المفاتيح الهامة في المساهمة بمعالجة أبرز التحديات الراهنة، ولا سيما الاقتصادية منها.

وأشار إلى أهمية العلاقة بين صناع السياسات والمجال الاقتصادي، ما يؤدي إلى إيجاد بيئة متوازنة تنعكس إيجابًا على الكثير من القطاعات الأخرى، موضحًا أهمية تعزيز الاستثمار في مجالات الطاقة.

وبين البروفيسور ماكدولند أن لدّى الجامعة برنامجًا يهدف إلى رفع كفاءة ما يُعرف بـ"الصف الثاني" للموظفين؛ وهو ما يُسهم في إيجاد أدوات من شأنها معالجة التحديات، مشيرًا إلى أن الجامعة حريصة على تعزيز التعاون مع مجلس الأعيان ومختلف الجهات الأردنية ذات العلاقة.

 

وهدف اللقاء إلى بحث سبل التعاون الأكاديمي بين الأردن والمملكة المتحدة، بحيث تكون الجامعة البريطانية حلقة وصل للشراكات الثنائية بين المجتمع البريطاني على الصعيدين الحكومي والخاص، مع مختلف الجهات الحكومة والأهلية الأردنية.

ويسعى الوفد إلى بحث سبل التعاون في مجال المساعدة على تطوير آليات البحث العلمي والابتكار، إلى جانب تطوير أداء العاملين في القطاعين العام والخاص الأردني، عبر عقد دورات تدريبية مُتخصصة لهم، إلى جانب منح دراسية ستوفرها الجامعة لعدد من الموظفين والطلبة المتميزين.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الأردن اللاجئين العلمی والابتکار

إقرأ أيضاً:

ثلاثية بناء الدولة: التعليم، العمل، والثقافة

14 مارس، 2025

بغداد/المسلة:

 رياض الفرطوسي

في مسيرة بناء أي دولة، هناك ثلاث ركائز لا يمكن إغفالها: التعليم، العمل، والثقافة. هذه العناصر ليست مجرد قطاعات منفصلة، بل هي منظومة متكاملة تحدد مسار الأفراد وتؤثر في استقرار المجتمع وتقدّمه. فالدولة القوية ليست تلك التي تمتلك الموارد فقط، بل التي تنجح في استثمار العقول، وتوجيه الطاقات، وترسيخ الهوية الثقافية بما يتناسب مع تطورات العصر.

إن نجاح أي مشروع وطني لا يُقاس فقط بقدرته على توفير الخدمات الأساسية، بل بقدرته على تحقيق رؤية شاملة تستند إلى المعرفة والإنتاج والوعي. بدون هذه الركائز الثلاث، تصبح الدولة عرضة للتراجع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، مما يؤثر على استقرارها ومستقبلها.

أولًا: التعليم – حجر الأساس في بناء الدولة

لا يمكن لأي مشروع وطني أن ينجح دون نظام تعليمي حديث وفعّال، حيث يكون التعليم أكثر من مجرد نقل للمعرفة، بل أداة لصناعة العقول القادرة على التفكير النقدي، واتخاذ القرار، والمساهمة في تطوير المجتمع.

في جميع المجتمعات، هناك تحديات تواجه قطاع التعليم، منها:

1. قدرة النظام التعليمي على استيعاب جميع الفئات، وضمان عدم تهميش أي شريحة اجتماعية.

2. جودة المناهج التعليمية ومدى ارتباطها بسوق العمل والتطورات التكنولوجية.

3. توفير بيئة تعليمية تحفز الإبداع والتفكير المستقل، بدلاً من التعليم التلقيني.

عندما تُحرم شرائح من المجتمع من فرصة التعليم الجيد، فإنها تصبح أكثر عرضة لمخاطر اجتماعية مثل البطالة، والتطرف، والفقر، مما يهدد استقرار الدولة ككل. لهذا، فإن الاستثمار في التعليم ليس مجرد خيار، بل ضرورة استراتيجية لضمان بناء دولة قوية ومستقرة.

التعليم ليس مسؤولية الحكومة فقط، بل هو مشروع وطني مشترك، يساهم فيه المجتمع بأكمله. فمن غير المنطقي أن يكون التعليم مجرد مرحلة نمطية في حياة الأفراد، بل يجب أن يكون جسراً نحو الفرص والتنمية، بحيث يكون التعليم المستمر جزءاً من ثقافة المجتمع، وليس مجرد مرحلة تنتهي بالحصول على شهادة.

إلى جانب ذلك، يجب التركيز على دور المعلم، الذي لا ينبغي أن يكون مجرد ناقل للمعلومات، بل قائداً تربوياً يساهم في توجيه العقول وتنمية التفكير النقدي. ومن هنا تأتي أهمية تحسين أوضاع المعلمين، وتوفير التدريب المستمر لهم، حتى يكونوا قادرين على مواكبة التطورات العالمية في أساليب التعليم.

ثانياً: العمل – بناء اقتصاد منتج ومستدام.

العمل ليس مجرد وسيلة لكسب العيش، بل هو العنصر الأساسي في تحريك عجلة الاقتصاد وتعزيز الاستقرار الاجتماعي. غير أن التحدي الحقيقي لا يكمن فقط في توفير فرص العمل، بل في خلق بيئة عمل تحفّز الإنتاجية، وتعزز الابتكار، وتوفر الأمان الوظيفي للعاملين.

في المجتمعات الحديثة، لم يعد النجاح الاقتصادي قائماً فقط على الموارد الطبيعية أو القوى العاملة التقليدية، بل أصبح مرتبطاً بقطاعات مثل الاقتصاد المعرفي، والتكنولوجيا، وريادة الأعمال. إن بناء دولة قوية يتطلب رؤية اقتصادية واضحة، حيث يتم توجيه الطاقات نحو القطاعات الأكثر إنتاجية، مع التركيز على تطوير المهارات والكفاءات بما يتناسب مع سوق العمل المتغيّر.

ومن القضايا التي يجب معالجتها لتحقيق بيئة عمل منتجة ومستدامة:

1. القضاء على البطالة المقنّعة: حيث يكون هناك عدد كبير من الموظفين في وظائف لا تضيف قيمة حقيقية للاقتصاد.

2. تحقيق التوازن بين العرض والطلب في سوق العمل: من خلال توجيه الشباب نحو التخصصات المطلوبة بدلاً من تخريج أعداد كبيرة في مجالات لا تحتاجها السوق.

3. تعزيز ثقافة ريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة: بحيث لا يكون الاعتماد فقط على الوظائف الحكومية أو التقليدية.

كما أن العمل ليس مجرد نشاط فردي، بل هو مسؤولية جماعية تحتاج إلى تخطيط استراتيجي طويل المدى، يراعي التغيرات العالمية، ويوفر بيئة عمل مستقرة تساعد على الابتكار والإبداع. فالعامل الذي يشعر بأنه مجرد ترس في آلة إنتاج لا يرى معنى لعمله، سيعاني من الإحباط، مما يؤثر على إنتاجيته واستقراره النفسي والمجتمعي.

لهذا، لا بد من تعزيز ثقافة العمل المنتج، بحيث لا يكون الهدف فقط هو “التوظيف” بل “التوظيف الفعّال”، الذي يساهم في رفع كفاءة الاقتصاد، وتحقيق النمو المستدام، وتحسين جودة الحياة.

ثالثًا: الثقافة – الوعي كأساس للدولة الحديثة

يقول المؤرخ كوردل هيل: “لكي تلغي شعباً، اجعله يتبنى ثقافة غير ثقافته، وابدأ بشل ذاكرته التاريخية.”

هذه المقولة تختصر الدور الحاسم للثقافة في بناء الدول، حيث لا يمكن تصور دولة قوية بدون هوية ثقافية واضحة، تعكس قيم المجتمع وتاريخه، وفي الوقت نفسه، تكون قادرة على التفاعل مع العصر الحديث.

الثقافة ليست مجرد فنون وآداب، بل هي الوعي الجماعي الذي يحدد كيفية تعامل المجتمع مع نفسه ومع العالم من حوله. وعندما تكون الثقافة مشوهة أو مفروضة من الخارج، يصبح من الصعب بناء دولة متماسكة.

التحدي الأكبر ليس في رفض الجديد أو الانغلاق على الماضي، بل في تحقيق توازن ذكي بين الحفاظ على الهوية والانفتاح على التطور. ففي عالم اليوم، تلعب وسائل الإعلام والتكنولوجيا دوراً كبيرًا في تشكيل الوعي، مما يجعل الاستثمار في الثقافة والتعليم الإعلامي أمراً ضرورياً لحماية المجتمع من التلاعب وصناعة وعي زائف.

هناك ثلاث أولويات يجب التركيز عليها في مجال الثقافة:

1. تعزيز الهوية الوطنية، عبر برامج تعليمية وإعلامية تعرّف الأجيال بتاريخها الحقيقي.

2. دعم الإنتاج الثقافي المحلي، من خلال تشجيع الفنون والأدب والفكر المستقل.

3. التصدي لحملات التغريب والتشويه الثقافي، من خلال الوعي النقدي والانفتاح المدروس.

إن بناء وعي حقيقي يعني إعداد جيل قادر على التمييز بين الحقائق والدعايات المضللة، ومحصّن ضد محاولات تفكيك مجتمعه فكرياً وثقافياً.

نحو مشروع وطني متكامل

إذا كان الهدف هو بناء دولة قوية ومستقرة، فلا يمكن النظر إلى التعليم، والعمل، والثقافة على أنها قضايا منفصلة، بل يجب التعامل معها كأعمدة متكاملة في أي مشروع وطني.

فـالتعليم يصنع العقول.

والعمل يحول الطاقات إلى إنتاج.

والثقافة ترسّخ الهوية وتوجّه الوعي.

الدولة ليست مجرد مؤسسات، بل هي مشروع جماعي يحتاج إلى مشاركة الجميع، كلٌّ في مجاله، لإيجاد حلول عملية تضمن التنمية والاستقرار.

لا يمكن انتظار الحلول الجاهزة، بل يجب طرح الأسئلة الصحيحة، لأن من لا يسأل عن المستقبل، لن يكون جزءاً منه.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

مقالات مشابهة

  • رئيس جامعة مصر للمعلوماتية: البحث العلمي يمكنه حل مشكلات المجتمع
  • رئيس الجمهورية يدعو المجتمع الدولي لمنع انتشار أسلحة الدمار الشامل المحرمة دوليا
  • رئيس الجمهورية بذكرى قصف حلبجة: نحث المجتمع الدولي على منع انتشار أسلحة الدمار الشامل
  • فتوح يدعو المجتمع الدولي للضغط على الاحتلال لوقف عدوانه
  • المجلس الأعلى للتربية والتكوين يدعو إلى "عقد اجتماعي جديد" في التعليم
  • بنك مصر يشارك في مبادرة «كرتونة الخير» بـ 100 ألف كرتونة غذائية خلال شهر رمضان
  • ثلاثية بناء الدولة: التعليم، العمل، والثقافة
  • وزير الثقافة الأردني: "هنا الأردن ومجده مستمر" شعار مهرجان جرش في دورته الـ39
  • البعثة الأممية: المعلومات المضللة تجاه اللاجئين ستؤدي إلى حالة عداء ضدهم
  • بحضور السفير الياباني.. طلاب الترجمة التخصصية يوثقون التبادل الثقافي