د. محمد بن خلفان العاصمي

 

ما تتعرَّض له سلطنة عُمان هذه الأيام من هجوم على وسائل التَّواصل الاجتماعي لم تتعرض له حتى في الأزمة الخليجية القطرية وغيرها من الأحداث؛ بل إنَّ الوضع أصبح واضحًا وجليًا أنَّ المستهدف من كل ذلك القيام بتنازلات حول مواقف ثابتة، كانت وما زالت مبادئ راسخة لم تحِد عنها بلادنا العزيزة، التي وقفت دائمًا مع الصف العربي والإسلامي، وبقيت على مسافة واحدة من الجميع، ودافعت عن وحدة دول الخليج، وكانت لها وقفات مشهودة عبر ما مرَّ من أحداث.

وما تقوم به مجموعة من الحسابات النشطة- على وسائل التواصل وربما يكونون محسوبين على بلد بعينه- من هجوم ضد سلطنة عُمان، يعكس بشكل واضح أنَّ هناك من يزعجه مساعي السلام التي تقوم بها بلادنا، ومحاولات حل هذه الأزمة التي عصفت ببلد شقيق، وأصبح يُعاني منها المواطن البسيط الذي هو ضحية أجندة وأطماع سياسية واقتصادية من دول ترى في الاستعمار إرضاءً لغرورها، ولأنَّ سلطنة عُمان تقف أمام هذه الأطماع السياسية، كان تجنيد هؤلاء المرتزقة الذين باعوا أوطانهم مقابل حفنة من الأموال، مُتناسين مُعاناة شعب أصبح لا يملك من الحياة إلا الألم والجوع والشتات.

وفي خضم هذه الهجمات الشرسة والاتهامات الموجهة والمتكررة وحملة تزوير الوثائق وتزييف الصور والفيديوهات لإثبات دعم سلطنة عُمان لأحد أطراف النزاع، إلّا أن كل ذلك تصدى له أبناء الوطن الشرفاء، من خلال وعيهم الكبير، وثقتهم في السياسة التي تنتهجها حكومتهم، وبُعد النظر لدى القيادة الرشيدة الذي كان دومًا حكيمًا وصائبًا، وجنّب البلاد الكثير من الأزمات التي كاد شررها يُصيب البلاد والعباد.

وحتى تكتمل حلقات الاستهداف التي يتعرَّض لها وطننا العزيز جاء فيلم "حياة الماعز" الذي كشف لنا أنَّ القضية أكبر من مجرد فيلم يُناقش قضية اجتماعية تحدث في أي مكان وأي زمان في هذا العالم، هذا الفيلم الذي لم تنتجه سلطنة عُمان ولم يُصوَّر فوق أراضيها ولم يكن حضورها سوى مُشاركة ممثل واحد بين عشرات المُمثلين من عدة دول، إلّا أنَّ الضوء سُلِّط على سلطنة عُمان، وهذا دليل واضح أن الهدف ليس ما تناوله الفيلم من قضية اجتماعية، وإنما ضرب العلاقة المتينة التي تجمع سلطنة عُمان بالمملكة العربية السعودية، خاصة في ظل التقارب الكبير الذي يشهده البلدان والتعاون في المجالات الاقتصادية والسياسية.

إنَّ العلاقات العُمانية السعودية لن تتأثر بمثل هذه الأحداث العابرة، ونعلم يقينًا أنَّ هناك الكثير مما يجمعنا، ونؤمن أن العمل الناجح يخلق الأعداء والمبغضين، وكما كانت سلطنة عُمان على مر التاريخ خير جارٍ ترفض المساس بقيم الشعوب ومبادئها وترفض التدخل في شؤونها الداخلية، فإنها سوف تظل على هذه المبادئ التي رسمت علاقاتها مع الدول، ولن ينطلق من أرضها ما يسيء إلى أي دولة وهذا نهج كريم يسير عليه الجميع، وخطى يرسمها سلاطين هذا الوطن الأبيّ الذي يضع قيم التسامح السلام في سلم مبادئ علاقاته مع العالم.

العالم اليوم مختلف تمامًا عما كان عليه سابقًا، ولقد أصبح تأثير وسائل التواصل الاجتماعي كبيرًا على الرأي العام؛ بل إنه أصبح موجهًا للسياسات والتوجهات العامة، ويتم توظيفه في نشر الأفكار بشكل أصبح يمثل مشكلة حقيقية للدول. وحتى نستطيع التعامل مع هذه الوسائل بطريقة صحيحة لا بُد من العمل على رفع مستوى الوعي العام لدى النَّاس، فلا يسهل توجيههم دون تفكير ولا يسهل جرهم إلى تبنني أفكار تضر بالوطن، مثلما شاهدنا من البعض الذين تبنوا مواقف ضد وطنهم ووقعوا في المحظور، نتيجة قلة الوعي وعدم إدراك لنتائج سلوكهم.

إنَّ مواقف سلطنة عُمان الثابتة من جميع القضايا السياسية، تجعلها هدفًا من بعض الأطراف التي يسوؤها هذه المواقف، وترى أنها مُعطِّلة لسياساتها وأطماعها، ووضعتها في مواقف محرجة أمام شعوبها، كل ذلك جعلها تتخذ مواقف مُعادية لوطننا العزيز، في محاولة لثنيها عن مواقفها والتأثير على قراراتها، من أجل أن تُحقق هذه الأطراف مصالحها، حتى وإن كانت على حساب معاناة الشعوب الأخرى، وهذا أمر لن نقبله ونرفضه بشكل قاطع، ولن تكون بلادنا مصدر معاناة للشعوب.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الرئيس السيسي يثمن المواقف الكويتية الداعمة للقضية الفلسطينية

ثمن الرئيس عبد الفتاح السيسي، المواقف الكويتية الداعمة للقضية الفلسطينية، مؤكدًا استمرار جهود مصر، بالتعاون والشراكة مع قطر والولايات المتحدة، لتعزيز فرص التهدئة من خلال التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار بشكل فوري بقطاع غزة، بما يسمح بإدخال المساعدات الإنسانية لأهالي غزة، وإيقاف التصعيد الإقليمي.

جاء ذلك خلال استقبال الرئيس السيسي، اليوم، وزير خارجية دولة الكويت «عبد الله اليحيا»، بحضور الدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين في الخارج.

وأشاد وزير خارجية الكويت من جانبه بالدور المصري المحوري في جهود استعادة الاستقرار بالمنطقة، كما تم الاتفاق على تأكيد ضرورة تحلي الأطراف كافة بالمسئولية، لوقف نزيف الدم، ومنع اتساع نطاق الصراع في الإقليم.

استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم، وزير خارجية دولة الكويت «عبد الله اليحيا»، بحضور الدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين في الخارج.

وأوضح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، أن وزير خارجية الكويت حرص في مستهل اللقاء على نقل تحيات الأمير مشعل الأحمد الجابر الصباح للرئيس السيسي وللشعب المصري، منوهاً في هذا الإطار إلى زيارة أمير الكويت الناجحة لمصر في أبريل الماضي، وما أظهرته مجدداً من قوة وعمق العلاقات التاريخية بين البلدين، على المستويين الرسمي والشعبي.

من جهته، بادل الرئيس السيسي، التحية والتقدير لأخيه الأمير مشعل الأحمد الجابر الصباح، مؤكدًا تميز العلاقات الأخوية الوثيقة التي تجمع بين البلدين الشقيقين.

وتناول اللقاء في هذا الإطار جهود تطوير العلاقات الثنائية في جميع المجالات، لاسيما من خلال اللجنة المشتركة بين الدولتين، التي بدأت فعاليات دورتها الثالثة عشرة خلال زيارة وزير الخارجية الكويتي للقاهرة، وتم في هذا السياق تأكيد الحرص المتبادل على دفع عمل اللجنة المشتركة للأمام لتحقيق مصالح الشعبين الشقيقين.

وأضاف المتحدث الرسمي، أن اللقاء تطرق أيضًا إلى الأوضاع الإقليمية، حيث تم استعراض سبل تعزيز العمل العربي المشترك في مواجهة التحديات الراهنة.

مقالات مشابهة

  • “الالتزام البيئي” يحصر الملوثات العضوية ويسلط الضوء عليها بيئيًا وصحيًا واجتماعيًا واقتصاديًا
  • حظر دخول السيارات الكهربائية في الصين إلى المواقف تحت الأرض.. ما القصة؟
  • محافظ أسوان يصدر قرارا بالترخيص لمركبات التوك توك
  • الرئيس السيسي يثمن المواقف الكويتية الداعمة للقضية الفلسطينية
  • محافظ أسوان يستجيب لمطالب المواطنين.. قرار بترخيص التوك توك
  • هل يستفيد لبنان من التحوّلات في المواقف الأوروبية من سوريا وملف النزوح؟
  • دبلوماسي غربي: مواقف نتنياهو دفعت حماس لتشديد مواقفها من الصفقة
  • أبو الغيط: الموقف الأوروبي للدفاع عن الشعب الفلسطيني يتطور تدريجيا
  • المرور : حادث اصطدام مركبة بأخرى في طريف تمت مباشرته في حينه ولا إصابات
  • القابضة ADQ تؤسس شركة كيو موبيليتي لدعم خدمات النقل في أبوظبي