بوابة الوفد:
2024-09-13@03:13:01 GMT

الفلسفة.... المفترى عليها.!

تاريخ النشر: 24th, August 2024 GMT

هذا المقال يحمل ما يحمله من الشجن والحزن الدفين على ما يحدث للفلسفة الآن من حملات طعن وتشويه، ليس هى وحدها بل جل العلوم الإنسانية وكأن شيطان ماكر وسوس فى الأذهان للإطاحة بمقدراتنا الفكرية وعلومنا الإنسانية التى تمثل فى حد ذاتها حلقات وصل بين ماضينا وحاضرنا وطريقنا إلى المستقبل.

فكيف لنا أن نرقى ونصل إلى العالمية ونحن مصابون بجمود فكرى وجفاء روحى خلفته عقليات لا تمت للإنسانية بصلة لا من قريب ولا من بعيد، وإنما هى آلات  تعمل بالريموت كنترول، ويبدو أن لكل عصر وزمان ومكان آلاته لوأد الفكر وسفك دمه وقبل ذلك استباحة حرماته إما تشكيكا فى أهميته، أو طعنا فى محتواه الذى يقدمه للمتلقى فيثار الجدل حوله وتبدأ الإتهامات تكال من كل الاتجاهات، كمن يهاجمون العلوم الإنسانية وإنها عديمة الفائدة، وكمن يهاجم الفلسفة أنها تقود إلى التيه والضلال، وتؤدى إلى الكفر والإلحاد والزندقة ومن ثم ضرورة ملحة إلى حذفها من المقررات الدراسية وهذا ما حدث فى احدى دول الخليج، ولما أصيب الفكر بالعطب، وأصبحت المادة التى تقدم للمتلقى جوفاء مفرغة من المضمون سئمها الناس، فراحوا يبحثون عن حل، فأعادوها وبقوة إلى المقررات الدراسية.

وفى بلادنا مصر، حاضرة الثقافة العربية، بلد الأدباء والفلسفة والمفكرون، بلد الفن الراقى، بلد الأوبرا ومسرح الشرقاوى وطليمات وصبحي.

بلد طه حسين، وزكى نجيب محمود، وأحمد لطفى السيد، وحسن الشافعى، وتوفيق الطويل، وحسن حنفى، وأنيس منصور ،بمعنى أوضح بلد الثقافة والفن والفكر والآداب، ومن ثم فحيل وأد الفلسفة وهتك عذريتها لن تجدى معه مثل هذه الحيل، والتكفير، وخلافه، لماذا ؟!، ففضلا عما ذكرته، نحن نسعى إلى التجديد، تجديد الفكر المصرى، تجديد الفكر العربى، تجديد الفكر الدينى، الكوكبة، الهيمنة، المعاصرة، الحداثة. فلن تجدى، وإن كانت قد أفلحت فى وقت من الأوقات، فاحجم الكثيرون عن تعاطى الفلسفة، لكن مع حدوث الثورة المعلوماتية بات الأمر ملحا للتفلسف.

فما عساهم أن يفعلوه حتى يوقفوا المد الفكرى، المد الفلسفى، يلجأوا إلى حيلة أخرى، حيلة خبيثة قد تنطلى على بعض الناس ولا ألومهم، هذه الحيلة تخفيض عدد المواد لرفع الأعباء من على كواهل أولياء الأمور.؟!، لكن السؤال، هل شعرتم الآن بأولياء الأمور، نعالج العرض ونترك الداء متغلغلا فى أجسادهم ينهش لحومهم، ونلعب على دغدغة مشاعرهم، تحذف المواد، نحذف الفلسفة، نحذف الفكر، نحذف الإنسان عن طريق فقدانه لهويته، لذاتيته، فإذا ما أردنا هدم أمة فلتأتوا على أهم مقوم لهذه العقول، فإذا ما خربت العقول فحدث ولا حرج، وتلك خطط الاستعمار الذى إذا ما فشل فى إحتلال الأرض، يفكر فى طريقة أخرى، احتلال العقول وحشوها بفكر مادى متمثلاً فى الاسطوانات المشروخة المتكررة، حاجة سوق العمل، نقول، بناء العقول التى تفكر هى من ستوجد سوق العمل، فمن صنع الروبوت، الإنسان المفكر، من الذى يتعامل بالذكاء الاصطناعى، العقل الإنسانى ومن ثم بات الأمر ملحا إلى التدخل الفورى وبمنتهى القوة لوقف هذا العدوان السافر على الفلسفة فهذا الافتراء لابد من التصدى له.

ورب واحد يقول لم تلغى، وإنما هى فى الصف الأول، نقول تلك سفسطة بغيضة واحدى الحيل لاسكات بعض المعلمين الذين يقومون بتدريسها، لكن هذه الحيلة لن تنطلى كل ذى عقل متفلسف لماذا ؟!، لأن خطر هذه الفرية أشد وقعا، كيف، الفلاسفة نسيج وكل متكامل الأركان، فإذا ما أسسنا لابد أن نكمل البناء وإلا سيهدم البناء برمته، وهذا غاية مرامهم هدم الفلسفة وتفريغها من مضمونها، يريدون جعلها صورة، فقط، إكمال ديكور، تحلية لباقى المواد، (رضوة) لأساتذة الفلسفة، لا وألف له، لا شكر الله سعيكم.

إن ما تتعرض له الفلسفة الآن ليس جديدا، وعندما كتب الدكتور محمود قاسم كتابه ابن رشد الفيلسوف المفترى عليه.

لم يكن هذا الجور والظلم والاضطهاد على شخص ابن رشد، وإنما غلى فكر عقلانى كاملا، لماذا، لأن الناس وقتئذ بدأت تفكر وتبحث وتناقش، صحوة عقلية، ومن ثم قامت القيامة على ابن رشد ومن قبله ابن باجه وابن مسرة وابن جبيرول وكل من يكتب فلسفة، فمن نفى نفى ومن سجن سجن ومن أحرقت كتبه، ليس هؤلاء وحدهم، بل تعرض معظم الفلاسفة إلى أشد من ذلك ألم يعدم سقراط، ألم يتهم فلاسفة المسيحية بالهرطقة.

التنكيل بالفلسفة والمنسوبين إليها ليس جديدا بل وجدنا ذلك فى كل عصور الفكر الفلسفى، يحدث اضطهاد، ثم تخمد جذوته، فتعود الفلسفة أقوى مما كانت عليه من ذى قبل.

فالغلبة للعقل والانتصار للفكر العقلانى الحر المستنير.

فهيا أيها الفلاسفة دافعوا عن محبوبتكم الفلسفة ضد هذه الافتراءات، وضد هذه الهجمات الشرسة التى تتعرض لها الفلسفة والمنسوبين إليها.

 

أستاذ ورئيس قسم الفلسفة بآداب حلوان

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الفلسفة المفترى عليها العلوم الإنسانية المستقبل ومن ثم

إقرأ أيضاً:

دغيم: يجب وضع آليات جادة لانتخاب محافظ جديد بشكل توافقي قبل انتهاء المهلة المتفق عليها

ليبيا – أكد ممثل المجلس الرئاسي في اجتماعات البعثة المتعلقة بالمصرف المركزي زياد دغيم إنه لم يشارك في الاجتماعات التي نظمت الأربعاء برعاية البعثة الأممية رغم وجوده داخل مقر البعثة.

دغيم قال في تصريح لقناة “فبراير” إن عدم مشاركته كانت بسبب عدم توافق ممثلي مجلسي النواب والدولة على أي شيء واستمرار خلافهما.

ودعا إلى وضع آليات جادة لانتخاب محافظ جديد بشكل توافقي قبل انتهاء المهلة المتفق عليها في الثالث من أكتوبر القادم.

مقالات مشابهة

  • 5 مؤشرات حيوية لطول العمر.. تعرف عليها
  • دغيم: يجب وضع آليات جادة لانتخاب محافظ جديد بشكل توافقي قبل انتهاء المهلة المتفق عليها
  • الدويري: القسام أعادت بناء نفسها ولا يمكن القضاء عليها
  • الجيش الأمريكي: تدمير نظام صواريخ تابع لمليشيا الحوثي الإرهابية في منطقة تسيطر عليها
  • ضبط كميات كبيرة من ”الأحذية النسائية” متكوب عليها لفظ الجلالة بمناطق سيطرة الحوثيين
  • «بريكس ومراكز الفكر».. ندوة بمركز الحوار للدراسات السياسية والإعلامية
  • خريجى أزهر الغربية وشريعة طنطا يبحثان المهام الدعوية ونشر الفكر الوسطى
  • هوايات تحمي الذاكرة من التدهور.. تعرّف عليها
  • الحوثيون يستبعدون أساتذة الفكر الإسلامي بجامعة إب ويستبدلونهم بـ"طلاب" موالين
  • المناطق المتوقع هطول أمطار عليها خلال الساعات القادمة