هذا المقال يحمل ما يحمله من الشجن والحزن الدفين على ما يحدث للفلسفة الآن من حملات طعن وتشويه، ليس هى وحدها بل جل العلوم الإنسانية وكأن شيطان ماكر وسوس فى الأذهان للإطاحة بمقدراتنا الفكرية وعلومنا الإنسانية التى تمثل فى حد ذاتها حلقات وصل بين ماضينا وحاضرنا وطريقنا إلى المستقبل.
فكيف لنا أن نرقى ونصل إلى العالمية ونحن مصابون بجمود فكرى وجفاء روحى خلفته عقليات لا تمت للإنسانية بصلة لا من قريب ولا من بعيد، وإنما هى آلات تعمل بالريموت كنترول، ويبدو أن لكل عصر وزمان ومكان آلاته لوأد الفكر وسفك دمه وقبل ذلك استباحة حرماته إما تشكيكا فى أهميته، أو طعنا فى محتواه الذى يقدمه للمتلقى فيثار الجدل حوله وتبدأ الإتهامات تكال من كل الاتجاهات، كمن يهاجمون العلوم الإنسانية وإنها عديمة الفائدة، وكمن يهاجم الفلسفة أنها تقود إلى التيه والضلال، وتؤدى إلى الكفر والإلحاد والزندقة ومن ثم ضرورة ملحة إلى حذفها من المقررات الدراسية وهذا ما حدث فى احدى دول الخليج، ولما أصيب الفكر بالعطب، وأصبحت المادة التى تقدم للمتلقى جوفاء مفرغة من المضمون سئمها الناس، فراحوا يبحثون عن حل، فأعادوها وبقوة إلى المقررات الدراسية.
وفى بلادنا مصر، حاضرة الثقافة العربية، بلد الأدباء والفلسفة والمفكرون، بلد الفن الراقى، بلد الأوبرا ومسرح الشرقاوى وطليمات وصبحي.
بلد طه حسين، وزكى نجيب محمود، وأحمد لطفى السيد، وحسن الشافعى، وتوفيق الطويل، وحسن حنفى، وأنيس منصور ،بمعنى أوضح بلد الثقافة والفن والفكر والآداب، ومن ثم فحيل وأد الفلسفة وهتك عذريتها لن تجدى معه مثل هذه الحيل، والتكفير، وخلافه، لماذا ؟!، ففضلا عما ذكرته، نحن نسعى إلى التجديد، تجديد الفكر المصرى، تجديد الفكر العربى، تجديد الفكر الدينى، الكوكبة، الهيمنة، المعاصرة، الحداثة. فلن تجدى، وإن كانت قد أفلحت فى وقت من الأوقات، فاحجم الكثيرون عن تعاطى الفلسفة، لكن مع حدوث الثورة المعلوماتية بات الأمر ملحا للتفلسف.
فما عساهم أن يفعلوه حتى يوقفوا المد الفكرى، المد الفلسفى، يلجأوا إلى حيلة أخرى، حيلة خبيثة قد تنطلى على بعض الناس ولا ألومهم، هذه الحيلة تخفيض عدد المواد لرفع الأعباء من على كواهل أولياء الأمور.؟!، لكن السؤال، هل شعرتم الآن بأولياء الأمور، نعالج العرض ونترك الداء متغلغلا فى أجسادهم ينهش لحومهم، ونلعب على دغدغة مشاعرهم، تحذف المواد، نحذف الفلسفة، نحذف الفكر، نحذف الإنسان عن طريق فقدانه لهويته، لذاتيته، فإذا ما أردنا هدم أمة فلتأتوا على أهم مقوم لهذه العقول، فإذا ما خربت العقول فحدث ولا حرج، وتلك خطط الاستعمار الذى إذا ما فشل فى إحتلال الأرض، يفكر فى طريقة أخرى، احتلال العقول وحشوها بفكر مادى متمثلاً فى الاسطوانات المشروخة المتكررة، حاجة سوق العمل، نقول، بناء العقول التى تفكر هى من ستوجد سوق العمل، فمن صنع الروبوت، الإنسان المفكر، من الذى يتعامل بالذكاء الاصطناعى، العقل الإنسانى ومن ثم بات الأمر ملحا إلى التدخل الفورى وبمنتهى القوة لوقف هذا العدوان السافر على الفلسفة فهذا الافتراء لابد من التصدى له.
ورب واحد يقول لم تلغى، وإنما هى فى الصف الأول، نقول تلك سفسطة بغيضة واحدى الحيل لاسكات بعض المعلمين الذين يقومون بتدريسها، لكن هذه الحيلة لن تنطلى كل ذى عقل متفلسف لماذا ؟!، لأن خطر هذه الفرية أشد وقعا، كيف، الفلاسفة نسيج وكل متكامل الأركان، فإذا ما أسسنا لابد أن نكمل البناء وإلا سيهدم البناء برمته، وهذا غاية مرامهم هدم الفلسفة وتفريغها من مضمونها، يريدون جعلها صورة، فقط، إكمال ديكور، تحلية لباقى المواد، (رضوة) لأساتذة الفلسفة، لا وألف له، لا شكر الله سعيكم.
إن ما تتعرض له الفلسفة الآن ليس جديدا، وعندما كتب الدكتور محمود قاسم كتابه ابن رشد الفيلسوف المفترى عليه.
لم يكن هذا الجور والظلم والاضطهاد على شخص ابن رشد، وإنما غلى فكر عقلانى كاملا، لماذا، لأن الناس وقتئذ بدأت تفكر وتبحث وتناقش، صحوة عقلية، ومن ثم قامت القيامة على ابن رشد ومن قبله ابن باجه وابن مسرة وابن جبيرول وكل من يكتب فلسفة، فمن نفى نفى ومن سجن سجن ومن أحرقت كتبه، ليس هؤلاء وحدهم، بل تعرض معظم الفلاسفة إلى أشد من ذلك ألم يعدم سقراط، ألم يتهم فلاسفة المسيحية بالهرطقة.
التنكيل بالفلسفة والمنسوبين إليها ليس جديدا بل وجدنا ذلك فى كل عصور الفكر الفلسفى، يحدث اضطهاد، ثم تخمد جذوته، فتعود الفلسفة أقوى مما كانت عليه من ذى قبل.
فالغلبة للعقل والانتصار للفكر العقلانى الحر المستنير.
فهيا أيها الفلاسفة دافعوا عن محبوبتكم الفلسفة ضد هذه الافتراءات، وضد هذه الهجمات الشرسة التى تتعرض لها الفلسفة والمنسوبين إليها.
أستاذ ورئيس قسم الفلسفة بآداب حلوان
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الفلسفة المفترى عليها العلوم الإنسانية المستقبل ومن ثم
إقرأ أيضاً:
وكيل أوقاف الفيوم: نعمل على نشر الفكر الوسطي وتطوير الدعوة الدينية باللغات المختلفة
عقد الدكتور محمود الشيمي، وكيل وزارة الأوقاف بمحافظة الفيوم، اجتماعًا مع نخبة من الأئمة المتميزين من خريجي كليات اللغات والترجمة.
جاء اللقاء، الذي عُقد اليوم الخميس، في سياق السعي لتعزيز دور الأئمة في المجال الدعوي ونقل صورة حقيقية ومشرقة للإسلام داخل مصر وخارجها.
مدير تعليم الفيوم يفاجئ مدرسة القاياتي بسنورس لمتابعة انتظام التعليم جامعة الفيوم تدخل قائمة أفضل 50 جامعة عربية في تصنيف ARUشهد الاجتماع حضور عدد من القيادات البارزة، منهم الشيخ عمر محمد عويس، مدير إدارة بندر أول بالفيوم، والشيخ محمد حسن، مسؤول الدعوة الإلكترونية بالمديرية، بالإضافة إلى الأستاذة أسماء عزمي محمد، المنسق الإعلامي بالمديرية.
أكد الدكتور الشيمي خلال اللقاء أن وزارة الأوقاف تعمل بتكامل لبناء الوطن وتعزيز الدور التنويري الذي يليق بمكانة مصر. وأشار إلى أن نشر الفكر الديني المستنير هو مسؤولية الجميع، خاصة في ظل التحديات التي تواجه الفكر الديني والثقافة الإسلامية نتيجة التشويه الذي أحدثته الجماعات الإرهابية والمتطرفة.
وأوضح أن الوزارة تسعى بقوة للانتقال من المنهج الوقائي إلى المنهج البنائي في الدعوة، مع التركيز على عمارة بيوت الله عز وجل، سواء من حيث الشكل المعماري أو المعنى الروحي.
وخلال كلمته، سلط الدكتور الشيمي الضوء على أهمية الترجمة في مجال الفكر الديني، موضحًا أن هذا الدور يتزايد مع الحاجة لتصحيح المفاهيم المغلوطة التي رُوجت ضد الثقافة العربية والإسلامية.
وأشار إلى أن الترجمة الدقيقة والحكيمة تعد وسيلة فعالة لنقل القيم الإسلامية السمحة، مع مراعاة اختلاف الثقافات والمشاعر الإنسانية.
انطلاق قافلة دعوية بأوقاف الفيوم إلى إدارة "قبلي الغرق" جامعة الفيوم تستضيف الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقافكما دعا وكيل وزارة الأوقاف الأئمة المشاركين إلى استثمار إمكاناتهم اللغوية في إعداد محتوى دعوي متميز ينقل رسالة الإسلام المعتدل عبر وسائل الإعلام الحديثة ومنصات التواصل الاجتماعي، بما يساهم في ترسيخ صورة مصر كمنارة للفكر الديني الوسطي.
اختتم الدكتور الشيمي حديثه بالتأكيد على أن مصر ستظل مصدرًا للفكر الديني المستنير عالميًا، وأن مهمة العلماء هي البلاغ والإرشاد، داعيًا الله عز وجل أن يحفظ مصر وشعبها من كل سوء ومكروه.
هذا الاجتماع يأتي ضمن رؤية وزارة الأوقاف لتعزيز التواصل الثقافي والديني، ودعم الكوادر المؤهلة لتقديم صورة حضارية عن الإسلام، إيمانًا بالدور الريادي الذي تقوم به مصر في نشر قيم الاعتدال والسلام.