متى تنتهي الحرب في السودان ؟
تاريخ النشر: 10th, August 2023 GMT
“الحرب دي بتنتهي في أسبوع أسبوعين”
من أول يوم في الحرب سمعنا كلنا من مسؤولين وقيادات عسكرية جُمل عن نهاية قريبة للحرب في غضون ساعات ثم أيام ثم أسبوع أسبوعين وكلها اتضح لينا أنها خطأ، بس لازم نعرف ليه كانت قيادات الجيش بتتكلم بالثقة دي وحتى الخبراء العسكريين كانوا بيأكدوا على الحاجة دي.
في الأول عايز اقول انه لازم -بعد الحرب تنتهي ان شاء الله- يتم محاسبة كل زول في موقع سلطة اتكلم عن تاريخ او حدد وقت لنهاية الحرب لأنه كتير من الناس أخدت قرارات على الأساس دا، في ناس مرقت من بيوتها وخلت ممتلكاتها وراها باعتبار أنهم ح يرجعوا سريع، وكتير فوّت فرصة الخروج باعتبار الموضوع حينتهي قريب.
طيب السؤال بيبقى ليه كان الحديث بكل ثقة عن نهاية قريبة للحرب؟ وللإجابة عليهو لازم نعرف شكل الحروب الحديثة في الأول.
الحروب في العصر الحديث كلها بتعتمد على اللوجستيات: المقدرة على توفير إمداد طعام، وقود، ذخيرة واسلحة بمختلف أنواعها والقدرة على تحريك عواميد عسكرية columns ضخمة من الآليات والمدرعات عشان تصل لقواعد عسكرية ومعسكرات بيتم فيها إدارة المعركة من ناحية الخطط وتوزيع وانتشار القوات وبتشكل المعسكرات دي ظهير خلفي للقوات البرية وبتعمل في بعض الأحيان عمل الإسناد المدفعي وكمان بتشكل مكان آمن لراحة القوات ومعالجة المصابين. أما بالنسبة للبسالة، الشجاعة والإستماتة فهي بتحدد نتائج المعارك الممكن تأثر في مجريات الحرب.
الجيوش المهاجمة دايما عندها هدف واضح عايزة تصل ليهو، وفي حال فشلها في تحقيق الهدف دا وانهيار نظامها في إدارة لوجيستيات الحرب بتضر للانسحاب او الاستسلام بسبب معرفة القادة العسكريين أنه في حال انهيار النظام اللوجستي للقوات بتبقى الحروب عبارة عن محارق وخسائر فادحة لجيوشها بدون معنى.
في صباح السبت 15 أبريل كانت قوات الدعم السريع بتمتلك كل قوتها العسكرية، معسكراتها، خطوط إمدادها، ومخازنها وقامت بشنّ هجوم ضخم جداً على القيادة العامة بهدف قتل أو إعتقال قائد الجيش العام عبد الفتاح البرهان، لكن بمعجزة ما وبثبات المرابطين في القيادة العامة وتضحياتهم الباسلة، فشل الدعم السريع في تحقيق هدفه. وفي الفترة بين 15-18 أبريل قام الجيش بتدمير كل معسكرات الدعم السريع تقريبا باستخدام الطيران كسلاح أساسي وفقد الدعم السريع الكثير من الأفراد والآليات وانهار نظامه اللوجستي تماماً بسبب عدم حيازة الدعم السريع على سلاح جو قادر على فرض سيطرة جوية air dominance، وعدم وجود أنظمة دفاع جوي قادرة على إعتراض القذائف والصواريخ الموجهة، ودا بيعني عدم قدرة الدعم السريع على تكوين معسكرات جديدة في الخرطوم بما يعني عدم القدرة على إعادة بناء النظام اللوجستي بنفس القوة.
بالنظر لموقف الدعم السريع العسكري فهم فشلوا في تحقيق هدفهم وخسروا نظامهم اللوجستي فمن الطبيعي افتراض أنه قادة الدعم السريع ح يسحبوا قواتهم او يستسلموا للحفاظ على أرواح جنودهم وعدم هدر ما تبقى من موارد، ودا الافتراض الخلى قيادات وضباط كتار يصرحوا عن نهاية الحرب وحسم المعركة ودا كان خطأ منهم لأنهم ما حسبوا أنه قادة الدعم السريع بنفس دموية جنودهم بل اكثر.
قيادة الدعم السريع وجهت جنودها للانتشار في الأحياء واعتماد الوحدات المنفصلة على نفسها، وبقى الاعتماد في التشوين على المخازن “السرية” في الأحياء، ونقص إمداد الطعام بيتم تعويضه بالنهب، نقص الوقود والذخيرة بالتهريب، ونقص الآليات والعربات المقاتلة بسرقة عربات المواطنين.
الانتشار الواسع بيعمل شو ظريف في الميديا أنه قوات الدعم السريع مسيطرة على الخرطوم لكن في الحقيقة على رغم من بعض منافع الانتشار إلا أنه سيء في الصورة الكبيرة للحرب،
الارتكازات أهداف ساهلة للطيران والمسيرات، تجميع القوة بياخد زمن والقيادة بتحتاج وقت عشان تقدر تعرف حجم القوة المتاحة للهجوم والخطط وادراتها بتبقى صعبة والعمليات الهجومية بتبقى عبارة عن “فزع” ومحارق كبيرة للميليشيا بغض النظر عن نتائجها، بدليل الخسائر الكبيرة جدا البيتكبدوها في كل هجماتهم وبيتكبدوها كل يوم في هجمات الطيران.
غرفة القيادة والسيطرة أدركت سوء تقديرها لموقف الدعم السريع وادركت أنها فشلت في مهمتها الأساسية في حماية المواطن بسبب الانتشار الواسع لقوات الدعم السريع البيصعب عملية الهجوم، واتحولت خطة غرفة القيادة والسيطرة لخطة استنزاف متوسطة لطويلة الأمد ودا كان واضح من خلال تحول خطاب الناطق الرسمي للقوات المسلحة لأنه يقول أنه القوات المسلحة ما حددت موعد او تاريخ لنهاية الحرب.
خطة الاستنزاف ماشة بصورة كويسة بدلالة قلة هجمات الدعم السريع وتحول مجريات المعركة من سقوط معسكر يتبع للجيش كل أسبوعين إلى حالة دفاع الميليشيا عن مناطق سيطرتها.
أما بالنسبة لسؤال متين حتنتهي الحرب فدا الإجابة عليهو شبه مستحيلة وبتعتمد على معطيات عديدة منها مُجريات التفاوض وحجم خسائر الدعم السريع وتقدير غرفة القيادة والسيطرة للموقف العسكري.
نصر الله قوات شعبنا المسلحة.
احمد الخليفة
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة من الدعم السريع
أعلن الجيش السوداني، يوم السبت، استعادة مدينة سنجة الرابطة بين ولايتي سنار والنيل الأزرق الحدودية، من قوات الدعم السريع.
ونشر الجيش مقاطع فيديو يقول فيها إنه استعاد السيطرة على مقر قيادته وكامل أجزاء المدينة.
ومنذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل 2023، كانت المنطقة تعتبر ملاذا آمنا للنازحين من الخرطوم والجزيرة في وسط البلاد، لكن منذ أكثر من 7 أشهر تشهد المنطقة عمليات قتالية عنيفة ظلت سجالا بين الطرفين وسط تقارير عن انتهاكات كبيرة ارتكبت في حق المدنيين.
ومنذ اندلاع الاشتباكات فيها في يونيو الماضي شهدت المدينة حركة نزوح كبيرة للسكان في اتجاه الجنوب نحو ولايتي النيل الأزرق والقضارف، حيث تشير تقديرات إلى نزوح أكثر من 80 في المئة من السكان.
وخلال الأشهر الأربع الماضية تعقدت الأوضاع الميدانية أكثر في المنطقة في ظل هشاشة أمنية كبيرة، ما أدى إلى إغلاق معظم الطرق التي استخدمها السكان للخروج من سنجة.
وأثارت المعارك العنيفة في محور ولايتي سنار والنيل الأزرق الواقعتان جنوب شرق البلاد تساؤلات حول أهمية هذا المحور والتبعات السياسية والعسكرية التي قد تترتب على الواقع الجديد الذي أحدثته المعارك الأخيرة.
وتربط المنطقة التي تضم مدنا مثل سنجة وسنار والدمازين بين 4 ولايات حيوية في وسط وغرب السودان، كما تبعد مدينة الدمازين على مسافة 100 كيلومترا من الحدود مع أثيوبيا، كما ترتبط المنطقة بحدود مباشرة مع دولة جنوب السودان التي انفصلت عن السودان في العام 2011.
ومن الناحية العسكرية، تشكل المنطقة خط امداد لوجستي مهم لربط القوات الموجودة بوسط البلاد بالحاميات الموجودة هناك.
وتعتبر المنطقة واحدة من أغنى المناطق بالبلاد وتضم مشاريع زراعية وانتاجية شاسعة المساحة، من بينها مشروع السوكي الزراعي، وعدد من المشاريع الكبرى.
وتضم أيضا خزاني الروصيرص وسنار اللذان يسهمان بنحو 52 في المئة من الإمداد الكهربائي في البلاد ويتحكمان في قنوات الري الرئيسية التي يعتمد عليها مشروع الجزيرة وهو أكبر مشروع على مستوى العالم يروى بنظام الري الانسيابي ويقع على مساحة 2.3 مليون فدان.
وتضم المنطقة أيضا محمية الدندر التي تعتبر اكبر محمية طبيعية في أفريقيا وتمتد على مساحة 10 آلاف كيلومتر مربع، وتعتبر المنطقة موطنا لأكبر الغابات في السودان حيث تشكل أكثر من 80 في المئة من مساحات غابات البلاد.