إهمال الصحة النفسية .. خطر داهم على الجهاز المناعي وجودة الحياة
تاريخ النشر: 24th, August 2024 GMT
- ممارسة اليقظة والتأمل والاسترخاء لإدارة الإرهاق وتقليل تأثيره
- استخدم تقنيات السلوك المعرفي لمعالجة أنماط التفكيرالسلبي
- مواجهة التحديات والتعامل مع المشاعر والآخرين بطرق إيجابية
- التركيز على تحسين نوعية حياة المصابين بأمراض مناعية مزمنة
الكثير من التساؤلات تدور حول العلاقة الوثيقة بين الصحة النفسية والقدرة على مقاومة الأمراض بتعزيز الجهاز المناعي حيث تُظهر الدراسات تأثير الحالة النفسية على الجهاز المناعي مما يعطي أهمية كبيرة على ضرورة ممارسة استراتيجيات للتخفيف من التوتر والقلق والتمتع بصحة نفسية جيدة واتباع أساليب التكيف والتعايش بصورة إيجابية، مع العناية بالجهاز المناعي والصحة النفسية كنظام متكامل نظرًا للعلاقة الوثيقة بينهم، حيث إن ضعف الجهاز المناعي قد يزيد من خطر الإصابة بالأمراض النفسية مثل الاكتئاب والقلق.
في هذا الجانب تحدثت الدكتورة مروة بنت عبدالله العبدلية اختصاصية طب نفسي لـ«عُمان» عن التأثير النفسي على الجهاز المناعي بقولها: العلاقة بين المناعة والصحة النفسية هي مجال بحثي مزدهر، يعكس تفاعلًا معقدًا يؤثر على الصحة العامة حيث إن فهم كيفية ارتباط هذين الجانبين من الصحة يمكن أن يؤدي إلى استراتيجيات أكثر فعالية لتحسين الصحة البدنية والنفسية.
وعرفت المناعة على أنها قدرة الجسم على المقاومة أو الدفاع ضد مسببات الأمراض الضارة مثل البكتيريا والفيروسات والسموم.
وتتضمن آلية الدفاع شبكة معقدة من الخلايا والأنسجة والأعضاء، بما في ذلك خلايا الدم البيضاء والأجسام المضادة والجهاز الليمفاوي، والتي تعمل معًا لتحديد الغزاة الأجانب وتحييدهم للحفاظ على الصحة العامة.
وتعد الصحة النفسية عاملًا أساسيًا في تحقيق جودة حياة عالية، وهي تتأثر بعدد من العوامل بما في ذلك الوراثة، والبيئة، والتجارب الشخصية، والدعم الاجتماعي.
فالصحة النفسية تشير إلى حالة من الرفاهية العاطفية والعقلية التي يتمتع فيها الفرد بقدرة جيدة على التعامل مع الضغوطات اليومية، واتخاذ القرارات السليمة، وتكوين علاقات صحية، لذا تتضمن الصحة النفسية الشعور بالرضا عن النفس، والقدرة على مواجهة التحديات والتعامل مع المشاعر بطرق إيجابية، والتفاعل بشكل صحي مع الآخرين.
الإصابة بالأمراض
وأوضحت الدكتورة العبدلية قائلة: لفهم العلاقة بين الصحة النفسية والجهاز المناعي بشكل أعمق، ينبغي النظر في الآليات البيولوجية والفيزيولوجية التي تربط بينهما، فضلًا عن تأثيرات العوامل النفسية على المناعة، والطرق التي يمكن من خلالها تحسين هذه العلاقة، حيث إن ضعف الجهاز المناعي قد يزيد من خطر الإصابة بالأمراض النفسية مثل الاكتئاب والقلق.
وأشارت إلى أهم العوامل النفسية التي تؤثر على النظام المناعي والآليات المعقدة وراء هذه التأثيرات، حيث أوضحت أن الصحة النفسية تؤثر على المناعة عندما يتعرض الجسم للإجهاد، سواء كان جسديًا أو نفسيًا، حيث يقوم بإفراز هرمونات مثل الكورتيزول والأدرينالين التي تعد جزءًا من استجابة «القتال أو الهروب» التي تساعد الجسم على التعامل مع التهديدات الفورية، وبعد زوال التهديد، تعود مستويات هذه الهرمونات إلى طبيعتها، وتعمل استجابة الجسم بشكل إيجابي على تعزيز النشاط المناعي، ومع ذلك، إذا كانت مستويات هذه الهرمونات مرتفعة بشكل مزمن، كما في حالات الإجهاد المستمر والمزمن (حيث إنها حالة مستمرة من الضغط والتوتر)، فإنها تؤثر سلبًا على الجهاز المناعي بعدة طرق.
وتطرقت إلى الآثار السلبية التي تظهر على الجهاز المناعي نتيجة الإجهاد المستمر التي تتمثل في تثبيط الاستجابة المناعية حيث يثبط الكورتيزول نشاط خلايا المناعة مثل الخلايا التائية، والتي تلعب دورًا مهمًا في تمييز ومهاجمة الخلايا المريضة، كما يمكن أن يؤدي الإجهاد المزمن إلى انخفاض فعالية الخلايا المناعية الموجودة بالفعل في الجسم، مما يجعلها أقل قدرة على مهاجمة البكتيريا والفيروسات، وزيادة الالتهابات، حيث إن الارتفاع المستمر في الكورتيزول يمكن أن يعزز استجابة الالتهاب المزمن من خلال زيادة إنتاج cytokines مثل TNF-alpha وIL-6، التي تلعب دوراً في الاستجابات الالتهابية المزمنة.
استجابة المناعة
أما عن تأثير الاكتئاب على الجهاز المناعي فقد بيّنت الدكتورة أن الاكتئاب غالبًا ما يرتبط باضطراب في نظام محورالهيبوثالاموس - الغدة النخامية - الكظرية وهذا الاضطراب يؤدي إلى إفراز مستمر ومفرط لهرمونات الإجهاد مثل الكورتيزول، الذي يمكن أن يثبط نشاط الخلايا المناعية ويضعف الاستجابة المناعية، بالإضافة إلى ذلك، يصاحب الاكتئاب ارتفاع في مستويات المواد الكيميائية الالتهابية في الدم، مثل البروتين التفاعلي وهو أحد البروتينات التي ينتجها الكبد استجابة للالتهاب وسيتوكينات التي تتمثل وظيفتها في التواصل بين الخلايا المناعية وهذه المواد الكيميائية يمكن أن تعزز الالتهابات المزمنة وتؤدي إلى ضعف استجابة المناعة، فقد أظهرت الدراسات أن الأشخاص المصابين بالاكتئاب قد يكون لديهم مستويات أقل من الخلايا المناعية مثل الخلايا القاتلة الطبيعية والخلايا التائية المساعدة، مما يعرضهم لخطر أعلى للإصابة بالأمراض.
وتابعت الدكتورة مروة العبدلية في حديثها قائلة: إن هناك علاقة وثيقة بين القلق وتأثيره على الاستجابة المناعية، حيث يؤدي القلق إلى إفراز مستمر للأدرينالين والكورتيزول، الذي يثبّط إنتاج خلايا الدم البيضاء ويسبب تقلبات في مستويات المناعية، كما أن القلق المزمن يمكن أن يعزز من مستوى الالتهابات في الجسم عن طريق زيادة إنتاج السيتوكينات الالتهابية، مما يزيد من القابلية للإصابة بالأمراض والالتهابات.
اكتشاف العلاقة
وعن التأثير المناعي على الصحة النفسية أوضحت أن العلاقة بين الصحة النفسية والمناعة هي علاقة تبادلية يؤثر كل منهما على الآخر، ولفهم كيفية تأثير الجهاز المناعي على الصحة النفسية بشكل أعمق، نحتاج إلى استكشاف العلاقات البيولوجية والفسيولوجية الدقيقة التي تربط بين الجهاز المناعي والدماغ، وكيف يمكن أن تؤدي التفاعلات بينهما إلى تأثيرات نفسية معقدة، فعندما ينشط الجهاز المناعي استجابة لعدوى أو إصابة، يقوم بإفراز السيتوكينات الالتهابية مثل IL-1، IL-6، وTNF-alpha، هذه المواد الكيميائية يمكنها عبور الحاجز الدموي الدماغي، وهو حائط واقٍ يفصل بين الدم والدماغ، وتؤثر على خلايا الدماغ، هذا التأثير يمكن أن يغير من الوظائف الكيميائية والهيكلية للدماغ، ويؤدي إلى تغييرات في المزاج والسلوك.
وأضافت: تشير الأبحاث إلى أن الاستجابات الالتهابية في الدم يمكن أن تؤدي إلى تغييرات في نشاط مناطق الدماغ المرتبطة بالتحكم في العواطف، مثل القشرة المخية الأمامية واللوزة الدماغية، وهذه التغييرات يمكن أن تساهم في تطور الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب والقلق، وعندما تكون مستويات هذه السيتوكينات مرتفعة بشكل مزمن، يمكن أن تؤثر على التركيب الكيميائي للدماغ حيث أنها تؤثر على النواقل العصبية مثل السيروتونين والدوبامين والنورإبينفرين، مما يؤثر سلبًا على الحالة المزاجية والقدرة على التعامل مع التوتر، كما أنه يؤثر على تنظيم المزاج والعواطف، مما يساهم في ظهور أعراض الاكتئاب والقلق.
كما أن بعض الأمراض المناعية الذاتية، مثل الذئبة والتصلب المتعدد، قد تكون مصحوبة بزيادة في خطر الإصابة بالاضطرابات النفسية، والالتهاب المستمر المرتبط بهذه الأمراض يمكن أن يساهم في ظهور أعراض مثل الاكتئاب والقلق، بالإضافة إلى ذلك، فإن بعض الأدوية المستخدمة لعلاج الأمراض المناعية الذاتية يمكن أن تكون لها تأثيرات جانبية تؤثر على الصحة النفسية، مثل تغيرات المزاج والاكتئاب.
وأشارت إلى أن الأفراد المصابين بأمراض مناعية مزمنة قد يواجهون تحديات نفسية بسبب تأثير المرض على جودة حياتهم، والألم المستمر، والإعاقات الوظيفية، وهذه العوامل يمكن أن تسهم في ظهور أعراض نفسية مثل الاكتئاب والقلق، كما أن القلق بشأن الحالة الصحية المستقبلية والقدرة على التعامل مع المرض يمكن أن يؤثر على الصحة النفسية، مما قد يساهم في تفاقم الأعراض النفسية.
ولفهم هذه التفاعلات المعقدة بين الجهاز المناعي والصحة النفسية يمكن أن يساعد في تطوير استراتيجيات علاجية أكثر تكاملًا تركز على تحسين نوعية حياة الأفراد الذين يعانون من حالات مزمنة ومشاكل نفسية.
ممارسات داعمة
وأفادت الدكتورة حول بعض الاستراتيجيات الفعالة لتحسين الصحية العقلية والمناعية، فقالت: إن تطبيق الاستراتيجيات بشكل منظم يساعد على تحسن الصحة بشكل ملحوظ من خلال اتباع نظام غذائي متوازن غني بالعناصر الغذائية مع الكثير من الفواكه والخضروات والبروتينات الخالية من الدهون وأحماض أوميجا 3 الدهنية لدعم صحة المناعة والدماغ، وممارسة التمارين الرياضية بانتظام تعمل على تعزيز الوظيفة المناعية وإطلاق الإندورفين الذي يعزز الحالة المزاجية، مشيرة إلى ضرورة النوم حوالي لـ7-9 ساعات كل ليلة لدعم وظيفة الجهاز المناعي وتنظيم المشاعر، والعمل على إدارة الإجهاد من خلال ممارسة تقنيات اليقظة والتأمل والاسترخاء لإدارة الإرهاق وتقليل تأثيره على الجهاز المناعي، ولدعم الصحة العقلية يتطلب المساعدة المهنية عند الحاجة، واستخدم تقنيات السلوك المعرفي لمعالجة أنماط التفكير السلبية وتحسين الصحة العقلية، واتباع أساليب نمط الحياة الصحية بتجنب التدخين والحد من تناول الكحول، التي يمكن أن تضعف الجهاز المناعي وتؤثر سلبًا على الصحة العقلية، وهناك ضرورة للتعاون بين أطباء الأمراض المناعية وأطباء الصحة النفسية ليضمن وضع إدارة شاملة وتشخيصية للحالة الصحية، مع الأخذ بعين الاعتبار التأثيرات النفسية والفيزيولوجية المتبادلة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: على الجهاز المناعی على الصحة النفسیة الخلایا المناعیة على التعامل مع والقدرة على تؤثر على یمکن أن کما أن حیث إن
إقرأ أيضاً:
"الشباب والرياضة": 11 مساحة آمنة للسيدات في 7 محافظات لدعم الصحة النفسية
أعلنت وزارة الشباب والرياضة، اختتام فعاليات البرنامج التدريبي للتوعية الصحية والدعم النفسي للعاملين بالمساحات الآمنة للسيدات والفتيات، الذي نُفذ داخل 11 مساحة آمنة في 7 محافظات، بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان (UNFPA). يستهدف البرنامج تحسين الصحة النفسية للعاملين، وتمكينهم من إدارة الضغوط والإجهاد الناتج عن طبيعة عملهم في هذه المساحات المخصصة لدعم السيدات والفتيات في بيئات إنسانية معقدة.
أهداف البرنامج ومخرجاتهصرحت الوزارة أن البرنامج يأتي في إطار تعزيز قدرة العاملين على التعامل مع المواقف الحساسة التي يواجهونها يوميًا، من خلال تزويدهم بأدوات واستراتيجيات فعّالة للدعم النفسي، بالإضافة إلى تدريبهم على التعامل مع الضغوط الناتجة عن العمل في مجالات تهدف لحماية وتمكين السيدات والفتيات.
وأشارت الوزارة إلى أن المساحات الآمنة تُعد مراكز دعم شاملة، تقدم خدمات متنوعة تشمل التوعية الصحية، الدعم النفسي والاجتماعي، والمساعدة القانونية للسيدات والفتيات، مع التركيز على الفئات الأكثر احتياجًا في المجتمعات المحلية.
المواقع المشاركة في البرنامجشملت المساحات الآمنة المشاركة في البرنامج 11 مركزًا للشباب موزعة على 7 محافظات كالتالي:
محافظة القاهرة: مركز شباب المعادي الجديدة.محافظة الجيزة: مركزي شباب أرض اللواء والشيخ زايد.محافظة القليوبية: مركز شباب العبور.محافظة الإسكندرية: مركز شباب النصر.محافظة دمياط: مركز شباب دمياط الجديدة.محافظة أسوان: مركزي شباب بدر وحي ناصر.محافظة الشرقية: مراكز شباب الزهور، الشمس، والتنمية الشبابية بالعاشر من رمضان.التدريب لتعزيز الكفاءة المهنيةخلال الفعاليات، ركز التدريب على تعزيز كفاءة العاملين في التعامل مع حالات السيدات والفتيات اللاتي يحتجن إلى دعم نفسي وصحي داخل المساحات الآمنة. وشملت الجلسات التدريبية ورش عمل عملية وتفاعلية حول كيفية توفير بيئة آمنة وصحية، بالإضافة إلى التعرف على استراتيجيات تخفيف التوتر وتحسين الصحة النفسية للعاملين أنفسهم.
دور وزارة الشباب والرياضةأوضحت الوزارة أن هذه المبادرة تأتي ضمن خطتها الشاملة لتعزيز المساواة بين الجنسين، ودعم قضايا تمكين المرأة، حيث تُعد المساحات الآمنة جزءًا من الجهود الوطنية لتعزيز حماية السيدات والفتيات من جميع أشكال العنف، بما يتماشى مع رؤية الدولة لتحقيق التنمية المستدامة 2030.
كما أكد الدكتور أشرف صبحي، وزير الشباب والرياضة، على أهمية الدور الذي تلعبه المساحات الآمنة في حماية حقوق السيدات والفتيات وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي لهن، مشيرًا إلى أن الوزارة تلتزم بتطوير برامج ومبادرات موجهة لدعم الفئات الأكثر احتياجًا، وتوسيع نطاق المساحات الآمنة في المستقبل لتشمل مزيدًا من المحافظات.
التعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكانأشاد وزير الشباب والرياضة بالتعاون المثمر مع صندوق الأمم المتحدة للسكان في تنفيذ هذا البرنامج، الذي يعكس التزام الجانبين بتعزيز الجهود المبذولة في مجال التوعية الصحية والدعم النفسي للسيدات والفتيات، مؤكدًا أن الشراكة ستستمر لتقديم المزيد من المبادرات النوعية في هذا المجال.
اختُتم البرنامج التدريبي بإشادة المشاركين بالمحتوى المقدم خلال الفعاليات، مع دعوة لتكرار مثل هذه البرامج لتعزيز الكفاءة المهنية للعاملين في المساحات الآمنة. كما أكدت الوزارة أنها بصدد التوسع في عدد المساحات الآمنة وتطوير الخدمات المقدمة فيها لضمان وصول الدعم إلى أكبر شريحة من السيدات والفتيات في مختلف المحافظات.