أحيا "حزب الله" الاحتفال التكريمي لـ"الشهيد السعيد على طريق القدس" محمد علي حسن قدوح (أمير) في النادي الحسينيّ لبلدة الغندورية الجنوبية، في حضور عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب علي فياض، إلى جانب عائلة الشهيد وجمع من العلماء والفاعليات والشخصيات وعوائل شهداء، حشد من أهالي البلدة والقرى المجاورة.

افتتح الاحتفال بقراءة آيات من الذكر الحكيم وتخللته تلاوة للسيرة الحسينية، فيما ألقى فياض كلمة "حزب الله"، قدم فيها التهاني والتبريكات لعائلة الشهيد، مثنياً على "دور العائلة في العطاء للمقاومة على مستويات مختلفة وبجهود مخلصة ومساعٍ لا تكِّل، وصولاً إلى عطاء الدم، وأنها نموذج لكل المجتمع الذي يحتضن المقاومة ويشكل لها ركيزة صلبة تستند إليها في إنجازاتها الكبرى".



وقال:  "إنّ هذا المجتمع يُمثِّل إحدى الركائز والأسس التي تفسِّر نجاحات المقاومة، وأنّ هناك مجموعة من الركائز والشروط التي إن اجتمعت أفضت إلى النجاح والفوز، الذي يكون الانتصار أحد معالمه وأحد تجلياته"، معتبراً أنّ "الركيزة الأساس هي الإخلاص في العلاقة مع اللّه، والإخلاص في العلاقة مع الأمّة في دوائرها المختلفة أكانت مجتمعاً أم وطناً أم أمة بالمعنى الواسع للكلمة، وامتلاك بنية قتالية جهادية محترفة، تجمع بين الإيمان والوعي والعلم والعقل، وقيادة راشدة حكيمة وشجاعة ومسدَّدة".

أضاف: "إنّ مسيرتنا تتوفَّر على هذه الشروط جميعاً وتحديداً ما يتصل بالعلاقة مع المجتمع وهو موضوع حديثنا، نحن نتفوق على العدو الإسرائيلي في هذه النقطة، بالمقارنة بين مجتمع المقاومة ومجتمع الكيان الغاصب، إن المجتمع الإسرائيلي منقسم ومتردد، وغير واثق بقيادته، وغير واثق بنتائج المواجهة، بينما مجتمع المقاومة مجتمع متماسك وصلب ومؤمن بقضيته وعلى استعداد للتضحية، والأهم بأنه يثق بقيادته، لذلك فهو يسلِّم لها بالكيفية التي تدير بها المعركة".

وأشار إلى علاقة المقاومة بمجتمعها وأهلها ووطنها واصفاً إياها ب"المعيار والقاعدة الحاكمة لها، وأنّ قيادة المقاومة لا يمكن أن تفرّط بأي نحوٍ من الأنحاء بمصالح مجتمعها وأهلها ووطنها"، لافتاً إلى أنّ "الفكر السياسي للمقاومة يعتبر القضية والناس متداخلان ولا فصل بينهما كما تفعل بعض الحركات الإسلامية الأخرى"، موضحاً أنّ "المعركة الحالية في جنوب لبنان انطلقت كمعركة إسناد لغزة بما لا يتناقض مع المصالح الوطنية اللبنانية، بينما حرب تموز ٢٠٠٦ كانت معركة وطنية لبنانية تخدم مصالح الأمة والقضية الفلسطينية".

وقال: "هناك كلفة يدفعها أي مجتمع في سبيل الدفاع عن أرضه وحريته واستقلاله وسيادته، وقيادة المقاومة تدير هذه المواجهة مع العدو وهي تأخذ بعين الاعتبار الكثير من الحيثيات التي تحيط بالمعركة محلياً وإقليمياً ودولياً"، لافتاً إلى أنّ "المقاومة ليست قتالاً فحسب، إنما هي أهداف بعيدة وأهداف قريبة، ومصالح واعتبارات على مستويات متعددة يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، والمقاومة تفعل ذلك بجدارة وأنّها قتالٌ وإدارة وأهدافٌ ومصالح مجتمع، وهذا يشكل مدخلاً لفهم موقف المقاومة في التعاطي مع تطورات مرحلة ما بعد اغتيال الشهيدين القائدين إسماعيل هنية وفؤاد شكر".

ولفت إلى أنّ "المقاومة تقاتل بتوقيتها وليس بتوقيت الأميركي أو الإسرائيلي، وتخوض المواجهة مع العدو في مواطن ضعفه، وتحاذر ما أمكن مواطن قوته التي تعرفها جيداً، وتدير المعركة بشجاعة لا بتهور وبحكمة لا بغوغائية، وبثبات وقدرة لا باستعراضية، ولهذا فالمقاومة تسعى على الدوام لفرض إيقاعها في المواجهة دون الانزلاق إلى الإيقاع الذي يريده العدو، ومن الأهمية في مكان أن يكون المشهد العام للمواجهة واضحاً، رغم حجم التعقيدات التي ينطوي عليها".

وتابع فياض: "إنّ هدف المقاومة من حرب الإسناد هو إيقاف العدوان على غزة، أما هدف الإسرائيلي فهو الهرب من الهزيمة التي أصابته، وأما الأميركي فيريد تأمين المخارج الآمنة للإسرائيلي للخروج من المأزق الذي وقع فيه، وإن لم يقف العدوان على غزة ستستمر المواجهات وحالة التصعيد في المنطقة بأكملها"، مؤكّداً أنّ "كل عدوان أو اغتيال أو استهداف سترد عليه المقاومة صغر أم كبر بالطريقة المناسبة، وهي على أتم جهوزيتها واستعدادها لمواجهة السيناريوهات كافة، بما فيها سيناريو المواجهة الشاملة".

وأشار إلى "بعض المناخات الشعبوية التي تتناول تأخر المقاومة بالرد على اغتيال القائد الجهادي الكبير الشهيد فؤاد شكر والتي بعضها مؤيد وبعضها معادٍ"، مشدّداً على أنّ "المقاومة لا تتحرك تحت الضغوط الشعبوية، وأنّها عندما تخوض مواجهةً بهذا الحجم وبكل هذه الأبعاد الإستراتيجية، هي من يختار اللحظة والهدف والسياق الأكثر إيلاماً للعدو والأكثر فائدة لمحور المقاومة وأهل المقاومة".

وختم فيّاض: "أما مناخات التهويل التي تمارس من جهات متعددة، على صيغة تهديدات أو تصريحات أو مواقف أو تصعيد بالغارات أو استعراضات بوارج وحاملات طائرات، فهو لا يغيّر في حسابات المقاومة ومواقفها ووجهتها، ولا يقدم ولا يؤخر في إصرارنا على إسناد غزة والدفاع عن شعبنا ووطننا".

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

وقف الحرب في غزة: ترتيبات اليوم التالي

الحربُ المستعرة في الإقليم تتجه إلى تهدئة محسوبة، التهدئةُ حاجة ماسة للمتحاربين المتعبين والتوّاقين إلى استراحة، لكن لا سبيل إلى استراحة راسخة إلاّ بالتوافق على ترتيبات اليوم التالي لوقف الحرب، أيّ بتهدئتها وتسكينها لمدةٍ قد تطول أو تقصر. ترتيباتُ اليوم التالي لن تقتصر على الحرب في غزة ولبنان، بل تشمل ساحات الإقليم برمته من شواطئ البحر المتوسط جنوباً إلى شواطئ بحر قزوين شمالاً. ولا يبدو أنها تشمل «الميني حرب» التي توسعت وما زالت تتوسع في الضفة الغربية. هذه الترتيبات لا تقتصر على وقف ميداني لإطلاق النار، بل على استراحة مديدة للمتحاربين في دول الإقليم المتصارعين على الأرض والسلطة والمصالح والنفوذ. وقد تتضمن أيضاً إعادة ترسيمٍ لخرائط اتفاق سايكس – بيكو الذي يربو عمره على نحو مئة سنة.

ترتيباتٌ بهذا الاتساع والشمول تستوجب مايسترو مقتدراً وإدارة عليا، دونالد ترامب رشّح نفسه، على ما يبدو، لهذا المركز وهذه المهمة، وسينزل إلى الساحة في العشرين من يناير الجاري، يوم إمساكه رسمياً بمقاليد السلطة في بلاده. غير أن ترامب لن يكون وحده في ملعب الإقليم الكبير، سيكون في مواجهة ضارية مع لاعبين متشددين متمرسين وآخرين قدامى دهاة. اللاعبون المتشددون المتمرسون هم قادة قوى المقاومة في كلٍّ من فلسطين ولبنان والعراق واليمن. اللاعبون القدامى الدهاة هم الحكام في كلٍّ من تركيا وإيران والسعودية، إلى هؤلاء، ثمة لاعبون صهاينة محترفون يلعبون مع الرئيس الأمريكي في الحرب ضد قوى المقاومة في شتى ساحات الإقليم، ويلعبون معه وعليه في الساحة الأمريكية إذا اقتضت مصلحة «إسرائيل» ذلك.

هؤلاء اللاعبون جميعاً هم الذين وضعوا ويضعون ترتيبات استراحة المتحاربين التي أنجزت ووضعت موضع التنفيذ بين «إسرائيل» و»حماس» وحلفائها قبل ظهر يوم الأحد الماضي، على أن توضع موضع التنفيذ بين «إسرائيل» ولبنان في 27 يناير الجاري، إلا أن ترتيبات اليوم التالي لوقف الحرب وتسكينها، التي تنطوي على استراحة مديدة للمتحاربين، غالباً ما تكون عرضة للخرق والعودة إلى القتال.

بنيامين نتنياهو هو المرشح الدائم لخرق الاتفاقات والترتيبات، ويُرجح كثير من المراقبين أنه سينتهز أول فرصة وذريعة متاحتين كي يعود إلى حرب الإبادة في غزة وحرب التوسّع في لبنان، غير أن ترامب الطموح في رأسه مخطط لـِ»جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى» قد يمنع نتنياهو من إفساد مخططه الإمبراطوري الذي ينطوي على أهداف استراتيجية أكثر إلحاحاً وأهمية في مناطق أخرى من العالم.

أيّاً ما يكن الأمر بين القطب الامريكي والتابع الإسرائيلي، فإن قادة قوى المقاومة الشعبية العربية محكوم عليهم بأن يستعدوا لأسوأ الاحتمالات الصهيونية، فماذا تراها تكون؟ يُستخلص من المواقف والتصريحات التي تزخر بها وسائل الإعلام الإسرائيلية أن ثلاثة احتمالات أو مشروعات تعتمل في رؤوس الزعماء الصهاينة في الوقت الحاضر:

أولها، عدم السماح لحركة حماس وحلفائها بالعودة إلى السيطرة على قطاع غزة وتحويله مرةً اخرى إلى شوكة في خاصرة كيان الاحتلال. وعليه، يعمل نتنياهو وحلفاؤُه لتعزيز اتجاه بعض أركان إدارة ترامب الداعين إلى وضع قطاع غزة تحت وصاية دولية، سياسية وعسكرية، وابتداع منظومة محلّية مدنية فلسطينية لإدارة القطاع، ولاسيما مسألة توزيع المساعدات الإنسانية.

ثانيها، إقناع ترامب بدعم عملية توسيع استيطان الضفة الغربية، وصولاً إلى ضمّها بأكملها إلى «إسرائيل»، أو «التكرم» بالموافقة على تخصيص جزء يسير منها لدويلةٍ فلسطينية منزوعة السلاح، تكون ملجأ اخيراً للفلسطينيين المهجّرين من سائر أنحاء فلسطين الجاري استيطانها وضمهّا إلى كيان الاحتلال.

ثالثها، حثّ ترامب على تسريع تنفيذ ما يُسمى «مشروع الشرق الأوسط الجديد»، بتقسيم سوريا إلى كيانات قائمة على أسس مذهبية أو إثنية أو قَبَلية، واشتراط أن يكون ذلك بديلاً وحيداً من مهاجمة إيران بمساعدة أمريكا لتدمير منشآت برنامجها النووي.

إن سعي «إسرائيل» لتسويق وتنفيذ هذه المشروعات ليس امراً سهلاً البتّة، خصوصاً إذا ما جرت مواجهتها بمقاومةٍ شعبية سياسية واقتصادية وعسكرية واسعة على مستوى عالم العرب برمته.

إلى ذلك، يقتضي أن تكون قوى المقاومة الشعبية العربية الناشطة في كلٍّ من فلسطين ولبنان والعراق واليمن مستعدة للردّ بلا إبطاء، وفق ما وعدت به جماهيرها، في حال امتنع العدو الصهيوني عن الانسحاب من كل المواقع اللبنانية، التي تسلّل إليها، أو حاول إقامة تحصينات له فيها، وهو أمر مخالف لاتفاق وقف إطلاق النار، الذي تتولى الولايات المتحدة حاليّاً الإشراف على تنفيذ بنوده، أو حاول العدو إقامة مناطق عازلة في قطاع غزة، أو منع مئات آلاف الأهالي المهجّرين إلى جنوب القطاع من العودة إلى منازلهم في غزة وسائر البلدات في محيطها.
جب ألاّ يغيب عن أذهان قادة المقاومة أن «إسرائيل» تضررت كثيراً نتيجةَ الحرب
لقد اتضح أن قوى المقاومة الميدانية في فلسطين ولبنان ليست ضعيفة ولا مهزومة. صحيح أنها تضررت جرّاء حرب الإبادة الطويلة التي شنّتها «إسرائيل» على قطاع غزة من جهة، وقطع طريق توريد السلاح إلى حزب الله عبر الحدود مع سوريا بعد انهيار نظام الأسد من جهة أخرى، إلاّ أن ما لديها من أسلحة مخزّنة وأخرى جرى ويجري تصنيعها في الداخل، يكفي على ما يبدو للقيام بما يتوجب عليها القيام به لصدّ العدو ومنعه من التدمير والتوسّع.

فوق ذلك، يجب ألاّ يغيب عن أذهان قادة المقاومة أن «إسرائيل» تضررت كثيراً نتيجةَ الحرب التي شنّتها على جبهات غزة والضفة الغربية ولبنان لمدة 15 شهراً وأدت إلى نزوح نحو 90 ألف مستوطن من مستعمراتهم في شمال فلسطين المحتلة، ومثلهم من إيلات ومحيطها في الجنوب، وإلى تدمير أو إغلاق مئات المصانع والشركات، وتضرّر سائر مرافق الاقتصاد، ونزوح أكثر من نصف مليون إسرائيلي إلى خارج الكيان، وتدمير الكثير من أسلحة ومعدات وعتاد الجيش الإسرائيلي ما يؤدي ذلك كله إلى الحدّ من قدرة «إسرائيل» على الاستمرار في الحرب مدةً أطول.

يتضح من مجمل ما تقدّم بيانه أن قوى المقاومة الشعبية العربية نجحت، بحرب الاستنزاف التي ردّت بها على عدوان «إسرائيل» المتواصل والمدعوم من الولايات المتحدة مالياً وعسكرياً، في الصمود مدةً قياسية ضد العدو. أكثر من ذلك، عزّز صمود المقاومة الشعبية العربية في كل ساحاتها، مفهوماً جديداً للانتصار قوامه إحباط مخططات العدو ومنعه من تحقيق أهدافه، وإعادة النازحين اضطراراً إلى ديارهم ومنازلهم وأملاكهم.

الخلاصة، إذا كان من شأن استراحة المتحاربين أن تؤدي في المدى القصير إلى انسحاب العدو الصهيوني من كامل قطاع غزة، ومن كل المواقع التي احتلها في القرى الحدودية في جنوب لبنان، فإن من شأنها في المدى الطويل أن تعزّز قدرات قوى المقاومة على الصمود، وإحباط أهداف العدو ومخططاته، ومراكمة الخبرات، وتعبئة الطاقات على طريق التحرير والنصر المتكامل.

القدس العربي

مقالات مشابهة

  • تأكيدا لموقف أُعلن منذ بداية الحرب.. ما قصة قرارات الإفراج التي سلمتها المقاومة للأسيرات؟
  • تأكيدا لموقف أُعلن من بداية الحرب.. ما قصة قرارات الإفراج التي سلمتها المقاومة للأسيرات؟
  • عبدالله بن زايد: التعليم محور التنمية.. والمجتمعات المتطورة تُبنى على ركائز معرفية صلبة
  • العدو يحصد الفشل.. اليوم التالي للعدوان ترسمه المقاومة
  • حزب الله يبارك للشعب الفلسطيني ومقاومته ولكل القوى التي ساندت غزة الانتصار الكبير
  • شكراً غزة
  • السيد عبدالملك الحوثي: هذه الجولة من المواجهة علامة فارقة في تاريخ الصراع مع العدو الإسرائيلي
  • النائب فياض من النبطية: ننتظر 26 الجاري موعد انسحاب العدو من اراضينا
  • وقف الحرب في غزة: ترتيبات اليوم التالي
  • انتصار غزّة.. بسمة على وجه الشهيد الأقدس