عربي21:
2025-03-10@14:32:29 GMT

علي السرطاوي.. شاعر فلسطيني مغمور من زمن الكبار

تاريخ النشر: 24th, August 2024 GMT

علي السرطاوي.. شاعر فلسطيني مغمور من زمن الكبار

قليلون هم الذين يعرفونه، مع أنه رافق رواد النهضة وعاصرهم.. لم يلفت نظري يوماً أنه من جيلهم، حتى قرأت ما ذكره الشاعر عبد الهادي كامل عن معاصرته لرواد النهضة الشعرية (إبراهيم طوقان وعبد الرحيم محمود وأبو سلمى، وبعدهم علي السرطاوي ومحمد العدناني وبرهان الدين العبوشي)، وكلهم كتبنا في هذه الصفحة عنهم، إلا هو.

. فلو قسمنا الشعراء إلى طبقات، كما كان يفعل العرب لكان هذا الشاعر من الطبقة الثانية. إلا أنه لم يحظَ بالرعاية الثقافية والإعلامية في منفاه، الذي لجأ إليه بعد النكبة، في بغداد. وقد ذكرت بعض المصادر أن له مطارحات شعرية مع شعراء عصره ومنهم: إبراهيم طوقان وخالد نصرة وراتب الشامي وعمر أبوريشة ومحمود سليم الحوت ونازك الملائكة.

فمن هو الشاعر علي السرطاوي؟

ولد الشاعر علي محمد السرطاوي في قرية سرطة قضاء نابلس، سنة 1906. توفي والده الشيخ محمد (شاعر وأديب أزهري) وتركه طفلاً، فتولى رعايته وتعليمه عمه عبد القادر، تلقى دروسه الأولية في كُتّاب القرية، اختارته مديرية المعارف العامة عام 1922 مع نفر من أمثاله من أبناء القرى بلواء نابلس للالتحاق بدار المعلمين الابتدائية في القدس ثم المدرسة الثانوية، ومكث فيها خمس سنوات حتى تخرج منها 1927، وحصل على شهادتها.

تأثر بأستاذه الرائد التربوي الكبير درويش المقدادي فانكبّ على الشعر العربي وأمهات كتب التراث العربي. اشتغل بالتدريس في المدارس الحكومية فعمل معلماً في عدد من مدن فلسطين، منها قلقيلية وخان يونس وطولكرم ونابلس، وكان آخر ما شغله مدير مدرسة جنين الثانوية، قبل أن تضطره ظروف النكبة للجوء إلى العراق.

هاجر مع عائلته إلى بغداد مع وقوع النكبة عام 1948، فعمل معلمًا للغة الإنجليزية في مدرسة المسيّب الثانوية، ثم معلماً ومحاضراً في دار المعلمين الريفية، ثم أميناً لسر غرفة بغداد التجارية عام 1954، كما عمل معلماً للإنجليزية في كلية الهندسة والصناعة عام 1963، فمساعداً لعميدها ومشرفاً على تحرير مجلة "رسالة المهندس" حتى أحيل إلى التقاعد 1970.

فُصل من وظيفته مرتين، لأسباب سياسية وكيدية. وتوفي عام 1971.

اهتم بتعليم أبنائه وتحقيق أعلى المراتب العلمية لخدمة القضية الفلسطينية، ولئن كان ابنه عصام قد جنح إلى المفاوضات مع العدو، إلا أنه في حياة والده لم يكن كذلك، بل درس الطب وتخصص في الخارج، وعاد إلى بغداد وأسس تنظيماً "لتحرير فلسطين"، ثم حلّه وانضم لحركة فتح.. ثم انحرف انحرافته المعروفة التي أدّت إلى اغتياله في مؤتمر الاشتراكية الدولية في لشبونة عام 1983.

فُجع باستشهاد ابنه الطيار عمر السرطاوي في جوية شنتها الطائرات الصهيونية على مواقعهم في وادي شعيب في محافظة السلط بالأردن في 4 آب (أغسطس) 1968. ورثاه بقصيدة جميلة ومؤثرة (راجع القصيدة أدناه).

الإنتاج الشعري:

شغلت فلسطين مساحة كبرى من همّه، وغلبت على قصائده، وجعلها نقطة انطلاقة إلى التفاعل بالإنسان والوجود من حوله. له قصائد غزلية ذات نفس رومانسي رقيق.. كما أبدع برثاء ابنه وزوجته وربطهم بالوطن السليب.

ـ "ديوان الشاعر علي السرطاوي" الذي جمعته ابنته الدكتورة سحاب.
ـ السفينة الكبرى (ديوان شعر)
ـ السفينة الصغرى (ديوان شعر).
ـ له مسرحية "وليم تل" ترجمة عن الإنجليزية.

نماذج من شعره

قريتي سرطة

أيا جبلَ النار الذي حقدُهُ يغلي                    ..           سبقتَ جبالَ الأرض في المجد والبذلِ
لقد عشتَ في التاريخ للعز والعلا               ..           فكيف بروحي صرتَ في الأسر والغُلّ؟
غلبتَ غُزاة الشرق والغرب في الوغى        ..            وما عاش جارٌ في حماك على ذلّ
توارتْ وحوشُ الغاب خلف جلودِهم           ..            ذئابُ فَلاةٍ في الشراسة والقتل
همُ صنْعُ "بلفورٍ"، وبلفورُ سُبَّةٌ                    ..             وعارُ بني الإنسان في الدمِ والنسل
ولي قريةٌ أغفى على الأمن جفنُها            ..              فعاثَ بذاكَ الأمنِ فيها بنو الغِلّ
فتحتُ بها عينيَّ طفلاً على أبٍ                   ..              كريمٍ عطوفٍ صارعَ العيشَ من أجلي
ثراها به صحبي وذكرى طفولتي              ..                وساعات لهْوِي والحنين إلى أهلي
شُجيْراتُ رُمّانٍ بها كم تكسَّرت                  ..                ونحن عليها عابثين بلا عقل
شقاةٌ صغارٌ نصعدُ التلَّ مرَّةً                    ..                 ونهبط بعد الجريِ من قمَّة التلّ
وغاباتُ زيتونٍ وتينٍ كثيفةٌ                       ..                 رداءٌ جميلٌ للجبال وللسهل
نسومُ صغار الطير وهي ضعيفةٌ           ..                  نُغير على الأعشاش للفتك والقتل
فكل مكانٍ في ثراها أتيتُه                    ..                 على عَجَلٍ طورًا، وطورًا على مَهْل
غدونا شياطينَ الحمى في نشاطنا      ..                 على الشَّاةِ إما راكبين أو العِجْل
إلى عمرَ الفاروقِ تمضين في العُلا       ..                 ونسلِ عديٍّ في العراقة والأصل
من الحبِّ قد أصبحتِ تسْرين في دمي  ..                وصار اسمُك اسمي في وفاءٍ من الطفل
رعى الله شيخًا في ثراك عرفتُه               ..                عنيفًا مع الأطفال كالذئب والسَّخْل
رفيقٌ مع الآباء يثنون بينهم                   ..                عليه وفي الكتَّاب كالسمِّ في الصِّلّ
سلامٌ على شيخِ الحِمى كم أذاقني       ..                 من الغيظَ ألواناً من الضرْبِ والرَّكْل
عصاهُ - رعاه الله - كم ذقتُ طعمَها    ..                 ولم يلقَ في الإزعاج في عمرِهِ مثلي
عفا الله عنه قد مضى نحوَ ربّه              ..                 وآثارُه في الضرب لليوم في رِجلي

رثــــــاء ابنه الشهيد عمر

مضى، يا لقلبي كيف يحتمل النوى          ..                   وقد ترك الدنيا وليس يؤوبُ
فيا نصفَ روحي كيف غيَّبك الثرى؟           ..                  هلِ البدرُ في هذا الزمان يغيبُ؟
لقد كنتَ بالأمس القريبِ بشاشةً             ..                   تغنّي لك الدنيا وأنت طروبُ
إذا نحنُ سِرنا بالحياةِ وجدتني                     ..                    غريباً عن الدنيا وأنت غريبُ
فيا لهْفَ نفسي، نصفُها في ضريحِه        ..                    نعيمٌ، ونصفٌ في الشقاء يذوبُ
ذهبتَ عن الدنيا فيا ليتَ راحلاً                   ..                    يؤوب إليها والمزارُ قريب
فما أقبحَ الدنيا إذا لم يكن بها                 ..                     سرورٌ وأنسٌ دائمٌ وحبيبُ
ونائحةٍ محزونةٍ قد تركتُها                         ..                     بغير وداعٍ، هل تُراك تؤوب؟!
لها اللهُ إن ناداكَ في الليل صوتُها           ..                    وأنت بعيدُ الدار لستَ تُجيبُ
لقد صيَّرَتْها قسوةُ الموت شمعةً         ..                    ولوعاً على نارِ الحنينِ تذوبُ
يُجاذِبُها دمعٌ مُسِحٌّ وزفرةٌ                        ..                     وروحٌ وفيٌّ في أساه كئيبُ
وباكيةٍ أخرى بروحي دموعُها                 ..                      لقد كان يرويها عليك نحيبُ
عتبتُ على الدهرِ الذي قد أساءَها        ..                     وللدهرِ عندي في الفراقِ ذنوبُ
فيا رحمةَ النسيانِ طوفي بقلبِها            ..                          فإنكِ للقلبِ الحزينِ حبيبُ

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي تقارير الشاعر فلسطين فلسطين مسيرة شاعر هوية سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

نجم الفرقد

لطالما كان للنجوم حضور قوي في الثقافة العربية، ولا تزال الكثير منها تحمل أسماء عربية حتى اليوم، وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم، حيث قال الله تعالى في سورة الأنعام: «وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ»، وارتبط العرب بالنجوم بشكل وثيق، فأطلقوا عليها أسماء ووصفوها بدقة، ولم يقتصر تأثيرها على علم الفلك وحسب، بل امتد أيضًا إلى الشعر والأدب، حيث تغنّى بها الشعراء وحيكت حولها الأساطير، مستخدمين إياها لرسم صور خيالية تربط بين النجوم وتوضح مواقعها في السماء ضمن حكايات وقصص مشوقة.

والنجم الذي نتحدث عنه اليوم هو نجم الفرقد، ويسميه العرب أيضًا الفرقدان، وهو نجم يأتي متلازمًا مع نجم آخر، فـيظهران فـي السماء بالقرب من نجم القطب الشمالي، فـي كوكبة الدب الأصغر، وجاء فـي لسان العرب أن معنى كلمة الفرقد هو صغير البقر، كما أن العرب كانوا يشبهون هذين النجمين بالأخوين اللذين لا يفترقان أبدًا، ويقال فـي التراث العربي عنهما «لا ينام الفرقدان»، فـي إشارة إلى أن هذين النجمين يُشاهدان طوال الليل فـي السماء، ويعد نجم الفرقد من ضمن أكثر النجوم ورودًا فـي الشعر العربي، فهو يُضرب به المثل فـي الرفعة والعزة والمنعة والشرف، فأكثروا من ذكره فـي قصائدهم على مر العصور. وقد اعتمد البحارة العرب على نجم الفرقد فـي تحديد الاتجاهات أثناء رحلاتهم البحرية، خاصة فـي الليل، نظرًا لثبات موقعه النسبي فـي السماء الشمالية، كما أنه يُرى طوال العام ولا يغيب تحت الأفق، وقد ذكره البحار العماني الشهير أحمد بن ماجد فـي منظوماته الفلكية مبينًا موقعه وطرق الاستدلال به فـي السماء. وإذا أتينا إلى ما قاله العلم الحديث عن هذا النجم، فنجد أن الدراسات تقول إن هذا النجم العملاق الأبيض يُقدَّر بحوالي 9 أضعاف قطر الشمس، كما أن درجة حرارة سطحه تصل إلى 7100 درجة مئوية، وهذا يعني أنه أكثر حرارة من شمسنا، ولذلك، هو أكثر لمعانًا من شمسنا بحوالي 420 مرة على أقل تقدير، ويبعد عن الأرض بحوالي 97 سنة ضوئية. وأما عن حضوره فـي الثقافة العربية، فقد تحدثت عنه كثيرًا كتب التراث، وتناوله الشعراء بكثرة فـي قصائدهم، ولو أتينا إلى الشعر العماني لوجدنا أن أشهرهم ذكروه فـي قصائدهم، فهذا الشاعر العماني أبو مسلم البهلاني يذكره فـي إحدى قصائده الوعظية، ويقول إن الزوال سيصل حتى نجم الفرقدين، فقال:

سيعلو البلاء إلى الفرقدي

ن ينتهب الصحبة الخالدة

ويصدع فـي قبة الشمس من

غوائله صدعة صاعدة

أما الشاعر سليمان النبهاني فقد ذكر هذا النجم فـي قصيدة غزلية شبه فـيها نجمي الفرقدين بعيني حبيبته، فقال:

تَيَّمت قلبي بعينيْ فرقدٍ

مُفردٍ فاجأه الرعبُ لَهِقْ

وبخّدِ عَندمّيٍ واضح

بمياه الحُسن ريَّانَ شرِقْ

وفـي قصيدة غزل أخرى يقول:

كالفَرقدِ الأحوى الأغرّ إذا

لرْبرَبهِ تبدَّى

تفترُّ عن كالأقْحَوان

سقاهُ نوءُ النجم رَعدا

ونجد الشاعر ابن شيخان السالمي يورد هذا النجم فـي معرض مدحه لممدوحين ويقول إنهما ارتفعا عزًا وشرفًا على نجمي السها والفرقد، فقال:

لكن نجوتم بالهُمَامَيْنِ اللذي

ن انحطَّ دونهما السها والفرقدُ

والنصرُ أقبل فاتحًا أبوابه

لهما وقال لجوا ببابي واصْعدوا

ويقول فـي قصيدة أخرى:

ليلي وليلكم يؤرَّق

ذا وهذا يرقُدُ

لكم التنعم فارقدوا

ولي السها والفرقدُ

مالي وللدهر المُعَ

ادي دائمًا يتهدّدُ

ولو نظرنا إلى أشعار الستالي لوجدنا أنه أيضًا أورد هذا النجم وقرنه بنجم السها كما فعل ابن شيخان، وقد جاء ذكره فـي قصيدة مدح مخمسة، فهو يقول:

له الفخارُ كلُّه من الغمام ظِلّهُ

ووبّلهُ وطَلّهُ وفـي العُلى مَحّلهُ

حيثُ السهُّا والفَرقدُ

وأما الشاعر سعيد بن مسلم المجيزي المشهور بأبي الصوفـي، فنجد أنه ضمن هذا النجم فـي بعض قصائده فـي المدح، فهو يقول:

يومٌ تَضمَّخ بالفَخارِ أَديمُه

فغدا بسطح الفرقدين وراحا

فانْعَمْ نَعِمْت أبا سعيد إنما

بختانِ نجلِك قَدْ نعمتَ صباحا

ومن الشعراء الذين أوردوا ذكر الفرقد فـي قصائدهم الشاعر المشهور «ابن رزيق»، وهو حميد بن حمد بن رزيق، الذي يقول فـي إحدى قصائد المدح:

لا والذى للحُسنِ أودعَ وجْهَهُ

قمرًا وقلَّدَ نَحرَه بالفرقدِ

وجَلا ظلامَ البُؤْسِ عنّا والعَنا

بشباةِ صَمْصامِ الأمير محمدِ

ونجد كذلك فـي ديوان الشاعر هلال بن سعيد بن عرابة ذكرًا لهذا النجم فـي قصيدة مدح، يقول فـيها:

بسيفٍ يباري البرقَ يفري به العِدا

ولم يَبْقَ من أجسادِهم أبدًا جَزْلُ

وناديه فوقَ الفرقديْنِ محلُّه

وأعداؤه طُرًّا يَدُوْسهم النَّعْلُ

مقالات مشابهة

  • حارس مغمور يهدد مستقبل أونانا مع "الشياطين"
  • عايدة رياض: تامر محسن من زمن المخرجين الكبار |خاص
  • عودة «الكبار».. تثري دراما رمضان
  • نجم الفرقد
  • دجوكوفيتش يودع إنديان ويلز مبكرا بعد سقوطه المفاجئ أمام لاعب مغمور
  • «مابيصرفش على ابنه».. رنا سماحة تكشف سبب انفصالها عن زوجها |فيديوجراف
  • اليمن واحد من اللاعبين الكبار
  • قصة القطايف وارتباطها بشهر رمضان المبارك
  • محكمة في إب تحتجز سيارة مواطن لإجبار نجله المغترب على تنفيذ حكم تعسفي
  • نسي هموم الدنيا في ثانية.. مُسن يفوز بـ 100 ألف جنيه من برنامج مدفع رمضان