مجلس بوعياش يشتغل خارج القانون ورئيسته تعتدي على الدستور
تاريخ النشر: 24th, August 2024 GMT
بقلم : عزيز إدمين / ناشط حقوقي
مرت مناسبتان متفرقتان، ولكن تحملان نفس الدلالات الإنسانية والحقوقية، الأولى تتعلق بالذكرى الخامسة والعشرين لعيد العرش، حيث أفرج الملك عن عدد من الصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، والثانية تتعلق بالذكرى الواحدة والسبعين لثورة الملك والشعب، إذ أصدر الملك عفوه على 4831 شخصا من المدانين أو المتابعين أو المبحوث عنهم في قضايا متعلقة بزراعة القنب الهندي.
بيد أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان تفاعل بانتقائية مع الحدثين، بإصداره بلاغا بخصوص الحدث الثاني، منوّها بالمبادرة الملكية، التي تدعم انخراط المغرب في المقاربة الحقوقية، التي بلورتها الأمم المتحدة، في حين لم يصدر عنه أي بلاغ بخصوص الحدث الأول، إذ تجاهله وكأنه ليس بقضية لا حقوقية ولا إنسانية، مع العلم أن عددا من الصحافيين والمدافعين المشمولين بالعفو في المناسبة الأولى كانوا موضوع انشغالات الكثير من هيئات الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان والمنظمات الحقوقية غير الحكومية الوطنية والدولية.
واللافت أن أي متتبّع لمسار المجلس الوطني لحقوق الإنسان سيلاحظ أن تقاريره ومبادراته لم تعد تغري المهتمين والمتتبعين، بل هناك من أصبح يرفض أي مبادرة صادرة عنه ولو تطلّب منه ذلك الاستمرار في سلب حريته، إلا أن موضوع المقالة سيتطرق إلى الوضعية القانونية للمجلس ككل، من خلال الدستور ومن خلال القانون المنظم له رقم 76.15 ونظامه الداخلي المنشور في الجريدة الرسمية عدد 6856 بتاريخ 13 فبراير 2020.
1- رئاسة المجلس خارج الولاية القانونية
عين الملك الأستاذة أمينة بوعياش بتاريخ 6 دجنبر 2018، وتنص المادة 37 في الفقرة الأخيرة من القانون المنظم للمجلس أنه “تحدد مدة انتداب الرئيس… في خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة”، وتضيف المادة 38 من نفس القانون “تنتهي العضوية في المجلس بالوفاة، وتنتهي أيضا بانتهاء مدة الانتداب…”. وهاذان النصان صريحان، ولا غبار عليهما، ويفيدان أن مدة انتداب رئيسة المجلس انتهت بتاريخ 5 دجنبر 2023.
ومن أجل الحفاظ على الأمن التشريعي، نجد أن المشرّع أحاط المجلس بعدد من الضمانات القانونية، فالفقرة الثانية من المادة 38، تؤكد على رئيس المجلس اتّباع مسطرة صريحة في حالة انتهاء الانتداب، حيث نصت على ضرورة أن يحيط الرئيس السلطة، التي يحق لها التعيين، بالتاريخ الذي سوف تنتهي فيه مدة الانتداب قبل ثلاثة أشهر من التاريخ المذكور، وأن يتم التعيين أو إعادة التعيين قبل 15 يوما من التاريخ المذكور.
وهنا يُطرح السؤال: هل أحاطت الأستاذة أمينة بوعياش، قبل ثلاث أشهر، الملك بتاريخ انتهاء انتدابها؟
قد يقول قائل إن المسطرة المذكورة تخص الأعضاء، وليس الرئيسة، ومع ذلك فإن القانون واضح بقوله إن المجلس يتألّف من الرئيس والأمين العام ورؤساء اللجن الجهوية… فصفة الرئيس أو الأمين العام أو رئيس لجنة أو رئيس آلية… هي مهام، والجميع أعضاء المجلس، ومع ذلك، فإن المشرع أضاف تحصينات للأمن القانوني للمجلس بالنصّ، صراحة، مرة أخرى، في الفصل 51 في فقرته الأخيرة، على أنه “إذا أحال عائق دون اضطلاع الرئيس بمهامه، يعين جلالة الملك أحد أعضاء المجلس ليتولى مهمة التسيير المؤقت للمجلس”، والعائق قد يكون صحيا أو ذهنيا، وقد يكون أيضا قانونيا، والعائق القانوني هنا ثابت وهو “انتهاء مدة الانتداب”.
2- آليات المجلس خارج الشرعية والمشروعية
تنص المادة 23 من القانون المنظم للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، على أن “النظام الداخلي للمجلس يحدد عدد أعضاء كل آلية من الآليات الوطنية”، ويَذكُر أن المجلس يضم ثلاث آليات وطنية مرتبطة باتفاقيات دولية، وهي آلية الوقاية من التعذيب، وآلية التظلم للأطفال، وآلية خاصة بحماية الأشخاص في وضعية إعاقة.
وتنص المادة 37 (الفقرة الثانية) من النظام الداخلي للمجلس، على أنه “لا يقل عدد أعضاء كل آلية عن ثلاثة أعضاء من المجلس على الأقل”.
وبالعودة إلى بلاغٍ للمجلس صدر بتاريخ 21 شتنبر 2019، نجد أن أعضاء آلية الوقاية من التعذيب، تضم كلا من السيد محمد بنعجيبة (منسقا)، والسيدة عائشة الناصري، والسيد مصطفى الريسوني (مقررا)، وهذا الأخير، السيد النقيب، تولاه الله برحمته بتاريخ 2 نونبر 2020.
ووفق نفس البلاغ دائما، تتكون الآلية المتعلقة بحماية الأطفال من: السيدة زهور الحر (منسقة)، والسيد عمر بنيطوا (مقررا)، والسيدة أجميعة حداد، وهذه الأخيرة تولاها الله برحمته بتاريخ 22 يوليوز 2020.
وبهذا الصدد، تحدد نفس المادة (37) مسطرة تأليف الآليات وكيفية اختيار أعضائها، حيث يَلزم، وبالضرورة، المرور عبر الجمعية العامة، وبالعودة إلى جميع البلاغات أو تقارير أنشطة المجلس، لا نجد أي إشارة إلى تعويض العضوين المتوفيين بعضوين آخريْن من داخل المجلس، مما يؤكد أن الآليات، ولمدة سنوات، تشتغل بأقل من العدد المفروض قانونيا، الذي لا يجب أن يقلّ عن ثلاثة أعضاء.
هذا من جانب، ومن جانب آخر، فإن لِآلية الوقائية من التعذيب وضعا خاصا داخل المجلس، وأيضا وفق القانون، وذلك نظرا لحساسية موضوع الاشتغال، الذي يقتضي التدخل السريع والاستباقي والحضور اليومي، حيث تم تحصينهم بعدد من الضمانات وفق المادة 17 من القانون المنظم للمجلس، ولكن في مقابل ذلك، فرض عليهم القانون، وفق المادة 21 الفقرة الثالثة، أن يتفرغ منسق الآلية وأعضاؤها “لمهامهم كامل الوقت طيلة مدة انتدابهم”، بل ووسّع أصحاب المجلس الوطني لحقوق الإنسان من هذا الالتزام وفق النظام الداخلي بشرط “توقيع الأعضاء المقترحين لعضوية الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب التزامهم، في حال اختيارهم، بممارسة مهامهم كامل الوقت طيلة مدة انتدابهم” (المادة 37 من النظام الداخلي).
إلا أن الأعضاء لم يلتزموا بهذا الشرط، حيث استمر منسقها، طيلة سنوات، يمارس مهامه كمدير مركز تحاقن الدم، وإلى اليوم، ما زالت السيدة عائشة الناصيريتمارس وظيفتها كقاضية بالدارالبيضاء.
3- مجلس منقوص الأعضاء
بالإضافة إلى حالتي الوفاة، اللتين ذُكرتا أعلاه، فإن عددَ حالاتِ التنافي بالعضوية في مؤسسة دستورية كثيرةٌ جدا، وهذا الحيز من المقالة لا يسمح بالتطرق إلى الجميع، كمثال تعيين الأستاذة أمينة المسعودي عضوة بالمحكمة الدستورية في نونبر 2023، حيث تنص المادة 5من القانون التنظيمي رقم 66.13 المتعلق بالمحكمة الدستورية، على أنه لا يمكن الجمع بين عضوية المحكمة الدستورية وعضوية إحدى المؤسسات المدرجة في الباب الثاني عشر من الدستور (ومجلس حقوق الإنسان مدرج في هذا الباب)، وهناك حالة السيد إدريس السنتيسي كعضو بالمجلس الأعلى للتربية والتكوين في مارس 2023، إذ تنص المادة 38 من القانون المنظم للمجلس الوطني لحقوق الإنسان على أنه يمنع الجمع بين العضوية فيه والعضوية في إحدى الهيئات الدستورية المنصوص عليها في الفصول من 165 إلى 170 من الدستور، ومجلس التربية والتكوين، يحمل رقم 168 من الدستور.
المشرع المغربي، من أجل تأمين الاستمرارية لهذه المؤسسات، فقد استبق أي سيناريو قد يَحول دون القيام بمهامها، إذ نصّ، في المادة 39 الفقرة الثالثة من القانون المنظم للمجلس، على أنه في حالة الوفاة أو فقدان الصفة، يُعيّن من يخلف الأعضاء المَعنيين داخل أجل 60يوم من تاريخ فقدان العضوية، وذلك للفترة المتبقية من مدة العضوية، ويفرض القانون على “رئيس المجلس أن يخبر بذلك، فورا، السلطة التي يرجع لها حق التعيين”.
وترجع سلطة التعويض، في الحالات المذكورة لحد الآن، إلى كل من الملك، بخصوص السيدة أمينة المسعودي، والنقيب الراحل مصطفى الريسوني، وإلى مجلس النواب بخصوص السيد إدريس السنتيسي، وإلى مجلس المستشارين بخصوص الراحلة أجميعة حداد… وهنا، ومرّة أخرى، يُطرح السؤال: هل أخبرت الرئيسة، بقوة القانون، سلطات التعيين من أجل التعويض؟ خاصة وأن مدة فقدان العضوية مرّت عليها شهور وسنوات وليس فقط 60 يوما كما حددها القانون.
قد يقول قائل إن الوضع فيه حرجٌ، عندما تكون سلطة التعيين بيد الملك، ولكن، من خلال تتبع أنشطة ومهام الملك، يلاحظ أنه هو أكثر حرصا على احترام الدستور والقانون، بل إن مثل هذا القول هو أسوأ من عدم احترام القانون، على غرار “العذر أقبح من الزلّة”، إذ أين سيكون الحرج مع سلطات التعيين الأخرى من قبيل البرلمان والحكومة وغيرهما من المؤسسات الأخرى؟!
ويبقى الجواب الأخير على هذا الإشكال هو بلاغات وتقارير الأنشطة والتقارير السنوية للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، التي لم تشر نهائيا إلى هذه المساطر، في حين من المفروض إدراجها في التقارير الرسمية، لأنها تتعلق بممارسة مهام وعلاقات المجلس مع مؤسسات دستورية أخرى، مما يجعل عدم الإشارة إليها خرقا واضحا، وبالتالي تكون رئيسة المجلس تتحمّل مسؤولية هذا الاعتداء على الدستور والقانون…
4- المجلس ككل فاقد للأهلية القانونية
بالعودة إلى الظهير الشريف رقم 1.19.11 المتعلق بتعيين الأمين العام وأعضاء ورؤساء اللجن الجهوية، والمؤرخ بـ9غشت 2019، والذي نُشر بالجريدة الرسمية عدد 6813المؤرخة بـ16 شتنبر 2019، نجد أن المادة الأولى تنصّ على أن بداية الانتداب والولاية هي “18 يوليوز 2019”.
وبالعودة، مرة أخرى، إلى نفس نصوص القانون المنظم للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، فإن مدة الانتداب لجميع الأعضاء ورؤساء اللجن الجهوية والأمين العام، المحددة في 5 سنوات، انتهت بتاريخ 17 يوليوز 2024 (لا يمكن إضافة ولا يوم واحد)، أي قبل أكثر من شهر، ولكن المسطرة هنا مختلفة تماما عن التعويض في حالة الوفاة أو التنافي.
إن مهندس القانون المنظم للمجلس الوطني لحقوق الإنسان كان حريصا جدا ألّا يقع المجلس في فراغ قانوني، لهذا وضع مسطرة خاصة في حالة انتهاء مدة انتداب أعضائه، إذ حدّد، بشكل صريح ودقيق ولا يحتاج إلى أي تأويل، في المادة 39 الفقرة الثانية، أنه يجب تعيين أعضاء المجلس، الذين سيحلّون محل الأعضاء، الذين انتهت ولايتهم، قبل 15 يوما على الأقل من تاريخ انتهاء الولاية.
أي أنه إذا كانت نهاية ولاية أو انتداب أعضاء المجلس والأمين العام ورؤساء اللجن الجهوية بتاريخ 17 يوليوز 2024، كان من المفروض قانونا ودستوريا إعادة التعيين أو تعيين الجدد قبل 2 يوليوز 2024.
ومن أجل الأمن القانوني للمجلس، فإن المشرّع ألزم رئيسة المجلس، وفق نفس الفقرة والمادة من القانون، بإحاطة السلطات، التي يرجع لها حق التعيين، بالتاريخ الذي ستنتهي فيه مدة ولاية كل عضو قبل ثلاث أشهر من التاريخ المذكور.
بالملخص أن رئيسة المجلس من المفروض أن تكون راسلت، قبل 17 أبريل 2024، كل السلطات، التي لها حق التعيين، أن تبدأ في اختيار الأعضاء الجدد.
فهل راسلت رئيسة المجلس كلا من الملك، و الحكومة، ورئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس المستشارين، ووسيط المملكة، ورئيس مجلس الجالية المغربية بالخارج؟ حتى تتمكن هذه المؤسسات من تعيين الأعضاء في الآجال القانونية والمحددة في ثلاثة أشهر…
ونظرا لغياب المعلومة، وغياب أي بلاغ أو إشارة في التقارير بخصوص هذا الموضوع، فإن رئاسة المجلس تتحمل هذا الخرق الدستوري والقانوني.
عود على البدء
إذا كان المجلس الوطني لحقوق الإنسان استثنى الصحافيين والنشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان من بلاغ ينوّه فيه بالمبادرة الملكية، فإن “ما وراء الأكمة” يوحي أن ذلك ليس سقوطا سهوا، بل يعكس المدى الذي وصلت إليه شخصنةُ مؤسسةٍ دستوريةٍ، ويعكس الطبيعة النفسية لأصحاب القرار داخل المجلس.
وأعتقد أنْ ليست هناك حاجة للإشارة إلى أن ذكر أسماء بعض أعضاء المجلس، ضمن هذه المقالة، لا علاقة له بأي خلفيات شخصية، بقدر ما هو نقاش مؤسساتي ودستوري وقانوني، ويبقى للجميع الاحترام والتقدير.
وختاما، وأمام هذا التيه وهذه الدوامة القانونية بخصوص الأهلية الانتدابية للمجلس، فإن أي حل سيكون مجرد ذرّ الرماد على العيون أمام خرق دستوري وقانوني واضح، ويبقى الشيء المؤكد أن المؤسسة الملكية منزهة عن العبث بالدستور والقانون…
المصدر: زنقة 20
كلمات دلالية: المجلس الوطنی لحقوق الإنسان النظام الداخلی أعضاء المجلس رئیسة المجلس العضویة فی من التعذیب تنص المادة على أنه فی حالة على أن من أجل
إقرأ أيضاً:
نشاط برلماني تشريعيا ورقابيا مجلس النواب خلال أسبوع
شهدت الجلسات العامة لمجلس النواب عمل برلماني مكثف في هذا الأسبوع تناول خلاله حزمة من الموضوعات المهمة على مختلف القطاعات .
وافق المجلس نهائياً على على مشروع القانون المُقدم من الحكومة بإصدار قانون لجوء الأجانب لتنظم شئون اللاجئين من منطلق التزام الدولة بمسئوليتها الإنسانية تجاه اللاجئين وتحقيق توازن بين حماية اللاجئين والحفاظ على الأمن القومي الوطني بما يتوافق مع المعاهدات الدولية وبالتعاون مع المفوضية السامية بالأمم المتحدة لشئون اللاجئين.
طاهر يقود هجوم الأهلي في مواجهة الإتحاد السكندريوانطلاقاً من الحرص على الالتزام بأحكام المحكمة الدستورية العليا، مجلس النواب يشكل لجنة مشتركة من لجنة الإسكان ومكتبي الإدارة المحلية والشئون الدستورية والتشريعية لإجراء تحليل شامل ومستفيض لحيثيات حكم المحكمة الدستورية العليا بما يمكن المجلس من فهم وتقييم كل الجوانب المرتبطة بمسألة الإيجار القديم والتوصل إلى البدائل والحلول المناسبة لها، دون تحيز لطرف على حساب الآخر بما يعزز التضامن الاجتماعى بين أبناء الوطن.*
*واصل المجلس مناقشة مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد من حيث المبدأ وسط إشادات واسعة من النواب بحرص المجلس على اتساع دائرة الحوار المجتمعي حول مشروع القانون لضمان تناول جميع الآراء وصولاً لتحقيق حماية فاعلة لحق الفرد والمجتمع.*
*واستكمالاً لدوره الرقابي، استعرض المجلس بيانين من وزيري الإسكان، والتنمية المحلية، لمتابعة تنفذ برنامج الحكومة وخطط وسياسات الفترة المقبلة، وقرر المجلس إحالة البيانين إلى اللجان المختصة لدراستهما باستفاضة.*
ووافق المجلس على قرار رئيس جمهورية مصر العربية رقم 449 لسنة 2024 بشأن الموافقة على الاتفاق التنفيذي لبرنامج "تعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في مصر وإدماجهم في المجتمع" لتوفير سبل الرعاية الكريمة للأشخاص ذوي الإعاقة، ودمجهم في المجتمع للمشاركة بقدراتهم في عملية البناء والتنمية، استكمالًا لاهتمام الدولة بهم، واحترام حقوقهم.
جلسة الأحــد 17/11/2024
حيث أحال المستشار الدكتور حنفي جبالي رئيس مجلس النواب، في بداية الجلسة العامة للمجلس قرار جمهوري باتفاقية دولية، ومشروعي قانونين مُقدمين من الحكومة، إلى اللجان النوعية بالمجلس لدراستها وإعداد تقارير بشأنها.
وألقى المستشار الدكتور حنفي جبالي رئيس المجلس كلمة بشأن حكم المحكمة الدستورية العليا والذى قضى بعدم دستورية الفقرة الأولى في كل من المادتين رقمي (١) و(٢) من القانون رقم (١٣٦) لسنة ١٩٨١ في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، أكد خلالها أن مجلس النواب أمام مسؤولية تاريخية تجاه معالجة الآثار المتراكمة للقوانين الاستثنائية التي تنظم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، وأن المجلس ملتزم بالنظر لهذا الملف من منظور شامل ومتوازن، بما يضمن العدالة دون تحيز لطرف على حساب طرف آخر، وبما يعزز التضامن الاجتماعي بين أبناء هذا الوطن، موضحاً أن أي معالجة في تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر يجب أن تكون محاطة بسياج من العدالة والتضامن الاجتماعي بما يضمن حقوق الجميع ويحقق التوازن بين مختلف الأطراف، وأعلن رئيس المجلس أنه وجه بتشكيل لجنة مشتركة من لجنة الإسكان والمرافق العامة والتعمير، ومكتبي لجنتي الإدارة المحلية والشؤون الدستورية والتشريعية، لإجراء تحليل شامل ومستفيض لحيثيات حكم المحكمة الدستورية العليا بما يمكن من فهم وتقييم كل الجوانب المرتبطة بمسألة الإيجار القديم، موضحاً أن خطة ومنهجية عمل اللجنة المشتركة تشمل على الاستماع لآراء الوزراء المختصين والمجلس القومي لحقوق الإنسان والجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، كما ستتاح الفرصة لكل من الملاك والمستأجرين للتعبير عن آرائهم ومواقفهم وذلك عبر دعوة ممثلين عنهم وتخصيص اجتماعات منفصلة لكل طرف؛ ليتمكن كل منهم من عرض وجهة نظره بشفافية وفي بيئة هادئة، بلا أي ضغوط، كما سيتم الاستماع إلى آراء أساتذة القانون وعلم الاجتماع بالجامعات المصرية وغيرهم من الخبراء لأخذ آرائهم العلمية في هذا الملف، لضمان الوصول إلى رؤية متكاملة ومتوازنة دون تحيز لأى طرف مع الالتزام بتعزيز التضامن الاجتماعى وتحقيق العدالة لجميع الأطراف.
ناقش المجلس مشروع قانون مُقدم من الحكومة بإصدار قانون لجوء الأجانب، حيث انتهى من الموافقة على القانون من حيث المبدأ، وإقرار (5) مواد من مشروع القانون، على أن يستكمل المجلس مناقشة باقى المواد فى جلسة لاحقة.
يهدف مشروع القانون إلى وضع تنظيم قانوني لأوضاع اللاجئين وحقوقهم والتزاماتهم المختلفة في إطار الحقوق والالتزامات التي قررتها الاتفاقيات الدولية التي انضمت مصر إليها، وذلك لضمان تقديم جميع أوجه الدعم والرعاية للمستحقين، من خلال إنشاء اللجنة الدائمة لشئون اللاجئين، لتكون هي الجهة المختصة بكافة شؤون اللاجئين بما في ذلك المعلومات والبيانات الإحصائية الخاصة بهم، وذلك في إطار استمرار تقديم الدعم والمساندة الكاملة للاجئين.
خلال المناقشات أشاد النواب بمشروع القانون حيث أكدوا أنه جاء متوافقاً مع المبادئ الدستورية والاتفاقيات والمعاهدات والمواثيق الدولية، كما أنه يعد خطوة هامة نحو تنظيم ملف اللاجئين لضمان تحقيق توازن بين حماية حقوق الإنسان والحفاظ على الأمن القومي المصري، مؤكدين أنه جاء لوضع إطار قانوني لتوفيق أوضاع اللاجئين بما يسهم فى تقديم مزيد من التسهيلات للمستحقين منهم سواء فى الدراسة أو العمل، والرعاية الصحية، وغيرها من الأمور التى تكفل لهم حياة كريمة، وأكد النواب أن إنشاء لجنة دائمة لشئون اللاجئين تسهل على الدولة المصرية التعامل مع الجهات والمنظمات الدولية، وطالبوا بدعم اللجنة بخبراء متخصصين، وإلزام المجتمع الدولى بالمشاركة، وتقاسم أعباء اللاجئين مع التشديد على خطر مباشرة العمل السياسى للاجئين بجميع جنسياتهم.
واصل المجلس مناقشة مشروع قانون الإجراءات الجنائية، الذي أعدته اللجنة الفرعية المنبثقة عن لجنة الشئون الدستورية والتشريعية (من حيث المبدأ).
خلال المناقشات أكد النواب أن قانون الإجراءات الجنائية نقطة مضيئة في تاريخ مجلس النواب، مؤكدين أن اهتمام المجلس بالقانون يأتي في إطار مسايرة توجيهات القيادة السياسية نحو الجمهورية الجديدة لبناء مجتمع يُعلى من شأن العدالة ويؤمن بحقوق الانسان والمواطن، مؤكدين أن مشروع القانون أهتم بكل أطراف التقاضي بداية من المتهم وصولا إلى القاضي، كما أنه يعد نقلة نوعية جديدة فى السياسة العقابية قائمة على التوازن بين العدالة الجنائية وحقوق وحريات المواطنين.
وخلال جلسة الإثنين 18/11/2024...استكمل المجلس برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي مناقشة مشروع قانون مُقدم من الحكومة بإصدار قانون لجوء الأجانب، وبعد مناقشات موسعة انتهى المجلس من مناقشة المادة (32) من مشروع القانون على أن تُستكمل باقى المناقشات فى جلسة لاحقة، وتضمنت هذه المواد عدداً من الحقوق التى يتمتع بها اللاجئ فور اكتسابه هذا الوصف، منها: حقه فى العمل والحصول على الأجر المناسب لقاء عمله، وحق الطفل اللاجئ فى التعليم الأساسى، والحق فى الاعتراف بالشهادات الدراسية الممنوحة فى الخارج للاجئين وفقاً للقواعد المقررة قانوناً للأجانب، وكذلك حقه فى الحصول على رعاية صحية مناسبة وكذلك حقه فى الاشتراك فى عضوية الجمعيات الأهلية أو مجالس إداراتها وفقاً لقانون تنظيم ممارسة العمل الأهلى، وأكد النواب أن مشروع القانون يعكس التزام مصر العميق بمسئولياتها الدولية تجاه اللاجئين مع الحرص على تحقيق التوازن بين الحماية الانسانية للأفراد واستقرار الأمن القومى المصرى.
استأنف المجلس مناقشة مشروع قانون الإجراءات الجنائية، الذي أعدته اللجنة الفرعية المنبثقة عن لجنة الشئون الدستورية والتشريعية (من حيث المبدأ)... خلال المناقشات أكد المستشار الدكتور حنفى جبالى أن مشروع قانون الإجراءات الجنائية حظى بحوار مجتمعى لم يحظ به أي مشروع قانون من قبل عبر تاريخ مجلس النواب والحياة النيابية فى مصر، مؤكداً أن اختلاف الرأي في التشريع ليس عيبًا بل هو إثراء للديمقراطية، وتابع أن مجلس النواب يطمئن الجميع أنه لن يدخر جهداً في دراسة مشروع القانون بكل دقةٍ وتأن لضمان خروجه بصياغةٍ تشريعيةٍ رصينةٍ ودقيقةٍ، تتفق مع المعايير الدستورية والتشريعية الوطنية كما تتماشى مع التزامات مصر الدولية وتواكب التطورات المجتمعية الآنية، مشيراً إلى حرص المجلس على تلقي جميع الآراء أثناء مناقشة مشروع القانون وأكد أن المجلس منفتح على الحوار ومناقشة أراء المعارضين والمؤيدين لأن الحوار البناء هو الطريق الأمثل للوصول إلى التشريع السليم... وثمن النواب تعقيب المجلس على ملاحظات العديد من الجهات حول مشروع القانون ووجهوا الشكر والتقدير للجنة الفرعية التى شكلتها لجنة الشئون الدستورية والتشريعية لإعداد مسودة مشروع قانون الاجراءات الجنائية على جهودها المبذولة في إعداد مشروع القانون والتي استمرت على مدى (14) شهراً، مشيدين بمشاركة كافة الجهات ذات الصلة في اللجنة الفرعية تأكيداً على حرص مجلس النواب على اتساع دائرة الحوار المجتمعي حول مشروع القانون، وأعربوا عن أملهم فى أن يكون قانون الإجراءات الجنائية الجديد بداية حقيقية لتحقيق العدالة الناجزة وحل المشكلات الخاصة بتأخر القضايا لسنوات، لافتين إلى أن دستور 2014 يتضمن 65 مادة عن الحقوق والحريات، وأشاد النواب بتوجيهات القيادة السياسية بإعداد قانون الإجراءات الجنائية الجديد والذى يمثل ثورة تشريعية في ظل الجمهورية الجديدة وسيكون له تأثير إيجابي فى الحفاظ على الحقوق والحريات بما يدعم مسيرة الاستثمار والتنمية... من جانبه عقب رئيس المجلس بأنه سبق دعوة رؤساء الأحزاب السياسية بما فيها الأحزاب غير الممثلة في المجلس لحضور اجتماع برئاسته لعرض ملامح وفلسفة مشروع القانون في حوار مجتمعي رفيع المستوى حيث أشاد الجميع بمشروع القانون.
الدور الرقابي
واستمع المجلس إلى بيان المهندس/ شريف الشربيني وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، بشأن سياسات وخطط وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية لضبط النمو السكاني والانتشار العمراني من خلال تطوير المدن الجديدة القائمة، وإنشاء مدن الجيل الرابع على المحاور التنموية، واستراتيجيات معالجة الفجوات التنموية عبر تطوير العشوائيات والمناطق غير المخططة، وسبل إنهاء ملف التصالح في مخالفات، وسياسات توسيع برنامج الإسكان الاجتماعي والإسكان المتوسط لتلبية احتياجات المواطنين وتحقيق التنمية المستدامة.
وفى مستهل كلمته أعرب وزير الاسكان عن بالغ تقديره وشكره لمجلس النواب على الجهد الكبير المبذول والتعاون المثمر مع وزارة الإسكان فى القضايا والتشريعات التي تخص الوزارة، واستعرض جهود الدولة فى تحسين جودة الحياة وكفاءة البيئة العمرانية وفقا لرؤية مصر "2030" للتنمية المستدامة من خلال تطوير المناطق غير الآمنة وتوفير السكن البديل، وتوفير السكن الملائم والميسر لكل المصريين وإحياء المناطق التاريخية وذات القيمة فضلاً عن تنمية جيل جديد من المدن الذكية "مدن الجيل الرابع" ورفع كفاءة الأجيال السابقة من المدن الجديدة، وأوضح الوزير أن تحديات التنمية العمرانية تتمثل فى الزيادة السكانية الكبيرة، مشيراً إلى طرح 8521 قطعة أرض فى 20 مدينة جديدة بمستويات متنوعه، وكذلك تنفيذ أكثر من 173 ألف وحدة سكنية لتلبية احتياجات مختلف شرائح المواطنين، كما تم الانتهاء من تنفيذ 21 مبنى خدمي خلال الربع الأول للعام المالى الحالى ضمن جهود الوزارة للارتقاء بالخدمات بالمدن العمرانية القائمة لدفع عجلة التنمية العمرانية بها... أحال المجلس بيان المهندس/ شريف الشربيني وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية إلى لجنة الإسكان والمرافق العامة والتعمير، ودعا إلى عقد اجتماع في أسرع وقت ممكن بحضور الوزير ومن يرغب من النواب لدراسة البيان وإبداء الرأي والملاحظات.
وشهدت جلسة الثلاثاء 19/11/2024..... مناقشة مشروع قانون الإجراءات الجنائية، الذي أعدته اللجنة الفرعية المنبثقة عن لجنة الشئون الدستورية والتشريعية (من حيث المبدأ)... وخلال المناقشات أكد المستشار الدكتور حنفي جبالي أنه تم الرد على ملاحظات المنظمات والنقابات الوطنية والجهات المعنية بقانون الإجراءات الجنائية الجديد موضحاً أن المجال ما زال مفتوحاً أمام أي منظمة أو نقابة وطنية ومجلس النواب يرحب بكل المقترحات أثناء مناقشة القانون المتناهي الأهمية خلال الجلسات القادمة، وشدد رئيس المجلس أن الجميع مخلصون لهذا الوطن سواء أغلبية أو معارضة ومستقلون... ومن جانبهم أكد النواب أهمية مشروع القانون كونه ينظم الحقوق والحريات بما يتسق مع الدستور والاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان لاسيما فيما يتعلق بملف الحبس الاحتياطى كما يتفق مع كافة المواثيق والاتفاقيات الدولية لما يتضمنه للعديد من الحقوق التي أقرها دستور مصر 2014.
استمع المجلس إلى بيان السيدة الدكتورة/ منال عوض وزيرة التنمية المحلية، بشأن سياسات واستراتيجيات الوزارة خلال الفترة المقبلة لحوكمة الوحدات المحلية، وآليات الإصلاح المالي والتنظيمي لها، وسياسات التصدي لمخالفات البناء والتعديات على الأراضي الزراعية بما يضمن تنمية عمرانية وزراعية مستدامة، وخطوات إنهاء ملف التصالح في مخالفات البناء، وكذا استراتيجيات الوزارة لتمكين وحدات الإدارة المحلية من إدارة التنمية الاقتصادية، وسبل تطوير آليات الشفافية والمتابعة، وتحسين آلية الاستجابة لشكاوى المواطنين، حيث كشفت الوزيرة عن جهود الوزارة لإنهاء ملف التصالح وتسريع وتيرة العمل من خلال آليات قانونية عادلة، مشيرة إلى تلقى ٣ مليون طلب تصالح فى مخالفات البناء تم البت في 1.750 مليون طلب، وأضافت الوزيرة أنه تم الانتهاء من مسودة أولية من مشروع قانون الإدارة المحلية الجديد لتمكين وحدات الادارة المحلية من القيام بعملها بكفاءة وفاعلية، وأكدت استعداد الوزارة لاستمرار التعاون والتنسيق مع الحكومة والبرلمان لإصدار قانون الإدارة المحلية وأضافت أنه تم الانتهاء من الأحوزة العمرانية لـ 230 مدينة بنسبة 100% و4607 قرية بنسبة 96% من إجمالي عدد القرى وإزالة 6500 حالة تعد على الأراضى الزراعية بمساحة 271 فدان فى إطار حل مشكلات ملف التقنين واسترداد أراضي الدولة، كما أعلنت الوزيرة عن تشغيل مشروعات المرحلة الأولى من المبادرة الرئاسية "حياة كريمة" في 1477 قرية، وأشارت وزيرة التنمية المحلية إلى أن الوزارة ستلتزم باستمرار عملها نحو بناء اقتصاد محلي تنافسي جاذب للاستثمارات من خلال تحسين البنية التحتية وتوفير التسهيلات للمستثمرين، مما يعزز من فرص العمل ويحفز النمو الاقتصادي المحلي، وفيما يخص تعزيز كفاءة الإدارة المحلية كشفت عن إجراءات تعيين 91 قيادة جديدة ضمن حركة التنقلات بالإضافة إلى تعيين 292 قيادة محلية في دواوين المحافظات ومديريات الخدمات، وكذلك التنسيق مع الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة للإعلان عن 136 درجة جديدة بهدف دعم الكوادر المحلية وتعزيز قدرة الإدارات على تحقيق التنمية المستدامة وتلبية احتياجات المواطنين.
وافق المجلس على قرار رئيس جمهورية مصر العربية رقم 449 لسنة 2024 بشأن الموافقة على الاتفاق التنفيذي لبرنامج "تعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في مصر وإدماجهم في المجتمع" بين حكومة جمهورية مصر العربية وحكومة جمهورية إيطاليا.
تأتى الاتفاقية فى إطار جهود الدولة لضمان حقوق الانسان والحريات الأساسية للأشخاص ذوي الإعاقة وحمايتها وضمانها من خلال تعزيز دور المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة واتخاذ إجراءات ملموسة لزيادة إدماجهم في المجتمع.
ووافق المجلس "نهائياً" على مشروع قانون مُقدم من الحكومة بإصدار قانون لجوء الأجانب، بعد مناقشات موسعة ومستفيضة حرص فيها المجلس على أن تصدر نصوص القانون بأفضل الصياغات التشريعية.
رفع المجلس جلساته العامة، على أن يعود للانعقاد الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الأحـد الموافق 1 ديسمبر 2024م.