العسكرتاريا ,,, و إطفاء مصابيح التنوير
تاريخ النشر: 24th, August 2024 GMT
المغيرة التجاني علي
mugheira88@gmail.com
أبتلي السودان بتدخل الجيش في السياسية باكرا وصار مسيطرا علي مقاليد الحكم في فترات مختلفة امتدت لتشمل حوالي ثلثي سنوات الحكم الوطني و قد كان لنظام العسكرتاريا الذي سيطرت فيه الطبقة المغتصبة للسلطة لكل هذه الفترة آثارا سالبه علي البلاد ومصيرها السياسي و الاجتماعي و الاقتصادي .
إن الطبقة المستنيرة في السودان و التي تصدت لقيادة العمل السياسي في السودان ( الانتجلنسيا ) كانت قد توفرت علي القراءة و الدراسة و البحث و الاهتمام بالتيارات الفكرية الجديدة وتعرفوا علي المذاهب السياسية التي عمت العالم بعد الحرب العالمية الأولي وذلك بعد ان انتظموا و كونوا الجمعيات الأدبية في مدني وعطبرة واقاموا حلقات المناقشة و الصوالين الفكرية و الأدبية في الخرطوم وامدرمان و بورتسودان و سواكن و الأبيض وغيرها من مدن البلاد بعد أن افاقوا من ضربة المستعمر التي وجهها لثوار1924. لقد ساهمت هذه الطبقة المستنيرة في تطوير الثقافة والإبداع ونشر الوعي بين الناس ودعم التغيير الاجتماعي ورفضوا العشائرية و الطائفية و عنوا بالمشكلات الاقتصادية والمسائل الاجتماعية وقاموا بإنشاء المدارس و المعاهد .
أنشأت الطبقة المستنيرة الأحزاب الوطنية ضمن منظومة هذا الوعي الشامل بقضايا الحياة من داخل مؤتمر الخريجين و طفقوا ينادون بإقامة نظام ديمقراطي مستدام في البلاد ، وصون و حماية حقوق جميع المواطنين و توزيع الثروة والسلطة بشكل عادل حتي يتمتع الأهالي بحقوقهم السياسية و بحرياتهم الفردية . وحتي أجيال ما بعد الاستقلال قد تميزت بكثير من الوعي و نالت حظها من التعليم والمعرفة والثقافة و ساهمت في تطوير مجتمعاتها في شتي ضروب الحياة .
كان المؤمل أن تلعب هذه الأحزاب دورًا مهمًا في الحياة السياسية، و تساهم في تشكيل الرأي العام ودعم القضايا الاجتماعية والسياسية لولا تدخل العسكر بالانقلابات و استمرار فترات الحكم الشمولي التي تحرم و تضعف الأحزاب السياسية من تطوير نفسها في ظل الحكم المدني الديمقراطي كما تجهض دورها في تثقيف و تنمية قدرات كودارها و تجاوز مشاكلها الداخلية و تخطي خلافاتها بتداول السلطة داخلها و اقامة الحوارات و المناقشات التي تقود الي تصحيح الأخطاء و معالجة قضايا الوطن في جو متعافي سليم .
فالضعف الذي يعتري الأحزاب السياسية ناتج عن غيابها الطويل عن ممارسة الفعل السياسي بسبب مطارة و اعتقال و نفي كوادرها واغلاق منافذ الحوار المجتمعي و كذلك لاستمالة نظم العسكرتاريا لكثير من عناصر هذه الأحزاب بعد زرع الفتن والشقاق بينهم . كما تؤدي طول فترات النظم الشمولية الي هجرة الكوادر المستنيرة الي خارج البلاد واعتزال فئات اخري و دخول اليأس الي نفوس المطالبين بالتغيير و انتاج و تطوير الثقافة الديمقراطية في المجتمع نتيجة التسلط و أساليب القمع و الملاحقة في ظل نظم العسكرتاريا التي عطلت عبر سني حكمها الطويلة تطوير نظام ديمقراطي حقيقي و ساهمت في اجهاض عمليات نشر الثقافة الوطنية و عمدت الي اطفاء مصابيح الوعي و الاستنارة.
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
كارثة الحرائق في الأصابعة.. أسباب مجهولة ومطالب بدعم حكومي فوري
ليبيا – حرائق واسعة في الأصابعة والمجلس البلدي يطالب بتدخل عاجل أضرار جسيمة ونقص في معدات الإطفاءأكد عماد المقطوف، عميد بلدية الأصابعة، أن المدينة تشهد أوضاعًا متأزمة بعد اندلاع حرائق كبيرة تسببت في أضرار جسيمة لعدد من المنازل، حيث تجاوز عدد المنازل المتضررة 30 منزلًا حتى الآن.
وفي مداخلة هاتفية مع قناة “ليبيا الأحرار”، أوضح المقطوف أن البلدية تعاملت مع الكارثة منذ الساعات الأولى عبر تشكيل لجنة طوارئ تضم القطاعات الخدمية والأمنية وهيئة السلامة الوطنية، بالإضافة إلى التنسيق مع البلديات المجاورة لتوفير سيارات الإطفاء.
استجابة من مؤسسة النفط ونقص في الإمكانياتأشاد المقطوف بدور مؤسسة النفط، التي تواصلت مع البلدية منذ الصباح وأرسلت فريقًا من إدارة التنمية المستدامة لتقييم الأضرار.
إلا أنه كشف عن نقص خطير في الإمكانيات، حيث تمتلك البلدية سيارة إطفاء واحدة فقط، مما يجعل السيطرة على الحرائق المندلعة في مواقع متفرقة صعبة للغاية.
دعوات لتدخل حكومي عاجلطالب المقطوف الحكومة بضرورة التدخل العاجل عبر توفير سيارات إطفاء وإسعاف وتعزيز القدرات المحلية لمواجهة مثل هذه الكوارث، مشيرًا إلى أن البلدية لا تملك الموارد الكافية للتعامل مع الأزمات الكبرى.
كما شدد على ضرورة إجراء تحقيق عاجل لمعرفة أسباب اندلاع الحرائق، التي ما تزال مجهولة حتى الآن، داعيًا الحكومة إلى اتخاذ إجراءات وقائية لضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث مستقبلًا.