الدعامة دفتردار هذا الزمن …
ومعذور المك نمر لو كان فعلا عرد …
لفت نظري مقال عن التاريخ كتبه فيسبوكي دعامي من أبواقهم الدعائية عن المك نمر وقصة هروبه المزعوم للحبشة.

طبعا من أسخف وأنكد الأشياء أن ترهق نفسك في الرد على شخص يحاول تطويع الرواية التاريخية للمطاعنة أو الإنتقاص.

لقد أثبتت وقائع حرب 15 أبريل 2023م أن لا مبرر للصمود الغير متكافئ أمام عدو يمتلك تفوقا في السلاح الناري ولا يضع إعتبارا للأخلاق ويستخدم ضدك تكتيكات الأرض المحروقة فلا مناص ولا مهرب من طرق السبل للنجاة بالعرض والأهل والولد أولا ثم بما تيسر من المال والمتاع.


ومن يستخدم تكتيكات الأرض المحروقة هو دفتردار أيا كان زمانه لأن الدفتردار إرتبط في التاريخ بالقسوة المفرطة بلا حدود أمام الآخر الأعزل الغير مقاتل فما هي تكتيكات الدفتردار التي لم يطبقها الدعم المتمرد ؟

أرسل محمد علي باشا في 1820م جيشين للسودان ، الأول بقيادة إبنه إسماعيل باشا وهذا كان هدفه سنار وهو صاحب القصة المشهورة مع المك نمر ، والجيش الثاني بقيادة زوج بنته محمد بك الدفتردار وهذا تحرك من الدبة بطريق بارا وكان هدفه الأبيض.

كانت أولى معارك جيش إسماعيل باشا في كورتي ضد الشايقية وكان سلاحهم الرماح والسيوف والدروع المصنوعة من الجلود مقابل السلاح الناري والمدافع واستشهد الشايقية بالمئات ولا تزال قبور الشهداء معلومة المكان لسكان تلك المناطق.

أما جيش محمد بك الدفتردار فقد واجه جيش المسبعات حكام كردفان في معركة شرسة قاتلت فيها حتى النساء ولولا غلبة السلاح الناري لما هزموا وقد وثق تلك المعركة توثيقا تفصيليا المهندس الجيولوجي جون باثريك الذي حضر بعدها بعشرين عاما للأبيض فقابل العديدين ممن حضرها وجون باثريك هذا صار لاحقا قنصلا لبريطانيا في الخرطوم وهو بالمناسبة من أفضل من وثق السمو الأخلاقي والأمانة والنزاهة لدى الشماليين ولكن هذه تفاصيل ليس وقتها.

بعد دخول جيش محمد بك الدفتردار للأبيض تمت استباحة المدينة ونهب الممتلكات وفر السكان لخارجها فلماذا لم يفعل جيش إسماعيل باشا نفس الشيئ حين دخل سنار في رمضان 1821م ؟!

لأن سنار لم تقاوم بل استسلمت ولذلك تمت المحافظة على وظيفة سلطان سنار وبقية القيادات مع تجريدهم من كثير من صلاحياتهم ولذلك ظلوا موجودين حتى يومنا هذا وهم زعماء الإدارة الأهلية في النيل الأزرق المك عدلان وأبوشوتال وغيرهم.
أما في الأبيض فقد تلاشت أسرة المسبعات وصارت أثرا بعد عين لأنها قاومت.

وحين حدثت حادثة حرق إسماعيل باشا وسمع بها الدفتردار في الأبيض توجه شرقا فوصل النيل الأبيض في مناطق الحسانية وبدأ فورا في إحراق وإبادة القرى حتى التي لم تسمع بمقتل إسماعيل باشا في شندي ، واستمر في الحرق والتدمير حتى وصل المتمة فدارت بينه وبين الجعليين معركة شرسة هزمهم فيها السلاح الناري وأحرق الأسرى ولم يستبق منهم حيا.

كان المنطق والحكمة أن يجلي المك نمر سكان شندي فتوجه بالجميع شرقا نحو أبو دليق وهناك لحقهم الدفتردار وأوقع بهم وتم أسر العديد من النساء والأطفال من أسرة المك نمر والجعليين ودارت معركة أخرى في الضفة الشمالية لنهر الدندر قتل فيها المك مساعد مك المتمة.

وتوجه المك نمر لمنطقة عرب الحمران في ود الحليو وكانت تابعة لسلطنة سنار وظل فيها سنوات تزوج منهم وتزوجوا منه ، فأين هو الهروب ؟

من يصفون إخلائه لشندي بالهروب يجهلون سنوات بقائه مع الحمران ويكتبون وفي تصورهم الذهني الخارطة السياسية الجغرافية لسوداننا الحالي فيسقطونها بأثر رجعي على الحكمدارية التركومصرية وهذا غير صحيح لأن السلطة السيادية للحكم الجديد ظلت محصورة في الشريط النيلي الضيق وبدأت تتوسع تتدريجيا فضمت إليها مثلا التاكا في 1834م تقريبا وضمت إليها لاحقا سوق أبو سن (القضارف لاحقا) ثم القلابات ، وحين شعر المك نمر أن سلطة الحكم الجديد إقتربت منه توجه نحو ميقبة في منطقة الحدود الحالية بين إقليم التيجراي الأثيوبي ودولة أريتريا واستقر بعد التوصل لإتفاق مع الراس أوبي حاكم التيجراي.
وكانت حروب الدفتردار بالسلاح الناري ضد السكان العزل في مناطق الشريط النيلي وشملت حتى توتي والعيلفون وغيرها سببا في أول تشتت لسكان هذا الشريط ولذلك تجد الكثير من القرى السودانية في حدود أثيوبيا سكانها من أحفاد الجعليين والقبائل الأخرى التي شتتها القوى الباطشة لسلاح الدفتردار وهو عين ما يفعل دفتردار عام 2024م : حرب باطشة طاغية ظالمة ضد سكان عزل بغرض السلب والنهب والتهجير ولا مجال في هذه الحالة للشجاعة ومن لم ينفد بعرضه وجلده فهو يلقي بنفسه إلى التهلكة لا غير.

واستمر أبناء المك نمر يشنون من ميقبة حرب عصابات ضد الحكمدارية الجديدة وكلها معارك موثقة لمن يبحث وحين جاء حكم الدولة المهدية تعامل معهم الخليفة عبد الله التعايشي بالتوقير والاحترام فكتب إلى خالد ود المك نمر طالبا منه الحضور إليه في أم درمان.

من يكتب بسطحية وسذاجة من إعلاميي دفتردار 2024م مطاعنا وهامزا الجعليين من خلال رواية مبتورة منتقصة لقصة المك نمر فنحن نتغاضى عن جهله المفرط أو المغرض المتعمد بالتاريخ ولكن عليه أن يعلم أن مشكلته كإعلامي دفترداري ليست مع المك نمر بل هي مع الذاكرة المستقبلية لقبائل وسكان وسط السودان وكردفان ودارفور ممن عاشوا وشاهدوا مآس وأهوال كان الدفتردار نفسه سيضرب كفا بكف لو شاهدها أو عاشها.

#كمال_حامد ????

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: السلاح الناری إسماعیل باشا

إقرأ أيضاً:

جميلة إسماعيل تحذر من تكرار سيناريو سوريا.. الآن وقت استعادة السياسة

مع اقتراب الذكرى الرابعة عشرة لثورة "25 يناير"، تتزايد التساؤلات حول مستقبل المشهد السياسي في مصر، وسط أوضاع داخلية معقدة وتغيرات إقليمية متسارعة.

وفي هذا السياق، أطلقت الإعلامية والسياسية جميلة إسماعيل، تحذيرات للنظام المصري من مصير سوريا مشددة على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لاستعادة المجال السياسي في مصر قبل فوات الأوان.

عبّرت جميلة إسماعيل في منشور لها عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك، عن انزعاجها الشديد من ظهور مجموعة جهادية مسلحة تحاول أن تربط نفسها بثوار 25 يناير، مؤكدة أن الثورة المصرية منذ يومها الأول كانت سلمية بالكامل ولم تشهد أي وجود لفصائل مسلحة، كما لم تكن جزءًا من صراع دموي على السلطة.

وأوضحت إسماعيل أن سقوط النظام السوري، رغم كونه واحدًا من أكثر الأنظمة ديكتاتورية وعنفًا، لا ينبغي أن يكون بداية لعهد جديد من الفوضى والعنف في المنطقة، مشيرة إلى أن "ما حدث في سوريا لا يمكن تكراره في مصر"، وأن أي محاولة لاستغلال هذا الوضع قد تقود إلى نتائج كارثية على البلاد.



وشددت على أن غياب المسار السياسي الطبيعي في مصر، واستمرار حالة الجمود، يفتح الباب أمام جماعات العنف لاستغلال الفراغ، داعية إلى تحرك سريع لاستعادة الحياة السياسية ومنع أي محاولات لاستبدال نظام سلطوي بآخر قائم على السلاح والقوة.

إنقاذ الوضع السياسي
وفي ضوء هذه التحديات، طرحت جميلة إسماعيل مجموعة من الإجراءات العاجلة التي ترى أنها ضرورية لكسر حالة الجمود السياسي والاقتصادي التي تعيشها البلاد، والتي لا تحتمل التأجيل، وتشمل:

رفع الظلم السياسي
عن جميع المعتقلين السياسيين، والإفراج عن المحبوسين بسبب آرائهم السياسية، باعتبار ذلك خطوة أولى نحو المصالحة الوطنية وخلق مناخ سياسي أكثر انفتاحًا.


إنهاء القبضة الأمنية المفروضة على المجال السياسي، ووقف ملاحقة الأحزاب والقيادات السياسية، بما يسمح بعودة الحياة السياسية الطبيعية وفتح المجال أمام الأحزاب والتيارات المختلفة للعمل بحرية.

وقف تحميل الفقراء ومحدودي الدخل أعباء الأزمات الاقتصادية، وبدء مشروع اقتصادي إنقاذي يتيح الفرصة لخبرات وكفاءات وطنية تم إقصاؤها لأسباب سياسية، للمشاركة في وضع حلول عملية للأزمة الاقتصادية.

إعادة النظر في سياسات إدارة الأصول العامة، ووقف بيع ممتلكات الدولة كحل للأزمة الاقتصادية، حيث اعتبرت أن هذه السياسات تعزز الأزمة بدلاً من حلها، وتهدد مستقبل الأجيال القادمة.

"الآن وليس غدًا"
واختتمت جميلة إسماعيل رسالتها برسالة واضحة ومباشرة، أكدت فيها أن هذه الخطوات لا يمكن تأجيلها، داعية الجميع إلى التحرك الآن قبل أن يصبح التغيير أكثر صعوبة، قائلة: "هذه الإجراءات لا تحتمل التأجيل... الآن، وليس غدًا".

مقالات مشابهة

  • إسماعيل يوسف: لو كنت مكان أكرم توفيق كنت سأوافق على عرض الأهلي
  • قبل عرض «حكيم باشا».. الجمهور يستعيد تألق دينا فؤاد في آخر مشاهد «حق عرب»
  • شاهد مقطع فيديو للطيار الحربي الذي تمكن من إدخال صاروخ في نفق ضيق كان يتمركز تحته “الدعامة” وبسببه تم تحرير مدني
  • جميلة إسماعيل تحذر من تكرار سيناريو سوريا.. الآن وقت استعادة السياسة
  • تحقيق علي المك لديوان خليل فرح: قراءة فلسفية في سياق الهوية الوطنية
  • رئيس مجلس السيادة يصدر قرارا باعتماد إنهاء تكليف والي ولاية سنار
  • هذا ما على الرئيس المكّلف أن يقوم به
  • البرهان يعتمد قرار انهاء تكليف والي ولاية سنار
  • وزير الصحة المكلف بسنار يقف على تشغيل جهاز الرنين المغناطيسي
  • قبل عرض مسلسل حكيم باشا.. قصة فنجان قهوة «وحش» غير حياة منذر رياحنة