عربي21:
2025-03-06@14:31:17 GMT

في الاختلاف السوري - السوري

تاريخ النشر: 24th, August 2024 GMT

النقد تعبير مكتوب أو منطوق من متخصص يُسمى ناقدا، عن الجيد والرديء في أفعال أو إبداعات أو قرارات يتخذها الإنسان أو مجموعة من البشر في مُختلف المجالات من وجهة نظر الناقد، وإيضاح مكامن الخطأ والصواب، والقوة والضعف، ثم القدرة على طرح الحلول.

وبهذا المعنى المعرفي للنقد، يتحول النقد إلى رأي، ومن سمات الرأي أنه مبني على حوامل معرفية، ومن دون هذه الحوامل يُصبح الرأي مجرد مخيال اجتماعي أو انطباعات لا تساهم في إنتاج المعرفة إطلاقا، ويتساوى فيها رأي العالم مع رأي الجاهل.



لا تدخل معظم السجالات السورية ـ السورية على وسائل التواصل الاجتماعي ضمن هذا الإطار المعرفي للنقد، بقدر ما تندرج غالبيتها في إطار الرد من أجل الرد، وفي هذه الحالة تُصبح النكاية جوهر القول المنطوق أو المكتوب.

المرء يُدهش كثيرا حين يرى أن اختلاف الرؤى والمقاربات يتحول إلى خلاف شخصي، تطغى عليه الأنانية والتحقير والشتم والتخوين، وما يدعو للدهشة والمفارقة الصارخة، أن المختلفين ينتمون إلى الصف السياسي الواحد (الثورة)، أي لا توجد بينهم خلافات عميقة حول القضايا الكبرى، فهم متفقون حول المبادئ ومتفقون حول السلوكيات في غالبيتها.قد يأخذ الاختلاف والنقد صيغا حدية، خصوصا إذا كان الاختلاف حول القضايا الكبرى المتعلقة بالدولة والمجتمع، أي المتعلقة بالعمران بلغة ابن خلدون، وهذا أمر مفهوم بين أطراف لها مصلحة في بقاء الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية على ما هي عليه، وبين أولئك الساعين إلى تغيير هذه الأوضاع، بما ينقل البلاد من مرحلة التعسف والظلم إلى مرحلة تتحقق فيها العدالة والمساواة إلى حد كبير.

ولذلك، شهدت الثورات الكبرى في العالم انقساما حادا بين أفراد المجتمع، بمن فيهم المثقفون: هل علينا التذكير حين وقف فلاسفة فرنسيون في وجه الثورة عام 1789، وفي مقدمهم إدموند بيرك الذي لم يرفض في كتابه "تأملات في الثورة الفرنسية" سلوك الثورة فحسب (عنف اليعاقبة، إعدام الملك لويس السادس عشر)، بل أيضا رفض أهداف الثورة ذاتها، الثورة التي وضعت الفرد قبل المجتمع.

لكن المرء يُدهش كثيرا حين يرى أن اختلاف الرؤى والمقاربات يتحول إلى خلاف شخصي، تطغى عليه الأنانية والتحقير والشتم والتخوين.. وما يدعو إلى الدهشة والمفارقة الصارخة، أن المختلفين ينتمون إلى الصف السياسي الواحد (الثورة)، أي لا توجد بينهم خلافات عميقة حول القضايا الكبرى، فهم متفقون حول المبادئ ومتفقون حول السلوكيات في غالبيتها.

مناسبة هذا القول ما جرى ويجري بين الفينة والأخرى من اختلافات وانتقادات لاذعة وتخوين وتحقير بين جمهور الثورة السورية فيما بينهم، لدرجة تغيب فيها الأبعاد المعرفية، وتحل محلها النِكايات والحسد، وهي سلوكيات موروثة من نظام البعث الذي عمل جاهدا خلال عقود على ترسيخ سياسة فرق تسد، وسياسة العمل الفردي بدلا من العمل الجماعي.

على سبيل المثال، ما حدث مؤخرا مع سامر بكور الذي ألف كتابا من جزأين بعنوان "التغريبة السورية: الحرب الأهلية وتداعياتها المجالية والسكانية".

الكتاب يعتبر توثيقا هاما لمسار الأحداث منذ بدء الثورة السورية عام 2011 وحتى عام 2020، سواء على صعيد التظاهرات السلمية، وبدء عسكرة النظام للثورة، إلى استخدام النظام للعنف الشديد، إلى عمليات التهجير بأنواعها، إلى التدخل الروسي والإيراني من قبله.

غير أن جزءا من جمهور الثورة، ترك هذا الجهد والنتاج المعرفي الهام المفيد للثورة، وركز على عنوان فرعي للكتاب، هو مصطلح الحرب الأهلية، ثم ما لبثت التساؤلات والانتقادات أن وصلت حد التخوين الشخصي في خطوة تعبر عن شيزوفرانيا نفسية وعقلية، إذ كيف يُترك ويُهمل منتوج معرفي ملموس من نحو ثمانمئة صفحة من أجل التركيز على عنوان فرعي.

لن أدخل هنا في تفاصيل التعريفات الفلسفية والقانونية للثورة والحرب الأهلية، فهذا ليس اهتمامنا هنا، وهذه إحدى مفارقات السوريين: نترك الموضوع الرئيس محل النقاش والحوار، ونلتفت إلى الاتهامات الشخصية التحقيرية والتخوينية، أليس هذا دليلا على الشيزوفرانيا؟

انتقد البعض مصطلح الحرب الأهلية في عنوان الكتاب من منطلق معرفي، وإن لم ينجح سوى قليلون منهم في تقديم مادة نقدية معرفية، فيما تجاوز آخرون النقد، واتهموا المؤلف بأنه خائن للثورة وقيمها، وأنه ليس سوى عميل للنظام، بل الأغرب من ذلك أن الاتهامات والتخوينات طالت مركز حرمون للدراسات المعاصرة، فقط لأنه أعلن عن ندوة تعريفية مخصصة للكتاب.

انتقد البعض مصطلح الحرب الأهلية في عنوان الكتاب من منطلق معرفي، وإن لم ينجح سوى قليلون منهم في تقديم مادة نقدية معرفية، فيما تجاوز آخرون النقد، واتهموا المؤلف بأنه خائن للثورة وقيمها، وأنه ليس سوى عميل للنظام، بل الأغرب من ذلك أن الاتهامات والتخوينات طالت مركز حرمون للدراسات المعاصرة، فقط لأنه أعلن عن ندوة تعريفية مخصصة للكتاب.والملفت للانتباه أكثر، ويعبر عن أزمة على مستوى الوعي الفردي لدى البعض وأزمة على مستوى النفسي، أن البعض استغل السجال على وسائل التواصل الاجتماعي ليوجه انتقاداته لجهات ليس لها علاقة مباشرة بالموضوع، فأخذ ينتقد هذه المؤسسة وتلك، ثم يُحمل العاملين في هذه المؤسسات توصيفات هي أقرب للعمالة والزبائنية.

قبل نحو أربعة أعوام حدث سجال حاد حول الريف والمدينة، سببه منشور كتبته صحفية سورية وصفت فيه ابن الريف السوري بـ "الجوعان"، ما أدى إلى استنفار ومشاجرات وتوصيفات نابية على وسائل التواصل الاجتماعي.

ومع أن وصف الريف بالجوعان توصيف غير معرفي وغير أخلاقي (الريف في سورية أغنى من المدن كما قال الصحفي مازن علي)، إلا أنه فتح إشكالية حقيقية، وهي دور الريف في عسكرة الثورة.

وعلى الرغم من أهمية الإشكالية المطروحة، وضرورة البحث فيها، ترك جمهور الثورة على وسائل التواصل الاجتماعي هذه الإشكالية والتفتوا إلى إبراز العلو الاجتماعي والأدوار التاريخية السابقة للمدينة.

أيضا ما جرى مؤخر من سجالات تدعو للأسى على إثر استشهاد المناضل الفلسطيني إسماعيل هنية: البعض تشفى بموته، ومنهم صحفيون وفنانون ومبدعون، الأمر الذي يطرح سؤالا مركزيا حول مستوى وعي هؤلاء، وكيف لا يقومون بمراجعات عقلية لكتاباتهم.

والأمثلة كثيرة لدرجة يصعب حصرها، وهي إن تدل فإنها تدل على خلل في التركيبة الشخصية للإنسان السوري، لقد حل الحقد والحسد والضغينة وكره الآخر محل الكلام الموضوعي العقلاني، وقد قالت العرب قديما "يُعرف الرجال بالحق ولا يعرف الحق بالرجال".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه رأي الثورة كتابه سوريا كتاب ثورة رأي جدل مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة رياضة سياسة تكنولوجيا مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة على وسائل التواصل الاجتماعی الحرب الأهلیة

إقرأ أيضاً:

101 كلية.. الجامعات الأهلية إنجاز جديد للتعليم العالي في مصر

تواصل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، نشر سلسلة "إنفوجرافات الجامعات الأهلية الجديدة"، التي تسلط الضوء على الجامعات الأهلية التي وافق مجلس الجامعات الأهلية على إنشائها، في إطار التوسع في منظومة التعليم العالي وتعزيز جودة التعليم الجامعي.

ضبط 48 ألف لتر زيت ولبن بدون أسعار بمخزن غير مرخص ببلبيسحلا لمشكلة تكدس مستشفى المبرة.. محافظ المنيا يوجه بتحويل مركز طبى لعيادات تخصصية لمرضى التأمين

وتضم هذه الجامعات 101 كلية متنوعة، تقدم برامج دراسية حديثة ومتطورة تواكب احتياجات سوق العمل، وتوفر بيئة أكاديمية تدعم الابتكار والتميز.

وفي هذا الإطار، نستعرض  جامعة القاهرة الأهلية، التي ستبدأ الدراسة بها في العام الجامعي 2025/2026، وتضم 14 كلية تشمل:

1. كلية الطب

2. كلية طب الأسنان

3. كلية الصيدلة

4. كلية التمريض

5. كلية العلاج الطبيعي

6. كلية الهندسة

7. كلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي

8. كلية العلوم

9. كلية الطب البيطري

10. كلية التجارة

11. كلية الاقتصاد والعلوم السياسية

12. كلية الإعلام

13. كلية التربية للطفولة المبكرة

14. كلية الحقوق

تابعونا يوميًا للتعرف على بقية الجامعات الأهلية الجديدة وكلياتها المعتمدة.

مقالات مشابهة

  • تعيين الممثل مازن الناطور نقيبا للفنانين السوريين.. مناصر للثورة
  • 101 كلية.. الجامعات الأهلية إنجاز جديد للتعليم العالي في مصر
  • قاسم جاموس أبو الوطن.. رفيق الساروت في دروب الثورة السورية
  • ذكرى لا يطويها الرحيل… قاسم الجاموس باقٍ في حناجر وأفئدة السوريين
  • الصوم في مختلف الأديان.. طقوس روحية ووحدة في الاختلاف
  • محمد الأشمر.. من هو الثائر السوري الذي تحدى الفرنسيين؟
  • وفاة الناشط السوري قاسم جاموس في حادث سير قرب دمشق.. منشد الثورة
  • وفاة الناشط والمنشد السوري قاسم الجاموس في حادث سير
  • قاسم الجاموس.. صوت الثورة السورية ينتهي بحادث سير
  • الإمام الطيب: حين ضاع منا أدب الاختلاف ضاع الطريق.. والعدو هو المستفيد «فيديو»