تسير التطورات العسكرية والميدانية بشكل متسارع من أجل الوصول الى احدى النتيجتين: إما تسوية قريبة، أو توسّع لنطاق المعركة بغض النظر عن ما إذا كانت النتيجة الثانية ستؤدي الى حرب شاملة في المنطقة أم ستبقى محصورة ضمن اشتباكات واسعة، أي ضمن ما يُسمّى "بالأيام القتالية" التي قد تتّسع جغرافياً بشكل أو بآخر. 

في ظلّ الظروف الراهنة التي تخيّم على المنطقة حيث يسود التصعيد العسكري على مختلف الجبهات المفتوحة إسناداً لغزّة، لا سيّما على الجبهة الجنوبية للبنان، يمكن الحديث عن عدّة سيناريوهات.

لكنّ الثابت حتى اللحظة أن جميع المعنيين في هذه المعركة لا يريدون الانجرار نحو حرب شاملة. 

فالولايات المتحدة الاميركية غير راغبة باستمرار الحرب أساساً، وتحاول قد المستطاع تجنّب أي نوع من انواع المعارك سواء كانت على مستوى تكتيك "الايام القتالية"، أي تلك المواجهة التي ترتكز على ادارة الضربات الموجّهة بشكل محدود، او على مستوى الحرب الكبرى، لكنّها غير قادرة، رغم الضغوط التي تسعى لفرضها، على منع رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو من مواصلة حربه على غزّة، وبالتالي فإنّ ردّ المحور بات أمراً واقعاً بمعزل عن توقيته ولا شيء يمكن أن يمنع حصوله.
 الاميركيون يسعون ضمن سلسلة جهود حثيثة الى إيجاد حلّ يجنّبهم التورّط في معركة محدودة أو كبرى في الشرق الاوسط، ذلك لأن الصين قد تستغلّ هذه الفرصة لفتح معركة في تايوان، ما من شأنه أن يؤدي الى تفلّت الامور من أيدي واشنطن في لحظة مصيرية ستنتج عنها تداعيات كبرى على مستوى الاقتصاد العالمي وأسعار النفط وغيرها من الانهيارات التي قد تدخل الولايات المتحدة الاميركية في نفق مظلم. 

من جهة اخرى، فإن طهران لا تريد الدخول أيضاً في حرب واسعة، لكنّها غير قادرة على تجنّب الرد لأن ذلك من شأنه أن يفتح شهية الاسرائيليين طوال المرحلة المقبلة لشنّ هجمات امنية وعسكرية كبرى ضدّ ايران، ومن هُنا فإن الضربات التي ستتلقّاها إسرائيل كردّ على اغتيال فؤاد شكر في لبنان واسماعيل هنية في طهران ستكون قاسية بمعزل عن احتمال احتواء الردّ الاسرائيلي المُقابل والاستفادة منه من دون الوقوع في فخّ تدحرج المعركة التي يسعى اليها نتنياهو. 

وحده بنيامين نتنياهو سيعمل بشكل ثابت على استدراج كل الاطراف الى حرب شاملة، مستفيداً على المستويين السياسي والشخصي من استمرارها وتوسّعها، اضافة الى الفائدة الاستراتيجية التي يمكن له تحقيقها كرئيس حكومة اسرائيل، لأنه حينها إما سيفوز بالمعركة في المنطقة وإما سيخسر والى جانبه الدول الاوروبية والولايات المتحدة الاميركية ممّا يقلّص حصّته من هذه الخسارة.
المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

خيارات نتنياهو لمواصلة الحروب العدوانية

إدارة جو بايدن الرّاحلة قريباً في «حيص بيص» من أمرها، فبعد تبنّي سياسة تقديم كلّ الدعم اللازم، شاركت دولة الاحتلال أهداف حربها وتحمّلت ما حمّلته للولايات المتحدة من أعباء، وخسائر وفشل وعزلة، تحاول أن تستثمر ما تبقّى لها من وقتٍ للفوز بادّعاء أنّها صاحبة الفضل في إتمام صفقة تبادل الأسرى، ووقف الحرب.

لا بدّ أنّها رفعت في وجه بنيامين نتنياهو بطاقة خطيرة لم تخطر على بال الأخير، الذي كان يفضّل الاستمرار في الحرب العدوانية على قطاع إلى ما بعد دخول دونالد ترامب البيت الأبيض.

وتزداد أزمة نتنياهو مع اتفاق بايدن وترامب، على ضرورة إتمام الصفقة، ووقف الحرب، والتي وضع لها ترامب سقفاً زمنياً لا يتجاوز العشرين من كانون الثاني القادم.

تذكّرنا الورقة التي رفعها بايدن في وجه نتنياهو بما فعله الرئيس الديمقراطي السابق باراك أوباما حين امتنع مندوب أميركا في مجلس الأمن عن التصويت على قرار عدم شرعية وضرورة وقف الاستيطان، ما سمح بتمرير القرار في سابقة غير معهودة.

بايدن يرفع ورقة تمرير الاعتراف بالدولة الفلسطينية في مجلس الأمن  ربّما بالطريقة ذاتها، إذ ثبت أنّ نتنياهو المسؤول عن تعطيل التوصّل إلى صفقة التبادل.

أيّام قليلة صعبة تواجه نتنياهو، الذي قد يقع في مصيدة بايدن وربّما إنّ تجاوزها، فقد لا يتمكن من تجاوز مصيره ترامب.

كلّ المصادر بما في ذلك الإسرائيلية تتحدّث عن أن حركة «حماس» أبدت مرونة كبيرة، وأنّها باتت مستعدّة بشهادة الوسطاء، بل وتتحدّث عن احتمال توقيع الصفقة قبل نهاية العام الجاري.

أميركا أكثر من يعلم أنّ نتنياهو هو الذي يشكّل العقبة أمام التقدّم نحو إتمام الصفقة وأنه يخترع المزيد من التفاصيل والشروط لتأخير ذلك، ويستغل كل دقيقة لإنجاز «خطة الجنرالات» في شمال القطاع، وتدفيع الفلسطينيين أكبر ثمن ممكن قبل التوقّف الاضطراري.

على أنّ التصريحات التي يدلي بها وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، تنطوي على اعترافات متناقضة، فهو يكرّر رفض بلاده احتلال الدولة العبرية لقطاع غزة، وكان بإمكان إدارته أن تمنع ذلك، وأن ترغمها على وقف الإبادة الجماعية والتجويع التي ألحقت بها وأميركا مخاطر وخسائر ذات أبعاد إستراتيجية.

حين يقول بلينكن إنّ احتلال القطاع سيؤدّي إلى استمرار «حماس» في القتال، فإنّه يعترف بفشل دولة الاحتلال في سحق المقاومة وإنهاء حكم «حماس»، كما جاء في تصريح سابق أعلن خلاله أنّ دولة الاحتلال تمكّنت من إنهاء «حماس» مقاومةً وحكماً.

هو اعتراف بالفشل، ومحاولة بيع نتنياهو وهم تحقيق الانتصار، وأنّ الاستمرار في الحرب واحتلال القطاع لأجلٍ غير مسمّى لا يخدمان مصلحة دولة الاحتلال.

من الواضح أنّ نتنياهو يحاول، قبل أن يقفل ملفّ القطاع، أن يفتح المجال أمام إمكانية متابعة حربه العدوانية في مناطق أخرى، والذرائع إن لم تكن متوفّرة، فهو قادر على اختلاقها.

في الطريق إلى فتح جبهة إيران، صعّدت دولة الاحتلال اعتداءاتها على اليمن، حيث قامت عشرات الطائرات الحربية الإسرائيلية بإلقاء أكثر من 60 قنبلة على منشآت مدنية وعسكرية يمنية.

وبالتزامن، قامت الطائرات الحربية الأميركية باستهداف منشآت يمنية تكمل ما قامت به الطائرات الحربية الإسرائيلية، وتتحدّث المصادر الأميركية عن مواصلة العمل، وتجنيد أطراف أخرى للمشاركة.

دولة الاحتلال الرسمية تتحدّث عن تنسيق مع أميركا لمواصلة استهداف منشآت حيوية عسكرية وأمنية في اليمن، ما يصل إلى حدّ فتح جبهة حرب جديدة على نحوٍ لا يشبه ما جرى خلال الأشهر السابقة من الحرب.

خلق هذا العدوان، الذي يتجّه نحو التصعيد، حالةً من ردّ الفعل القوي والعنيد لدى اليمنيين، الذين أكدّوا ثباتهم على موقف إسناد الشعب الفلسطيني ومقاومته، وبالتزامن مع وصول الطائرات المعتدية إلى اليمن أطلق «الحوثيون» صاروخاً على يافا، لم تتمكّن كلّ أنواع الدفاعات الجوّية الإسرائيلية من اعتراضه، بالإضافة إلى عديد المسيّرات التي وصلت إلى أهدافها.

ما تعرّض له اليمن من عدوان إسرائيلي ينطوي على أكثر من رسالة، فهو يحمل معنى «البروفة»، لما قد تتعرّض له إيران، ومحاولة رفع معنويات الإسرائيليين، الذين تدّعي حكومتهم الفاشية أن يدّ جيشها قادرة على الوصول إلى أبعد الأماكن دفاعاً عنهم.

وبالإضافة فإنّ الأمل يحدو نتنياهو بأن يواصل توجيه ضربات موجعة لليمن، لاستكمال فصل الجبهات بعد أن نجح في لبنان وسورية.

إن كان هذا الهدف واقعياً، فإنّ جبهة اليمن ستشهد تصعيداً كبيراً خلال الأيام المقبلة، وأكثر مع اقتراب التوصّل إلى صفقة التبادل، حتى لا تكون هناك فجوة بين وقف الحرب العدوانية على غزّة والحاجة لاستمرارها في المنطقة.

وهذا، أيضاً، يعني أنّ ثمّة ما بعد اليمن، فعلى الطريق إلى إيران باعتبارها الهدف الأسمى لنتنياهو، قد يدفع نحو تأجيج الصراع مع المقاومة في العراق.

إدارتا أميركا، الراحلة والقادمة، إن كانتا تركّزان على وقف الحرب العدوانية على القطاع، فإنّهما لا تريان ضرراً من التصعيد، مع اليمن أو العراق، وحتى مع إيران.

ترامب يحتاج إلى ذلك، فكلّما كانت النيران في المنطقة أكثر اشتعالاً، فإنّ إنجازه بوقف وإطفاء تلك النيران سيكون أكثر أهمية وأكثر استثماراً، لوقف الحروب كما يريد ترامب أثمان ينبغي أن يدفعها أحد، والمرشّح في هذه الحالة هم العرب، الذين قد تتعرّض مصالحهم لأضرار بليغة، في حال تصعيد الحرب ضدها من قبل دولة الاحتلال وأميركا.

المنطقة إذاً مرشّحة لتطوّرات خطيرة خلال الشهر المتبّقي على دخول ترامب البيت الأبيض.

الأيام الفلسطينية

مقالات مشابهة

  • الصفقة المنتظرة: نتنياهو يريد ولا يريد
  • خبير سياسي: إسرائيل تستفيد بشكل عام من استمرار الحرب على غزة
  • فتح: نتنياهو يستغل ضعف المنظومة الدولية والهيمنة الأمريكية للعدوان على غزة
  • متحدث فتح: نتنياهو يستغل ضعف المنظومة الدولية والهيمنة الأمريكية للعدوان على غزة
  • «آي صاغة»: ضعف الطلب يدفع أسعار الذهب للاستقرار بالأسواق الدولية
  • خيارات نتنياهو لمواصلة الحروب العدوانية
  • عمرو خليل: نتنياهو وجالانت محاصران بملاحقات المحكمة الدولية
  • نتنياهو: لن نكشف عن تفاصيل المفاوضات والإجراءات التي نقوم بها
  • النيابة العامة الإسرائيلية: نتنياهو متورط بشكل واضح في قضية الرشوة
  • إعلام إسرائيلي: النيابة العامة أكدت تورط نتنياهو بشكل واضح في قضية الرشوة