واجهت الصحوة الإسلامية التي عاشها العالم العربي والإسلامي، والعالم بشكل عام منذ سبعينيات القرن الماضي، جملة من التحديات الاجتماعية والسياسية والفكرية.. ومع أن انتشار التدين بمعناه الإسلامي في العالم لم يقترن بأعمال العنف والإبادة، فإن التعامل الأمني للنظام العالمي مع الظاهرة الإسلامية أحالها إلى قضية أمنية بدل أن تبقى في مسارها الثقافي والفكري، وهو تحول كلف العالم أثمانا باهظة، وأعاق محاولات دؤوبة لتفعيل قيم التعايش السلمي بين الثقافات والحضارات.



ومع أن التقدم العلمي والتكنولوجي تحديد قد أزال الكثير من العوائق أمام التفاهم المتبادل بين الشعوب بمختلف انتماءاتهم العرقية والحضارية والدينية، فإن ذلك لم يمنع من استمرار الجدل التاريخي حول العديد من القضايا الإشكالية وفي مقدمتها التدين وعلاقته بالعلوم وباقي مناحي الحياة اليومية..

فقد ظل التدين بما يحمله من مضامين غيبية واعتقادية إيمانية يثير العديد من التساؤلات الفلسفية، بما يقتضي من علماء الدين عامة والإسلامي منه على وجه الدقة والتحديد، ليس فقط الاستمرار في شرح مبادئ التدين الأساسية للعالم، وإنما أيضا في ابتكار الآليات العلمية الدقيقة لمواجهة موجات التشكيك المستمرة في الدين، وفي مقدمتها ما يبدو أنه موجة جديدة للترويج للإلحاد التي تتخذ من وسائل التواصل الاجتماعي وسيلة لذلك.

أستاذ الفلسفة في جامعة الكوفة بالعراق الدكتور منذر جلبوب، يلامس في هذه الورقة الخاصة لـ "عربي21"، خطورة الأفكار الإلحادية التي يتم الترويج لها عبر عنصري الشباب والمرأة على العالمين العربي والإسلامي خاصة والعالم بشكل عام..   

رأس المال الرمزي

تواجه المجتمعات الإسلامية في العصر الحديث تحديات جديدة ترتبط بتصاعد موجات الإلحاد، وذلك في ظل العولمة والانفتاح على الأفكار الغربية. يشكل الإلحاد تهديدًا لرأس المال الرمزي والثقافي في هذه المجتمعات، حيث تزداد التساؤلات حول مدى قدرة القيم الدينية على الصمود أمام هذه التوجهات. نتقصى هنا تأثير التوجهات الإلحادية على الهوية الثقافية والدينية للمجتمعات الإسلامية، وتحليل السيناريوهات المستقبلية المحتملة في هذا السياق.



يُعد رأس المال الرمزي مفهومًا مركزيًا في تحليل الديناميات الاجتماعية في المجتمعات الإسلامية. وفقًا لعالم الاجتماع الفرنسي بيير بورديو، يشير رأس المال الرمزي إلى مجموعة من القيم والمعتقدات التي تمنح الأفراد والجماعات مكانة اجتماعية مرموقة وتعزز من تماسكهم الاجتماعي. في المجتمعات الإسلامية، يلعب الدين دورًا محوريًا في تشكيل رأس المال هذا، مما يجعل الإلحاد تهديدًا مباشرًا لهذا النظام الاجتماعي.

 الإلحاد والعولمة

العولمة تُعتبر قوة دافعة وراء انتشار الأفكار الإلحادية في المجتمعات الإسلامية. يؤدي الانفتاح على الثقافات العالمية والأفكار الغربية إلى تعرض الأفراد لتأثيرات قد تتعارض مع القيم الدينية التقليدية، مما يثير تساؤلات حول قدرة الدين على مواكبة هذه التغيرات. يشير الفيلسوف الكندي تشارلز تايلور إلى أن التعددية الثقافية والدينية التي تأتي مع العولمة يمكن أن تكون فرصة لتجديد الهوية الدينية، لكنها قد تؤدي أيضًا إلى تآكل هذه الهوية إذا لم يتم التعامل معها بشكل مناسب.

 تأثير الإلحاد على الهوية الثقافية

الهوية الثقافية والدينية في المجتمعات الإسلامية تعتمد بشكل كبير على اللغة والدين كعناصر مكوّنة لها. يُعتبر الدين مكونًا رئيسيًا لرأس المال الرمزي في هذه المجتمعات، حيث يشكل الإطار الذي يحدد العلاقات الاجتماعية والقيم الأخلاقية. ومع تصاعد الإلحاد، تظهر تحديات كبيرة أمام الحفاظ على هذه الهوية، حيث يمكن أن يؤدي انتشار الإلحاد إلى فقدان الأفراد الشعور بالانتماء إلى الهوية الجماعية.

 التغيرات الاجتماعية.. دور الشباب والمرأة

الشباب والمرأة يُعتبران من الفئات الأكثر تأثرًا بالأفكار الإلحادية في المجتمعات الإسلامية. الشباب غالبًا ما يكونون أكثر انفتاحًا على الأفكار الجديدة وأقل تمسكًا بالقيم التقليدية، مما يجعلهم أكثر عرضة لتبني الأفكار الإلحادية. بالإضافة إلى ذلك، تلعب المرأة دورًا محوريًا في نقل القيم الدينية والثقافية، مما يجعلها جزءًا أساسيًا من مستقبل الهوية الدينية في هذه المجتمعات.

التعليم والإلحاد

يساهم التعليم بشكل فعال في تشكيل وعي الأفراد وتوجيههم نحو القيم التي يعتنقها المجتمع. يُستخدم التعليم، في المجتمعات الإسلامية، لتعزيز الهوية الدينية ومواجهة الأفكار الإلحادية. ومع ذلك، قد يؤدي الاعتماد المفرط على التعليم التقليدي إلى نتائج عكسية، حيث يجد الشباب أنفسهم غير قادرين على التفاعل مع التحديات الفكرية التي يطرحها العالم الحديث.

 الإعلام والإلحاد.. الساحة المفتوحة للأفكار

يُعد الإعلام أحد الميادين الرئيسية التي تتجلى فيها التحديات التي يطرحها الإلحاد. وتتيح وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت للأفراد الوصول إلى مصادر متنوعة من المعلومات، بما في ذلك النقاشات الفلسفية والدينية التي قد تتعارض مع ما يتعلمونه في المدارس والمؤسسات الدينية. يُشير الباحث الأمريكي شيري توركل إلى أن التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي قد أدت إلى تغيرات جذرية في كيفية تفاعل الأفراد مع الأفكار والمعتقدات.

 السياسة والدين.. التحديات القانونية والإدارية

تُعتبر العلاقة بين الدين والدولة محورًا أساسيًا في تحديد مستقبل الإلحاد في المجتمعات الإسلامية. يثير الإلحاد تساؤلات حول كيفية تطبيق الشريعة والتعامل مع الأفراد الذين يرفضون الأسس الدينية للنظام القانوني. بعض الدول الإسلامية تعتبر الردة جريمة يُعاقب عليها بالإعدام وفقًا للشريعة، مما يثير تساؤلات حول مدى توافق هذه السياسات مع مفاهيم حقوق الإنسان الحديثة وحرية المعتقد.

 السيناريوهات المستقبلية.. التكيف أو التفكك

يمكن تصور سيناريوهين رئيسيين لمستقبل المجتمعات الإسلامية في ظل تصاعد موجات الإلحاد. السيناريو الأول هو استمرار تصاعد الإلحاد وتزايد التشتت الفكري والثقافي، مما قد يؤدي إلى تفكك الهوية الدينية والاجتماعية. السيناريو الثاني هو إعادة تأكيد الهوية الدينية من خلال تبني سياسات إصلاحية وتجديدية تُمكن المجتمعات من التعامل مع التحديات الفكرية والاجتماعية دون فقدان هويتها.

الإلحاد بوصفه جزءاً من الصراع الأيديولوجي

إن فهم التفاعل الثقافي بين الشرق والغرب، والشمال والجنوب، لا يمكن اختزاله في العوامل الداخلية لكل حضارة على حدة، بل يتطلب وضعه في إطار أشمل يأخذ في الاعتبار الصراع الحضاري المتجذر في تاريخ العلاقة بين هذه الثقافات والقوى المتعددة. هذا الصراع لم يكن محصورًا في تبادل البضائع المادية فقط، بل تجاوزه إلى تبادل الأفكار والأساطير والرموز الدينية، بل وحتى استيراد الآلهة نفسها. فقد نقل الغرب من شرق وجنوب البحر المتوسط شخصيات مثل عشتار وإبراهيم، وقام بتطوير دياناته الوثنية والسماوية من خلال التفاعل مع هذه الشخصيات والرموز، سواء بالتقبل أو الرفض أو إعادة الصياغة أو رد البضاعة مشوهة.

ويشير إدوارد سعيد في كتابه *الاستشراق* (Orientalism) إلى أن الغرب لم يكن مكتفيًا فقط بتبني هذه الرموز، بل عمل على إعادة صياغتها بما يتناسب مع مصالحه وأهدافه الاستعمارية. فالاستشراق، وفقًا لسعيد، ليس مجرد دراسة أكاديمية للشرق، بل هو "أسلوب غربي للهيمنة وإعادة بناء الشرق من أجل التحكم به".

عند إنشاء مؤسسات الغرب، كانت الغايات الحربية جزءًا لا يتجزأ من خطط تلك المؤسسات. وليس من قبيل الخيال القول بأن الغرب عمل بجد على تقويض البنى الفكرية الفاعلة في المنظومات الثقافية المقابلة. ومن هنا، كان الإسلام، باعتباره المنظومة الفكرية الأكثر تأثيرًا في تلك المناطق، هدفًا أساسيًا في هذه الحرب الثقافية.

يشير كارل شميدت في كتابه *المفهوم السياسي* (The Concept of the Political) إلى أن "السياسة في جوهرها هي التمييز بين العدو والصديق"، وهذا التمييز هو ما دفع الغرب إلى استهداف الإسلام كأهم تهديد سياسي وفكري لمنظومته. بدأ هذا الصراع بطابع عسكري مباشر منذ الصدام مع الدولة البيزنطية، وتوج بالحروب الصليبية وسقوط الأندلس. لكن مع بزوغ عصر النهضة والحداثة، تحول هذا الصراع إلى طابع فكري، وظهر بشكل أوضح مع نشوء الصهيونية، التي كانت، كما يصفها إريك هوبسباوم في كتابه *عصر الإمبراطورية* (The Age of Empire)، "أحد تجليات المشروع الاستعماري الأوروبي".

كانت هذه الحركات ذات رأسين: رأس يعمل على بناء ثقافة غربية متناقضة مع الثقافات الأخرى، ورأس آخر موجه للتغلغل في الثقافة والبنى الفكرية الإسلامية بهدف تقويضها من الداخل، عبر تصدير أفكار جديدة من شأنها تفتيت وتهميش البنية الإسلامية من أجل محوها. وفي هذا السياق ينبغي فهم موجة الإلحاد وكل ما تحاط به من ترويج يصل إلى درجة التمجيد أحيانا.

نحو رؤية مستقبلية متوازنة

يمكن القول إن التعامل مع تحديات الإلحاد في المجتمعات الإسلامية يتطلب تبني استراتيجيات شاملة تجمع بين الحفاظ على القيم الدينية والانفتاح على الأفكار الجديدة. يجب أن يكون هناك حوار مفتوح بين مختلف الأطراف داخل المجتمع، بما في ذلك المؤمنين والملحدين، لتحقيق التفاهم المتبادل وتعزيز التعايش السلمي.

يتطلب الحفاظ على الهوية الثقافية والدينية في مواجهة التحديات الحديثة من المجتمعات الإسلامية تطوير خطاب ديني جديد يتماشى مع العصر الحديث، ويُعزز من قدرة الإسلام على التفاعل مع التغيرات العالمية دون التضحية بجوهره الروحي والثقافي.

 المراجع

1. Pierre Bourdieu, Distinction: A Social Critique of the Judgement of Taste (Harvard University Press, 1984), 170-175.
2. Charles Taylor, A Secular Age (Harvard University Press, 2007), 132-135.
3. Simone de Beauvoir, The Second Sex, trans. Constance Borde and Sheila Malovany-Chevallier (Vintage Books, 2011), 110-113.
4. John Dewey, Democracy and Education (Macmillan, 1916), 245-247.
5. Sherry Turkle, Alone Together: Why We Expect More from Technology and Less from Each Other (Basic Books, 2011), 150-152.
6. John Rawls, A Theory of Justice, rev. ed. (Harvard University Press, 1999), 145-148.
7. Friedrich Nietzsche, The Will to Power, trans. Walter Kaufmann and R. J. Hollingdale (Vintage Books, 1968), 37-40.
8. Said, E. (1978). Orientalism. New York: Pantheon Books. p. 3.
9. Schmitt, C. (1996). The Concept of the Political. Chicago: University of Chicago Press. p. 26.
10. Hobsbawm, E. (1987). The Age of Empire: 1875-1914. New York: Vintage Books. p. 180.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير العربي التحديات الدين تحديات مسلمون عرب دين الحاد سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی المجتمعات الإسلامیة الهویة الثقافیة الهویة الدینیة القیم الدینیة التعامل مع فی هذه إلى أن

إقرأ أيضاً:

الخلطة الدينية في الحالة السياسية المصرية

الحشود الكبيرة، المقدرة بما يزيد على المليوني شخص، في الليلة الأخيرة، أو كما يسمونها الليلة الكبيرة، أمس الخميس، في ختام احتفالات ليالي السيد البدوي، أحد أولياء الله الصالحين، بمدينة طنطا، عاصمة محافظة الغربية وسط الدلتا بمصر، فتحت الباب واسعا، في الأوساط الثقافية المصرية، بشكل خاص، أمام نقاشات قد تكون سوفسطائية بلا جدوى حول الحالة الدينية، ما بين الاتجاه الرسمي للدولة، وتحديدا النظام الحاكم حاليا، والمزاج الشعبي في أنحاء البلاد، شمالا وجنوبا، شرقا وغربا، وما إذا كانت الدولة تتجاوب مع هذا المزاج، أم أن الشعب يسير خلف توجهات الدولة الدينية حتى لو كانت الخلفية سياسية.

مولد السيد البدوي يأتي ضمن عدد آخر من الموالد على امتداد العام، في محافظات أخرى من البلاد، في المدن والقرى، إلا أن تعيين وزير جديد للأوقاف العام الماضي (أسامة الأزهري) بخلفيته الصوفية المنظمة للموالد، يمنحها هذا العام زخما خاصا، ذلك أن الرجل يعتاد الظهور كثيرا في مثل هذه المناسبات، وسط حاشية كبيرة من أنصاره الذين يطلَق عليهم "الدراويش" بطقوسهم الغريبة إلى حد كبير، والتي تواجَه باستنكار يصل إلى حد التكفير من فصائل دينية أخرى، ممن يطلق عليهم السلفيين المنتشرين في مختلف الأنحاء أيضا.

ما بين المتصوفة والسلفيين، يقف الأزهر بوسطيته المعتادة، رافضا لقضية التكفير من حيث المبدأ، حتى أن شيخ الجامع الأزهر الشيخ أحمد الطيب رفض من قبل تكفير تنظيم الدولة "داعش" أو غيره من التنظيمات أو الجماعات الأخرى، انطلاقا من أن النطق بالشهادتين في حد ذاته يعصمان المسلم من مثل تلك الأحكام، التي أصبحت تطال أيضا جماعة الإخوان المسلمين بمجرد الإطاحة بهم من سدة الحكم عام 2013. والغريب أن هذه الأحكام جاءت من متصوفة وسلفيين وغيرهم، ممن كانوا على وفاق مع الإخوان في السابق، وربما كانوا في تحالفات سياسية أيضا.

جماعة أهل السنة عموما يشكلون 100 في المئة من المسلمين في مصر، باستثناء حالات لا تتجاوز العشرات أو المئات، ما بين شيعة، وبهائية، ويهود، وملحدين، إذا استثنينا الطائفة القبطية بالطبع، والتي تشكل نحو 5 في المئة من الشعب المصري، حسب التقديرات الرسمية للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء -على الرغم من أنهم يزعمون بأكثر من ذلك- وهو ما يجعل من الطوائف العديدة داخل الإسلام السني في حد ذاته حالة غريبة شكلا وموضوعا؛ قد تكون صحية في بعض الأحيان، إلا أنها تصل إلى حد العداء في أحيان كثيرة، غير أنه لا تتوافر الظروف التي تدعو إلى الصدام فيما بينها.

على الرغم من ذلك، سوف نجد أن الأنظمة السياسية المتعاقبة تعمل على العبث أو اللعب داخل هذه الطوائف أو التيارات، باستمالة هذه واستبعاد تلك، أو العكس، في ضوء مدى الاهتمامات السياسية لأي منها، وهو ما جعل من جماعة الإخوان المسلمين على الدوام جماعة عدائية في نظر الأنظمة، نظرا لاشتغالها بالسياسة، بل والسعي إلى السلطة وكرسي الحكم، على خلاف الجماعات الصوفية التي دأبت دائما وأبدا على التعاون مع الجهات الأمنية، والبعد عن العمل السياسي، في الوقت الذي تتعامل فيه الجماعات السلفية مع الموقف حسب متطلباته، بمعنى العمل في السياسة أو الابتعاد عنها، من خلال توجيهات الجهات الأمنية في الحالتين.

من هنا كان من الطبيعي أن نجد جماعة الإخوان خارج المشهد الآن، في الوقت الذي يسمح فيه النظام حاليا، من خلال التعيين الرئاسي، بتمثيل برلماني على استحياء لكل من المتصوفة والسلفيين، على الرغم من المعارضة العلمانية العلنية، والقبطية في الغرف المغلقة، إلا أن حصول العلمانيين والأقباط على حصة أو قطعة من الكعكة تجعلهم يكتمون غيظهم ويخضعون للأمر الواقع، بما يشير إلى أن النظام، أو الأجهزة الأمنية، تستطيع إخضاع الجميع بلقيمات صغيرة في نهاية الأمر.

يمكن اعتبار الحالة الدينية في مصر مجرد خلطة ترضي جميع الأطراف، لا تتداخل فيما بينها، ولا ترتبط أيضا بالدين بالقدر الكافي
وإذا وضعنا في الاعتبار الحفل الموسيقي الراقص الصاخب الذي أقيم بمنطقة الأهرامات، قبل مولد السيد البدوي بعدة أيام، وبلغت تذكرة دخوله عشرة آلاف من الجنيهات، بمشاركة 15 ألف شخص، يمكن اعتبار الحالة الدينية في مصر مجرد خلطة ترضي جميع الأطراف، لا تتداخل فيما بينها، ولا ترتبط أيضا بالدين بالقدر الكافي، حتى أننا لم نسمع اعتراضا من أي منها على مجريات حفل الأهرامات، أو غيره من الاحتفالات المشابهة، التي تجد امتعاضا شعبيا كبيرا على "السوشيال ميديا" بين كل الفئات والأعمار بشكل عام، إلا أنها لا تجد اهتماما من المشتغلين بأمور الدين، الذين ينتقدون بعضهم بعضا على مدار الساعة، ما دام النظام يريد ذلك.

فيما يتعلق برجال الدين، لم يعد هناك في مصر، الشيخ محمد الغزالي، أو الشيخ محمد متولي الشعراوي، أو الدكتور يوسف القرضاوي، أو الشيخ أحمد المحلاوي، أو الشيخ عبد الحميد كشك، رحمهم الله؛ يمكن كانوا إذا تحدثوا أسمعوا، بالتالي كان ما كان من هذه الحالة، التي هرب من خلالها الشباب إلى الإلحاد تارة، والمخدرات تارة أخرى، والجريمة ثالثة. وربما كانت الموالد هي الأخرى جهة هروب، يجد فيها الشباب ضالتهم مجانا، ما دامت وجهة الأهرامات تتطلب آلاف الجنيهات، بما لا يتيسر معه سوى هروب فئة واحدة فقط ممكن يمتلكون المال، وفي كل الأحوال كلها توجهات محمودة، ما دامت بمنأى عن السياسة!

مقالات مشابهة

  • اغتيال يحيى المبحوح قائد سرية النخبة في لواء شمال غزة
  • إسرائيل تغتال قائد سرية النخبة في لواء شمال غزة
  • بعد تصريحات عمرو أديب| أحمد سالم: أرفض إتهام المحتفلين بمولد السيد البدوي بالكفر أو الإلحاد
  • المرأة العُمانية..ذاكرة الوطن ونبض الهوية الثقافية
  • سان جيرمان يواصل النزيف بالدوري الفرنسي
  • غرداية.. سقوط جدار أمام مديرية الشؤون الدينية والأوقاف 
  • خمس مواجهات تحسم الجولة الثالثة من المرحلة الأولى بدوري النخبة لكرة اليد
  • «طاقة أبوظبي» تكشف عن الهوية المرئية لمنصّة AD.WE الرقمية
  • الخلطة الدينية في الحالة السياسية المصرية
  • العلاقات الأفغانية الباكستانية.. تاريخ من التوتر وصراع الهوية