عربي21:
2025-02-02@06:26:33 GMT

في الاختلاف السوري ـ السوري

تاريخ النشر: 24th, August 2024 GMT

النقد تعبير مكتوب أو منطوق من متخصص يُسمى ناقدا، عن الجيد والرديء في أفعال أو إبداعات أو قرارات يتخذها الإنسان أو مجموعة من البشر في مُختلف المجالات من وجهة نظر الناقد، وإيضاح مكامن الخطأ والصواب، والقوة والضعف، ثم القدرة على طرح الحلول.

وبهذا المعنى المعرفي للنقد، يتحول النقد إلى رأي، ومن سمات الرأي أنه مبني على حوامل معرفية، ومن دون هذه الحوامل يُصبح الرأي مجرد مخيال اجتماعي أو انطباعات لا تساهم في إنتاج المعرفة إطلاقا، ويتساوى فيها رأي العالم مع رأي الجاهل.



لا تدخل معظم السجالات السورية ـ السورية على وسائل التواصل الاجتماعي ضمن هذا الإطار المعرفي للنقد، بقدر ما تندرج غالبيتها في إطار الرد من أجل الرد، وفي هذه الحالة تُصبح النكاية جوهر القول المنطوق أو المكتوب.

المرء يُدهش كثيرا حين يرى أن اختلاف الرؤى والمقاربات يتحول إلى خلاف شخصي، تطغى عليه الأنانية والتحقير والشتم والتخوين، وما يدعو للدهشة والمفارقة الصارخة، أن المختلفين ينتمون إلى الصف السياسي الواحد (الثورة)، أي لا توجد بينهم خلافات عميقة حول القضايا الكبرى، فهم متفقون حول المبادئ ومتفقون حول السلوكيات في غالبيتها.قد يأخذ الاختلاف والنقد صيغا حدية، خصوصا إذا كان الاختلاف حول القضايا الكبرى المتعلقة بالدولة والمجتمع، أي المتعلقة بالعمران بلغة ابن خلدون، وهذا أمر مفهوم بين أطراف لها مصلحة في بقاء الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية على ما هي عليه، وبين أولئك الساعين إلى تغيير هذه الأوضاع، بما ينقل البلاد من مرحلة التعسف والظلم إلى مرحلة تتحقق فيها العدالة والمساواة إلى حد كبير.

ولذلك، شهدت الثورات الكبرى في العالم انقساما حادا بين أفراد المجتمع، بمن فيهم المثقفين: هل علينا التذكير حين وقف فلاسفة فرنسيين في وجه الثورة عام 1789، وفي مقدمهم إدموند بيرك الذي لم يرفض في كتابه "تأملات في الثورة الفرنسية" سلوك الثورة فحسب (عنف اليعاقبة، إعدام الملك لويس السادس عشر)، بل أيضا رفض أهداف الثورة ذاتها، الثورة التي وضعت الفرد قبل المجتمع.

لكن المرء يُدهش كثيرا حين يرى أن اختلاف الرؤى والمقاربات يتحول إلى خلاف شخصي، تطغى عليه الأنانية والتحقير والشتم والتخوين، وما يدعو للدهشة والمفارقة الصارخة، أن المختلفين ينتمون إلى الصف السياسي الواحد (الثورة)، أي لا توجد بينهم خلافات عميقة حول القضايا الكبرى، فهم متفقون حول المبادئ ومتفقون حول السلوكيات في غالبيتها.

مناسبة هذا القول ما جرى ويجري بين الفينة والأخرى من اختلافات وانتقادات لاذعة وتخوين وتحقير بين جمهور الثورة السورية فيما بينهم، لدرجة تغيب فيها الأبعاد المعرفية، وتحل محلها النِكايات والحسد، وهي سلوكيات موروثة من نظام البعث الذي عمل جاهدا خلال عقود على ترسيخ سياسة فرق تسد، وسياسة العمل الفردي بدلا من العمل الجماعي.

على سبيل المثال ما حدث مؤخرا مع سامر بكور الذي ألف كتابا من جزأين بعنوان "التغريبة السورية: الحرب الأهلية وتداعياتها المجالية والسكانية".

الكتاب يعتبر توثيقا هاما لمسار الأحداث منذ بدء الثورة السورية عام 2011 وحتى عام 2020، سواء على صعيد التظاهرات السلمية، وبدء عسكرة النظام للثورة، إلى استخدام النظام للعنف الشديد، إلى عمليات التهجير بأنواعها، إلى التدخل الروسي والإيراني من قبله.

غير أن جزء من جمهور الثورة، ترك هذا الجهد والنتاج المعرفي الهام المفيد للثورة، وركز على عنوان فرعي للكتاب، هو مصطلح الحرب الأهلية، ثم ما لبثت التساؤلات والانتقادات أن وصلت حد التخوين الشخصي في خطوة تعبر عن شيزوفرانيا نفسية وعقلية، إذ كيف يُترك ويُهمل منتوج معرفي ملموس من نحو ثمانمئة صفحة من أجل التركيز على عنوان فرعي.

لن أدخل هنا في تفاصيل التعريفات الفلسفية والقانونية للثورة والحرب الأهلية، فهذا ليس اهتمامنا هنا، وهذه أحد مفارقات السوريين: نترك الموضوع الرئيس محل النقاش والحوار، ونلتفت إلى الاتهامات الشخصية التحقيرية والتخوينية، أليس هذا دليلا على الشيزوفرانيا.

انتقد البعض مصطلح الحرب الأهلية في عنوان الكتاب من منطلق معرفي، وإن لم ينجح سوى قليلون منهم في تقديم مادة نقدية معرفية، فيما تجاوز آخرون النقد، واتهموا المؤلف بأنه خائن للثورة وقيمها، وأنه ليس سوى عميل للنظام، بل الأغرب من ذلك أن الاتهامات والتخوينات طالت مركز حرمون للدراسات المعاصرة، فقط لأنه أعلن عن ندوة تعريفية مخصصة للكتاب.

انتقد البعض مصطلح الحرب الأهلية في عنوان الكتاب من منطلق معرفي، وإن لم ينجح سوى قليلون منهم في تقديم مادة نقدية معرفية، فيما تجاوز آخرون النقد، واتهموا المؤلف بأنه خائن للثورة وقيمها، وأنه ليس سوى عميل للنظام، بل الأغرب من ذلك أن الاتهامات والتخوينات طالت مركز حرمون للدراسات المعاصرة، فقط لأنه أعلن عن ندوة تعريفية مخصصة للكتاب.والملفت للانتباه أكثر، ويعبر عن أزمة على مستوى الوعي الفردي لدى البعض وأزمة على مستوى النفسي، أن البعض استغل السجال على وسائل التواصل الاجتماعي ليوجه انتقاداته لجهات ليس لها علاقة مباشرة بالموضوع، فأخذ ينتقد هذه المؤسسة وتلك، ثم يُحمل العاملين في هذه المؤسسات توصيفات هي أقرب للعمالة والزبائنية.

قبل نحو أربعة أعوام حدث سجال حاد حول الريف والمدينة، سببه منشور كتبته صحفية سورية وصفت فيه ابن الريف السوري بـ "الجوعان"، ما أدى إلى استنفار ومشاجرات وتوصيفات نابية على وسائل التواصل الاجتماعي.

ومع أن وصف الريف بالجوعان توصيف غير معرفي وغير أخلاقي (الريف في سورية أغنى من المدن كما قال الصحفي مازن علي)، إلا أنه فتح إشكالية حقيقية، وهي دور الريف في عسكرة الثورة.

وعلى الرغم من أهمية الإشكالية المطروحة، وضرورة البحث فيها، ترك جمهور الثورة على وسائل التواصل الاجتماعي هذه الإشكالية والتفتوا إلى إبراز العلو الاجتماعي والأدوار التاريخية السابقة للمدينة.

أيضا ما جرى مؤخر من سجالات تدعو للأسى على إثر استشهاد المناضل الفلسطيني إسماعيل هنية: البعض تشفى بموته، ومنهم صحفيين وفنانين ومبدعين، الأمر الذي يطرح سؤالا مركزيا حول مستوى وعي هؤلاء، وكيف لا يقومون بمراجعات عقلية لكتاباتهم.

والأمثلة كثيرة لدرجة يصعب حصرها، وهي إن تدل فإنها تدل على خلل في التركيبة الشخصية للإنسان السوري، لقد حل الحقد والحسد والضغينة وكره الآخر محل الكلام الموضوعي العقلاني، وقد قالت العرب قديما يُعرف الرجال بالحق ولا يعرق الحق بالرجال.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه رأي الثورة كتابه سوريا كتاب ثورة رأي جدل مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة رياضة تكنولوجيا مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة على وسائل التواصل الاجتماعی الحرب الأهلیة

إقرأ أيضاً:

عاطف نجيب مقتلع أظافر أطفال درعا وسبب الثورة السورية

عاطف نجيب عميد في الأمن السوري على عهد الرئيس المخلوع بشار الأسد، وهو ابن خالته. ولد عام 1960 وتولى عدة مناصب أمنية في ظل النظام السابق، أبرزها رئيس فرع الأمن السياسي في محافظة درعا جنوب سوريا.

اشتهر باعتقاله 15 طفلا في مدينة درعا في مارس/آذار 2011 وتعذيبهم بسبب كتابة بعضهم شعارات على جدران مدرسة ينتقدون فيها النظام السوري، ولما طالبه أهلهم بالإفراج عنهم رد عليهم ردا مهينا، مما أشعل فتيل الثورة ضد حكم الأسد.

أعلنت الإدارة السورية الجديدة، التي تولت حكم البلاد بعد سقوط نظام بشار الأسد، أن قوات الأمن في اللاذقية ألقت القبض على نجيب يوم 31 يناير/كانون الثاني 2025، بعد أن كان متخفيا في ريف المدينة.

المولد والنشأة

وُلد عاطف نجيب عام 1960 في مدينة جبلة الساحلية في محافظة اللاذقية على شاطئ البحر الأبيض المتوسط شمال غرب سوريا، وفيها درس المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية.

تخرّج في الكلية الحربية في حمص، التي تلقب بـ"أم الكليات العسكرية في سوريا"، وحصل منها على رتبة ملازم، ثم التحق بجهاز المخابرات، وشغل مناصب أمنية عدة، أبرزها رئاسة فرع الأمن السياسي في درعا.

عاطف نجيب هو ابن خالة بشار الأسد، فوالدته فاطمة مخلوف هي شقيقة أنيسة مخلوف والدة الرئيس السوري المخلوع.

المناصب والمسؤوليات

هو أحد أبرز رموز النظام السوري المخلوع، وشغل فيه مناصب أمنية عدة أبرزها:

رئيس فرع الأمن السياسي في درعا من 2008 حتى عام 2011. رئيس فرع الفيحاء للأمن السياسي في العاصمة دمشق. رئيس قسم التحقيق والدوريات في دمشق. رئيس فرع الأمن في منطقة الشيخ محيي الدين بدمشق. نائب رئيس قسم أمن الشرطة ثم نائب رئيس قسم قطاعات المحافظات في أمن دمشق. إعلان شرارة الثورة السورية

يتهم قادة الثورة السورية عاطف نجيب بأنه كان مسؤولا عن اعتقال 15 طفلا كتب بعضهم شعارات مناهضة للنظام على جدران مدرستهم في مدينة درعا في مارس/آذار 2011.

ومن تلك الشعارات "إجاك الدور يا دكتور" و"حرية" و"يسقط النظام"، وجاءت بعد اندلاع سلسلة من المظاهرات والثورات التي أطاحت بعدة أنظمة في العالم العربي مثل نظام الرئيس التونسي الراحل زين العابدين بن علي، ونظام الرئيس المصري الراحل محمد حسني مبارك، ونظام العقيد الليبي الراحل معمر القذافي، ونظام الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح.

واعتُقل أولئك الأطفال في فرع الأمن السياسي بدرعا 45 يوما، تعرضوا أثناءها لأنواع شتى من التعذيب مثل الضرب والصعق بالكهرباء والتعليق على الجدران، بل ويقول الثوار السوريون إن التعذيب بلغ حد قلع أظافر الأطفال.

وعندما توجه وجهاء درعا وأهل الأطفال إلى مكتب عاطف نجيب للمطالبة بالإفراج عنهم، واجههم برد مذل ومهين، ورفض تسليمهم أطفالهم، وهددهم، مما أشعل فتيل الثورة السورية في منتصف مارس/آذار 2011.

يتهمه خصومه بأنه متورط في قضايا فساد، منها الاتجار غير المشروع في استيراد وتصدير السيارات، وتهريب السلع من لبنان، واستغلال نفوذه في ابتزاز التجار ورجال الأعمال.

ويقول منتقدو عاطف نجيب إنه كان يتنقل دوما في موكب شديد الحراسة، وكان يطلب طعامه من دمشق خوفا من الاغتيال.

وعلى الرغم من أن بشار الأسد أمر بفتح تحقيق في الاتهامات الموجهة إلى ابن خالته، إلا أنها لم تسفر عن شيء، باستثناء إعفائه من منصبه وتكليفه بمنصب آخر، إذن تم نقله إلى فرع الأمن السياسي في إدلب "لاحتواء غضب الشارع السوري"، حسب قول معارضيه.

وضع عاطف نجيب على قائمة العقوبات الأميركية في 29 أبريل/نيسان 2011، وعلى قائمة العقوبات الأوروبية في 9 مايو/أيار 2011، بتهمة التورط في جرائم ضدّ المدنيين في سوريا.

إعلان

الاعتقال

بعد الإطاحة بنظام الأسد في بداية ديسمبر/كانون الأول 2024، أطلقت السلطات السورية الجديدة حملة للقبض على رموزه ورجاله، وفي يوم 31 يناير/كانون الثاني أعلنت سلطات الأمن في محافظة اللاذقية عن اعتقال عاطف نجيب.

وقال مدير مديرية الأمن العام في محافظة اللاذقية المقدم مصطفى كنيفاتي إنه تم اعتقال نجيب و"تحويله للجهات المعنية ليصار إلى محاكمته ومحاسبته على الجرائم التي ارتكبها بحق الشعب السوري".

وأضاف المصدر نفسه أن عاطف نجيب كان مختبئا في ريف اللاذقية.

مقالات مشابهة

  • التضامن الاجتماعي تنتهي من الاختبارات التحريرية لمشرفي حج الجمعيات الأهلية لعام 1446هـ - 2025م
  • عاطف نجيب.. مقتلع أظافر أطفال درعا وشرارة الثورة السورية
  • عاطف نجيب مقتلع أظافر أطفال درعا وسبب الثورة السورية
  • اعتقال عاطف نجيب ابن خالة الأسد.. تسبب بانفجار الثورة السورية
  • NYT: لماذا تخشى مصر من انتشار عدوى الثورة السورية؟
  • ابن خالة الأسد.. اعتقال المتسبب باندلاع شرارة الثورة السورية
  • خطاب السيد رئيس الجمهورية العربية السورية السيد أحمد الشرع للشعب السوري
  • أمانة العاصمة.. مسير وتدريب قتالي لخريجي طوفان الأقصى من طلاب الجامعات الأهلية بمديرية الثورة
  • مسير وتدريب قتالي لخريجي دورات التعبئة من طلاب الجامعات الأهلية في مديرية الثورة بالأمانة 
  • 5 أولويات للمرحلة المقبلة حددها الرئيس السوري الجديد