الحرب التي لم تردها إسرائيل والكارثة التي لن تستطيع اجتنابها.. قراءة في كتاب
تاريخ النشر: 24th, August 2024 GMT
في عام 2015، وفي تقييميه لحرب الجرف الصامد 2014، أصدر مركز القدس للشؤون العامة JCPA كتابا مهما عنوانه "الحرب التي لم تكن تريدها إسرائيل والكارثة التي اجتنبتها"، والذي حوى مقالات لتقييم الحرب وتحذير إسرائيل من كارثة مقبلة ظهرت نذرها في الجرف الصامد. ومن العجيب، أن كلا من التقييم والتحذير قد تضمنا السيناريوهات والمآلات المختلفة لحرب قادمة تبدأ بغزو آلاف المقاتلين الفلسطينيين عبر الأنفاق وفوق الأرض، ويكون نتيجتها وقوع كارثة وخطر وجودي كبير على إسرائيل.
وبمناسبة مرور 10 سنوات على حرب الجرف الصامد التي اندلعت في 8 يوليو تموز 2014، فإننا نقدم موجزا لأهم ما جاء في الكتاب "الحرب التي لم تكن تريدها إسرائيل والكارثة التي اجتنبتها"، والذي أشرف على تحريره السفير دوري جولد مدير المركز القدس للشئون العامة، والباحث هيرش جودمان مؤسس برنامج الاستراتيجية الإعلامية بمعهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب، وزميل استراتيجي بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى. وشارك في تأليفه مجموعة من الدبلوماسيين والعسكريين، منهم: آلان بيكر أحد من شاركوا في صياغة اتفاقيات أوسلو وكامب ديفيد ووادي عربة، وجوناثان هاليفي مستشار سابق بوزارة الخارجية الإسرائيلية، والسفير دانيال روبنشتاين الذي أدار مكتب الشئون الفلسطينية والإسرائيلية بوزارة الخارجية الأمريكية.
حرب لم تكن تريدها إسرائيل
قال الكتاب: كانت حرب الجرف الصامد حربا لا تريدها إسرائيل؛ إلا أنه سبقها هجوم فلسطيني داخل إسرائيل، وذلك من خلال شبكة من الأنفاق المتطورة التي بُنيت في عمق الحدود، وتهدف إلى تدفق مئات المقاتلين، إن لم يكن الآلاف في هدوء الليل، وكثير منهم في مهام انتحارية، إلى وجهات يمكنهم فيها قتل أكبر عدد ممكن من الأفراد وترك إسرائيل مدمرة كما لم يحدث من قبل. لذا، كانت إسرائيل تفضل تجنبها.
وعند نشوبها، فعلت كل ما في وسعها للحد منها، ودعمت الجهود الدولية لإنهائها، حتى على حساب ترك البنية التحتية العسكرية لحماس بأكملها في غزة سليمة. فقد كانت تدرك تماما تعقيدات الذهاب إلى المعركة: الكثافة السكانية العالية في غزة، والقضايا القانونية المعقدة، ودعاوى حقوق الإنسان المرتبطة بأي حرب واسعة النطاق في القطاع. لذا، كانت تعقيداتها رادعة لأذهان صانعي السياسة في إسرائيل. وأجمع رؤساء الأجهزة الأمنيةعلى أنه ينبغي احتواء التهديد الصاروخي القادم من غزة و"إدارته" بدلا من التعامل معه بشكل هجومي على نطاق واسع.
كارثة تم تجنبها
كانت حرب الجرف الصامد حدثا مؤثرا بالنسبة لإسرائيل، ولحظة تم فيها تجنب كارثة محتملة كنتيجة غير مباشرة لحرب لم تكن إسرائيل تريدها، وحاولت احتواءها والحد من وقوعها. فلقد بنت حماس بشكل منهجي شبكة متطورة من الأنفاق من شأنها أن تمكن مقاتليها من التسلل إلى إسرائيل وتنفيذ هجمات وعمليات اختطاف على نطاق غير مسبوق. وقد كشفت الجرف الصامد عن شبكة الأنفاق واستهدفتها، ومنعت هجوما مفاجئا مدمرا على جبهة واسعة خلف الخطوط الأمامية لإسرائيل.
كانت حرب الجرف الصامد حدثا مؤثرا بالنسبة لإسرائيل، ولحظة تم فيها تجنب كارثة محتملة كنتيجة غير مباشرة لحرب لم تكن إسرائيل تريدها، وحاولت احتواءها والحد من وقوعها. فلقد بنت حماس بشكل منهجي شبكة متطورة من الأنفاق من شأنها أن تمكن مقاتليها من التسلل إلى إسرائيل وتنفيذ هجمات وعمليات اختطاف على نطاق غير مسبوق.
ما تم اكتشافه خلال هذه الحرب من أنفاق كان شيئا مختلفا تماما عما كان موجودا من قبل، فهي شبكة ذات فروع ومخارج متعددة في مراحل مختلفة من البناء، وكثير منها مقدر له أن يذهب إلى عمق إلى إسرائيل، مع القدرة على تسهيل مرور المئات، إن لم يكن آلاف المسلحين إلى قلبها. ومن المحتمل أن يتعزز هذا الهجوم المخطط له بإطلاق آلاف الصواريخ وهجمات من الضفادع البشرية.
وقد اعتمدت حماس على الأنفاق لتخزين وإطلاق الصواريخ، والهروب بعد إطلاق النار، أو إعادة تحميل قاذفات الصواريخ .وقد أُطلقت هذه الصواريخ على أهداف استراتيجية رئيسية داخل إسرائيل: الموانئ، المجمعات الصناعية، محطات الطاقة والمياه، القواعد العسكرية، ومطار بن جوريون الدولي.
حلقة حاسمة في الكفاح الفلسطيني
اعتبرت حماس حرب 2014، حلقة حاسمة في سلسلة الجهاد والكفاح المسلح، الذي هدفه على المدى الطويل تحرير كل فلسطين. لذا، كانت الأهداف الاستراتيجية لحماس في هذه الحرب هي: زعزعة مفهوم الأمن الإسرائيلي بشكل أساسي من خلال شن هجمات في عمق الأراضي الإسرائيلية، وفرض شروطها لوقف إطلاق النار، وخلق توازن رعب وقدرة ردع لمنع القيادة العسكرية الإسرائيلية من القيام بعملية برية في غزة. وتفسر هذه الاستراتيجية أهمية مشروع الأنفاق. وركزت حماس أيضاء على بناء قوتها العسكرية، والحصول على الأسلحة والقدرات لإلحاق أكبر عدد من الخسائر بالجيش الإسرائيلي، واختطاف إسرائيليين أحياء أو أموات كأوراق مساومة لإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين الذين يقضون عقوبات بالسجن في إسرائيل.
لم يستطع الجمهور الإسرائيلي أن يتعايش مع فكرة أن حماس يمكن أن تخرج من تحت منازلهم في أي وقت. وفي أحد الأنفاق، عثر الجيش على دراجات نارية كان يمكن لحماس أن تستخدمها في شن هجمات واسعة النطاق في عمق إسرائيل، والعودة بسرعة مع رهائن.
"الآن نغزوهم ولا يغزونا"
يذكر الكتاب أن القيادي الحمساوي محمود الزهار، في احتفالية بمناسبة مرور عام على حرب عامود السحاب 2012، كشف عن إحدى العقائد القتالية لحماس: "الآن نغزوهم ولا يغزونا". وتعني كلماته أن حماس انتقلت من الدفاع إلى الهجوم، وأنها تخطط لشن عمليات داخل إسرائيل؛ وليس الاكتفاء بالقتال داخل غزة، أو إطلاق الصواريخ منها على أهداف داخل إسرائيل. وقال رائد سعد، قائد كتائب حماس في مدينة غزة: لا تمر لحظة لا تقوم فيها كتائب القسام بالتحضير والتدريب والتصنيع والتطوير والبناء والحفر والتجهيز لمواجهة العدو. وحذر من أن ضبط النفس بشأن الحصار لن يستمر طويلا.
إن أفضل تفسير لما تريده حماس من حفر شبكة الأنفاق هو قول يحيى السنوار عند اكتشاف إسرائيل لنفق مستوطنة هاشلوشا في تشرين الأول اكتوبر 2012: "اليوم، نحن الذين نغزو الإسرائيليين؛ لا هم".
استراتيجية حماس
وفق تصريحات خالد مشغل، فإن استراتيجية حماس ترتكز على عنصرين رئيسيين متكاملين: العسكري والسياسي، ومن خلالهما يمكن:
ـ التغلب على التفوق العسكري عبر تحقيق مزايا عسكرية تكتيكية تستغل نقاط ضعف إسرائيل.
ـ الحد من الخيارات العسكرية الإسرائيلية باستخدام الأدوات السياسية والقانونية بمساعدة المنظمات اليسارية والحقوقية الغربية.
ـ القيام بحملة سياسية لاستعادة الحقوق الفلسطينية، والتي تتطلب أوراقا قوية على الأرض، وصفوفا فلسطينية موحدة، وإدارة سليمة.
حرب المدن وعامل المفاجأة
تستخدم حماس حرب المدن لتعطيل الجيش الإسرائيلي في منطقة مأهولة، وإلحاق إصابات عديدة به من خلال المباني المفخخة، والقناصة، والهجمات الانتحارية، والأجهزة المتفجرة، والنار عالية المسار. وتستند حماس أيضا على "عامل المفاجأة". لذا، فوجئت إسرائيل بمدى صواريخها، وبالهجمات التي شنتها على تجمعات الجيش الإسرائيلي على طول حدود غزة، وتعتبر حماس أن التنسيق مع جميع المنظمات القتالية في غزة، من خلال غرفة عمليات مشتركة، يعد عاملا مضاعفا للقوة. كما أنشأت حماس جيشا في يعتمد على المشاة،وقوات النخبة، ووحدات إطلاق الصواريخ، ووحدة صغيرة لتشغيل الطائرات بدون طيار، وقوة مظليين لتكرار التسلل عبر الطيران الشراعي.
"هجوم كبير يجري الإعداد له"
في استشراف للمستقبل، وفي تحذير من حرب مباغتة واسعة النطاق تشنها حماس، تحدث الكتاب عن خطورة نشوب حرب مستقبلية واسعة النطاق، وينقل أقوالا لحماس وللإسرائيليين أنفسهم:
ـ خالد مشعل: "في ضوء ميزان القوى الذي تحول نحو إسرائيل، علينا أن نكون مبدعين في إيجاد طرق مبتكرة. لذا، كانت الأنفاق إحدى ابتكاراتنا، فالحاجة أم الاختراع".
ـ اسماعيل هنية: "هناك آلاف من المقاتلين فوق الأرض، وآلاف تحتها، يستعدون في صمت لحملة تحرير فلسطين".
ـ أحد المتحدثين باسم حماس، وبعد وقت قصير من الجرف الصامد، قال: "سيبدأ رجالنا المعركة التالية بأقدامهم على الأرض في مستوطنة ناحال عوز ... والمستوطنات الأخرى حول غزة".
ـ بيني جانتس: "إن الحرب القادمة يمكن أن تبدأ بالتسلل عبر نفق والهجوم على بلدة حدودية إسرائيلية".
ـ ضابط مهندس في الجيش الإسرائيلي: "حُفرت أنفاق واسعة عميقة، وتم تعزيز جوانبها بطبقات من الخرسانة، مع أنظمة اتصالات داخلية، ويمكن المشي فيها منتصبا دون أي صعوبة. لقد فهمنا أن الأمر لم يعد يتعلق بتهديد تكتيكي لقوات الجيش على طول السياج؛ بل هي جزء من شيء أكبر وأكثر خطورة. من الممكن أن تتصور هجوما مفاجئا مخططا له في عمق أراضينا: ثلاثمائة متر أو أكثر".
ـ السفير دوري جولد: "قدمت الأنفاق بعدا جديدا تماما للصراع بالكاد استوعبه محللو حرب غزة. هل استثمرت حماس ملايين الدولارات في نظام الأنفاق حتى تتمكن فرقة من ثلاثة أو خمسة من عناصرها من الوقوف خلف الخطوط الإسرائيلية؟ أم أن شيئا أكثر شؤما بكثير يجري على قدم وساق، يشمل المئات، إن لم يكن الآلاف، من نشطاء حماس يتسللون إلى إسرائيل؟!"
لا يمكن استبعاد احتمال أن حماس قادرة على استخدام شبكة الأنفاق لإرسال مئات الرجال عبر كل نفق، وبالتالي خلق قوة غزو من الآلاف يمكنها التسلل إلى إسرائيل، ويتوقف فقط عدد هذه القوات على مقدار الوقت الذي يستغرقه الجيش الإسرائيلي لاكتشافها والرد عليها.
تقييمات إسرائيلية أخرى مهمة لحرب الجرف الصامد
لم يكن باحثو مركز القدس للشئون العامة هم من أدركوا ما تعد له حماس. ونذكر هنا بعض ما كتبه قادة عسكريون سابقون عن تقييمهم لحرب2014. وهي تقييمات كأنها تتحدث عما جرى فيما بعد في حرب طوفان الأقصى:
1 ـ حرب استثنائية بشكل كبير:
في مقال للمستشار السابق للأمن القومي الجنرال يعقوب عميدرور، على موقع مركز بيجين السادات، عنوانه: "فلتقاتل: إنها ليست الحرب الأخيرة"، في 20 أكتوبر تشرين الأول 2014، قال فيه: "إنها حرب استثنائية من نواح كثيرة". أما لماذا هي استثنائية؟، فيقول:
ـ "كان القتال ضد حماس، عدو صغير ، وتم شنه بالكامل داخل حدود مساحة صغيرة مزدحمة. وقد شعرت حماس بالعزلة الدبلوماسية، ولم تتلق أي مساعدة من أي شخص أثناء القتال.
اعتبرت حماس حرب 2014، حلقة حاسمة في سلسلة الجهاد والكفاح المسلح، الذي هدفه على المدى الطويل تحرير كل فلسطين. لذا، كانت الأهداف الاستراتيجية لحماس في هذه الحرب هي: زعزعة مفهوم الأمن الإسرائيلي بشكل أساسي من خلال شن هجمات في عمق الأراضي الإسرائيلية، وفرض شروطها لوقف إطلاق النار، وخلق توازن رعب وقدرة ردع لمنع القيادة العسكرية الإسرائيلية من القيام بعملية برية في غزة.ـ أطلقت إسرائيل العنان لقواتها الجوية - الرابعة في العالم - على هذه الرقعة الضيقة من الأرض.
ـ كان من المستحيل مفاجأة مقاتلي حماس، الذين كانوا يعملون في مجموعات صغيرة تعرف بالضبط أين ومتى ينتظرون القوات الإسرائيلية في معركة مريرة ومؤلمة على كافة المستويات.
ـ كانت الأنفاق والازدحام العمراني والسكاني لغزة من أكبر التحديات من الناحية التكتيكية، ووضعت قوات الجيش في خطر شديد وجعلت من الصعب على القادة مراقبة قواتهم".
2 ـ حماس وتوظيف الوقت لصالحها رغم الصعوبات الدولية والإقليمية:
في 27 سبتمبر 2018، وعلى موقع مركز بيجين السادات للدراسات الاستراتيجية، كتب البروفسيور هيلل فريش مقالا عنوانه: "ما هي الاستراتيجية الصحيحة مع حماس: تقديم تنازلات أم قتال؟"، جاء فيه: "أثبتت حماس أنها عدو مبتكر قد يأتي بمزيد من المفاجآت في الجولة المقبلة. وكلما طالت فترة الراحة، كلما زاد احتمال قيامها بذلك. إن الخيار الأفضل لإسرائيل هو إطالة أمد المفاوضات لأطول فترة ممكنة، والتنازل بأقل قدر ممكن، والانتظار حتى تدخل العقوبات ضد إيران حيز التنفيذ الكامل، ثم الاستعداد للجولة الكبيرة التالية".
3 ـ التداعيات الاستراتيجية لعملية الجرف الصامد:
في 22 يوليو تموز 2014، أي بعد أسبوعين فقط من بدء حرب الجرف الصامد، نشر مركز بيجين السادات للدراسات الاستراتيجية تقييما مهما عنوانه "التداعيات الاستراتيجية لعملية الجرف الصامد" للبروفيسور شموئيل ساندلر الخبير في السياسة الخارجية والأمن القومي، جاء فيه: "سيكون لحرب الجرف الصامد آثار استراتيجية واسعة تتجاوز بكثير النتائج المباشرة في ساحة المعركة. وينبغي إضعاف حماس وتحييدها؛ لكن اقتلاعها بالكامل سيكون له آثار استراتيجية فوضوية، إذ لا يمكن تحقيق هذه النتيجة إلا بغزو عسكري شامل لقطاع غزة، والذي سيكون مكلفا للغاية بالنسبة لإسرائيل بشريا وعسكريا، وله آثار سلبية على مكانتها الدبلوماسية الدولية. كما أن السيطرة العسكرية على غزة ستكون مرهقة لإسرائيل. وعلى الرغم من الخصائص الفريدة للشرق الأوسط، فلا تزال المنطقة عرضة لتقلبات سياسية وظهور العديد من التحالفات الجديدة: كالتعاون الإسرائيلي المصر، ووجود شريك أخر محتمل هو المملكة العربية السعودية".
4 ـ تقييم أداء الجيش والحكومة:
في 8 مارس آذار 2017، نشر مركز بيجين السادات مقالا للجنرال عميدرور عنوانه: "نبادل الأفكار لا الانتقادات اللاذعة"، وذلك تعليقا على تقرير مراقب الدولة عن الحرب، قال فيه:
ـ "توضح الإخفاقات أنه يجب على الجيش البقاء بعيدا عن السياسة، ويجب على مجلس الوزراء الامتناع عن التخطيط التكتيكي.
ـ لدى قليل من الوزراء معرفة أو تدريب في قضايا الأمن القومي.
ـ إذا لم يتمكن المجلس الأمني من الحفاظ على سرية جلساته، فلن يعمل بشكل صحيح.
ـ رغم امتلاك الجيش جميع المعلومات اللازمة، فقد فشل في وضع خطة عملياتية مناسبة لمواجهة التهديد الذي تشكله شبكة أنفاق حماس. وكان ذلك فشلا جوهريا.
ـ يجب على الجيش التركيز على القضايا التكتيكية والعملياتية؛ أماالمساهمة الرئيسية لمجلس الوزراء فهي على المستوى الاستراتيجي".
5 ـ الخذلان والتآمر العربي:
شهدت حرب 2014 خذلانا عربيا، وتآمرا على حماس، ففي الكتاب الذي أصدره معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي INSS في نوفمبر تشرين الثاني 2014، وعنوانه "دروس عملية الجرف الصامد" ، قال عاموس يادلين الرئيس الأسبق للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية: "لم يسبق لإسرائيل في حملاتها أن دولا أخرى في المنطقة،,ولا سيما مصر، اتفقت معها في: عملياتها ضد حماس، وأنه ينبغي توجيه ضربة قاسية لها، وقدمت لها دعما علنيا وعبر قنوات سرية".
الخلاصة
من أراد أن يقرأ الحاضر ويتوقع المستقبل، فعليه أن يقرأ التاريخ. وفي هذا الإطار تقدم خاتمة كتاب معهد دراسات الأمن القومي "دروس عملية الجرف الصامد" موجزا مهما: "عند انتهاء عملية الجرف الصامد، كان الإنجاز الرئيسي لإسرائيل طبقا لنتنياهو رئيس الوزراء هو وقف إطلاق النار دون مكاسب لحماس. وفي المقابل، تمتلك حماس رواية انتصار تستند إلى نجاحها في مواجهة أقوى جيش في الشرق الأوسط، وإطلاقها الصواريخ على معظم إسرائيل، ودفعها الجيش إلى التراجع إلى الحدود، وإلحاقها الضرر بالاقتصاد الإسرائيلي، وإفراغها المجتمعات القريبة من غزة من سكانها، وقد أثبتت للشعب الفلسطيني أن المقاومة لم تُهزم، وأنها احتفظت بسلاحها، وأن مسارها أفضل من المسار السياسي لحركة فتح".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير كتب الفلسطينيين الكتاب عرضة احتلال فلسطين كتاب عرض كتب كتب كتب كتب كتب كتب أفكار أفكار أفكار سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العسکریة الإسرائیلیة الجیش الإسرائیلی تریدها إسرائیل واسعة النطاق داخل إسرائیل الأمن القومی إطلاق النار إلى إسرائیل من خلال فی غزة لم تکن لم یکن فی عمق
إقرأ أيضاً:
سخرية وحزن في إسرائيل من وعد نتنياهو بالنصر المطلق في غزة
القدس المحتلةـ غابت "نشوة" النصر المطلق المزعوم، الذي وعد به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو طوال فترة الحرب على قطاع غزة، وتصدرت مشاهد الغضب والحزن لدى الإسرائيليين، وذلك مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، وهو ما يؤكد الإجماع الإسرائيلي على الفشل في تحقيق أهداف الحرب المعلنة.
وتجلى هذا الإجماع في حجم الخسائر التي تكبدها جيش الاحتلال في شمال القطاع، وهو ما يؤكد أن فصائل المقاومة ما زالت تتمتع بمزايا عسكرية ولديها قدرات وترسانة لخوض مواجهة مستقبلية مع إسرائيل، ويعكس فشل تل أبيب في القضاء على مقدرات حركة المقاومة الإسلامية (حماس) العسكرية، وكذلك المقدرات السلطوية للحركة في الحكم بغزة.
واستند هذا الإجماع إلى الاعتراف الإسرائيلي بأنه في مناطق شمال القطاع كافة، حيث كانت القوات الإسرائيلية تخوض المعارك مع المقاومة، وتروج القيادات العسكرية أنها نجحت في القضاء على مقاتلي حماس، وكانت قوات حماس تعود للمناطق التي ينسحب منها جيش الاحتلال.
وتتوافق قراءات المحللين والباحثين فيما بينها على أن الإخفاق في تحقيق أهداف الحرب يعكس الفشل السياسي للحكومة، وكذلك الإخفاق العسكري للجيش، وهو الفشل الذي يفتح الباب لمراجعات، وسط وجهات نظر نقدية تسلط الضوء على مسألة الإخفاق العسكري في الحرب والسخرية مما أطلقه نتنياهو "النصر المطلق"، الذي اعتبرته بعض القراءات والتقديرات بـ"الهزيمة".
جيش الاحتلال أخفق في السيطرة على شمال غزة (الجزيرة) خسائر فادحةوقال الباحث بالشأن الإسرائيلي، أنطوان شلحت، إن إسرائيل لم تحقق أيا من الأهداف المعلنة للحرب، وذلك على الرغم من الثمن الباهظ الذي دفعه الشعب الفلسطيني وفصائل المقاومة في قطاع غزة.
إعلانواستعرض شلحت -في حديث للجزيرة نت- طبيعة الخسائر للأهداف المعلنة، ولعل أبرزها إطلاق سراح "الرهائن" الذي لم يكن ذات أولوية بالمرحلة الأولى، وتحول إلى سلم الأولويات بإنجازه من خلال الترويج لمزيد من الضغط العسكري لتحقيقه، لكن في نهاية المطاف لم يتحرر أحد من "المختطفين" إلا من خلال اتفاق وقف إطلاق النار وصفقة التبادل.
ولفت الباحث بالشأن الإسرائيلي إلى أن الهدف الأبرز الذي روجت له إسرائيل، طوال فترة الحرب، هو القضاء على حركة حماس عسكريا وسياسيا، قائلا إنه "لربما دمرت إسرائيل جزءا من ترسانة المقاومة، لكنها فشلت في القضاء على مقدراتها العسكرية، خاصة أن مقاتلي حماس وقبيل أسابيع من الاتفاق كبّدوا الجيش الإسرائيلي خسائر فادحة بالقوات والمعدات".
جيش الاحتلال لم يستطع القضاء على المقاومة (الجزيرة) غياب الحسمويوضح شلحت أن جيش الاحتلال أخفق أيضا في تحقيق الهدف الأساس بألا يشكل قطاع غزة تهديدا أمنيا لإسرائيل في اليوم التالي للحرب، الأمر الذي يشير إلى أنه لا يوجد لتل أبيب أي خطة بعد انتهاء الحرب.
ولفت إلى أن ما تطرحه إسرائيل بهذا الصدد يتلخص في عدم الموافقة على أن تكون حماس جزءا من السلطة في القطاع، وهو الطرح الذي يتعارض مع الخطط الإقليمية والدولية كافة، التي ترى حماس جزءا لا يتجزأ من إدارة السلطة والحكم في غزة في اليوم التالي للحرب.
صالح لطفي: المقاومة بقيت صامدة في غزة وحظيت بحاضنة شعبية غير مسبوقة (الجزيرة) المظلومية التاريخيةويرى المحلل السياسي والباحث بالمجتمع الإسرائيلي صالح لطفي أن الإجماع بتل أبيب بعدم تحقيق أهداف الحرب هو نتائج للتركيبة المجتمعية والسياسية والحزبية والدينية في إسرائيل، وهي التركيبة التي أخذت تتبلور بعد الانتفاضة الثانية، إذ كانت بوصلة المجتمع الإسرائيلي بجميع مكوناته التوجه نحو اليمين والفاشية.
إعلانوعزا لطفي -في حديث للجزيرة نت- الإجماع على عدم تحقيق أهداف الحرب إلى 3 معضلات يعاني منها المجتمع الإسرائيلي، وهي الشك والريبة والهواجس، وكذلك الموروث التاريخي ما قبل قيام إسرائيل، والمتلخص في ظاهرة المظلومية التي ترافقهم في ضوء ما حدث معهم في أوروبا، إضافة للمعضلة الثالثة وهي نكبة الشعب الفلسطيني التي ما زالت تلاحقهم.
ويعتقد الباحث بالمجتمع الإسرائيلي أن معركة طوفان الأقصى كسرت المظلومية التاريخية على مستوى الشعوب والأنظمة على مستوى العالم، إذ بقيت مجموعات صغيرة بالمجتمع الغربي يسيطر عليها اللوبي الصهيوني ما زالت تتبنى جوهر المظلومية التاريخية للإسرائيليين.
نشاط قوات من لواء "الناحال" في بيت حانون بقطاع غزة (الجزيرة) حالة وجوديةوتعليقا على معاني ودلالات الإجماع الإسرائيلي بعدم تحقيق أهداف الحرب، أوضح لطفي أن ذلك يعود بالأساس إلى حالة الريبة وفقدان المظلومية لدى الإسرائيليين، الذين باتوا يتساءلون "ماذا بعد؟"، وهو السؤال الذي يعكس الحالة الوجودية، وذلك خلافا للفلسطينيين في قطاع غزة الذين فقدوا كل شيء، لكنهم يصرون على العودة لأرضهم ومنازلهم المدمرة، وهي مشاهد ترهب المجتمع الإسرائيلي.
ويعتقد أن هذه المشاهد والمشاعر، التي تحمل في طياتها وجوهرها أبعادا أخلاقية ووجودية، تدلل على تشكل أول حالة انكسار بالمجتمع الإسرائيلي الذي ما عاد قويا، وما عاد قادرا على تحمل مزيد من تداعيات الصراع، كما يظهر أن الحكومة الإسرائيلية ما عادت قوية، إذ أثبتت الأحداث أن إسرائيل تعتمد على الدعم الأميركي والغربي.
وفي قراءة لخسائر إسرائيل من توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، يشير لطفي إلى أن حكومة نتنياهو قبلت اليوم ما رفضته في خطة الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن، في مايو/أيار 2024، إذ كانت راهنت على عامل الوقت من أجل القضاء على المقاومة الفلسطينية وكسر شوكتها، لكن المقاومة بقيت صامدة في غزة وحظيت بحاضنة شعبية غير مسبوقة.
إعلان