الحرب التي لم تردها إسرائيل والكارثة التي لن تستطيع اجتنابها.. قراءة في كتاب
تاريخ النشر: 24th, August 2024 GMT
في عام 2015، وفي تقييميه لحرب الجرف الصامد 2014، أصدر مركز القدس للشؤون العامة JCPA كتابا مهما عنوانه "الحرب التي لم تكن تريدها إسرائيل والكارثة التي اجتنبتها"، والذي حوى مقالات لتقييم الحرب وتحذير إسرائيل من كارثة مقبلة ظهرت نذرها في الجرف الصامد. ومن العجيب، أن كلا من التقييم والتحذير قد تضمنا السيناريوهات والمآلات المختلفة لحرب قادمة تبدأ بغزو آلاف المقاتلين الفلسطينيين عبر الأنفاق وفوق الأرض، ويكون نتيجتها وقوع كارثة وخطر وجودي كبير على إسرائيل.
وبمناسبة مرور 10 سنوات على حرب الجرف الصامد التي اندلعت في 8 يوليو تموز 2014، فإننا نقدم موجزا لأهم ما جاء في الكتاب "الحرب التي لم تكن تريدها إسرائيل والكارثة التي اجتنبتها"، والذي أشرف على تحريره السفير دوري جولد مدير المركز القدس للشئون العامة، والباحث هيرش جودمان مؤسس برنامج الاستراتيجية الإعلامية بمعهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب، وزميل استراتيجي بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى. وشارك في تأليفه مجموعة من الدبلوماسيين والعسكريين، منهم: آلان بيكر أحد من شاركوا في صياغة اتفاقيات أوسلو وكامب ديفيد ووادي عربة، وجوناثان هاليفي مستشار سابق بوزارة الخارجية الإسرائيلية، والسفير دانيال روبنشتاين الذي أدار مكتب الشئون الفلسطينية والإسرائيلية بوزارة الخارجية الأمريكية.
حرب لم تكن تريدها إسرائيل
قال الكتاب: كانت حرب الجرف الصامد حربا لا تريدها إسرائيل؛ إلا أنه سبقها هجوم فلسطيني داخل إسرائيل، وذلك من خلال شبكة من الأنفاق المتطورة التي بُنيت في عمق الحدود، وتهدف إلى تدفق مئات المقاتلين، إن لم يكن الآلاف في هدوء الليل، وكثير منهم في مهام انتحارية، إلى وجهات يمكنهم فيها قتل أكبر عدد ممكن من الأفراد وترك إسرائيل مدمرة كما لم يحدث من قبل. لذا، كانت إسرائيل تفضل تجنبها.
وعند نشوبها، فعلت كل ما في وسعها للحد منها، ودعمت الجهود الدولية لإنهائها، حتى على حساب ترك البنية التحتية العسكرية لحماس بأكملها في غزة سليمة. فقد كانت تدرك تماما تعقيدات الذهاب إلى المعركة: الكثافة السكانية العالية في غزة، والقضايا القانونية المعقدة، ودعاوى حقوق الإنسان المرتبطة بأي حرب واسعة النطاق في القطاع. لذا، كانت تعقيداتها رادعة لأذهان صانعي السياسة في إسرائيل. وأجمع رؤساء الأجهزة الأمنيةعلى أنه ينبغي احتواء التهديد الصاروخي القادم من غزة و"إدارته" بدلا من التعامل معه بشكل هجومي على نطاق واسع.
كارثة تم تجنبها
كانت حرب الجرف الصامد حدثا مؤثرا بالنسبة لإسرائيل، ولحظة تم فيها تجنب كارثة محتملة كنتيجة غير مباشرة لحرب لم تكن إسرائيل تريدها، وحاولت احتواءها والحد من وقوعها. فلقد بنت حماس بشكل منهجي شبكة متطورة من الأنفاق من شأنها أن تمكن مقاتليها من التسلل إلى إسرائيل وتنفيذ هجمات وعمليات اختطاف على نطاق غير مسبوق. وقد كشفت الجرف الصامد عن شبكة الأنفاق واستهدفتها، ومنعت هجوما مفاجئا مدمرا على جبهة واسعة خلف الخطوط الأمامية لإسرائيل.
كانت حرب الجرف الصامد حدثا مؤثرا بالنسبة لإسرائيل، ولحظة تم فيها تجنب كارثة محتملة كنتيجة غير مباشرة لحرب لم تكن إسرائيل تريدها، وحاولت احتواءها والحد من وقوعها. فلقد بنت حماس بشكل منهجي شبكة متطورة من الأنفاق من شأنها أن تمكن مقاتليها من التسلل إلى إسرائيل وتنفيذ هجمات وعمليات اختطاف على نطاق غير مسبوق.
ما تم اكتشافه خلال هذه الحرب من أنفاق كان شيئا مختلفا تماما عما كان موجودا من قبل، فهي شبكة ذات فروع ومخارج متعددة في مراحل مختلفة من البناء، وكثير منها مقدر له أن يذهب إلى عمق إلى إسرائيل، مع القدرة على تسهيل مرور المئات، إن لم يكن آلاف المسلحين إلى قلبها. ومن المحتمل أن يتعزز هذا الهجوم المخطط له بإطلاق آلاف الصواريخ وهجمات من الضفادع البشرية.
وقد اعتمدت حماس على الأنفاق لتخزين وإطلاق الصواريخ، والهروب بعد إطلاق النار، أو إعادة تحميل قاذفات الصواريخ .وقد أُطلقت هذه الصواريخ على أهداف استراتيجية رئيسية داخل إسرائيل: الموانئ، المجمعات الصناعية، محطات الطاقة والمياه، القواعد العسكرية، ومطار بن جوريون الدولي.
حلقة حاسمة في الكفاح الفلسطيني
اعتبرت حماس حرب 2014، حلقة حاسمة في سلسلة الجهاد والكفاح المسلح، الذي هدفه على المدى الطويل تحرير كل فلسطين. لذا، كانت الأهداف الاستراتيجية لحماس في هذه الحرب هي: زعزعة مفهوم الأمن الإسرائيلي بشكل أساسي من خلال شن هجمات في عمق الأراضي الإسرائيلية، وفرض شروطها لوقف إطلاق النار، وخلق توازن رعب وقدرة ردع لمنع القيادة العسكرية الإسرائيلية من القيام بعملية برية في غزة. وتفسر هذه الاستراتيجية أهمية مشروع الأنفاق. وركزت حماس أيضاء على بناء قوتها العسكرية، والحصول على الأسلحة والقدرات لإلحاق أكبر عدد من الخسائر بالجيش الإسرائيلي، واختطاف إسرائيليين أحياء أو أموات كأوراق مساومة لإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين الذين يقضون عقوبات بالسجن في إسرائيل.
لم يستطع الجمهور الإسرائيلي أن يتعايش مع فكرة أن حماس يمكن أن تخرج من تحت منازلهم في أي وقت. وفي أحد الأنفاق، عثر الجيش على دراجات نارية كان يمكن لحماس أن تستخدمها في شن هجمات واسعة النطاق في عمق إسرائيل، والعودة بسرعة مع رهائن.
"الآن نغزوهم ولا يغزونا"
يذكر الكتاب أن القيادي الحمساوي محمود الزهار، في احتفالية بمناسبة مرور عام على حرب عامود السحاب 2012، كشف عن إحدى العقائد القتالية لحماس: "الآن نغزوهم ولا يغزونا". وتعني كلماته أن حماس انتقلت من الدفاع إلى الهجوم، وأنها تخطط لشن عمليات داخل إسرائيل؛ وليس الاكتفاء بالقتال داخل غزة، أو إطلاق الصواريخ منها على أهداف داخل إسرائيل. وقال رائد سعد، قائد كتائب حماس في مدينة غزة: لا تمر لحظة لا تقوم فيها كتائب القسام بالتحضير والتدريب والتصنيع والتطوير والبناء والحفر والتجهيز لمواجهة العدو. وحذر من أن ضبط النفس بشأن الحصار لن يستمر طويلا.
إن أفضل تفسير لما تريده حماس من حفر شبكة الأنفاق هو قول يحيى السنوار عند اكتشاف إسرائيل لنفق مستوطنة هاشلوشا في تشرين الأول اكتوبر 2012: "اليوم، نحن الذين نغزو الإسرائيليين؛ لا هم".
استراتيجية حماس
وفق تصريحات خالد مشغل، فإن استراتيجية حماس ترتكز على عنصرين رئيسيين متكاملين: العسكري والسياسي، ومن خلالهما يمكن:
ـ التغلب على التفوق العسكري عبر تحقيق مزايا عسكرية تكتيكية تستغل نقاط ضعف إسرائيل.
ـ الحد من الخيارات العسكرية الإسرائيلية باستخدام الأدوات السياسية والقانونية بمساعدة المنظمات اليسارية والحقوقية الغربية.
ـ القيام بحملة سياسية لاستعادة الحقوق الفلسطينية، والتي تتطلب أوراقا قوية على الأرض، وصفوفا فلسطينية موحدة، وإدارة سليمة.
حرب المدن وعامل المفاجأة
تستخدم حماس حرب المدن لتعطيل الجيش الإسرائيلي في منطقة مأهولة، وإلحاق إصابات عديدة به من خلال المباني المفخخة، والقناصة، والهجمات الانتحارية، والأجهزة المتفجرة، والنار عالية المسار. وتستند حماس أيضا على "عامل المفاجأة". لذا، فوجئت إسرائيل بمدى صواريخها، وبالهجمات التي شنتها على تجمعات الجيش الإسرائيلي على طول حدود غزة، وتعتبر حماس أن التنسيق مع جميع المنظمات القتالية في غزة، من خلال غرفة عمليات مشتركة، يعد عاملا مضاعفا للقوة. كما أنشأت حماس جيشا في يعتمد على المشاة،وقوات النخبة، ووحدات إطلاق الصواريخ، ووحدة صغيرة لتشغيل الطائرات بدون طيار، وقوة مظليين لتكرار التسلل عبر الطيران الشراعي.
"هجوم كبير يجري الإعداد له"
في استشراف للمستقبل، وفي تحذير من حرب مباغتة واسعة النطاق تشنها حماس، تحدث الكتاب عن خطورة نشوب حرب مستقبلية واسعة النطاق، وينقل أقوالا لحماس وللإسرائيليين أنفسهم:
ـ خالد مشعل: "في ضوء ميزان القوى الذي تحول نحو إسرائيل، علينا أن نكون مبدعين في إيجاد طرق مبتكرة. لذا، كانت الأنفاق إحدى ابتكاراتنا، فالحاجة أم الاختراع".
ـ اسماعيل هنية: "هناك آلاف من المقاتلين فوق الأرض، وآلاف تحتها، يستعدون في صمت لحملة تحرير فلسطين".
ـ أحد المتحدثين باسم حماس، وبعد وقت قصير من الجرف الصامد، قال: "سيبدأ رجالنا المعركة التالية بأقدامهم على الأرض في مستوطنة ناحال عوز ... والمستوطنات الأخرى حول غزة".
ـ بيني جانتس: "إن الحرب القادمة يمكن أن تبدأ بالتسلل عبر نفق والهجوم على بلدة حدودية إسرائيلية".
ـ ضابط مهندس في الجيش الإسرائيلي: "حُفرت أنفاق واسعة عميقة، وتم تعزيز جوانبها بطبقات من الخرسانة، مع أنظمة اتصالات داخلية، ويمكن المشي فيها منتصبا دون أي صعوبة. لقد فهمنا أن الأمر لم يعد يتعلق بتهديد تكتيكي لقوات الجيش على طول السياج؛ بل هي جزء من شيء أكبر وأكثر خطورة. من الممكن أن تتصور هجوما مفاجئا مخططا له في عمق أراضينا: ثلاثمائة متر أو أكثر".
ـ السفير دوري جولد: "قدمت الأنفاق بعدا جديدا تماما للصراع بالكاد استوعبه محللو حرب غزة. هل استثمرت حماس ملايين الدولارات في نظام الأنفاق حتى تتمكن فرقة من ثلاثة أو خمسة من عناصرها من الوقوف خلف الخطوط الإسرائيلية؟ أم أن شيئا أكثر شؤما بكثير يجري على قدم وساق، يشمل المئات، إن لم يكن الآلاف، من نشطاء حماس يتسللون إلى إسرائيل؟!"
لا يمكن استبعاد احتمال أن حماس قادرة على استخدام شبكة الأنفاق لإرسال مئات الرجال عبر كل نفق، وبالتالي خلق قوة غزو من الآلاف يمكنها التسلل إلى إسرائيل، ويتوقف فقط عدد هذه القوات على مقدار الوقت الذي يستغرقه الجيش الإسرائيلي لاكتشافها والرد عليها.
تقييمات إسرائيلية أخرى مهمة لحرب الجرف الصامد
لم يكن باحثو مركز القدس للشئون العامة هم من أدركوا ما تعد له حماس. ونذكر هنا بعض ما كتبه قادة عسكريون سابقون عن تقييمهم لحرب2014. وهي تقييمات كأنها تتحدث عما جرى فيما بعد في حرب طوفان الأقصى:
1 ـ حرب استثنائية بشكل كبير:
في مقال للمستشار السابق للأمن القومي الجنرال يعقوب عميدرور، على موقع مركز بيجين السادات، عنوانه: "فلتقاتل: إنها ليست الحرب الأخيرة"، في 20 أكتوبر تشرين الأول 2014، قال فيه: "إنها حرب استثنائية من نواح كثيرة". أما لماذا هي استثنائية؟، فيقول:
ـ "كان القتال ضد حماس، عدو صغير ، وتم شنه بالكامل داخل حدود مساحة صغيرة مزدحمة. وقد شعرت حماس بالعزلة الدبلوماسية، ولم تتلق أي مساعدة من أي شخص أثناء القتال.
اعتبرت حماس حرب 2014، حلقة حاسمة في سلسلة الجهاد والكفاح المسلح، الذي هدفه على المدى الطويل تحرير كل فلسطين. لذا، كانت الأهداف الاستراتيجية لحماس في هذه الحرب هي: زعزعة مفهوم الأمن الإسرائيلي بشكل أساسي من خلال شن هجمات في عمق الأراضي الإسرائيلية، وفرض شروطها لوقف إطلاق النار، وخلق توازن رعب وقدرة ردع لمنع القيادة العسكرية الإسرائيلية من القيام بعملية برية في غزة.ـ أطلقت إسرائيل العنان لقواتها الجوية - الرابعة في العالم - على هذه الرقعة الضيقة من الأرض.
ـ كان من المستحيل مفاجأة مقاتلي حماس، الذين كانوا يعملون في مجموعات صغيرة تعرف بالضبط أين ومتى ينتظرون القوات الإسرائيلية في معركة مريرة ومؤلمة على كافة المستويات.
ـ كانت الأنفاق والازدحام العمراني والسكاني لغزة من أكبر التحديات من الناحية التكتيكية، ووضعت قوات الجيش في خطر شديد وجعلت من الصعب على القادة مراقبة قواتهم".
2 ـ حماس وتوظيف الوقت لصالحها رغم الصعوبات الدولية والإقليمية:
في 27 سبتمبر 2018، وعلى موقع مركز بيجين السادات للدراسات الاستراتيجية، كتب البروفسيور هيلل فريش مقالا عنوانه: "ما هي الاستراتيجية الصحيحة مع حماس: تقديم تنازلات أم قتال؟"، جاء فيه: "أثبتت حماس أنها عدو مبتكر قد يأتي بمزيد من المفاجآت في الجولة المقبلة. وكلما طالت فترة الراحة، كلما زاد احتمال قيامها بذلك. إن الخيار الأفضل لإسرائيل هو إطالة أمد المفاوضات لأطول فترة ممكنة، والتنازل بأقل قدر ممكن، والانتظار حتى تدخل العقوبات ضد إيران حيز التنفيذ الكامل، ثم الاستعداد للجولة الكبيرة التالية".
3 ـ التداعيات الاستراتيجية لعملية الجرف الصامد:
في 22 يوليو تموز 2014، أي بعد أسبوعين فقط من بدء حرب الجرف الصامد، نشر مركز بيجين السادات للدراسات الاستراتيجية تقييما مهما عنوانه "التداعيات الاستراتيجية لعملية الجرف الصامد" للبروفيسور شموئيل ساندلر الخبير في السياسة الخارجية والأمن القومي، جاء فيه: "سيكون لحرب الجرف الصامد آثار استراتيجية واسعة تتجاوز بكثير النتائج المباشرة في ساحة المعركة. وينبغي إضعاف حماس وتحييدها؛ لكن اقتلاعها بالكامل سيكون له آثار استراتيجية فوضوية، إذ لا يمكن تحقيق هذه النتيجة إلا بغزو عسكري شامل لقطاع غزة، والذي سيكون مكلفا للغاية بالنسبة لإسرائيل بشريا وعسكريا، وله آثار سلبية على مكانتها الدبلوماسية الدولية. كما أن السيطرة العسكرية على غزة ستكون مرهقة لإسرائيل. وعلى الرغم من الخصائص الفريدة للشرق الأوسط، فلا تزال المنطقة عرضة لتقلبات سياسية وظهور العديد من التحالفات الجديدة: كالتعاون الإسرائيلي المصر، ووجود شريك أخر محتمل هو المملكة العربية السعودية".
4 ـ تقييم أداء الجيش والحكومة:
في 8 مارس آذار 2017، نشر مركز بيجين السادات مقالا للجنرال عميدرور عنوانه: "نبادل الأفكار لا الانتقادات اللاذعة"، وذلك تعليقا على تقرير مراقب الدولة عن الحرب، قال فيه:
ـ "توضح الإخفاقات أنه يجب على الجيش البقاء بعيدا عن السياسة، ويجب على مجلس الوزراء الامتناع عن التخطيط التكتيكي.
ـ لدى قليل من الوزراء معرفة أو تدريب في قضايا الأمن القومي.
ـ إذا لم يتمكن المجلس الأمني من الحفاظ على سرية جلساته، فلن يعمل بشكل صحيح.
ـ رغم امتلاك الجيش جميع المعلومات اللازمة، فقد فشل في وضع خطة عملياتية مناسبة لمواجهة التهديد الذي تشكله شبكة أنفاق حماس. وكان ذلك فشلا جوهريا.
ـ يجب على الجيش التركيز على القضايا التكتيكية والعملياتية؛ أماالمساهمة الرئيسية لمجلس الوزراء فهي على المستوى الاستراتيجي".
5 ـ الخذلان والتآمر العربي:
شهدت حرب 2014 خذلانا عربيا، وتآمرا على حماس، ففي الكتاب الذي أصدره معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي INSS في نوفمبر تشرين الثاني 2014، وعنوانه "دروس عملية الجرف الصامد" ، قال عاموس يادلين الرئيس الأسبق للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية: "لم يسبق لإسرائيل في حملاتها أن دولا أخرى في المنطقة،,ولا سيما مصر، اتفقت معها في: عملياتها ضد حماس، وأنه ينبغي توجيه ضربة قاسية لها، وقدمت لها دعما علنيا وعبر قنوات سرية".
الخلاصة
من أراد أن يقرأ الحاضر ويتوقع المستقبل، فعليه أن يقرأ التاريخ. وفي هذا الإطار تقدم خاتمة كتاب معهد دراسات الأمن القومي "دروس عملية الجرف الصامد" موجزا مهما: "عند انتهاء عملية الجرف الصامد، كان الإنجاز الرئيسي لإسرائيل طبقا لنتنياهو رئيس الوزراء هو وقف إطلاق النار دون مكاسب لحماس. وفي المقابل، تمتلك حماس رواية انتصار تستند إلى نجاحها في مواجهة أقوى جيش في الشرق الأوسط، وإطلاقها الصواريخ على معظم إسرائيل، ودفعها الجيش إلى التراجع إلى الحدود، وإلحاقها الضرر بالاقتصاد الإسرائيلي، وإفراغها المجتمعات القريبة من غزة من سكانها، وقد أثبتت للشعب الفلسطيني أن المقاومة لم تُهزم، وأنها احتفظت بسلاحها، وأن مسارها أفضل من المسار السياسي لحركة فتح".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير كتب الفلسطينيين الكتاب عرضة احتلال فلسطين كتاب عرض كتب كتب كتب كتب كتب كتب أفكار أفكار أفكار سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العسکریة الإسرائیلیة الجیش الإسرائیلی تریدها إسرائیل واسعة النطاق داخل إسرائیل الأمن القومی إطلاق النار إلى إسرائیل من خلال فی غزة لم تکن لم یکن فی عمق
إقرأ أيضاً:
هذه هي المخططات الخفية التي تُدبّرها إسرائيل لتركيا
لم يعد اليمين الأكثر تطرفًا في إسرائيل، يبدي أي قدرٍ من الحياء أو التحسب والحذر، وهو يبوح بما يختزنه في عقله الأسود، من مخططات ومشاريع، تكاد تطال مختلف دول المنطقة ومجتمعاتها، وتمسّ بالعمق، أمنها واستقرارها وسيادتها وسلامة أراضيها ووحدة شعوبها.
آخر الصيحات التي خرجت من أفواه قادته، جاءت على لسان الوزير جدعون ساعر، ودعوته لتشكيل "حلف أقليات" في الإقليم، تستند إليه إسرائيل في استهداف أعدائها من شرقي المتوسط إلى ضفاف قزوين.
لم يكن الرجل قد قضى سوى أيام قلائل، في منصبه على رأس وزارة الخارجية، إثر انقلاب نتنياهو على وزير دفاعه، حتى بدأ يُلقي على مسامعنا، بعضًا من فصول "نظرته الإستراتيجية" للإقليم، الذي تشكل إسرائيل فيه، "أقلية وسط أغلبية معادية"، مُقترحًا البحث عن "مُشتركات" مع أقليات أخرى، بدءًا بدروز سوريا ولبنان، وليس انتهاء بأكراد سوريا، والعراق، وتركيا، وإيران، فاللعب على ورقة "المكونات"، كفيل بجعل إسرائيل، "أكبر الأقليات وأقواها"، في فسيفساء المشرق العربي وهلاله الخصيب ودول الجوار الإقليمي للأمة العربية.
الأمر الذي يدفع على الاعتقاد الجازم، بأن ساعر لم يعرض سوى رأس جبل الجليد من مشروعه لـ "تجزئة المجزَّأ"، في حين ظل الجزء الأكبر منه، غاطسًا تحت السطح، وهو بالقطع، يشمل مختلف "المكونات" الاجتماعية في دول المشرق وجوارها الإقليمي.
وبالنظر إلى السياق الذي طُرح فيه، "حلف الأقليات" وتوقيت هذا الطرح، يمكن الافتراض، بأن تركيا، قبل غيرها، وأكثر من غيرها من الدول المستهدفة، هي الحلقة الأولى في إستراتيجية التفكيك المنهجي المنظم، لبنية هذه المجتمعات ووحدة وسلامة أراضي هذه الدول.
فأنقرة، رفعت وتيرة انتقاداتها لحرب إسرائيل البربرية على غزة ولبنان، وهي تقدم حماس والجهاد وبقية الفصائل الفلسطينية، بوصفها حركات تحرر وطني مشروعة، في مواجهة "طوفان الشيطنة" و"حرب الإلغاء" اللذين تتعرض له من قبل آلة "البروباغندا" الإسرائيلية، المدعومة من قبل أوساط غربية وإقليمية وازنة.
ولعلّ هذا ما تنبهت إليه القيادة التركية، مبكرًا وقبل أن يُخرج ساعر ما في جوفه، عندما بدأت التحذير من مغبة تطاير شرارات الحرب إلى سوريا، وعلى مقربة من حدودها، بل وإبداء الاستعداد لمواجهة تركية – إسرائيلية إن تدحرجت كرة النار، وعجز المجتمع الدولي عن وقفها.
وفي كل مرة صدرت فيها عن أنقرة، تحذيرات من هذا النوع، كانت أنظار المسؤولين والناطقين باسمها، تتجه إلى لعبة "المكونات" التي تريد إسرائيل فرضها على الإقليم، بدعم وإسناد من دوائر غربية عديدة، وتحت حجج وذرائع ومزاعم شتى.
مبادرتان استباقيتانفي هذا السياق، يمكن النظر إلى المبادرات الاستباقية الأخيرة التي صدرت عن أنقرة، وأهمها اثنتان: الأولى؛ داخلية، وصدرت عن دولت بهتشلي، حليف أردوغان وزعيم الحركة القومية و"ذئابها الرمادية"، الرامية لإغلاق ملف المصالحة بين أتراك تركيا وكردها، وهي مبادرة كانت مفاجئة لجهة توقيتها والجهة التي صدرت عنها، وسط قناعة عامة بأنها لم تأتِ منبتّة عن السياق الإقليمي، وانفلات "التوحش" الإسرائيلي من كل عقال، وأنها لم تأتِ من دون تنسيق مسبق بين الحليفين: بهتشلي وأردوغان.
صحيح أن المبادرة، فجّرت قلق خصومها الداخليين، بالذات على "ضفتي التطرف القومي" الكردي – التركي، وأنها أثارت انقسامًا بين "تيار قنديل" داخل أكراد المنطقة، وتيار المصالحة والاعتدال، الذي يُعتقد أن عبدالله أوجلان، يقف على رأسه، من مَحبَسه على جزيرة "إمرالي".
وصحيح أن خصوم المصالحة عملوا على تفجير مركبها قبل إبحاره وسط تلاطم أمواج المواقف والمصالح المتناقضة، بدلالة الهجوم على شركة "توساش" في قلب العاصمة التركية في الثالث والعشرين من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وما أعقبه من تصعيد في العمليات طال مناطق داخل تركيا وخارجها (سوريا والعراق).. لكن الصحيح كذلك، أن قطار المبادرة ما زال على سكته، رغم العرقلة، وأنه قد يواصل مسيره، ما دام أن وجهته النهائية، تحصين الداخل التركي في مواجهة مؤامرات التفكيك.
أما المبادرة الثانية؛ فسابقة على تطورات الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان، وإن كانت اكتسبت زخمًا إضافيًا في الأسابيع الأخيرة، والمقصود بها، الرغبة التركية الجارفة بالمصالحة مع دمشق، وعروض الرئيس التركي المتكررة، للقاء الأسد، وإغلاق صفحات الخلاف (الصراع) بين البلدين.. وهي المبادرة، المدفوعة بجملة من الحسابات والاعتبارات التركية، من بينها قضية اللاجئين السوريين، وأهمها "المسألة الكردية".
والحقيقة أن أنقرة، لم تكن بحاجة لأن تنتظر جدعون ساعر ليخرج ما في "صندوقه الأسود" من مشاريع طافحة بالعدائية لتركيا، حتى تبدأ بالتحرك المضاد، وتشرع في العمل على إحباط مراميها وأهدافها، والمؤكد أنها كانت تدرك، أن "النجاحات" التي سجلتها إسرائيل على الجبهة الشمالية مع لبنان، وفي مواجهة حزب الله، وتكثيفها العمليات ضد حزب الله وإيران في سوريا، فيما يشبه الاستباحة الكاملة للأجواء والسيادة السوريتين، من شأنها إحياء النزعات الانفصالية لدى بعض تيارات الحركة الكردية في المنطقة، ما دام أن هذه النزعات كانت قد تغذّت تاريخيًا وتضخمت، على جذع "الغطرسة" و"الاستعلاء" الإسرائيلي.
كما أن التطاول الإسرائيلي المتكرر على إيران، سواء في عمقها أو مناطق نفوذها، وعدم نجاح الأخيرة في بناء معادلة ردع صارمة في مواجهة التهديدات باستهداف برنامجَيها النووي والصاروخي – من ضمن أهداف إستراتيجية أخرى – ساهم بدوره في زيادة المخاوف التركية، من تضخم الدور الإقليمي لإسرائيل، ولجوء تل أبيب لاستخدام أسلحة وأدوات من النوع الذي تحدث عنه ساعر: "حلف الأقليات".
العامل الأميركيلم تكن علاقات تركيا بإدارة بايدن سلسة دائمًا، وغلب عليها التوتر في بعض الأحيان على حساب مقتضيات عضوية البلدين في "الناتو"، ومن بين جملة الأسباب الباعثة على فتور العلاقات وأحيانًا توترها، احتلت "المسألة الكردية" مكانة متميزة في صياغة شكل ومحددات العلاقة مع إدارة بايدن الديمقراطية.
فالرئيس بايدن، عُرِفَ عنه، تاريخيًا، تعاطفه الشخصي مع "الانفصالية" الكردية، وهو كان سبّاقًا من موقعه في مجلس الشيوخ لعرض تقسيم العراق إلى دويلات ثلاث. ودعم بكل قوة، قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والأطر والأذرع السياسية والاجتماعية والمالية المنبثقة عنها والموازية لها.
ونافح بقوة أيضًا عن بقاء وحدات من الجيش الأميركي في مناطق شمال شرق سوريا؛ لحماية الحركة الكردية وتدعيمها، إن في مواجهة دمشق وطهران وحلفائهما، أو بالأخص في مواجهة تركيا. وهو أغدق على أكراد سوريا، الأكثر قربًا من "مدرسة أوجلان" والـ "بي كي كي"، السلاح والعتاد، الأمر الذي لطالما قرع نواقيس الخطر في مراكز صنع القرار في الدولة التركية.
وربما لهذا السبب بالذات، سقطت أنباء فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية واكتساح حزبه الجمهوري مقاعد الأغلبية في مجلسَي الشيوخ والنواب، بردًا وسلامًا على تركيا ورئيسها رجب طيب أردوغان، فالأول نجح في إقامة "علاقات عمل" مثمرة، ونسج بعض خيوط الصداقة مع الأخير، لأسباب لا مجال للخوض فيها في هذه المقالة، وهو متحرر من أية صلات أو "مشاعر" حيال كُرد المنطقة، والأهم، أنه بادر في ولايته الأولى إلى الإعلان عن نيته سحب قواته من شمال سوريا، وقد يستكمل في ولايته الثانية، ما كان بدأ به، قبل تدخل مؤسسات "الدولة العميقة" الأميركية لإحباط مساعيه آنذاك.
على أن مشاعر الارتياح للتحولات الأخيرة في الإدارة والكونغرس الأميركيين، لا تكفي لتبديد مخاوف أنقرة مما يمكن لتل أبيب، أن تقدم عليه. فالأتراك، بلا شك، يدركون أتم الإدراك، "مساحات المناورة وحرية الحركة" التي تتمتع بها إسرائيل في علاقاتها مع الولايات المتحدة.
ويعرفون تمام المعرفة، أن اليمين الفاشي في تل أبيب، قادر على مغازلة مشاعر اليمين الأميركي المتطرف، ومداعبة أولويات "الدولة العميقة" في الولايات المتحدة، وبالضد من إرادة الإدارة في بعض الأحيان، إن تطلب الأمر و"المصلحة العليا" ذلك. ومن هنا يمكن القول إن مشوار تركيا في تعاملها مع "المسألة الكردية"، لن يكون معبدًا وسلسًا.
أنقرة تعوّل أيضًا على قلّة اهتمام ترامب بالقضية السورية، وتلمّست خلال ولايته الأولى، استعداده للتسامح مع دور روسي متنامٍ في سوريا، وتحبيذه تنامي هذا الدور على حساب الدور الإيراني بالأخص، فيما الرجل ربما يكون مقبلًا على فتح صفحة من التعاون مع الكرملين في أوكرانيا، وملفات أخرى، على الساحة الدولية.
وأنقرة تعوّل أيضًا على ما يمكن لموسكو أن تفعله بوحي من مصلحتها في خروج القوات الأميركية من سوريا، إن لجهة حفز جهودها للمصالحة مع دمشق، أو لجهة التوسط بين القامشلي والأسد، فضلًا عن تخفيف احتقانات علاقاتها مع إسرائيل، في ضوء ما يشاع عن جهود روسية للدخول على ملفات الوساطة بين إسرائيل ولبنان، ونوايا لم تتضح بعد، تنمّ على دعم روسي لقيام سوريا، بدور في الحد من قدرة حزب الله على إعادة بناء قدراته العسكرية، حال وضعت الحرب على هذه الجبهة، أوزارها.
هي مرحلة جديدة، تدخلها العلاقات التركية الإسرائيلية، تحكمها ثوابت ومتغيرات لدى الطرفين، في بيئة محلية وإقليمية بالغة التعقيد، والأيام المقبلة، تبدو محمّلة بكل جديد.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية