سبيل شعلان.. وقف مائي من عهد الأيوبيين في القدس
تاريخ النشر: 24th, August 2024 GMT
سبيل ماء بني في مدينة القدس الشريف منذ العهد الأيوبي، وتحديدا في زمن السلطان المعظم عيسى عام 1216 ميلادي، ويقع قرب صحن قبة الصخرة.
خضع السبيل للترميم والتجديد مرات عدة في عهد المماليك والعثمانيين، وظل عامرا ويعمل إلى نهاية عهد الانتداب البريطاني.
التسمية والنشأةسمي هذا السبيل نسبة إلى عائلة شعلان التي كانت تتولى وظيفة السقاية فيه، وتم بناؤه في زمن السلطان الأيوبي الملك المعظم عيسى عام 613 هـ/ 1216 م.
وقد بناه عروة بن السيار، ثم عمَّره الأمير شاهين الذباح نائب القدس في عهد الملك الأشرف برسباي في سنة 832 هـ/ 1429 م.
وجُدّد مرة أخرى في العصر العثماني سنة 1037 هـ/1627 م على يد محافظ مصر بيرام باشا في عهد محافظ القدس محمد باشا في عهد السلطان العثماني مراد الرابع.
الموقعيقع هذا السبيل يسار الصاعد درج البائكة الشمالية الغربية التي تقود إلى صحن قبة الصخرة قرب باب الناظر، وهو يشكل نقطة التقاء الأبواب الثلاثة للمسجد الأقصى وهي باب الحديد وباب الغوانمة وباب الناظر.
سبيل شعلان بني في مدينة القدس الشريف منذ العهد الأيوبي ويقع قرب صحن قبة الصخرة (الجزيرة) الوصفيتكون سبيل شعلان من بناء مربع الشكل (غرفة)، عليه قبة مزخرفة، وداخل هذه الغرفة بئر لتزويد السبيل بالماء.
وللسبيل 4 دعامات صغيرة من جهة الغرب تحمل سقفا بسيط التكوين، وهو مفتوح من جهاته الجنوبية والغربية والشمالية.
وفيه 3 نقوش: أيمن وأوسط وأيسر، النقش الأيسر (الأيوبي)، ونصه "بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما تطوع بعمل هذا الصهريج والمصنع المبارك لوجه الله تعالى العبد الفقير إلى رحمة الله تعالى محمد بن عروة ابن سيار الموصلي -رحمه الله تعالى ورضي عنه- من نعمة مولانا السلطان المعظم شرف الدنيا والدين أبو العزائم عيسى بن الملك العادل أبو بكر بن أيوب غفر الله لهما، وذلك من شهور سنة 613، وصلى الله على محمد وآله".
النقش الأيمن (المملوكي)، ونصه "جدد هذا السبيل والمصلى والمحراب العبد الفقير إلى الله تعالى شاهين ناظر الحرمين الشريفين في أيام مولانا السلطان الملك الأشرف برسباي خلد الله ملكه بتاريخ شهر رمضان المعظم سنة 832".
النقش الأوسط العثماني، ونصه "أمر بعمارة هذا السبيل المبارك بعد خرابه وتعطيله صاحب الخيرات والمبرات الوزير المكرم والمشير المعظم بيرام باشا المحافظ بالقدس الشريف في ذي الحجة لسنة 1037 هـ".
كان السبيل عامرا حتى آخر عهد الاحتلال البريطاني ثم تعطل، كما توجد خلفه وبمحاذاته مصطبة سبيل شعلان، وعليها محراب وتظلها شجرة خروب كبيرة.
وقد أنشئت المصطبة زمن السلطان محمد الرابع، وأغلب الظن أن تاريخ إنشائها هو تاريخ إنشاء السبيل الذي لا يزال قائما، لكنه اليوم معطل لا ماء فيه.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الله تعالى هذا السبیل فی عهد
إقرأ أيضاً:
بن علوي ما زال صائمًا
علي بن سالم كفيتان
لم تكن تتوقع علا الفارس الصحفية الأردنية بقناة الجزيرة القطرية، في برنامج "الجانب الآخر"، الذي بُثَّ يوم الجمعة عبر منصة "الجزيرة 360" أن يُصبح الحديث مع الوزير المُتقاعد يوسف بن علوي بن عبد الله، والذي شغل منصب الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية سابقًا في سلطنة عُمان، عن زراعة الموز والنارجيل والطقوس الصوفية في جنوب الجزيرة العربية، وكُنَّا نتوقع من الحلقة، حديثًا مُعمَّقًا وجديدًا عن الحقبة التي شغل فيها بن علوي هذا المنصب الرفيع، لما يربو على 40 عامًا، صال وجال فيها عواصم العالم، وشكَّل وجه الدبلوماسية العُمانية الحصيفة والمُتأنية.
لكن على ما يبدو أنَّ الرجل، ما يزال يعيش روح المنصب، لذلك لم تستطع الصحفية الحصول على الكثير، ومعها كل من أقَّتَ ساعته لمُتابعة المقابلة. وقد اعترفت علا الفارس في نهاية اللقاء أنَّها وَقَعَتْ في مُراوغة لم تستطع من خلالها فك شفرات بن علوي، فأصبح الحديث عن بيت العائلة ومزرعة الموز وأشياء أخرى.
اعترف الإعلامي الكويتي عمَّار تقيّ صاحب البرنامج الشهير "الصندوق الأسود" أنَّ كل مساعيه للقاء بن علوي، باءت بالفشل. وهُنا نسأل: لماذا كل هذا التمنُّع عن تنوير النَّاس والمجتمع عن تلك الحقبة المُهمة التي مرَّت بها عُمان؟ وربما كثيرون لا يتفقون مع فلسفة بن علوي في كتابة المذكرات على أنها طقس غربي لا يُحبِّذه، وأنَّ كشف الحقائق قد يُثير الشجون للماضي؛ فالرجل بدأ ثائرًا على السُلطة، ثم أصبح لاحقًا أحد رموزها، ومن المُقرَّبين من السلطان الراحل قابوس بن سعيد- رحمه الله- وهذا خلق ثراءً فريدًا للتجربة التي عاصرتها هذه الشخصية العُمانية المُتقلبة والهادئة في آنٍ معًا. الكثيرون يتطلعون للمزيد من البوح؛ فالمرحلة كانت حُبلى بالمواقف والتوجهات، وأخرجت توافقًا وطنيًا وبناء دولة عصرية في وسط إقليم مُلتهب؛ لذلك لم يُعط بن علوي الكثير وحسب توقعي بأنَّ لقاءه السابق مع الإعلامي موسى الفرعي كان أعمق وأشمل، وفيه الكثير من الدفء، ربما لكون الفرعي مسكونًا بشخصية بن علوي، وربما لأنَّ معاليه أراد أن يقذف بشيء من الطُعم في المحيط الإعلامي المُتعطِّش لمعرفة الكثير عن فترة حكم السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- التي كان بن علوي أحد الفاعلين الرئيسين فيها، فهل يوجد ما يُبرر كل هذا الحذر بعد أن انقضت المرحلة ورحل مُعظم أبطالها؟
لعلَّ الأبرز في حديث بن علوي الأخير للجزيرة، كان مبادرة السلام وحل الدولتين، وأنه ليس واقعًا؛ بل يدخل في العالم الافتراضي، الذي لا تعترف به إسرائيل ولا الدول الغربية، وبأنَّ الحل بيد الفلسطينيين أنفسهم، من خلال نبذ الخلافات، ورسم توجهٍ مُوحَّد يحقق ثوابتهم الوطنية في تحرير فلسطين. وهنا نسأل: ما دام أن حل الدولتين غير وارد في الحقيقة، لماذا الاستمرار في الدعوة إليه من قبل وزراء الخارجية العرب السابقين والحاليين؟ ولماذا طرحت المبادرة العربية الاعتراف بإسرائيل؟ ولماذا هذا السباق المحموم نحو التطبيع مع هذا الكيان الغاصب؟
كل هذه المحاور المُهمة لم تدفع بها الصحفية الأردنية علا الفارس في المقابلة، ولم نجد لها إجابات شافية، في الوقت الذي تم التركيز فيه على زيارات رؤساء وزراء الكيان الصهيوني لعُمان، بينما يُدافع الوزير السابق بأنها أتت في سياق التوافق مع الفلسطينيين، ومن هنا لم يجد المشاهد في المقابلة الجديد، حتى عن السياسة الدولية، ولا عن القضايا المُهمة خارج الإطار الوطني، الذي ظل الباب موصدًا عليه.
أكد بن علوي على ما ذكره في مقابلته مع الفرعي، عن "الربيع العربي"، وبرَّره بأنه ناتج عن زيادة عدد الشباب في العالم العربي بنحو 60% من إجمالي عدد السكان، وبأن احتياجاتهم من الوظائف والتنمية والتطوير باتت تشكل ضرورة مُلحّة أمام الأنظمة الحاكمة، ولعل هذه هي الإشارة الأبرز لأهمية التفاعل الجدي والإيجابي مع مُتطلبات الشباب؛ ففي عُمان لم تكن الاعتصامات التي حدثت عام 2011 للمطالبة بسقوط نظام ولا النيل من الوحدة الوطنية؛ بل كانت ترفع العلم العُماني وصورة السلطان قابوس- رحمه الله- وتتقدم بمطالب مُستحقَّة تمثلت في مكافحة الفساد وطرح فرصٍ للتوظيف، وتنفيذ بعض المشاريع التنموية، وهذا ما استجاب له السلطان الراحل- طيب الله ثراه- من خلال تنفيذ كل المطالب، وفي حينها؛ مما أشعر الناس بدفء العلاقة بين الحاكم والمحكوم، فكانت تجربة عُمان هي المُلهمة في احتواء الموقف، لذلك نرى أنَّ إشارة بن علوي جديرة بالاهتمام كرجلٍ عاش تلك المرحلة الفاصلة.
سننتظر من بن علوي المزيد عن تجربته الثرية من النضال إلى دهاليز الحكم، ولن نكتفي بما طرح حتى الآن من باب الشهادة على العصر، دون تحفظ؛ فالأجيال توَّاقة للتجارب المُلهِمة، ولا نعتقد أن هناك تجربةً أكثر عُمقًا ولا إلهامًا من حُكم السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- ولم يتبق من رفاقه اليوم إلّا القليل من الرجال، أمثال بن علوي.
رابط مختصر