مَن خرج خاسرًا أو رابحًا من مفاوضات القاهرة - الدوحة المتعثرة؟ سؤال طرحه أكثر من معني بهذه المفاوضات، سواء أكان الجانب الأميركي الذي بذل أقصى جهوده للتوصل إلى الحدّ الأدنى من الاتفاق، أو الجانب المصري المعني أكثر من غيره بنجاح المسرى التفاوضي بين إسرائيل وحركة "حماس"، باعتباره الجار الأقرب إلى المكان غير المتفق على إيجاد حل له، أو الجانب القطري الذي يهمّه أن يراكم مستوى النجاحات في مساعيه الديبلوماسية على خط التوترات العالية في المنطقة.



هل خرجت إسرائيل "منتصرة" من مفاوضات غير متكافئة ظروف نجاحها أم هي باقية في دورانها اللولبي في الحلقة المفرغة؟ وهل يمكن أن يعتبر المراقب، ولو من بعيد، أن حركة "حماس" لم تنجرّ إلى ما كانت تل أبيب تنصب لها من أفخاخ، مع أنها قد خرجت من "المونة من دون حمّص"؟ وهل يمكن الذهاب بعيدًا في التحليل إذا أُجيز للمراقبين القول بأن كلًا من إسرائيل وحركة "حماس" قد خرجا من باب المفاوضات من دون معرفة إذا كان في الإمكان العودة إليها قريبًا، وقد خرجا من دون نتيجة تُذكر، بل ما هو أسوأ أن إسرائيل، التي لم تقبل التراجع عن شروطها قيد أنملة، كانت تخطّط منذ البداية لنسف هذه المفاوضات لأنها غير مقتنعة بأن مفاعيل حربها قد انتهت، وهي لا تكتفي بما أقدمت عليه من مجازر في حق فلسطينيي قطاع غزة، بل تسعى من خلال تصعيدها التدرجي والممنهج على الجبهة الجنوبية والبقاعية للبنان إلى جرّ "حزب الله" إلى حرب شاملة، وهو الذي لم يردّ بعد على عملية اغتيال الحاج فؤاد شكر في عقر داره، وقد "حرّره" تعثّر مفاوضات القاهرة - الدوحة من التزامه بعدم الردّ طوال فترة انعقادها.

من هنا، يمكن اعتبار أن الخاسر الأكبر من تعثّر مفاوضات القاهرة - الدوحة هو لبنان، الذي يعيش حاليًا بين حالتي الحرب واللاحرب. وهذا أسوأ ما يمكن أن يعيشه بلد غير معروف إذا كان ذاهبًا إلى حرب فيما يكون الآخرون راجعين منها، خصوصًا إذا كان من في داخل هذا البيت من أبنائه غير متفقين بعد على "مشروعية" حق امتلاك "حزب الله" قرار الحرب والسلم، وأن هذا الانقسام العمودي من شأنه أن يجعل العدو أكثر عدائية في مواجهاته السياسية قبل العسكرية على رغم ما يعانيه هو ايضًا من انقسام داخلي بالنسبة إلى الخيارات التي تتخذها حكومة نتنياهو من قرارات غير شعبوية.

ولكن في المقابل فإن ما سبق أن قاله الأمين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصرالله في حرب تموز من أن "المقاومة الإسلامية" لم تكن لتحقّق ما حققته من إنجازات في ذاك الوقت لو لم تكن مغطاة بوحدة الموقف الوطني، وإن كان من يعارض فتح جبهة الجنوب اليوم كان له الموقف نفسه في حرب "لو كنت أعرف"، لا ينطبق على ما هو حاصل اليوم. فـ "فتح" الجبهة الجنوبية من قِبل "حزب الله" جاء بقرار انفرادي بهدف مساندة مقاومة الشعب الفلسطيني في غزة ولتخفيف الضغط عنه لم تحظَ بتغطية بعض القوى اللبنانية، ومن بينها "التيار الوطني الحر"، الذي أمّن لـ "الحزب" الغطاء المسيحي في حرب تموز، على رغم محاولات النائب جبران باسيل "استلحاق حاله" بموقف رمادي بعد شعوره بأنه لم يحقّق في الشارع المسيحي ما كان يسعى إليه من حضانة من خلال معارضته مبدأ "وحدة الساحات".

ما يقوله البعض بالنسبة إلى خطر انزلاق المنطقة إلى حرب قد تبدأ من جنوب لبنان أو من بقاعه فيه الكثير من الحذر، خصوصًا أن ما يقولونه قد يبدو للبعض خارجًا عن المألوف، إذ أن الكلام عن الحرب لا يعني أنها ستقع حتمًا، على رغم أن الجميع يتهيّأ لها. فالحرب التي يمكن أن تنشب بين لحظة وأخرى معروفة النتائج سلفًا، وهي أن لا أحد سيخرج منها منتصرًا، بل أسوأ ما يمكن أن تؤول إليها هو المزيد من الضحايا والمزيد من الخسائر والمزيد من الدمار والتآكل الاقتصادي. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله یمکن أن

إقرأ أيضاً:

نيويوركر: مستقبل سوريا التحدي الأكبر

اعتبرت الكاتبة السياسية روبين رايت أن سوريا التي تشكل محوراً جيواستراتيجياً في الشرق الأوسط، انقبلت فجأة رأساً على عقب بعد سقوط نظام الأسد. وكذلك فعلت المنطقة.

انتشر هذا الشعور بالشك في جميع أنحاء المنطقة

بدأ السباق لتحديد مستقبل سوريا، بسرعة، لمنع الخصومات العرقية والسياسية والطائفية من إشعال حرب أكثر إثارة للانقسامات من الصراع الذي مزقها مدة 13 عاماً كما كتبت رايت في مجلة "ذا نيويوركر". لم ينتهِ النزاع

يضم سكان سوريا وعددم 23 مليون نسمة طوائف مسلمة متعددة، ومسيحيين، ودروزاً وأكراداً. يحتفل بشهر رمضان وعيد الفصح قانوناً. كان تاريخ سوريا بعد إعلان الاستقلال عن الانتداب الفرنسي في 1946 متقلباً، حيث شهدت 20 انقلاباً قبل 1970 عندما أطاح حافظ الأسد، وزير الدفاع حينها، بأعضاء حزبه البعث، وفي السنة التالية، أصبح رئيساً.
"لم ينته الصراع"، وفق ما حذر غير بيدرسون، المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا. يريد اللاعبون الإقليميون والعالميون، أن يكونوا "إيجابيين وداعمين، لكن كثيرين يشعرون بالتوتر" من حكومة أنشأتها هيئة تحرير الشام، وهي ميليشيا سنية قادت التمرد، وكانت لزعمائها علاقات سابقة بتنظيم القاعدة وتنظيم داعش. "إنهم يرون جماعة إسلامية تصل إلى السلطة ويتساءلون إذا كانوا سيفون حقاً بما وعدوا به".

Beautiful Sunday mass in Damascus a week after Assad was toppled.

It was an early test of assurances by Syria’s new Sunni Muslim rulers that the rights of minorities will be protected.

Some worshipers said they feared the unknown. Others express cautious optimism.

READ:… pic.twitter.com/g6bVn9wcST

— Timour Azhari (@timourazhari) December 15, 2024

لاحظ بيدرسن أن الخطر يكمن في سيناريو ليبيا. بعد الإطاحة بمعمر القذافي في 2011، قاتلت حكومتان متنافستان في طرابلس وبنغازي. ولم تسر تحولات أخرى بعد الثورات العربية بشكل جيد.

عالم الجهادية دائم التبدل أضافت الكاتبة أن زعيم هيئة تحرير الشام الكاريزمي المعروف باسمه الحربي أبي محمد الجولاني تعهد بتجنب تكرار الأخطاء التي أدت إلى الحرب الأهلية في العراق، حيث فكك الاحتلال الأمريكي في 2003، الجيش وحظر حزب البعث. وقد أدت هذه الخطوات إلى ظهور ميليشيات معادية لأمريكا، بما فيها الجماعات التي انضم إليها الجولاني.
فقد قاتل مع تنظيم القاعدة في العراق، وفي 2005 احتجزته القوات الأمريكية في سجن بوكا سيئ السمعة، حيث التقى بأبي بكر البغدادي، مؤسس داعش، الذي أرسله لاحقاً لتأسيس فرع سوري لتنظيمه. في عالم الجهادية المتطور باستمرار، أبعد الجولاني منذ ذلك الحين هيئة تحرير الشام عن القاعدة وداعش.
وفي لفتة رمزية، عاد إلى اسمه الحقيقي، أحمد الشرع. مع ذلك، بشر بسقوط الأسد باعتباره "انتصاراً للأمة الإسلامية". ولا تزال الولايات المتحدة ترصد مكافأة بـ10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى اعتقاله، كما أن هيئة تحرير الشام مدرجة على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية. تطور خطير

في اجتماع الدوحة الذي عُقد قبل يوم من سقوط الأسد، وصف موفدو روسيا، وتركيا، والسعودية، والعراق، ومصر، والأردن، وقطر الأزمة السورية بـ "تطور خطير" على الأمن الدولي. وقال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إن على الحكومة الجديدة أن تعامل جميع الأديان والأعراق على قدم المساواة، وأنه لا يجب أن تتسامح مع "الانتقام".

The scramble is on to define the future of Syria, quickly, to prevent ethnic, political, and sectarian rivalries from triggering a war even more divisive than the conflict that has riven the nation for 13 years, @wrightr writes. https://t.co/4VIayTFyAH

— The New Yorker (@NewYorker) December 15, 2024

وقالت إدارة بايدن إنها مستعدة للاعتراف بحكومة جديدة إذا كانت "موثوقة وشاملة وغير طائفية". ومع ذلك فإن قوات سورية هي التي أطاحت بالأسد، وبالتالي لم يتضح النفوذ الذي ستمارسه أي حكومة أجنبية في دمشق، باستثناء النفوذ الاقتصادي. وفرضت الولايات المتحدة عقوبات قاسية على سوريا بسبب الإرهاب والقمع.

طغيان الشك في خطوة أولى، عينت هيئة تحرير الشام محمد البشير، المهندس الذي أدار حكومة الهيئة الإقليمية في شمال إدلب، رئيساً للوزراء لمدة ثلاثة أشهر تقريباً. بالنسبة إلى بقية العالم، يظل قرار الأمم المتحدة 2254 الأساس القانوني للفترة الانتقالية، وهو يدعو إلى دستور جديد وانتخابات حرة تمتد على مدى 18شهراً. لكن هذا كان مكتوباً منذ 9 أعوام.
الآن يتحرك الوقت بسرعة أكبر بكثير في بلد ينهار اقتصاده وتشر ملايين فيه أو أجبروا على المنفى. وتقول سوسن أبو زين الدين التي تقود منظمة "مدنية"، وهي مظلة لمئتي مجموعة من منظمات المجتمع المدني السوري: "يتعين علينا أن نقبل بالاضطراب لأنه جزء من العملية. نحن جميعاً نعتمد على حسن النية، لكننا لا نستطيع أن نعتمد على حسن النية لفترة طويلة".
انتشر هذا الشعور بالشك في جميع أنحاء المنطقة. فقد أصبح لتنظيم داعش وجود سري متزايد مرة أخرى في سوريا؛ وشنت الولايات المتحدة أكثر من 75 غارة جوية لمنعه من استغلال الاضطرابات. وتتصاعد التوترات بين تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي، وقوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد، والتي يدعمها تحالف تقوده الولايات المتحدة. تسيطر قوات سوريا الديمقراطية الآن على ثلث سوريا. تحول تكتوني

مع سقوط الأسد، عبرت دبابات وقوات إسرائيلية إلى سوريا، واستولت على 150 ميلاً مربعاً من مرتفعات الجولان، وهي منطقة منزوعة السلاح تراقبها الأمم المتحدة منذ 1974، في جزء من وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة بعد الحرب بين إسرائيل وسوريا. كما شنت إسرائيل ما يقرب من 500 غارة جوية على البحرية والجيش والقوات الجوية السورية.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو: "ليس لدينا نية للتدخل في الشؤون الداخلية لسوريا، لكننا نعتزم بالتأكيد عمل كل ما هو مطلوب لضمان أمننا. وكما وعدت، إننا نغير وجه الشرق الأوسط".

كان التحول التكتوني في ميزان القوى واضحاً عندما سحبت إيران آخر دبلوماسييها من سوريا مع نهاية الاجتماع في الدوحة. وفي واحدة من أولى خطواتهم، اقتحم المتمردون ضريح حافظ الأسد، وأشعلوا النار فيه. 

مقالات مشابهة

  • مفاوضات غزة – وفد إسرائيلي الى الدوحة وهذه أبرز الخلافات
  • ما السر وراء زيارة العاهل الأردني إلى القاهرة؟
  • نيويوركر: مستقبل سوريا التحدي الأكبر
  • منتخب لبنان لكرة القدم جدد فوزه على الكويت في الدوحة
  • وزير الخارجية التركي: تنسيق عالي المستوى مع السعودية بشأن سوريا.. وإسرائيل الخاسر الأكبر
  • الاحتـلال يواصل انتهاك اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان
  • عمران: يمكن إجراء الاستفتاء على الدستور إلكترونيا
  • بني ياس والبطائح.. «التعادل الخاسر»
  • وفد المنتخب العراقي يتوجه إلى الدوحة استعداداً لـ خليجي 26
  • لا يحبون الأوامر.. 4 أبراج فلكية لا يمكن إجبار مواليدها على شيء بالقوة