موقع النيلين:
2024-12-23@19:48:51 GMT

عادل الباز: المتواطئ.. وسيطاً.!!

تاريخ النشر: 24th, August 2024 GMT

1 وحدها أمريكا يمكن أن تتواطأ مع عدوك وتطرح نفسها لك وسيطا نزيها مع ذات العدو.!! . أمريكا أدمنت هذا الدور الذي افترعته منذ زمان بعيد وبلا استحياء.

بدأت بممارسة تلك اللعبة منذ أيام حرب البوسنة والهرسك في تسعينيات القرن الماضي حين تواطأت مع بريطانيا لمصلحة الصرب فحظرت السلاح على البوسنيين الذين يُذبحون وقتها وقفت تتفرج على المذابح إلى أن أباد الصرب ما يزيد عن مائة ألف مسلم بوسني، ولم تتحرك، وسمحت بحدوث الإبادة في سربرنيتسا التي ذبح فيها الصرب ثمانية آلاف من البوسنيين في غضون أيام، كأكبر عملية إبادة جماعية تشهدها أوروبا منذ الحرب العالمية الأولى، وبعد فوات الأوان وبعد أن سمحت للصرب بإقامة المذابح بالتواطؤ معهم سارعت أمريكا للعب دور الوسيط فدعت لمفاوضات دايتون (1995) التي أنهت حرب البوسنة بتقسيمها بعد أن أبيد وهجر نصف شعبها على يد المجرمين الصرب.

2.
اليوم يتكرر نفس السيناريو بنفس الملامح والشبه في غزة، أمريكا تتواطأ مع إسرائيل فترسل لها كافة أنواع الأسلحة لإبادة الفلسطينيين هناك (أكثر من أربعين ألف شهيد حتى الآن) ثم تجعل من نفسها وسيطا فترسل كل أسبوع وزير خارجيتها انتوني بلينكن إلى الشرق الأوسط تحت غطاء التوسط بين حماس وإسرائيل لإنهاء الحرب ولكن هدفها الاستراتيجي هو إطالة أمدها والسماح لإسرائيل بإبادة أكبر عدد من الفلسطينيين. يلعب بلينكن الآن ذات دور جيمس بيكر وزير خارجية بوش أيام حرب البوسنة الذي كان يهدر الوقت جيئة وذهابا والمذابح مستمرة وأمريكا تتواطأ مع الصرب متخفية تحت غطاء الوسيط. الآن قرابة العام لم تثمر وساطة السيد بلينكن غير المزيد من الدماء والضحايا الفلسطينيين.

3
اليوم في حرب الجنجويد ضد الدولة السودانية، تمارس أمريكا ذات اللعبة القميئة.. تحظر أمريكا وبريطانيا السلاح على السودان في مجلس الأمن ثم تتركا الأسلحة بكل أنواعها ومن ضمنها أسلحة أمريكية تتدفق على الجنجويد من تشاد وغير تشاد وتغض الطرف عن الدولة حليفتها التي تسلح وتشون المليشيا عيانا بيانا.

ذات أمريكا المتواطئة هذه تؤسس منبرا للوساطة في جدة مع السعودية المليشيا وبعد ان توقع المليشيا إعلانا واجب التنفيذ لا تلتزم به و أمريكا تعجز عن ممارسة أي ضغوط عليها بغرض منحها الزمن الكافي للتقتيل والاستيلاء على مزيد من المناطق والمدن وبعد أن تدرك أن المليشيا عاجزة عن الاستيلاء على الحكم، تنزع يدها من منبر جدة لتؤسس منبراً آخر في جنيف وتجعل من نفسها وسيطا وحيدا تفعل فيه كل شيء، تحدد الأجندة والمشاركين والمراقبين وتحول السعودية لمجرد مضيف لتلك المفاوضات التي فشلت الان بفضل الموقف السوداني القوي الذي لم ترهبه تهديداتها.

3.
تصوروا أن أمريكا الوسيط المتواطئ ترى المذابح في ديار المساليت وتلوذ بالصمت (نفس ما جرى في البوسنة)، ترى سياسية التجويع التي تمارسها المليشيا على ملايين السودانيين وهي تحاصرهم وتنهبهم ولا تتقدم بإدانةواحدة ، ترى المستشفيات تقصف والنساء يغتصبن ولا تخرج ببيان لإدانتهم!!. ليس ذلك فحسب، بل تمنع مجلس الأمن من تسجيل أي إدانة لانتهاكات الجنجويد رغم وجود تقرير أممي من خبراء للأمم المتحدة رصد كل تلك الانتهاكات. الآن نسيت قانون ماغنيتسكي (القانون الذي يُخولُ الحكومة الأمريكية فرضَ عقوبات على منتهكي حقوق الإنسان في كل أنحاء العالم من خلالِ تجميد أصولهم وحظرهم من دخول الولايات المتحدة وقد تمتدُ العقوبات لأمور أخرى). والذي كان يفترض أن يجيزه الكونغرس أول أمس لإدانة المليشيا ومعاقبتها. لا تزال أموال الجنجويد في بنوك الإمارات بالمليارات دون أن تطالها مصادرة أو حجز ودون عقوبات لتواصل دورها في تمويل حرب الجنجويد.
4
بعد كل هذه الانحيازات المكشوفة للعدو، تطرح أمريكا نفسها وسيطا في حرب الجنجويد.!!. تُرى من يصدق هذه اطروحات هذا الوسيط المتواطئ، تعتقد أمريكا إنها بالتهديدات والضغوط بإمكانها تمرير سياساتها الداعمة للجنجويد، لتنقذهم من الورطة التي هم فيها الآن، يبحثون عن أي اتفاق يعيد بعضا من مملكة آل دقلو التي انهارت وجيوشهم التي تبددت.
5
كيف ياتُرى تكون وسيطا نزيها وأنت منحاز لطرف في الصراع؟ بل كيف تكون وسيطا وأنت تدعم بالسلاح والصمت والسياسات طرفا من الأطراف؟. من يثق في وساطة كتلك؟ أدمنت أمريكا تلك اللعبة عبر العالم باعتبارها تملك نفوذا لا يقهر وتملك من كروت الضغط على الأنظمة ما يسمح لها بأن تكون دكتور جيكل ومستر هايد في ذات الوقت، وتحت الضغوط والتهديد والوعيد تصر أن تقبل منها أطراف النزاع هذا الدور المزدوج، يالها من متغطرسة تلوح دائما بالعقوبات والغزو.
لحسن الحظ الآن لم يعد هناك ما تهددنا به أمريكا، فلا شيء أقسى من الحرب التي نخوضها الآن ضد الجنجويد، كل أسلحتها الدبلوماسية وضغوطها أصبحت لا تخيفنا بل بلا فعالية، أصبحنا والحمد نقرر ما سنفعله على كيفنا، تحرر قرارنا الوطني ولم نعد نخشى إلا الله، وتلك من نعم الحرب علينا والحمد لله”فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا”.

عادل الباز

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

تفاصيل اللحظات الأخيرة في حياة إمام المنصورة المتوفى بالحرم المكي.. «طلبها ونالها»

لحظات صعبة عاشها أهالي قرية ميت علي في مركز المنصورة بمحافظة الدقهلية، بعد أن تلقوا خبر وفاة ورحيل الشيخ أحمد الباز أمام مسجد الصفطاوي في المنصورة، أثناء قيامه بأداء صلاة الجمعة داخل مسجد الحرم في الأراضي العربية السعودية.

أمنية طلبها

«طلبها ونالها، في الأيام الأخيرة، أثناء وجوده في العمرة، تمنى أن يتوفاه الله داخل المملكة العربية السعودية ليدفن في البقيع، وكأنها كانت ساعة استجابة»، بهذه الكلمات عبر الحاج محمد حسن، أحد جيران الشيخ الراحل في ميت علي، لـ«الوطن» عن اللحظات والأيام الأخيرة في حياته، التي حملت أمنية غالية استجاب لها الله اليوم أثناء صلاة الجمعة.

صاحب سيرة طيبة

وكان الشيخ أحمد الباز صاحب سيرة طيبة بين جميع أهالي قريته، فقد ورث الأخلاق الحميدة من والده حافظ القرآن: «كان على خلق حميد، وإنسان الكل بيحبه، البلد كلها في حالة حزن من اللحظة التي سمعت فيها الخبر، كلنا في صدمة، شاب صغير في السن وقمة في الاحترام، لكن أمنيته ربنا استجاب لها فيه، وحقيقي هو يستاهل كل خير».

حمل الشيخ أحمد الباز سيرة طيبة بين أهالي القرية، وعن بره بوالديه وحبه لوالدته وللجميع في القرية: «كان زميل ابني، عمرنا ما سمعنا حاجة وحشة عنه، وكان يحبه كل أهالي القرية، حافظ القرآن الكريم وإمام مسجد».

وخرج الشيخ أحمد الباز منذ أيام عبر مواقع التواصل الاجتماعي في فيديو وطلب من الله، أثناء رحيله من المدينة إلى مكة، أن يتوفاه داخل تلك الأراضي ويدفن بها، واستجاب الله له اليوم أثناء صلاة الجمعة داخل مسجد الحرم الشريف.

وأكد الدكتور صفوت نظير، وكيل وزارة الأوقاف في الدقهلية، على أخلاق الشيخ الراحل، حيث كان إمامًا وخطيبًا مسجد الصفطاوي بمدينة المنصورة، وأحد أئمة قادة الفكر بالدقهلية، الذي توفاه الله في الحرم المكي اليوم، بعد أن ذهب الأسبوع الماضي لتأدية مناسك العمرة.

آخر ما كتبه الشيخ الراحل

وكان آخر ما كتبه الراحل على صفحته الشخصية عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: «الوقت يمضي، والحياة قطار يمضي كما شاءت له الأقدار، إننا ضيوف، والحقيقة إنه في يوم لابد أن ينتهي المشوار»، ويكتب أيضًا في منشور آخر قبل الوفاة: «باقي عدد محدود جدًا في رحلة الراحة والسكينة».

مقالات مشابهة

  • لاعبو كرة القدم: تعبنا من كثرة المباريات.. وبطولة الفيفا الجديدة هي القشة التي قصمت ظهر البعير
  • مفاوضات غزة – تفاصيل الملفات التي تم الاتفاق عليها حتى الآن
  • خامنئي يتهم أمريكا وإسرائيل بنشر الفوضى في سوريا ويؤكد: "الشباب سيواصلون معارضتهم لحكام دمشق الجدد"
  • تبيان توفيق: اخير يدقوني الكيزان بدل دق الجنجويد !!
  • السيسي عن العاصمة الإدارية: حولنا الأراضي التي لا تساوي شيئا إلى أموال نستفيد منها
  • إندونيسيا تحيي الذكرى العشرين لكارثة تسونامي المأساوية التي أودت بحياة مئات الآلاف
  • تفاصيل اللحظات الأخيرة في حياة إمام المنصورة المتوفى بالحرم المكي.. «طلبها ونالها»
  • السودان يطلب من أمريكا تصنيف المليشيا مجموعة إرهابية والضغط على الإمارات لوقف مدها بشحنات السلاح
  • الحزن يخيم على مواقع التواصل في مصر بعد وفاة إمام مسجد في الحرم المكي
  • متقاعدو الأرجنتين يتظاهرون ضد تدابير التقشف التي فرضها الرئيس ميلي