على مدار أكثر من أربعة عشر عاماً، واجهت مصر مجموعة من التحديات الجسام التى هددت استقرارها وأمنها القومى، تصاعدت الأحداث وتفاقمت الأزمات، وكان المصريون يقفون متحدين خلف قيادتهم السياسية وجيشهم ورجال الشرطة وجميع مؤسسات الدولة، الوحدة والتكاتف كانا الدرع والسيف الذى حمى الدولة وأبقاها بعيدة عن السقوط فى نفق مظلم كان مُعداً لها عن عمد، من خلال خطط وتحالفات استخباراتية تستهدف النيل من قوة مصر وهيبتها.

وفى ظل هذه الأزمات، واجهت مصر تهديدات متعددة على مختلف الأصعدة، الإرهاب المسلح كان أحد أبرز هذه التهديدات، حيث شهدت البلاد عمليات إرهابية متكررة حاولت زعزعة استقرارها عبر تفجيرات استهدفت أطياف الشعب المختلفة، لكن مصر لم تقف مكتوفة الأيدى، بل تصدت لهذه المحاولات بشجاعة، حيث قامت بعمليات أمنية وعسكرية مكثفة لمواجهة عناصر التنظيمات الإرهابية التى كانت تهدف إلى إثارة الفوضى وتحويل مصر من بلد آمن ومستقر إلى ساحة نزاع.

لكن التهديدات لم تتوقف عند هذا الحد، بل اتخذت أشكالاً جديدة مثل حرب الجيل الرابع والخامس، التى استهدفت وعى الشعب المصرى عبر نشر الشائعات والأكاذيب، والتشكيك فى التاريخ الوطنى، وتحقيق أهدافها من خلال الحرب بالوكالة، وعلى الرغم من هذه المحاولات، فإن مصر القوية أبت الاستسلام واستطاعت أن تتصدى لهذه الهجمات بكل شجاعة ونجاح. اليوم، تزداد التحديات خطورة، حيث تسعى المخاطر الإقليمية والدولية إلى اختبار صمود وقوة الدولة المصرية، فالحدود المصرية، التى كانت تعتبرها مصر مصدر أمان، أصبحت محاطة بأزمات مفتعلة، ما يزيد من تعقيد المشهد الأمنى، من الشمال الشرقى، تشتعل الأزمة الفلسطينية التى لا تتوانى مصر، قيادة وشعباً، عن دعم الشعب الفلسطينى ورفض مخططات التهجير، ومد الأشقاء بالمساعدات اللازمة، وفى لبنان والأردن، لا يزال الوضع غير مستقر، بينما فى الغرب تتواتر الأحداث فى ليبيا، وجنوباً تشهد السودان حرباً أهلية وصراعاً داخلياً، بالإضافة إلى أزمة السد الإثيوبى التى تلقى بظلالها الخطيرة على الأمن المائى المصرى، وشمالاً تثير أزمة الغاز فى البحر المتوسط قلقاً، كما أن هناك أزمات أخرى فى اليمن والبحر الأحمر.

داخل مصر، تتأثر تحديات الأمن القومى بشكل مباشر بهذه الأزمات الإقليمية والدولية، ما يزيد من الضغط على الأمن الاقتصادى والأمن الغذائى والأمن المائى، ولذا، كانت القيادة السياسية حريصة على تعزيز مفهوم الأمن القومى من خلال تعزيز الجهود لمواجهة جميع هذه التهديدات، وإعادة صياغة أهداف الأمن القومى بطريقة شاملة، تتضمن الأبعاد السياسية والعسكرية والاقتصادية والأمنية والعلمية.

القيادة السياسية، ممثلةً فى الرئيس عبدالفتاح السيسى، أكدت ضرورة وضع ملف الأمن القومى والسياسة الخارجية على رأس الأولويات، وقد استجابت الحكومة الجديدة بسرعة لهذه التوجيهات من خلال صياغة نحو 19 توصية فى برنامجها، وذلك فى إطار اللجنة الخاصة بدراسة برنامج الحكومة بمجلس النواب، وتشمل هذه التوصيات محاور متعددة مثل حماية الأمن القومى، وبناء الإنسان المصرى، وتحقيق اقتصاد تنافسى، والاستقرار السياسى الذى يؤدى إلى التماسك الوطنى.

حماية الأمن القومى لم تعد مجرد مسألة عسكرية، بل تتضمن أيضاً الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ولذلك، فإن جهود الدولة لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة تتكامل مع تعزيز الأمن القومى، وفى هذا السياق، تعمل مصر على تطوير استراتيجيات شاملة تشمل تعزيز الكفاءات الوطنية، وتحسين الأداء فى مختلف المجالات، والتعامل بفاعلية مع التهديدات الداخلية والخارجية.

بالمجمل، فإن تعزيز الأمن القومى المصرى يتماشى مع تحقيق الأهداف القومية للدولة، ويتطلب اتخاذ إجراءات تضمن تحقيق الاستقرار والتماسك المجتمعى، وفى ظل هذه التحديات الكبيرة تظل مصر صامدة بفضل الوحدة الوطنية والجهود الكبيرة التى تبذلها القيادة السياسية والشعب المصرى للحفاظ على الوطن وتعزيز استقراره، ما يضمن تحقيق مستقبل أكثر إشراقاً واستقراراً للأجيال القادمة.

 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الأمن القومى الاتجاهات الاستراتيجية مواجهة التحديات الأمن القومى من خلال

إقرأ أيضاً:

السفير حسين هريدي: ما يحدث في غزة مأساة إنسانية غير مسبوقة

قال السفير حسين هريدي مساعد وزير الخارجية الأسبق، إنّ العدوان الإسرائيلي المستمر على القطاع خلق مأساة إنسانية غير مسبوقة في تاريخ البشرية، مشيراً إلى أن هدف إسرائيل الرئيسي هو حرب التجويع والتهجير، وهو ما يواجه مقاومة محدودة من المجتمع الدولي.

باريس.. اعتقال صحفي فرنسي من أصول إيرانية بسبب فلسطينمصطفى سالمان: مصر تواصل دفاعها عن فلسطين عبر أدوات القانون الدوليمندوب فلسطين بمجلس الأمن: أملنا كبير في أن مصر وقطر وأمريكا ستتمكن من العودة لوقف إطلاق النارمندوب فلسطين لدى مجلس الأمن: ندعو كل الدول لـ دعم الحكومة الفلسطينية وخطة إعمار غزة


وأضاف هريدي، خلال مداخلة هاتفية عبر قناة «إكسترا نيوز»، أنّ الأمم المتحدة لم تتمكن من التعامل مع الأزمة بشكل فعّال، مشيراً إلى أنه على الرغم من محاولاتها لإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، إلا أنها ظلت عاجزة أمام توسع المعاناة الفلسطينية.


العدوان الإسرائيلي على غزة: محنة إنسانية مستمرة


وتابع، أن الأمم المتحدة لم تتمكن من التعامل مع الأزمة بشكل فعّال، مشيراً إلى أنه على الرغم من محاولاتها لإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، إلا أنها ظلت عاجزة أمام توسع المعاناة الفلسطينية. 


وذكر، أن الدور الأممي أصبح في مرمى الانتقاد، خاصة بعد عجزها عن اتخاذ خطوات جادة لوقف إطلاق النار وفتح المعابر الإنسانية.


دور مصر وقطر في حل الأزمة


وأكد، أنّ الجهود المصرية لتخفيف الأزمة كانت محورية، إذ أطلقت الدولة المصرية المبادرات التي تهدف إلى وقف الحرب في غزة، بالإضافة إلى دعم مصر المستمر لعملية إعادة الإعمار، لافتًا، إلى أن مصر طرحت خطة من ثلاث مراحل للحل، والتي بدأت بوقف إطلاق النار ثم تم التفاوض على ضمانات أمنية، وصولاً إلى بدء مرحلة إعادة الإعمار.


 

طباعة شارك وزير الخارجية وزير الخارجية الأسبق إسرائيل الأمم المتحدة فلسطين حسين هريدي

مقالات مشابهة

  • محافظ أسوان يلتقي وفد بعثة الاتحاد الأوروبي والقومي للمرأة
  • مصادر بالبيت الأبيض: مستشار الأمن القومى لم يقدم استقالته
  • النائب حازم الجندي: عمال مصر وقود التقدم وشعلة الإنتاج في مواجهة التحديات
  • السفير حسين هريدي: ما يحدث في غزة مأساة إنسانية غير مسبوقة
  • النائب حازم الجندى: عمال مصر وقود التقدم وشعلة الإنتاج في مواجهة التحديات
  • برشلونة..إرادة حديدية في مواجهة التحديات رغم كل الصعاب
  • العرادة يلتقي التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية ويؤكد على ضرورة تعزيز وحدة الصف الوطني
  • وقفتان مسلحتان في القناوص والزهرة بالحديدة لنصرة غزة والاصطفاف في مواجهة التصعيد الأمريكي
  • محمد عيد: عمال مصر ركيزة الوطن وبناة المستقبل في مواجهة التحديات
  • وزير التعليم العالي: المستشفيات الجامعية خط الدفاع الأول في مواجهة التحديات الصحية