التقارب السوداني الروسي الأخير بات يشكل واقعاً ومتغيراً جديداً في السياسة السودانية التي انتهجتها حكومة الأمر الواقع في بورتسودان برئاسة قائد الجيش الفريق البرهان المُرتقب أن يزور موسكو قريبا بحسب التسريبات لتوقيع صفقات مختلفة عسكرية و أمنية وتجارية واقتصادية.

تقرير ــ التغيير

الجانب العسكري والأمني طغي علي بقية الجوانب الآخرى في علاقات البلدين حيث يشهد المجال الجوي والبحري السوداني وتحديداً مطار وميناء مدينة بورتسودان وصول عدد من الطائرات والسفن القادمة من روسيا والإمارات وهو ما أكده موقع وكالة الأناضول التركية بأن روسيا زودت الجيش السوداني بأسلحة ومعدات نوعية متطورة وقطع غيار طائرات فيما كشفت محركات البحث لمواقع التتبع عن وصول عدد من الطائرات الروسية من موسكو والإمارات للسودان.

زيارات متبادلة

زيارات المسؤولين في الحكومة السودانية ظلت متواصلة خلال فترة الحرب آخرها زيارة وزير الدفاع السوداني المكلف ياسين إبراهيم لموسكو وسط أنباء عن توقيع اتفاقية عسكرية ضخمة وطائرات بدون طيار حيث عقد الوزير السوداني لقاءات مع مسؤولين عسكرين روس عطفا علي تعهدات نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف الذي وعد الحكومة السودانية بتقديم مساعدات عسكرية نوعية غير مقيدة بحسب تعبيره وبحسب صحيفة “القدس العربي” فأن الزيارة وضعت اللمسات النهائية لإقامة قاعدة روسية لوجستية في مياه السودان الإقليمية بالبحر الأحمر في المقابل زار بورتسودان مؤخرا وفد روسي ذو طابع اقتصادي.

فيما ذكر الموقع الإلكتروني للحكومة الروسية، أن “موسكو وقعت اتفاقا مع السودان لإنشاء “مركز للدعم اللوجيستي” في بورتسودان على ساحل البحر الأحمر، حيث يمكن إجراء “عمليات الإصلاح وإعادة الإمداد” عزز من مصداقية هذه الأنباء التصريح المنسوب لسفير السودان لدى روسيا والذي نقله موقع “قناة الحدث” أن “السودان  لم يتخلى عن بناء قاعدة روسية”.

مراقبة

من جانبها أكدت الخارجية الأمريكية أنها تراقب الموقف الخاص بالتقارب بين البلدين حيث صرحت واشنطون بأن الاتفاق البحري بين روسيا والسودان سيعمق الصراع الحالي ويخاطر بمزيد من زعزعة الاستقرار الإقليمي، وأوضح البيت الأبيض أنه على علم بالنقاشات الجارية بين روسيا والسودان بشأن إنشاء مركز لوجيستي روسي في بورتسودان.

قوات علي الأرض

مصدر مطلع أكد لـ «التغيير» صحة المعلومات التي راجت بوجود قوات روسية في البحر الأحمر وقال : «نعم صحيح هنالك قوات روسية وصلت عبر البحر لبورتسودان قبل أيام قوامها أكثر من 700  جندي روسي من الجنود المقاتلين»، و أشار المصدر إلى أن بناء قاعدة روسية أو مركز لوجستي بات أمراً قريب الحدوث في ظل هذه المعطيات و أضاف «لكن المعلومات عنه قليله على أرض الواقع».

ويعتقد المصدر أن طبيعة هذه القوات ليست تدريبية، بل قوات مقاتلة، أقرب للقوات الخاصة وتابع: «ربما يتم توزيعها لثكنات عسكرية، تمهيداً لأمر ما» وأكد المصدر أن مطار بورتسودان يشهد بصورة دورية هبوط طائرات روسية بجانب رسو سفن بحرية روسية في ميناء بورتسودان.

و أكد المصدر أن هذه ليست المرة الأولى التي تشارك فيها قوات من جيوش أخرى في القتال مع الجيش السوداني و أشار إلى أنه قد سبق مشاركة قوات خاصة من شرق أوروبا مع الجيش السوداني في حربه ضد الدعم السريع بهدف تحييد القناصين المتحصنين وقال «الغريب في الأمر أن الطرف الآخر يستخدم ايضا مقاتلين من ذات البلد».

تقارب

ووصف المحلل الاستراتيجي العميد “م” محمد عثمان أحمد التقارب بين الجيش السوداني والروسي بالأمر الطبيعي مشيرا إلى أن تسليح الجيش السوداني معظمة روسي خاصة الأسلحة الثقيلة و المدافع، الطيران الدبابات وقال :«الجيش منذ فترات طويلة ظل يعتمد علي التقنية الروسية الحربية والآن يحتاج للمزيد منها في حربه الطويلة مع تمرد الدعم السريع».

وأشار عثمان إلى ان فترة نظام الانقاذ زادت من الاعتماد علي السلاح الروسي بعد العقوبات المفروضة علي الجيش السوداني والآن ايضا يجد الجيش السوداني نفسه في ذات المحك بعد أن تكالب عليه الاعداء في حربه ضد الدعم السريع .

وأوضح عثمان أن ما يقال عن إبرام صفقات خيالية وقواعد بالبحر الأحمر ووجود مقاتلين أجانب في صفوف الجيش مجرد اشاعات في اطار الحرب من الطرف الآخر مؤكدا في الوقت ذاته أنه من حق الجيش السوداني تطوير قدراته القتالية و إقامة علاقات وتوقيع عقود مع أي جهة تتوافق مع مصالح البلاد وهذا يحدث في كل العالم مشيراً إلى أن قوات الدعم السريع المتمردة تقوم بشراء السلاح وتوقع صفقات من دول معلومة دون أن يجد ذلك استنكارا من رافضي الحرب كما يسمون انفسهم .

طاقة نووية

القيادي بالحركة الشعبية والنائب السابق لرئيس لجنة متابعة تنفيذ البرتوكولات الخاصة بين موسكو والخرطوم مبارك أردول : اكد في تغريده على “الفيس بوك” أنه  لا خيار للسودان سوى التقدم بخطى واثقة نحو الحلف الذي من شأنه أن يدافع عن البلاد ، ويصون السيادة ، ويؤسس للبني التحتية من أجل التنمية الاقتصادية الشاملة.

و أضاف: «لو أن الاتفاقية بين روسيا والسودان في مجال تأسيس محطة الطاقة النووية فقط في السودان سيكون مكسب كبير ناهيك عن باقي البنود من أجل إمداده بالكهرباء التي تمكنه من تغطية الاحتياج الصناعي والخدمي الزراعي وغيرها» واعتبر أردول ذلك بالحدث الذي يمثل ثاني أكبر حدث تاريخي بعد إعلان الاستقلال من البرلمان في ١٩ ديسمبر ١٩٥٥م .

دروس

الأكاديمي والمحلل السياسي أحمد شرف الدين يقول لـ «التغيير» :إذا نظرنا لدول العالم الثالث المتحالفة مع روسيا نجد أن معظمها لا ينعم بالأمن والاستقرار التعامل مع موسكو ربما تكون له فوائد آنيه للجيش السوداني لكن الخروج من تلك العلاقة والتحالف المرحلي المؤقت سيكون صعب وسيدفع السودان ثمنه في المستقبل .

وبحسب شرف الدين فان حكومة البرهان تكرر اخطاء نظام البشير الإنقاذ بالكربون مشيرا إلى أن روسيا تعيش حالياً صراعاً عسكرياً وسياسياً مع أوكرانيا المدعومة من الغرب ولذلك ستحاول أن تستفيد من السودان أكثر مما يظن السودان أنه استفاد منها مشيراً في الوقت ذاته إلى أن السياسية الروسية تدعم الحكومات ولا تدعم الشعوب وقال «لذلك علينا أن ندرس التاريخ جيداً» .

ولم يستبعد أحمد شرف الدين أن تقوم روسيا ببناء قاعدة عسكرية في البحر الأحمر وتصنيع اسلحة مختلفة بما فيها النووية قائلا : «هي تريد قاعدة في البحر الأحمر لتوفير الدعم اللوجستي للفيلق الإفريقي التابع لموسكو والمنتشر في عدد من الدول الأفريقية وبذلك تدخل السودان في ورطة كبيرة مع محيطه الإقليمي والدولي».

قائلا : «سياسياً موقف السودان الرافض للتفاوض وإيقاف الحرب يعطي مؤشرات بأن حكومة بورتسودان باتت تعتمد علي التحالف مع روسيا إيران سياسياً وعسكرياً وهذا يجر عداوة الغرب ودول الخليج أيضا وبالتالي سيخسر السودان كثيرا جراء هذا الموقف».

الوسومالبحر الأحمر القاعدة الروسية بورتسودان تعاون حكومة بورتسودان روسيا

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: البحر الأحمر القاعدة الروسية بورتسودان تعاون حكومة بورتسودان روسيا

إقرأ أيضاً:

الجيش السوداني يرفض اتهامات بقتل مدنيين في ولاية الجزيرة ويؤكد ضرورة محاسبة المتورطين

أدت هجمات ذات طابع عرقي في ولاية الجزيرة بالسودان إلى سقوط قتلى في صفوف المدنيين، تزامنا مع اتهامات موجهة للجيش السوداني وحلفائه بتنفيذ تجاوزات بعد استعادة مدينة ود مدني من قبضة قوات الدعم السريع. وأفادت تقارير حقوقية بحدوث اعتقالات وتعذيب وإعدامات طالت مدنيين، بينما أكد الجيش التزامه بمحاسبة المتورطين في الانتهاكات.

إعداد: فرانس24
أعرب الجيش السوداني، الثلاثاء، عن إدانته لما وصفه بـ"التجاوزات الفردية" التي شهدتها ولاية الجزيرة مؤخرا. جاء ذلك بعد اتهامات وجهتها جماعات حقوقية للجيش وحلفائه بتنفيذ هجمات ذات طابع عرقي استهدفت مدنيين في المنطقة.

وتسببت الهجمات في استهداف أفراد من غرب السودان المقيمين في الجزيرة، بدعوى تعاونهم مع قوات الدعم السريع، التي تخوض نزاعا مسلحا مع الجيش منذ قرابة عامين.

وفي سياق الأحداث ، أعلن الجيش السوداني وحلفاؤه استعادة السيطرة على عاصمة الولاية، ود مدني، من قبضة قوات الدعم السريع، وهو ما قد يشكل نقطة تحول في الصراع الجاري.

وبحسب منظمة "محامو الطوارئ"، قتل 13 شخصا في تجمع زراعي يعرف بـ"كمبو طيبة" بعد تقدم الجيش في المنطقة.

وأفادت المنظمة بأن الهجمات جاءت عقب تصاعد خطاب كراهية يربط السكان المحليين بقوات الدعم السريع، مشيرة إلى تقارير عن اعتقالات وتعذيب وإعدامات طالت المدنيين. ولم يتم التحقق من صحتها بشكل مستقل.

وأصدرت القوات المسلحة بيانا أكدت فيه إدانتها للتجاوزات، مشددة على التزامها بالقانون الدولي، ومحاسبة كل من يثبت تورطه في الانتهاكات، سواء في تجمعات المزارعين أو القرى المتضررة.

وشهدت الجزيرة على مدى عام عمليات نهب وعنف شنتها قوات الدعم السريع، ما أدى إلى نزوح مئات الآلاف. وأشار بعض السكان إلى مشاركة شبان من قبيلة الكنابي، التي تعاني من التهميش، في الهجمات.

وانتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة تظهر فيها مشاهد عنف يزعم أنها وقعت في ود مدني، بينها مقطع يظهر مدنيا يتوسل للجنود، قبل أن يطلق عليه النار. وفي مقطع آخر، يظهر شاب يلقى به من فوق جسر حنتوب. وبحسب وكالة رويترز، تم تحديد موقع الجسر، دون التأكد من تاريخ الأحداث.

ووصفت نقابة الأطباء السودانيين المدنيين بأنهم الضحية الأكبر في هذا النزاع، مشيرة إلى استمرار معاناتهم نتيجة القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع، وعدم قدرتهم على مغادرة المناطق المتضررة بسبب تدهور أوضاعهم المعيشية.

فرانس24/ أ ف ب  

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني يرفض العقوبات الأمريكية ضد البرهان
  • الجيش السوداني يستنكر قرار الخزانة الأمريكية بفرض عقوبات ضد البرهان
  • نص بيان وزارة الخزانة الاميركية بشأن فرض عقوبات على قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان
  • رويترز: الولايات المتحدة ستفرض عقوبات على قائد الجيش السوداني
  • السودان.. إعدامات ميدانية في ود مدني وأصابع الاتهام نحو الجيش
  • رويترز: واشنطن تعتزم فرض عقوبات على قائد الجيش السوداني
  • بقيادة مصر .. إذاعة صومالية: القاعدة التركية في مقديشو تحولت إلى مركز عسكري لدعم الجيش السوداني
  • الجيش السوداني يندد بـالتجاوزات الفردية بعد استهداف مدنيين عرقيا بولاية الجزيرة
  • الجيش السوداني يرفض اتهامات بقتل مدنيين في ولاية الجزيرة ويؤكد ضرورة محاسبة المتورطين
  • «توم بريللو»: الجيش السوداني يتحمل انتهاكات ودمدني رغم ادانته لها