خبراء عراقيون لـ«الاتحاد»: الشرق الأوسط ضمن الأكثر تضرراً من التغير المناخي
تاريخ النشر: 10th, August 2023 GMT
هدى جاسم (بغداد)
أخبار ذات صلة الاقتصاد الأزرق.. أولوية إماراتية «هاكاثون الشباب» يدعو لإيجاد حلول مناخية مؤتمر الأطراف «COP28» تابع التغطية كاملةاعتبر خبراء عراقيون متخصصون بقضايا التغييرات المناخية، أن مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «كوب 28» يعطي دفعة كبيرة للعمل المناخي وتنفيذ التعهدات الدولية في مواجهة تغيرات المناخ التي أصبحت تهدد العالم أجمع.
واعتبر الخبير العراقي المهتم بشؤون المناخ خالد سليمان، أن «كوب 28» سيسهم في اتخاذ جملة من القرارات خصوصاً القرارات التي تمت المصادقة عليها في مؤتمر باريس للمناخ عام 2015، ومنها خفض انبعاثات الكربون وإقرار المساعدات للدول الفقيرة المتضررة والتي لا تسهم في تلك الانبعاثات.
وبين سليمان في تصريح لـ «الاتحاد» أن المؤتمرات المناخية السابقة واجهت مشكلات عدة، منها انتشار وباء كورونا والأزمة الأوكرانية، معتبراً أن تلك المؤتمرات لم تصل إلى قرارات حاسمة بشأن الانبعاثات الكربونية ومساعدة الدول الفقيرة، وكذلك الخلاف بين الدول الصناعية الكبيرة ومساهمتها في تلك الانبعاثات.
وأكد سليمان أن الصراعات والحروب جعلت دول العالم لا تلتفت إلى خطورة التغييرات المناخية التي نوه إليها المختصون في القرن الماضي، داعياً إلى التركيز على تنفيذ القرارات الخاصة بالمناخ. وبين سليمان أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعاني أكثر من غيرها من المناطق من التغييرات المناخية، حيث تتعرض لارتفاع درجات الحرارة بشكل كبير، إضافةً إلى قلة الموارد المائية المتجددة، معتبراً أن المنطقة بحاجة إلى مساهمة كبيرة والضغط على كافة الأطراف لضمان المستقبل في هذه المنطقة.
من جانبه، أشار الخبير البيئي والزراعي العراقي عادل المختار، إلى أن «كوب 28» يأتي في وضع صعب جداً بسبب التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية.
واعتبر المختار في تصريح لـ«الاتحاد»، أن استخدام الوقود الأحفوري بدلاً عن الغاز الجفاف الذي يؤثر على الغطاء النباتي يشكلان مؤشراً خطيراً.
وفي السياق، أشار الناشط والخبير العراقي في مجال البيئة، المهندس جاسم الأسدي، إلى أن الخسائر الاقتصادية الناجمة عن التغير المناخي مثل الفيضانات والجفاف والانهيارات الأرضية بلغت عشرات المليارات وأثرت على عشرات الملايين حول العالم، وفقاً لتقارير صادرة عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية.
وقال الأسدي في تصريح لـ«الاتحاد»، إن «صغار المزارعين في البلدان النامية ينتجون ثلث غذاء العالم ومع ذلك هم يتلقون 1.7% من تمويل المناخ حتى عندما يضطرون إلى التكيف مع الجفاف والفيضانات والأعاصير والكوارث الطبيعية الأخرى».
وبين الأسدي أن «كوب 28» يسعى لاتخاذ إجراءات بشأن القضايا الحاسمة لمعالجة حالة الطوارئ المناخية انطلاقاً من الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وبناء القدرة على الصمود والتكيف مع الآثار الحتمية لتغير المناخ وصولاً إلى الوفاء بالتزامات تمويل العمل المناخي في البلدان النامية.
وقال الأسدي: «مع الإخفاقات أو ما تحقق من أهداف في مؤتمرات المناخ السابقة، يأتي كوب 28 لتحقيق الأهداف ويقدم مزيداً من الدعم للدول النامية في مجال مواجهة تداعيات التغير المناخي والوفاء بالتزامات تمويل صندوق الخسائر والأضرار».
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: كوب 28 التغير المناخي المناخ تغير المناخ مؤتمر المناخ العالمي التغيرات المناخية أزمة المناخ قمة المناخ
إقرأ أيضاً:
تحديات شرق أوسطية
لطالما كان الشرق الأوسط محط أنظار استراتيجيات القوى العظمى، بالنظر إلى الإمكانات التي يختزنها، علاوة على ما يشكله من منطقة وصل في الجغرافيات السياسية الإقليمية والدولية، وتكاد لا تخلو حرب كبرى إقليمية أو عالمية إلا وكان هذا الشرق محورها، ومقصداً لغاياتها وتداعياتها وآثارها.
وما يجري اليوم هو بطبيعة الحال استكمال لتداعيات انهيار النظام الثنائي العالمي، وتحديداً الموجة الثانية من انهيارات النظم المحلية، بعدما عصفت به الموجة الأولى والتي كان محورها ما سُمي آنذاك «الربيع العربي» وامتداداته الإقليمية التي توسعت لتشمل نظماً خارج الإطار الجغرافي الذي رسا عليه لعقود طويلة نسبياً.غريب المفارقات اليوم أن هذا الشرق، الذي كان دائماً نتاج توازنات دولية دقيقة عادة ما كان يتم احترامها نسبياً، انطلق اليوم بأسس جديدة عمادها أنه سيكون هو نفسه محوراً لتوازنات دولية جديدة، إذ سيظهر نظام عالمي بمحددات مغايرة، رغم كل ما قيل مثلاً عن تعثر واهتزاز استئثار الولايات المتحدة بقيادة النظام العالمي منذ تسعينات القرن الماضي.
ثمة شبه إجماع على أن متغيرات تسعينات القرن الماضي، كان أحد أهدافها بناء نظام شرق أوسطي جديد، بمسميات مختلفة، تارة جديد وطوراً كبير، إذ انطلقت حروب ومعارك، وسقطت أنظمة، وظهرت مفاهيم حاولت البناء لصور ومقاربات مختلفة لهذا الشرق الذي يذخر بصور وأنماط عقائدية واجتماعية تكاد لا تحصى.
على مدى العقود الثمانية الماضية أغرق الشرق الأوسط بحروب متعددة لا نهاية لها، أبرزها الحروب العربية الإسرائيلية الأربعة الكبرى 1948 و1956 و1967 و1973، وليس انتهاء بالمعارك ذات الطابع اللبناني 1982 و1993 و1996 و2006 و2024، إضافة إلى معارك الضفة الغربية وغزة المتتالية، جميعها أنتجت مزيداً من تعقيدات العلاقات الإقليمية والدولية من دون أي توافق لبناء حلول مقبولة قابلة للحياة، والتي كان آخرها ما جرى في غزة أكتوبر/ تشرين الأول 2024 وما تبعها من حرب إسناد ووحدة المحاور والساحات، وصولاً إلى انهيار النظام السوري.
وعلى الرغم من عدم غرابة ما جرى من سقوط للنظام السوري، باعتباره ملحقاً لمسلسل الانهيارات التي جرت في العقد الماضي كمثال العراق وليبيا واليمن ومتغيرات مصر وتونس وغيرها، إلا أن سرعة الانهيار الأخير في نظام دمشق تدلل على هشاشة تلك الأنظمة التي حكمت شعوبها لعقود طويلة من الزمن.
ثمة وجه آخر لطبيعة التحديات التي تطول دولاً أخرى في هذا الشرق الممتد على حدود مترامية من بينها إيران وتركيا وإسرائيل والعرب، وجميعها، نسجت استراتيجيات لمسارات معقدة من العلاقات والتحالفات غير المستقرة في الكثير من الأحيان، والتي تسببت في زلازل سياسية واجتماعية واقتصادية غير مسبوقة في التاريخ البشري، والتي استندت في غالبيتها إلى محاولة الاستحواذ على القوة والسيطرة عنوة، ونشر معتقدات وأيديولوجيات بدت بعضها براقة وتبين مع الوقت انتفاخها غير الواقعي.
فايران التي انطلقت بثورتها الإسلامية نهاية سبعينات القرن الماضي والتي لم تتمكن من نشر أيديولوجيتها على مدى أربعة عقود ونيف، لم تحقق سوى بناء أذرع متعددة الأشكال في لبنان واليمن وغزة والعراق، وجميعها لم تتمكن عملياً من إنجاز ما بنيت عليه. فايران اليوم التي دفعت مقدرات هائلة في سبيل الحصول على عظمة القوة عبر البرنامج النووي والصاروخي وهو الأهم، لم تتمكن من الإنجاز النهائي رغم وصولها إلى جميع الإمكانات العلمية والتكنولوجية المطلوبة، وما زالت تقف عند العتبة الأخيرة، رغم شبكة التحالفات الدولية التي أنشأتها مع كل من روسيا والصين وكوريا الشمالية. كل ذلك يطرح عليها أسئلة بطبيعة تحديات وازنة في مستقبل غير واضح.
في الجانب الآخر، ثمة دور متجدد لتركيا يبدو أنها استعدت له بعد محاولات كثيرة منذ تسلّم حزب العدالة والتنمية للسلطة بداية الألفية الثالثة، وتحديداً عبر البوابة السورية، بينما إسرائيل يبدو أنها تمكنت من فرض معادلات جديدة لموازين قوى تتعدى الشرق الأوسط إلى نظام عالمي قادم سيحاول الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إرساءه وتثبيته، في ظل تفاهمات واتفاقات أمريكية روسية على تقاسم النفوذ وربما حدود سياسية جديدة جهزت خرائطها للمنطقة، وتنتظر نهايات المشهد الذي ستكثر فيه الدماء ومظاهر حروب التوحش.
إن زلزال الشرق الأوسط الذي انطلق من الفالق السوري والذي ستمتد آثاره وتداعياته ليشمل دولاً وأقاليم بعيدة عن حدودها المعروفة حالياً، ليشكل ليس «شرقاً أوسط جديداً أو كبيراً» فحسب، وإنما ليشكل نظاماً عالمياً، ربما سيكون من بين أسبابه أيضاً تفكك دول واتحادات كبرى قائمة حالياً، فهل ستتمدد الانهيارات لتصل إلى روسيا مثلاً بعد إيران وتركيا.
إن مواكبة التطور العلمي والتكنولوجي، وبناء النظم القائمة على الواقعية السياسية والحكم الرشيد، كفيلة -إن سمحت لها الظروف- ببناء مجتمعات ودول قادرة على مواجهة التحديات الكبيرة التي تنتظر العالم بأسره لا الشرق الأوسط وحده.