الثورة نت:
2024-09-13@05:03:39 GMT

المقاومة تتسلل إلى العقل الإسرائيلي

تاريخ النشر: 24th, August 2024 GMT

 

يشكل فيلم “عماد 4” الذي بثه الإعلام الحربي لحزب الله مؤخراً استمراراً لمسار إعلامي متواصل اعتمدته المقاومة الإسلامية في لبنان منذ تسعينيات القرن الماضي وحققت خلاله تقدماً مشهوداً في مجال الحرب النفسية التي خاضتها ضد العدو بتخصصية واحتراف.
منحت الأفلام المصوّرة للإعلام الحربي قوة إضافية للمقاومة، ما جعل كلمتها العليا أمام السرديات الإسرائيلية التي جهدت طوال عقود الصراع على تشويه صورة العربي، وهو تشويه طال كل الجوانب النفسية والسلوكية والمجتمعية الخاصة بالشخصية العربية والإسلامية.

الصورة التي قدمتها العديد من الدراسات الإسرائيلية عن العرب تقول إنهم “قوم فرديون مفككون يميلون إلى الكذب والمبالغة وخداع الذات، وهم -أي العرب- بالمقارنة مع الإسرائيليين كسالى وجبناء خونة ومستوى ذكائهم منخفض وأدنى من الإسرائيليين”، وفق ما جاء في كتاب للسيد ياسين بعنوان “الشخصية العربية بين صورة الذات ومفهوم الآخر”.
تؤكد الوقائع أن الصورة لم تعد كذلك، وأن حزب الله تحديداً ساهم من خلال تجربته السياسية والعسكرية والإعلامية في الحد من القدرة الإسرائيلية الكبيرة على الاستثمار في الإعلام، فالجمهور الإسرائيلي الذي كان يقبل الصور والمعاني والتفسيرات التي تقدمها وسائل إعلامه وجد نفسه منذ تسعينيات القرن الماضي أمام صور وأفلام يبثها الإعلام الحربي لحزب الله.
استطاعت هذه الأفلام التي صورتها الكاميرات التي رافقت المقاومين أثناء تنفيذهم عملياتهم ضد “جيش” الاحتلال أن تقلب الصورة عن الذات الإسرائيلية وعن الآخر، وأن تحضر بقوة في الفضاء الإعلامي والسياسي الإسرائيلي لتصبح منطلقاً للكثير من المواقف التي ينتهجها الجمهور الإسرائيلي.
هذه الحقيقة اعترف بها الإسرائيليون، وكانت محل إجماع لديهم على المستويات السياسية والأمنية والإعلامية والثقافية.
يقول حسين سلامة في كتابه “صورة العرب والمسلمين في الإعلام الإسرائيلي” إنه كان لافتاً تقاطع كل الأطراف الإسرائيلية في نقطة مشتركة حول صورة حزب الله؛ تلك النقطة هي القوة التي يتمتع بها حزب الله ويواجه بها الإسرائيلي”.
يضيف سلامة: “مع تسليمهم بالقدرة العسكرية لحزب الله، فقد ركز العديد من التقارير والمقالات والأبحاث على جانب أساسي من جوانب تلك القوة، وهو الجانب المتعلق بالحرب النفسية، أي الجانب الإعلامي والدعائي المرتبط بالقدرة على الإبداع والتفوق في استخدام الصورة بهدف تسخيرها لمصلحة الوصول إلى حد إلحاق الهزيمة النفسية والمعنوية بالعدو”.
‏هذه الهزيمة تحدث عنها الكثير من المحللين والباحثين الإسرائيليين. طل زلمنو فيتش، أحد هؤلاء، كتب في مقالة له بعنوان “إخراج نصر الله”: “ليس هناك أدنى شك في أن الدعاية التي يقوم بها حزب الله تؤثر في الجمهور الإسرائيلي… والجيش الإسرائيلي”.
يجري الكاتب تحليلاً للأفلام التي بثها حزب الله، ومعظمها يعود إلى فترة ما قبل التحرير، ويرى أنها تؤثر بالتأكيد في الجندي الإسرائيلي الذي كان يسمع طوال حياته ما كان يقال له عن جيشه بأنه “لا يترك موقعه”، وأنه “الجيش الذي لا يقهر”. يؤكد زلمنوفيتش أن ذلك “يؤثر في المعنويات، ويرى أن هذا الأمر يشبه “البعوضة التي تتسلل إلى المخ ولا تتوقف عن النقر”.
ويذهب في تحليله إلى حد الجزم بأنَّ السياسة الإعلامية التي يتبعها الإسرائيليون أضعف بكثير مقارنة بحزب الله الذي ينجح، من وجهة نظره، “بشكل كبير دعائياً ونفسياً”، ويخلص إلى أن “الأداء الإعلامي لدى حزب الله تحول إلى جزء من قواعد الحرب”.
‏ المحللون الإعلاميون في “إسرائيل” توقفوا عند ما يسمونه “الأمر الأساسي في هذا النجاح”، وهو اعتماد مبدأ تصوير وتوثيق العمليات العسكرية التي ينفذها حزب الله، واعتبروا أن هذه الطريقة هي التي منحت الحزب فرصة تقدم واضحة على الإسرائيلي في الميادين النفسية والمعنوية.
الصحافي عوديد غرانوت يبدي أسفه لكون حزب الله قد حسَّن طريقة ما سماه “وضع الألغام وحرب المعلومات”.
ويصف خروج الكاميرات مع المقاتلين إلى الميدان بـ”الأمر المدهش”، ويضيف: “لا أذكر أن منظمة عصابات وثقت أنشطتها بقصد توجيه الصور إلى الحلبة اللبنانية وإلى الحلبة الإسرائيلية. وقد رأينا تأثير هذه الصور في الرأي العام هنا في إسرائيل”.
وتابع غرانوت: “لقد بثت وسائل الإعلام الإسرائيلية عشرات الأفلام التي صورها حزب الله وهي تعرض أسوأ اللحظات التي مر بها جنود الجيش الإسرائيلي… فالمهانة التي سببتها هذه الصورة التي تعرض رفع علم حزب الله على موقع الدبشة حفرت في ذاكرة الجيش الإسرائيلي”.
زئيف شيف الذي كان أحد أهم المعلقين العسكريين في “إسرائيل” قبل وفاته في العام 2019 أعلن أيضاً انتصار حزب الله في المعركة الإعلامية قائلاً: “إن حزب الله هو الفائز بهذا السباق الإعلامي، فالأفلام التي ينتجها مصورو حزب الله الذين ينضمون إلى العمليات ضد الجيش الإسرائيلي تهدف إلى إظهار الإصرار والشراسة لدى مقاتلي التنظيم”.
ويتابع شيف أن أفلام الإعلام والدعاية التي ينتجها هؤلاء تذاع في القنوات التلفزيونية الإسرائيلية، فرجال الدعاية لحزب الله واثقون بأن الإسرائيليين سوف يخطفون هذه الأفلام. وعندما تنضم تلك الأفلام إلى صور الجنازات الإسرائيلية، فلا يوجد نجاح إعلامي أكبر من ذلك لحزب الله”.
هذا النجاح الإعلامي تطور خلال السنوات الماضية وصولاً إلى “عماد 4” الذي يعد ترجمة لمستوى عالٍ من الاقتدار وصلت إليه المقاومة في لبنان.
هذا الأمر يدركه الإسرائيليون جيداً. صحيفة معاريف أشارت إلى أن “هذه الحقيقة في الأعوام التي تلت تحرير الألفين”، باعتبارها أن وراء أي فيلم مصور يصدره حزب الله “ثمة إعداد جدي للعمل”. وبالتالي، من الواضح، ومما لا شك فيه، أن الإسرائيليين يعرفون أن وراء فيلم “عماد 4” الكثير من التحضير والعقول المبدعة والتجربة المتراكمة والدروس المستفادة والإرادة التي لا تلين.

إعلامية لبنانية

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

ألمانيا: الجيش الإسرائيلي ملزم بحماية المدنيين والغارة الجوية الإسرائيلية على المواصي مروعة

ألمانيا: الجيش الإسرائيلي ملزم بحماية المدنيين والغارة الجوية الإسرائيلية على المواصي مروعة

مقالات مشابهة

  • ما أبرز حالات الفشل التي أدت إلى استقالة قائد وحدة 8200 الإسرائيلية؟
  • نقيب الأشراف مهنئًا بالمولد النبوي: وجَّه الأمة لاستعمال العقل في مجالات الدين والدنيا
  • "هآرتس": القوات الإسرائيلية الخاصة التي تسلّلت إلى سوريا بإنزال جوي صادرت ملفات ووثائق من مبنى للحرس الثوري الإيراني
  • أزهري: الإيمان الحقيقي يرتبط بقدرة المسلم على ربط العقل بالقلب خلال قراءة القرآن
  • بالأرقام.. موقع “غلوبس” الإسرائيلي يكشف الأضرار التي لحقت بمستوطنات الاحتلال الشمالية
  • ألمانيا: الجيش الإسرائيلي ملزم بحماية المدنيين والغارة الجوية الإسرائيلية على المواصي مروعة
  • خبير عسكري: إسقاط المروحية الإسرائيلية بسلاح المقاومة برفح ليس مستبعدا
  • أمين عام الأمم المتحدة يندد بشدة بالضربة الإسرائيلية التي أسقطت شهداء في منطقة مخصصة للنازحين في غزة
  • حماس: الحكومة الإسرائيلية تعرقل التوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى والمحتجزين بارتكاب المجازر
  • أستاذ في العلوم السياسية: الإعلام الإسرائيلي غير منضبط يتعمد نشر الأخبار المغلوطة