مقدمة نشرة أخبار الـ "أن بي أن"
بعد التمسك بالسيطرة على محوري فيلادلفيا ونتساريموهو البند الذي يهدد بانهيار محادثات وقف إطلاق النار الساعية إلى إنهاء الحرب المستمرة على قطاع غزة منذ أكثر من عشرة أشهر وجد بنيامين نتنياهو نفسه أمام إمتحان السيطرة على وزراء حكومته.
على طاولة الحكومة نفسها جبهتان:فتح وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت النار على وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير واصفا إياه بالشخص العديم المسؤولية وإعتبر ان أفعاله تشكل خطرا على الأمن القومي وتخلق انقساما داخليا
وعبر تغريدة مسيرة على منصة إكس شدد غالانت على أن الشاباك ورئيسه وأفراده يقومون بواجبهم ويحذرون من العواقب الوخيمة لهذه التصرفات.
مضبطة الإتهام بحق بن غفير جاءت دفاعا عن موقف رئيس الشاباك رونين بار الذي بعث رسالة إلى نتنياهو حذر فيها من تزايد ما وصفه "بالإرهاب اليهودي" ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية مشددا على ان ذلك يعرض أمن إسرائيل ووجودها للخطر.
رد بن غفير على غالانت لم يتأخر وهو توجه اليه بالقول:وعدتم بإرجاع لبنان إلى العصر الحجري بينما أنتم تعيدون الشمال إلى العصر الحجري.
ولأن اليمين باليمين يذكرساند رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان بن غفير بصلية من إكس استهدفت نتنياهو شخصيا وحكومته التي خسرت الشمال مشيرا الى ان التحديات في الشمال كبيرة على حكومة العدو ولذلك ليس لها الحق في الوجود.
سياسيا، وصل وفدان أميركي وإسرائيلي القاهرة لإجراء مباحثات في شأن صفقة التبادل ومحور فيلادلفيا ومعبر رفح
وفي الجنوب تواصلت عمليات الإغتيال الإسرائيلية الممنهجة وطالت اليوم بلدتي طير حرفا وعيتا الجبل.
مقدمة نشرة أخبار الـ "أم تي في"
الخسائر البشرية في الجنوب ترتفع بقوة ، ولاسيما في صفوف حزب الله. اليوم سقط للحزب تسعة شهداء، اضيفوا الى 418 شهيدا بين قادة وعناصر سقطوا له منذ الثامن من تشرين الاول. واللافت ان واحدا واربعين مقاتلا وقياديا سقطوا منذ اغتيال فؤاد شكر في الثلاثين من تموز الفائت، علما ان الحزب كان توعد اسرائيل برد نوعي منذ ذاك التاريخ، فيما الرد الموعود لم يتحقق.
فلماذا؟ هل الحزب، بطلب من ايران، لا يريد توسيع دائرة الحرب لا جغرافيا ولا نوعيا، ام انه عاجز امام المعلومات الاستخباراتية والقدرات التكنولوجية التي يملكها الجيش الاسرائيلي؟ الاحتمال الثاني هو المرجح، وخصوصا ان السيد حسن نصر الله اكد اكثر من مرة ان الرد آت، لكن الرد المنتظر لم يأت حتى الان.
سياسيا، ما تبقى من دولة منشغل الى اقصى حدود الانشغال باستحقاق التجديد لليونيفيل في نهاية الشهر. اما حياتيا فما زال "تريو" آل خياط اي تحسين وكريم وكرمى يحجب الطاقة الكهربائية عن اللبنانيين برفضه تشغيل معملي الزوق والجية الجديدين، فيما الباخرة المحملة بالفيول الجزائري تصل،
مبدئيا، الاثنين المقبل. اقليميا، مباحثات القاهرة بشأن هدنة غزة مستمرة. وقد اعلن البيت الابيض قبل ساعات تحقيق تقدم . فهل التقدم المعلن عنه حقيقي ومبني على معطيات، ام انه يعبر فقط عن رغبات سيد البيت الابيض في التوصل الى اتفاق لوقف اطلاق النار قبل الانتخابات الرئاسية الاميركية في الخامس من تشرين الثاني المقبل؟
البداية من مقارنة بين خسائر لبنان بالارواح وخسائر اسرائيل منذ اتخاذ حزب الله قرار "اسناد غزة". والمقارنة تبين كيف ان خسائر لبنان تفوق كثيرا جدا خسائر اسرائيل.
مقدمة نشرة أخبار قناة "المنار"
من الجليل الاعلى حتى صفد، دوت صفارات الانذار بقدوم اللهيب المنبعث من الشمال.. وما اخطأت يمنى المقاومين التي اسندت غزة وردت على العدوانية الصهيونية المتمادية بطائراتها وغاراتها الغادرة، فكانت حصيلتها ثلة من الشهداء وطفلا لم تشفع له سني عمره السبع، ولا يتمه، فالتجأ الى حضن خاله في عيتا الجبل، لكن يد الغدر الصهيونية لاحقتهما فارتقيا شهيدين على طريق القدس...
على طريق القصاص تسابقت صواريخ المقاومة الى ميرون وراميم ومقر قيادة الفيلق الشمالي بجيش العدو في عين زيتيم لتفقأها بضربة موجعة ردا على العدوانية الصهيونية على غير قرية جنوبية...
وعلى غير محور في غزة كانت ضربات المقاومين موجعة، فارتفعت اخبار الاعلام العبري بعنوان “الحدث الصعب”، من حي الزيتون في غزة الى تل السلطان في رفح وما بينهما محور نتساريم، وارتفعت المروحيات الصهيونية في سماء غزة ناقلة الجنود القتلى والجرحى، ورغم التكتم الصهيوني المعهود كان الاعتراف بقتيل واكثر من اثنتي عشرة اصابة بعضهم بحال حرجة...
والحراجة نفسها للصهيوني من جراح الميدان الى السياسة، حيث لا يملك الا التدمير ايضا، فغاراته السياسية اطاحت بما تبقى من آمال لدى الوسطاء باستنقاذ ما يسمونه اتفاقا لوقف النار، بعد ان كان بنيامين نتنياهو قد اشعل النار بما تبقى من بنود مقترح بايدن، حتى بات ذهاب الوفود الى جولة جديدة في القاهرة لزوم ما لا يلزم.
اما لازمة البيت الابيض المغمسة بكل انواع النفاق، فما زالت عند عبارة الامكانية بتحقيق اختراق، مع الحاجة للعمل من كل الاطراف على تنفيذ المقترحات بشأن غزة بحسب البيانات الاميركية.
مقدمة نشرة أخبار الـ "أو تي في"
الدخان حتى الآن: أسود لا أبيض.
أسود في السياسة، وأسود في الميدان، من قطاع غزة إلى جنوب لبنان.
أما التفاؤل الأميركي الذي عبر عنه البيت الابيض اليوم، فليس الأول من نوعه، ولا يشاركه فيه، بالمواقف المعلنة على الأقل، لا إسرائيل المتمسكة بشروطها، ولا حماس المتشددة في رفضها للشروط.
وفي التفاصيل ان البيت الأبيض أعلن على لسان المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي قبل ساعات عن تحقيق تقدم في المحادثات التي تستضيفها القاهرة، بمشاركة مدير ال سي آي اي وليام بيرنز ، مكتفيا بأن البحث انتقل الآن إلى مرحلة التنفيذ.
فهل تقترن الايجابية الاميركية هذه المرة بخطوات عملية، تفضي الى اتفاق يوقف النار
في القطاع، وينسحب حكما تهدئة في لبنان؟
النائب حسن فضل الله اشار اليوم الى ان التهويل الذي يمارس على اللبنانيين بعنوان الحرب الواسعة والشاملة، والتهديد بأن الكيان الصهيوني يستعد ويجري المناورات ويتجهز، لا يعني أن العدو مطلق اليدين، وأنه حر في التصرف كيفما يشاء، فلو كان قادرا على خوض هذه الحرب لخاضها منذ اليوم الأول، ومنذ عشرة أشهر وهذا التهديد والتهويل قائم، والمقاومة تتعاطى معه بمستوى المسؤولية المطلوبة، وهي جاهزة وحاضرة ومستعدة لكل احتمال منذ عشرة أشهر.
مقدمة نشرة أخبار الـ "أل بي سي"
ينتهي أسبوع آخر من حرب غزة، وميدان المفاوضات يتنقل بين الدوحة والقاهرة، فيما الميدان العسكري يتنقل بين رفح وجبهة الجنوب.
ميدان المفاوضات يشهد مراوحة، وأبرز أسباب المراوحة الرفض المتلاحق لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. في المقابل، وعلى عكس التشدد الإسرائيلي، أكد البيت الأبيض تحقيق تقدم في المباحثات، مؤكدا أن مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي ايه" وليام بيرنز يشارك فيها.
الميدان العسكري ما زال على حاله من التصعيد، سواء في غزة أو في جنوبي لبنان.
في جديد تحرك رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في اتجاه التحضير لزيارة غزة، ووفق زميلتنا أمال شحاده، فقد جرى تقديم طلب خاص لإسرائيل للحصول على تصريح لعباس لدخول غزة. في سياق آخر، تكشف زميلتنا عن اتصالات مصالحة بين أبو مازن ومحمد دحلان المقيم في الإمارات، وقد بدأت مباحثات بين ممثلي الطرفين، وإذا نجحت فسيكون لقاء المصالحة في موسكو.
هكذا يتحرك الميدان العسكري والميدان السياسي على خطين متوازيين، وفيما ليس جديداً الحديث عن زيارة عباس لغزة، فإن الجديد عودة إسم محمد دحلان إلى دائرة الضوء.
لكن البداية من لبنان، من الفاجعة التي حلَّت بمدينة بشري بعد وفاة خمسة، وجنين، من عائلة واحدة، في تدهور سيارتهم. مقدمة نشرة أخبار قناة "الجديد"
اتشح لبنان الشمالي بالسواد وفجع بحادث سير مروع إثر تدهور سيارة على طريق بشري الأرز واستقرارها في وادي قاديشا.
وفي وادي الموت كانت النهاية المؤلمة لعائلة كاملة شطبت من السجل مؤلفة من الأب والأم الحامل بشهرها الثامن وأولادهما الثلاثة...
ومن القضاء والقدر إلى القتل العمد والاغتيال عن سابق ترصد في لبنان الجنوبي حيث تناوب الطيران الحربي والمسيرات على شن غارات على طول الخط الممتد من طيرحرفا وميس الجبل وعيتا الجبل إلى عيترون ومعركة والخيام...
وأدت إلى سقوط شهداء بينهم الطفل ذو الفقار فادي رضوان.
ونعى حزب الله ستة منهم. وبالرد المركز والمدروس على الاعتداءات استهدفت المقاومة المواقع العسكرية الإسرائيلية وأماكن تموضع الجنود ومقار المراقبة الجوية وصولا إلى قواعد الفيلق الشمالي في صفد.
وأما صافرات الإنذار التي ملأت أجواء المستوطنات الشمالية فانتقلت عدواها إلى غلاف غزة، وسمع صداها على بعد صاروخين أطلقتهما المقاومة للمرة الأولى منذ أسابيع، وحملتهما موقفا حاسما للمتفاوضين مفادها أن لا حل إلا بانسحاب الاحتلال من غزة وأن بقاء جندي واحد عند نتساريم نزولا إلى ممر فيلادلفيا ومعبر رفح يعد احتلالا للقطاع...
والتفاوض بالنار وبالأحداث الأمنية الصعبة في الميدان باعتراف الاحتلال قابلته محادثات ثلاثية مصرية - إسرائيلية - أميركية على خريطة منتزعة بين خاصرتي غزة وشبه جزيرة سيناء...
وعلى الخريطة النهائية التي أعادت ترسيم ممر فيلادفيا بنى الوفد الإسرائيلي ثمانية أبراج لإعادة انتشار قواته خفض الأميركي عددها إلى اثنين...
ولكن مصر رفضت الاقتراحين ونقلت "وول ستريت جورنال" عن مسؤولين مصريين أن القاهرة تسعى للحصول على ضمانات أميركية بأنه حتى لو غادرت إسرائيل ممر فيلادلفيا في المرحلة الأولى لأي اتفاق فإنها لن تعود في المراحل اللاحقة إذا تعثرت العملية والشرط المصري بسحب القوات من الممر هو عائق رئيسي اتخذه بنيامين نتنياهو ذريعة لإطلاق النار على فرصة المفاوضات الأخيرة والتي لم يعثر على أي أثر لانعقادها في المدى القريب...
وأما الجبهة الداخلية الإسرائيلية فشهدت استنفارا بين يوآف غالانت وإيتمار بن غفير إذ وصف غالانت بن غفير بأنه يشكل خطرا على أمن إسرائيل وبضربة مرتدة قال لغالانت: لقد وعدت بإعادة لبنان إلى العصر الحجري ولكن ما يحدث الآن هو إعادة مستوطنات الشمال للعصر الحجري بدلا من مهاجمتي إبدأ بمهاجمة حزب الله في لبنان...
وهذا السجال اندلع على خلفية رسالة وجهها رئيس الشاباك إلى حكومة نتنياهو وتتضمن تحذيرا شديدا من ظاهرة الإرهاب اليهودي المتزايدة من جماعة "فتية التلال" والجرائم التي ترتكبها في الضفة الغربية وتماديها في العنف ضد الفلسطينيين بدعم وتغطية من بن غفير وكيل الثناء الذي يتلقاه أفرادها من بعض أعضاء الكنيست...
وعلى ما تقدم فقد وضع مؤتمر الحزب الديمقراطي أوزاره على خطاب "الاتحاد" مع إسرائيل.
وقالت المرشحة للرئاسة كمالا هاريس: YES I DO،
وإذ تعهدت في خطاب الترشح بأنها ستقف دائما مع حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها... فقد مرت على وقف إطلاق النار في غزة لزوم شعار الحملة الانتخابية.
وقالت إن أحد الأسباب التي جعلتني مدعية عامة هو ضمان حقوق الضحايا لكنها في مؤتمر شيكاغو تحولت الى محامي دفاع عن إسرائيل.
وأما المرشح الجمهوري دونالد ترامب فلاحقها على الفاصلة وتولى التغطية الإعلامية المباشرة لها وقال إن هاريس تكره إسرائيل ولم تحضر كلمة نتنياهو في الكونغرس وإنها تسببت بهجوم السابع من أكتوبر وقلدها منصب الماركسية الراديكالية.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: بنیامین نتنیاهو البیت الابیض حزب الله بن غفیر فی غزة
إقرأ أيضاً:
هدوء ينذر بالعاصفة بين إسرائيل ولبنان
ما أن يجمع حاجياته الشخصية، ويغادر البيت الأبيض، الذي مكث فيه مدة أربع سنوات كرئيس للولايات المتحدة الأميركية، ومدة ثماني سنوات من قبل كنائب للرئيس، حتى يبدأ المحللون والكتاب في إجمال «منجزات وإخفاقات» الرئيس الأميركي السادس والأربعين جو بايدن، ليخلصوا على الأرجح، بأن أهم ما فعله، كان قبل دخوله البيت الأبيض بأسابيع.
وقد تمثل ذلك في الحدث الصاخب والمفاجئ والذي كسر تقليداً رئاسياً تكرس على مدى عقود خلت، وهو إلحاق الهزيمة بالرئيس المرشح عام 2020، الذي عاد مجدداً دون أن يهزم بايدن، بل الرئيس الذي يكاد يكون الوحيد في تاريخ أميركا الذي يعود للبيت الأبيض بعد أن خرج منه مدة أربع سنوات، والذي هزم في المرتين اللتين نافس فيهما المرشح الديمقراطي الخصم وفاز فيهما على سيدتين هما هيلاري كلينتون وكامالا هاريس، فيما خسر في المرة الوحيدة التي واجه فيها خصماً رجلاً، وكان جو بايدن.
سيسجل التاريخ على الأرجح كيف تلاعب رئيس الحكومة الإسرائيلية، وهو من خارج الولايات المتحدة، أي لم يكن خصماً، لا منافساً رئاسياً ولا حتى رئيساً للكونغرس، كما كان حال دونالد ترامب خلال ولايته الأولى مع نانسي بيلوسي مثلا، بجو بايدن، وأفشل كل خططه وسياساته الخاصة بالشرق الأوسط، وكان سبباً أولاً في فشل بايدن في الترشح كرئيس.
وهذه أيضاً نادرة في تاريخ الانتخابات الأميركية، حيث عادة ما يترشح الرئيس لولاية ثانية، وغالباً ما يفوز بها بسهولة أكثر مما يحدث في الولاية الأولى، ثم كان نتنياهو سبباً بإصراره على مواصلة حرب الإبادة، دون عقد صفقة تبادل المحتجزين الإسرائيليين بمن فيهم الأميركيون بوقف الحرب، في هزيمة هاريس نائبة بايدن ومرشحة الحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية.
فقط يمكن أن يسجل التاريخ نجاح بايدن الجزئي في منع اندلاع حرب إقليمية في الشرق الأوسط، وفي إفشال سعي نتنياهو لجر الولايات المتحدة لمواجهة عسكرية مع إيران، وقد تأكد ذلك حين نجح عاموس هوكشتاين مبعوث بايدن في التوصل لعقد اتفاق وقف الحرب على الجبهة الشمالية لإسرائيل بينها وبين لبنان، دون وقف الحرب على الجبهة الجنوبية، أي مع حماس في غزة.
لكن حتى هذا الإنجاز الذي كان يمكن له أن يكون نهائياً، هذا لو أن نتنياهو اتبعه بالتوصل لاتفاق الصفقة مع حماس، يبدو أنه في مهب الريح، أو أنه هش لدرجة أن الحرب يمكن أن تعود للاندلاع مجدداً، في أية لحظة، والدليل على ذلك هو عودة هوكشتاين مجدداً، بعد أقل من شهر ونصف، من أصل مدة الستين يوماً، التي يفترض أن يكون فيها جيش الاحتلال الإسرائيلي قد انسحب نهائياً وبشكل كامل من كل الأرض التي احتلها، وهي فترة الهدنة التي يعني عدم إنجاز الانسحاب الإسرائيلي خلالها سقوط تلك الهدنة، والعودة للمواجهة العسكرية.
وحقيقة الأمر أن هناك أسباباً عديدة تدفعنا للقول، بأن وقف إطلاق النار الذي بدأ منذ آخر شهر تشرين الثاني الماضي بين إسرائيل وحزب الله، قد أحدث هدوءا قد يكون من ذلك النوع الذي يسبق العاصفة، من تلك الأسباب أن وقف إطلاق النار، وعلى مدار الأربعين يوماً الماضية، لم يمنع إسرائيل من مواصلة ما يسمى بخروقات الاتفاق المعقود، إن كان لجهة مواصلة قصف بعض المواقع، أو منع سكان الجنوب اللبناني الذين تركوا منازلهم خلال المواجهة العسكرية من العودة لقراهم.
وقد ترافق ذلك بعدم وجود مظاهر تشير إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي، قد بدأ بانسحابه كما ينص الاتفاق، بل على العكس من ذلك ما زال يواصل العبث بالأرض اللبنانية، بحجة تدمير أنفاق وإزالة مواقع عسكرية كان يستخدمها حزب الله، لدرجة أن التقارير الإسرائيلية بدأت تعلن صراحة بأن الجيش الإسرائيلي لن ينسحب قبل نهاية المدة المحددة في اتفاق وقف إطلاق النار.
وقد عدد تقرير نشرته صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية أسباباً لتوقعها ببقاء الجيش الإسرائيلي في المنطقة التي احتلها من جنوب لبنان، منها أن تدمير قدرات حزب الله المرتبطة بالأنفاق ومواقع الصواريخ تتطلب وقتاً إضافياً حسب الصحيفة.
كذلك الى كون الجيش اللبناني ليس مستعداً بشكل كاف لتولي المسؤولية في جنوب الليطاني اللبناني، كما أن الجيش الإسرائيلي يعمل حالياً على بناء خط دفاع جديد بين إسرائيل ولبنان، يهدف لحماية المستوطنات، ويتضمن بناء مواقع عسكرية وتثبيت أنظمة دفاع متطورة، وكل هذا يحتاج وقتاً غير محدد، وعلى ما يبدو أن مهمة هوكشتاين هذه المرة من أجل تحقيق هذا الهدف الإسرائيلي الجديد، وهو تمديد الفترة التي يسمح بها للجيش الإسرائيلي بالبقاء محتلاً لأرض لبنانية.
هذا مع العلم بأن كل ما سبق وذكرته يديعوت احرونوت كان ماثلاً وواضحاً للطرفين الأميركي والإسرائيلي حين كان يجري التفاوض على بنود اتفاق وقف إطلاق النار، لكن إسرائيل كما هي عادتها لا تلتزم بما توقع عليه ولا تحترم أية اتفاقيات تعقدها مع أحد، كما أنها تتقن الكذب والمراوغة، فهي مررت مهلة الستين يوماً، حتى تتخلص من عبء حرب خاسرة، والآن تراهن على عدم رغبة الأطراف بالعودة للحرب مجدداً، لتمرير ما كان يمكن له أن يفشل الاتفاق من قبل.
وهناك أسباب لا علاقة لها بالداخل الإسرائيلي، أو بما ينجزه الجيش الإسرائيلي على الأرض، تدفع للقول بأن ما حققه بايدن، سواء على الجبهة الشمالية لإسرائيل، من وقف لإطلاق النار، أو على مستوى الإقليم من منع للحرب الإقليمية، يبدو في مهب الريح، فبايدن نفسه، وقبل أقل من ثلاثة أسابيع عن موعد رحيله عن البيت الأبيض، يفكر في توجيه ضربة للمنشآت النووية الإيرانية، تلك الضربة التي سبق له قبل بضعة شهور، وأن قدم منظومة «ثاد» لإسرائيل حتى تصرف النظر عن استهدافها، لأن ذلك كان قبل اغتيال حسن نصر الله، ووقف إطلاق النار مع حزب الله، وقبل إسقاط نظام بشار الأسد في سورية.
والأمر جدي لدرجة أن مستشار الأمن القومي جيك سوليفان قدم لبايدن اقتراحات تفصيلية حول الأمر، أي أن بايدن بات بعد ما حققه مع نتنياهو من إنجازات سياسية وعسكرية، ملتصقاً تماماً بنتنياهو، وهو لم يعد مهتماً بصفقة غزة وحسب، ولم يعد يتجنب المواجهة مع إيران، حيث بات يعتقد بأن إيران ومحورها باتا أضعف مما كانا عليه قبل أشهر قليلة، بحيث صار ضرب إيران نفسها والدخول معها في حرب مباشرة لن يؤدي الى حرب إقليمية.
لكن بايدن ومعه نتنياهو الذي ما زال يصر على عدم إنهاء الحرب رسمياً، معتقداً بأنه حين نجح بكسر سلسلة ترابط الجبهات، مع اتفاق وقف إطلاق النار مع حزب الله، وبعد إسقاط نظام الأسد، بات بإمكانه أن يفرض كل ما يريده بالقوة العسكرية، وأن كل الأبواب باتت مشرَعة أمامه للسيطرة على الشرق الأوسط، لكن الرجلين وهما على وشك مغادرة خشبة المسرح السياسي، ما زالا يريان النصف الفارغ من الكأس، فجبهة اليمن ما زالت مفتوحة وعصية على الكسر العسكري، كما أن المقاومة في غزة ما زالت تحتفظ بالمحتجزين الأحياء والأموات، وما زالت تلحق الخسائر البشرية بجنود العدو، وما زالت إسرائيل ترتكب جرائم الحرب في غزة، تلك الجرائم التي ستدفع ثمنها غالياً فيما بعد، ليس فقط من جيوب قادتها وضباطها وجنودها، ولكن من مخزونها السياسي على الصعيد الدولي، حيث ستلاحَق كدولة مجرمة، لن يتوقف العالم عن ملاحقتها حتى يفرض عليها الحجر السياسي، متمثلاً بفرض انسحابها من كل أرض دولة فلسطين المحتلة.
ولأنه كما ينص القانون الثالث من قوانين اسحق نيوتن للحركة الميكانيكية، على أن القوى تنشأ دائماً بشكل مزدوج، بحيث يكون لكل فعل رد فعل مساوٍ له في المقدار ومعاكس له في الاتجاه، فإن الخروقات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار، يمكنها بأية لحظة خاصة إذا ما أضيف لها طلب منح إسرائيل مهلة إضافية لانسحابها، أن تعيد خلط الأوراق مجدداً.
وقد قال بهذا نعيم قاسم أمين عام حزب الله، بشكل صريح حين أعلن بأن الأعمال العسكرية قد تستأنف قبل انتهاء الستين يوماً، أي أن ذلك قد يكون رداً على الخروقات، قبل أن يكون رداً على عدم التزام إسرائيل بالانسحاب في الوقت المحدد، كما أن ما تعتقد إسرائيل بأنه إنجاز حققته في سورية قد لا يطول الوقت حتى ينقلب عليها، فلن يقوى أحمد الشرع على الصمود طويلاً أمام مفارقة الإعلان عن أن سورية لن تسمح لأحد بمهاجمة أحد عبر أراضيها، في الوقت الذي يصمت فيه على إقدام إسرائيل على تدمير مقدرات الجيش السوري واحتلال أرض سورية إضافية.
الأيام الفلسطينية